- الاثنين ديسمبر 27, 2010 7:21 pm
#30950
83. الترقيع !!
أحياناً عند ممارستنا لبعض المهارات مع الآخرين نكتشف بأننا أخطأنا تقدير المهارة المناسبة للشخص .. أو قد نكون وضعناها في غير موضعها ..
مثل من رأى شاباً وسيماً .. فأراد أن يمارس معه مهارة " كن لماحاً " فقال له : ما شاء الله ما هذه الثياب الجميلة والرونق البهي والوجه المسفر .. ثم بدل أن يقول : ما أسعد زوجتك بك.. قال : يا ليتك بنتاً حتى أتزوجك !!!
مزحة ثقييييلة جداً .. أليس كذلك ؟!
قال أحد الزملاء :
في الجامعة كان لدي طالب بليد لكن الله تعالى عوضه عن بلادته بشيء من الوسامة .. وكان يجلس في آخر القاعة دائماً .. ويسرح بفكره بعييييداً ..
كنت أطلب منه دائماً أن يجلس في الأمام ليتابع .. وهو يتغافل عن ذلك .. كنت أتجنب إحراجه أو إحراج غيره من الطلاب فهم كبار في المرحلة الجامعية ..
دخلت يوماً فإذا هو منشغل آخر القاعة كعادته .. فلما جلست على الكرسي قلت له : يا عبد المحسن .. تعال في الأمام .. فقال : يا دكتور مكاني مناسب وسأنتبه معك ..
فقلت : " يا أخي اقترب قليلاً خلنا نشوف خدودك الحلوة " .. التفت بعض الطلاب إليه معلقين .. فانقلب وجهه أحمر ..
شعرت أني وقعت في حفرة .. فقلت - مرقعاً - : " الله يا هي بتنبسط البنت اللي بتتزوجك .. أما هؤلاء فسيتعبون ليجدوا من توافق على الزواج بهم !!"..
ثم بدأت في شرح الدرس فوراً دون أن أترك فرصة لأحد ليفكر في الموقف أصلاً .. تبسم الطالب وانبلجت أساريره وجلس في المقدمة ..
وإن كانت هذه الأخطاء قد تقع في بداية التدرب على ممارسة المهارات لكنها سرعان ما تزول ..
وأحياناً يكون تصرفك المحرج للآخرين أو المحزن لهم ليس خاطئاً .. لكن الموقف يفرضه علينا ..
مثل أن يختلف اثنان من زملائك .. فترى أن الحق مع أحدهما فتقف معه ..وقد تعاتب الآخر ..
أو قد يقع ذلك بين اثنين من أولادك أو طلابك أو جيرانك .. أو غيرهم ..
فما الحل ؟ هل نسمح لهذه المواقف أن تفقدنا الناس واحداً تلو الآخر .. ونحن نتعب في استقطابهم والتحبب إليهم ..
كلا ..
إذن ما التصرف الصحيح ؟
الجواب : أنك إذا أحسست أن أحداً ضاق صدره من كلمة منك .. أو تضايق من تصرف معين فسارع فوراً إلى مداواة الجرح قبل أن يلتهب .. باستعمال أي مهارة أخرى مناسبة ..
كيف ؟!
خذ مثالاً ..
كانت مكة قبل أن يفتحها المسلمون تحت قبضة كفار قريش ..
وكانوا قد ضيقوا على المسلمين المستضعفين فيها .. وسيطروا على أبناء المسلمين الذين هاجروا ولم يستطيعوا أخذ أبنائهم معهم ..
فعلاً كانت حال المسلمين عصيبة ..
أقبل النبي e إلى مكة معتمراً فردته قريش .. وكان ما كان من قصة الحديبية .. وكتب e بينه وبين قريش صلحاً .. واتفق نعهم أن يرجع إلى المدينة من غير عمرة على أن يأتي في العام القادم ويعتمر ..
ومضى e إلى المدينة ..
وبعد سنة أقبل e مع الصحابة محرمين ملبين .. ودخلوا مكة .. واعتمروا ..
لبث e فيها أربعة أيام .. فلما توجه خارجاً منها إلى المدينة تبعته طفلة صغيرة هي ابنة حمزة t .. وكان قد قتل في معركة أحد .. وبقيت ابنته يتيمة في مكة ..
