- الجمعة ديسمبر 24, 2010 1:30 pm
#30784
يبدو أن مسألة الدرع الصاروخي الأميركي في أوروبا عادت من جديد وبدأت تأخذ أبعاداً سياسية واقتصادية وعسكرية وتنذر بأزمة حقيقية في العلاقات الروسية- الأميركية من جهة وفي العلاقات الروسيّة الأوروبية من جهة أخرى،
على الرغم من المحاولات للتخفيف من تأزيم هذه المسألة، أو تلافي تأثيراتها، حتى لا تمتد إلى العلاقات الروسية- الأوروبية التي بدأت تتحسن في الآونة الأخيرة.
ثمة معطيات كثيرة تشير إلى أن ظروفاً سلبية بدأت تحيط بهذه العلاقات، ولاسيما بعد الاجتماع الأخير لدول حلف الناتو الذي عقد في برشلونة منتصف تشرين الثاني 2010 حيث أصر الرئيس الأميركي أوباما وبعض الدول الأوروبية على تنفيذ برنامج بناء الدرع الصاروخي على حدود أوروبا الشرقية، مع روسيا التي تعارض ذلك وتهدد بتوسيع قواعدها العسكرية في أذربيجان وتعدها منطلقاً صلباً لمواجهة هذا الدرع الصاروخي الأميركي.
وقد أدت هذه المواقف المتباينة الأميركية والأوروبية والروسية بل المتناقضة إلى خلط الأوراق السياسية والعسكرية، بعد فترة من الهدوء النسبي أعقبت انهيار المنظومة الاشتراكية.. فروسيا الاتحادية تحاول في السنوات الأخيرة أن تستعيد قوتها ودورها الدولي بدلاً من الاتحاد السوفييتي السابق، مقابل حلفاء الأطلسي والولايات المتحدة التي تعتبر نفسها القطب الأوحد في العالم بلا منازع تستطيع أن تقرر ما تريد بقطع النظر عما ينجم من تأثيرات سلبية على الدول الأخرى، وحتى إن كانت صديقة لها أو حليفة، سواء في أوروبا أم في آسيا.
وأمام تصاعد هذه الأزمة يُطرح السؤال الملح التالي: لماذا تصر الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في أوروبا على نصب هذا الدرع الصاروخي في شرق أوروبا، وعلى مقربة من الحدود الروسية والإيرانية؟ مع أن هذه الدول تنادي، وتدّعي، بتعميم الأمن والسلام في العالم ولا سيما أن الرئيس أوباما أعلن منذ توليه قيادة البيت الأبيض، أنه سيتعامل مع الدول على أساس الحوار والتفاهم والبعد عن استخدام القوة؟
الجواب بحسب تحليل المعطيات ، له بعدان لا ثالث لهما، البعد الأول ظاهر، ويتمثل في مواجهة الخطر الإيراني على أميركا وأوروبا بحجة امتلاكها الطاقة النووية، مع أن إيران أعلنت مراراً أنها لاتهدد أحداً وأن برنامجها للأغراض السلمية.. والبعد الثاني مضمر، وربما يكون الأكثر أهمية، ويتمثل في مواجهة الخطر الروسي المتنامي التي تشعر به الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون.. ولاسيما أن روسيا بدأت في السنوات الأخيرة بتطوير قدراتها العسكرية ونشرها في أماكن متعددة من الحدود الروسية لتحصين البيت الروسي، وحماية الاقتصاد الوطني بما يؤدي بالتالي إلى تقوية الموقع السياسي لروسيا إقليمياً ودولياً وهذا من حقها الطبيعي.. فضلاً عن التفكير الجدي عند القيادة الروسية في إعادة تنظيم حلف وارسو، والحوار الإيجابي مع الصين والهند بهذا الشأن، لخلق نوع من التوازن الاستراتيجي مع حلف الناتو عامة ومع القطب الأميركي خاصة.