أخذت الصغيرة تنادي رسول الله r ..
تقول : يا عم يا عم ..
وكان علي يسير بجانب النبي e مع زوجته فاطمة بنت رسول الله e ..
فتناولها علي t فأخذ بيدها وناولها لفاطمة وقال : دونك ابنة عمك ..
فحملتها فاطمة ..
فلما رآها زيد t .. تذكر أن رسول الله e قد آخى بينه وبين حمزة لما هاجر إلى المدينة .. فأقبل زيد إليها ليأخذها وهو يقول : بنت أخي .. أنا أحق بها ..
فأقبل جعفر وقال : ابنة عمي وخالتها تحتي .. يعني أسماء بنت عميس زوجته .. وأنا أحق بها ..
فقال علي : أنا أخذتها وهي ابنة عمي ..
فلما رأى e اختلافهم .. قضى بها لخالتها ودفعها إلى جعفر ليكفلها .. وقال : " الخالة بمنزلة الأم " ..
ثم خشي e أن يجد علي أو زيد في نفسيهما .. لما نزعها منهما ..
فقال مواسياً لعلي : " أنت مني و أنا منك " ..
وقال لزيد : " أنت أخونا و مولانا " ..
ثم التفت إلى جعفر وقال : " أشبهت خلقي وخلقي " ..
فانظر كيف كان e حكيماً ماهراً في غسل قلوب الآخرين وكسب محبتهم ..
طيب ما رأيك أن نعود إلى قصة صاحبنا الذي قال : يا ليتك بنتاً حتى أتزوجك !! كيف يرقع ما خرّق ؟!!
بين يديه عدة أبواب للهرب ..منها أن يدخل في موضوع آخر مباشرة –لئلا يترك للسامع فرصة ليفكر في الجملة الجارحة التي سمعها منه – فيقول مثلاً : الله يرزقك حورية أجمل منك .. قل : آمين ..
أو يطرح موضوعاً بعيداً تماماً .. كأن يسأله عن أخيه المسافر .. أو سيارته الجديدة .. أو نحوها .. لئلا يترك له أو لغيره من السامعين حوله أي فرصة للوقوع في الحرج
أحياناً عند ممارستنا لبعض المهارات مع الآخرين نكتشف بأننا أخطأنا تقدير المهارة المناسبة للشخص .. أو قد نكون وضعناها في غير موضعها ..
مثل من رأى شاباً وسيماً .. فأراد أن يمارس معه مهارة " كن لماحاً " فقال له : ما شاء الله ما هذه الثياب الجميلة والرونق البهي والوجه المسفر .. ثم بدل أن يقول : ما أسعد زوجتك بك.. قال : يا ليتك بنتاً حتى أتزوجك !!!
مزحة ثقييييلة جداً .. أليس كذلك ؟!
قال أحد الزملاء :
في الجامعة كان لدي طالب بليد لكن الله تعالى عوضه عن بلادته بشيء من الوسامة .. وكان يجلس في آخر القاعة دائماً .. ويسرح بفكره بعييييداً ..
كنت أطلب منه دائماً أن يجلس في الأمام ليتابع .. وهو يتغافل عن ذلك .. كنت أتجنب إحراجه أو إحراج غيره من الطلاب فهم كبار في المرحلة الجامعية ..
دخلت يوماً فإذا هو منشغل آخر القاعة كعادته .. فلما جلست على الكرسي قلت له : يا عبد المحسن .. تعال في الأمام .. فقال : يا دكتور مكاني مناسب وسأنتبه معك ..
فقلت : " يا أخي اقترب قليلاً خلنا نشوف خدودك الحلوة " .. التفت بعض الطلاب إليه معلقين .. فانقلب وجهه أحمر ..
شعرت أني وقعت في حفرة .. فقلت - مرقعاً - : " الله يا هي بتنبسط البنت اللي بتتزوجك .. أما هؤلاء فسيتعبون ليجدوا من توافق على الزواج بهم !!"..
ثم بدأت في شرح الدرس فوراً دون أن أترك فرصة لأحد ليفكر في الموقف أصلاً .. تبسم الطالب وانبلجت أساريره وجلس في المقدمة ..