وهذا ما يقلق الإدارة الأميركية منذ عهد جورج بوش الأب والابن التي لا ترى إلا نفسها ولم تستطع أن تفهم أن نظرية القطب الواحد، هي نظرية وهمية من الناحية السياسية والعسكرية وأيضاً الاقتصادية فالإدارة الأميركية مازالت تعيش فترة التسعينيات من القرن الماضي وتحاول السيطرة على مصادر الطاقة في العالم وعلى خطوط الاتصال العالمية، بما فيها التجارة والنقد والإعلام مع أن هذه السياسة فشلت في أكثر من تجربة في العالم حتى في مناطق الاحتلال العسكري ومثاله أفغانستان والعراق..
ومع ذلك لم تستطع الإدارة الأميركية على الرغم من تبدل قادتها، أن تتخلى عن رؤيتها هذه وتنظر إلى عالم متعدد الأقطاب تتعامل فيما بينها باحترام ووفق مصالح مشتركة ولاسيما بعد ظهور مجموعة دول نمور آسيا أو دول آسيان وفي مقدمتها الصين واليابان والهند.. إضافة إلى قوتي إيران وباكستان..!
فالدرع الصاروخي إذاً ليس بالضرورة أن يكون موجهاً ضد إيران بالدرجة الأولى وإنما قد يكون موجهاً ضد روسيا التي تحاول النهوض من كبوتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتعتبر نفسها الوريث الشرعي له في المحافل الدولية وتعمل على استعادة الدور الريادي كقطب دولي أساسي، في مواجهة القطب الأميركي.
لاشك أن روسيا الاتحادية أدركت اللعبة الأميركية المزدوجة، إظهار الرغبة في العلاقات السلمية من جهة وخلق حالة من سباق التسلح من جهة أخرى، وهذا ما يفهم من الكلام الرئيس الروسي ميدفيديف الذي مفاده: إذا لم تحل مسألة الدرع الصاروخي ستكون هناك عودة إلى سباق التسلح.
كما استوعبت مقررات حلف الناتو الأخير في برشلونة وهي عازمة على بناء الدولة الروسية القوية اقتصاديا وعسكرياً سواء رضيت الإدارة الأميركية وحلفاؤها أم غضبوا.. فهل تعود الحرب الباردة بين روسيا وأميركا ولكن بشكل مختلف عما كان في زمن الاتحاد السوفييتي؟ ثمة تكهنات وتوقعات.. ستكشف عنها تطورات الأيام القادمة..!
على الرغم من المحاولات للتخفيف من تأزيم هذه المسألة، أو تلافي تأثيراتها، حتى لا تمتد إلى العلاقات الروسية- الأوروبية التي بدأت تتحسن في الآونة الأخيرة.
ثمة معطيات كثيرة تشير إلى أن ظروفاً سلبية بدأت تحيط بهذه العلاقات، ولاسيما بعد الاجتماع الأخير لدول حلف الناتو الذي عقد في برشلونة منتصف تشرين الثاني 2010 حيث أصر الرئيس الأميركي أوباما وبعض الدول الأوروبية على تنفيذ برنامج بناء الدرع الصاروخي على حدود أوروبا الشرقية، مع روسيا التي تعارض ذلك وتهدد بتوسيع قواعدها العسكرية في أذربيجان وتعدها منطلقاً صلباً لمواجهة هذا الدرع الصاروخي الأميركي.
وقد أدت هذه المواقف المتباينة الأميركية والأوروبية والروسية بل المتناقضة إلى خلط الأوراق السياسية والعسكرية، بعد فترة من الهدوء النسبي أعقبت انهيار المنظومة الاشتراكية.. فروسيا الاتحادية تحاول في السنوات الأخيرة أن تستعيد قوتها ودورها الدولي بدلاً من الاتحاد السوفييتي السابق، مقابل حلفاء الأطلسي والولايات المتحدة التي تعتبر نفسها القطب الأوحد في العالم بلا منازع تستطيع أن تقرر ما تريد بقطع النظر عما ينجم من تأثيرات سلبية على الدول الأخرى، وحتى إن كانت صديقة لها أو حليفة، سواء في أوروبا أم في آسيا.
وأمام تصاعد هذه الأزمة يُطرح السؤال الملح التالي: لماذا تصر الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في أوروبا على نصب هذا الدرع الصاروخي في شرق أوروبا، وعلى مقربة من الحدود الروسية والإيرانية؟ مع أن هذه الدول تنادي، وتدّعي، بتعميم الأمن والسلام في العالم ولا سيما أن الرئيس أوباما أعلن منذ توليه قيادة البيت الأبيض، أنه سيتعامل مع الدول على أساس الحوار والتفاهم والبعد عن استخدام القوة؟
الجواب بحسب تحليل المعطيات ، له بعدان لا ثالث لهما، البعد الأول ظاهر، ويتمثل في مواجهة الخطر الإيراني على أميركا وأوروبا بحجة امتلاكها الطاقة النووية، مع أن إيران أعلنت مراراً أنها لاتهدد أحداً وأن برنامجها للأغراض السلمية.. والبعد الثاني مضمر، وربما يكون الأكثر أهمية، ويتمثل في مواجهة الخطر الروسي المتنامي التي تشعر به الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون.. ولاسيما أن روسيا بدأت في السنوات الأخيرة بتطوير قدراتها العسكرية ونشرها في أماكن متعددة من الحدود الروسية لتحصين البيت الروسي، وحماية الاقتصاد الوطني بما يؤدي بالتالي إلى تقوية الموقع السياسي لروسيا إقليمياً ودولياً وهذا من حقها الطبيعي.. فضلاً عن التفكير الجدي عند القيادة الروسية في إعادة تنظيم حلف وارسو، والحوار الإيجابي مع الصين والهند بهذا الشأن، لخلق نوع من التوازن الاستراتيجي مع حلف الناتو عامة ومع القطب الأميركي خاصة.
وهذا ما يقلق الإدارة الأميركية منذ عهد جورج بوش الأب والابن التي لا ترى إلا نفسها ولم تستطع أن تفهم أن نظرية القطب الواحد، هي نظرية وهمية من الناحية السياسية والعسكرية وأيضاً الاقتصادية فالإدارة الأميركية مازالت تعيش فترة التسعينيات من القرن الماضي وتحاول السيطرة على مصادر الطاقة في العالم وعلى خطوط الاتصال العالمية، بما فيها التجارة والنقد والإعلام مع أن هذه السياسة فشلت في أكثر من تجربة في العالم حتى في مناطق الاحتلال العسكري ومثاله أفغانستان والعراق..
ومع ذلك لم تستطع الإدارة الأميركية على الرغم من تبدل قادتها، أن تتخلى عن رؤيتها هذه وتنظر إلى عالم متعدد الأقطاب تتعامل فيما بينها باحترام ووفق مصالح مشتركة ولاسيما بعد ظهور مجموعة دول نمور آسيا أو دول آسيان وفي مقدمتها الصين واليابان والهند.. إضافة إلى قوتي إيران وباكستان..!
فالدرع الصاروخي إذاً ليس بالضرورة أن يكون موجهاً ضد إيران بالدرجة الأولى وإنما قد يكون موجهاً ضد روسيا التي تحاول النهوض من كبوتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتعتبر نفسها الوريث الشرعي له في المحافل الدولية وتعمل على استعادة الدور الريادي كقطب دولي أساسي، في مواجهة القطب الأميركي.
لاشك أن روسيا الاتحادية أدركت اللعبة الأميركية المزدوجة، إظهار الرغبة في العلاقات السلمية من جهة وخلق حالة من سباق التسلح من جهة أخرى، وهذا ما يفهم من الكلام الرئيس الروسي ميدفيديف الذي مفاده: إذا لم تحل مسألة الدرع الصاروخي ستكون هناك عودة إلى سباق التسلح.
كما استوعبت مقررات حلف الناتو الأخير في برشلونة وهي عازمة على بناء الدولة الروسية القوية اقتصاديا وعسكرياً سواء رضيت الإدارة الأميركية وحلفاؤها أم غضبوا.. فهل تعود الحرب الباردة بين روسيا وأميركا ولكن بشكل مختلف عما كان في زمن الاتحاد السوفييتي؟ ثمة تكهنات وتوقعات.. ستكشف عنها تطورات الأيام القادمة..!