وإن كانت هذه الأخطاء قد تقع في بداية التدرب على ممارسة المهارات لكنها سرعان ما تزول ..
وأحياناً يكون تصرفك المحرج للآخرين أو المحزن لهم ليس خاطئاً .. لكن الموقف يفرضه علينا ..
مثل أن يختلف اثنان من زملائك .. فترى أن الحق مع أحدهما فتقف معه ..وقد تعاتب الآخر ..
أو قد يقع ذلك بين اثنين من أولادك أو طلابك أو جيرانك .. أو غيرهم ..
فما الحل ؟ هل نسمح لهذه المواقف أن تفقدنا الناس واحداً تلو الآخر .. ونحن نتعب في استقطابهم والتحبب إليهم ..
كلا ..
إذن ما التصرف الصحيح ؟
الجواب : أنك إذا أحسست أن أحداً ضاق صدره من كلمة منك .. أو تضايق من تصرف معين فسارع فوراً إلى مداواة الجرح قبل أن يلتهب .. باستعمال أي مهارة أخرى مناسبة ..
كيف ؟!
خذ مثالاً ..
كانت مكة قبل أن يفتحها المسلمون تحت قبضة كفار قريش ..
وكانوا قد ضيقوا على المسلمين المستضعفين فيها .. وسيطروا على أبناء المسلمين الذين هاجروا ولم يستطيعوا أخذ أبنائهم معهم ..
فعلاً كانت حال المسلمين عصيبة ..
أقبل النبي e إلى مكة معتمراً فردته قريش .. وكان ما كان من قصة الحديبية .. وكتب e بينه وبين قريش صلحاً .. واتفق نعهم أن يرجع إلى المدينة من غير عمرة على أن يأتي في العام القادم ويعتمر ..
ومضى e إلى المدينة ..
وبعد سنة أقبل e مع الصحابة محرمين ملبين .. ودخلوا مكة .. واعتمروا ..
لبث e فيها أربعة أيام .. فلما توجه خارجاً منها إلى المدينة تبعته طفلة صغيرة هي ابنة حمزة t .. وكان قد قتل في معركة أحد .. وبقيت ابنته يتيمة في مكة ..
أخذت الصغيرة تنادي رسول الله r ..
تقول : يا عم يا عم ..
وكان علي يسير بجانب النبي e مع زوجته فاطمة بنت رسول الله e ..
فتناولها علي t فأخذ بيدها وناولها لفاطمة وقال : دونك ابنة عمك ..
فحملتها فاطمة ..
فلما رآها زيد t .. تذكر أن رسول الله e قد آخى بينه وبين حمزة لما هاجر إلى المدينة .. فأقبل زيد إليها ليأخذها وهو يقول : بنت أخي .. أنا أحق بها ..
فأقبل جعفر وقال : ابنة عمي وخالتها تحتي .. يعني أسماء بنت عميس زوجته .. وأنا أحق بها ..
فقال علي : أنا أخذتها وهي ابنة عمي ..
فلما رأى e اختلافهم .. قضى بها لخالتها ودفعها إلى جعفر ليكفلها .. وقال : " الخالة بمنزلة الأم " ..
ثم خشي e أن يجد علي أو زيد في نفسيهما .. لما نزعها منهما ..
فقال مواسياً لعلي : " أنت مني و أنا منك " ..
وقال لزيد : " أنت أخونا و مولانا " ..
ثم التفت إلى جعفر وقال : " أشبهت خلقي وخلقي " ..
فانظر كيف كان e حكيماً ماهراً في غسل قلوب الآخرين وكسب محبتهم ..
طيب ما رأيك أن نعود إلى قصة صاحبنا الذي قال : يا ليتك بنتاً حتى أتزوجك !! كيف يرقع ما خرّق ؟!!
بين يديه عدة أبواب للهرب ..منها أن يدخل في موضوع آخر مباشرة –لئلا يترك للسامع فرصة ليفكر في الجملة الجارحة التي سمعها منه – فيقول مثلاً : الله يرزقك حورية أجمل منك .. قل : آمين ..
أو يطرح موضوعاً بعيداً تماماً .. كأن يسأله عن أخيه المسافر .. أو سيارته الجديدة .. أو نحوها .. لئلا يترك له أو لغيره من السامعين حوله أي فرصة للوقوع في الحرج