منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By اسماء القحطاني
#30986

55. اجعل لسانك عذباً ..
لا تخلو حياتنا من مواقف نحتاج فيها إلى تقديم توجيهات ونصائح للآخرين ..
الولد .. الزوج .. الصديق .. الجار .. الأبوين ..
تختلف نهايات النصائح .. باختلاف بداياتها ..
أعني : إن كانت البداية بأسلوب مناسب .. ومدخل لطيف ..
انتهت كذلك ..
وإن كانت بأسلوب جاف .. ومدخل عنيف .. انتهت كذلك ..
عندما ننصح الناس .. فنحن في الواقع نتعامل مع قلوبهم .. لا أجسادهم ..
لذلك تجد بعض الأبناء يتقبل من أمه ولا يتقبل من أبيه .. أو العكس ..
والطلاب يتقبلون من مدرس .. دون الآخر ..
وأول البراعة في النصيحة ..
أن لا تكثر منها وتدقق على كل صغير وكبير .. حتى لا يشعر الآخرون أنك مراقب لحركاتهم وسكناتهم .. فتثقل عليهم ..
ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي
وإن استطعت أن تقدم انصيحة على شكل اقتراح .. فافعل ..
لو قللت الملح في الطعام .. لكان أحسن ..
لو تغير ملابسك بثياب أجمل ..
لو ما تتأخر عن مدرستك مرة أخرى .. أفضل ..
ما رأيك لو فعلت كذا .. أقترح عليك كذا وكذا ..
أحسن من قولك ..
يا قليل الأدب .. كم مرة قلت لك .. أنت ما تفهم .. إلى متى أعلمك ؟!!
اجعله يحتفظ بماء وجهه .. ويشعر بقيمته حتى وهو مخطئ ..
لأن المقصود علاج أخطائه لا الانتقام منه أوإهانته ..
يعني يا جماعة .. بالعبارة الصريحة :
لا أحد يحب أن يتلقى الأوامر ..
أراد  يوماً أن يوجه عبد الله بن عمر للتعبد بصلاة الليل ..
فما دعاه وقال : يا عبد الله قم الليل ..
وإنما قدم النصيحة على شكل اقتراح .. وقال : نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل ..
وفي رواية قال : يا عبد الله لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل ..
بل إن استطعت أن تلفت نظره إلى الأخطاء من حيث لا يشعر فهو أولى ..
عطس رجل عند عبد الله بن المبارك .. فلم يقل الحمد لله .. فقال عبد الله : ماذا يقول العاطس إذا عطس ؟ قال : الحمد لله .. فقال : عبد الله : يرحمك الله ..
وكان رسول الله r كذلك ..
كان إذا انصرف من صلاة العصر .. دخل على نسائه واحدة واحدة ..
فيدنو من إحداهن .. ويتحدث معها ..
فدخل على زينب بمن جحش .. فوجد عندها عسلاً .. وكان r يحب العسل والحلواء ..
فاحتبس عندها أكثر ما كان يحتبس عند غيرها ..
فغارت عائشة وحفصة .. وتواصتا من دخل عليها تقول له :
أجد منك ريح مغافير .. وهو شراب حلو يشبه العسل .. ولكن له رائحة سيئة ..
وكان r يشتد عليه أن يوجد منه الريح من بدنه أو فمه .. لأنه يناجي جبريل .. ويناجي الناس ..
فلما دخل على حفصة .. سألته ماذا أكل ؟
فقال : شربت عسلاً عند زينب ..
فقالت : إني أجد منك ريح مغافير ..
فقال : لا بل شربت عسلاً .. ولن أعود له ..
ثم قام ودخل على عائشة .. فقالت له عائشة مثل ذلك ..
ومضت الأيام .. وكشف الله له القضية كلها ..
وبعد أيام .. أسر إلى حفصة  حديثاً .. فأظهرته ..
فدخل عليها يوماً .. وعندها الشفاء بنت عبد الله .. وكانت صحابية تتعلم الطب .. وتعالج الناس ..
فقال  للشفاء : ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ..
ورقية النملة كلام كانت نساء العرب تقوله .. يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر ولا ينفع ..
ورقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال :
العروس تحتفل .. وتختضب وتكتحل .. وكل شيء تفتعل .. غير أن لا تعصي الرجل ..
فأراد r بهذا المقال تأنيب حفصة والتأديب لها تعريضاً .. بأن تردد جملة : غير أن لا تعصي الرجل ..
أحد السلف استلف منه رجل كتاباً .. فرده إليه بعد أيام وعليه آثار طعام .. كأنه حمل عليه خبزاً أو عنباً .. فسكت صاحب الكتاب ..
وبعد أيام جاءه صاحبه يستعير منه كتاباً آخر .. فأعطاه الكتاب في طبق ..!!
فقال الرجل : إنما أريد الكتاب .. فما بال الطبق ؟!
فقال : الكتاب لتقرأ فيه .. والطبق لتحمل عليه طعامك !!
فأخذ الكتاب .. ومضى .. فقد وصلت الرسالة ..
وأذكر أن أن أحدهم كان يعود إلى بيته ليلاً .. وينزع ثوبه .. يعلقه على الشماعة .. وينام ..
فتأتي زوجته .. وتفتح محفظة النقود .. ثم تأخذ الصرف الموجود .. من فئة الريال .. والخمسة ..
فإذا استيقظ صباحاً وذهب إلأى عمله .. واحتاج أن يحاسب في بقالة ونحوها .. لم يجد صرفاً ..
فراقبها .. حتى فهم القضية ..
فرجع إلى بيته يوماً .. وقد جعل في جيبه ضفدعاً ..
ونزع ثوبه كالعادة .. واضطجع كهيئة النائم .. وأخذ يشخر .. وهو يراقب الثوب ..
فأقبلت زوجته لتأخذ ما يتيسر ..كالعادة !!
أقبلت إلى الثوب تمشي رويداً .. أدخلت يدها بهدوووء ..
فلمست الضفدع .. فتحرك فجأة .. فصرخت : آآآآه.. يدي ..
ففتح الزوج عينيه .. وقال : وأنا .. آآآه .. جيبي ..
ليتنا نستعمل هذا الأسلوب .. مع جميع الناس ..
أولادنا إذا وقعوا في أخطاء .. ومع طلابنا ..
نايف أحد الأصدقاء .. كان له أم صالحة .. لا ترضى ن يبقى في البيت صور أبداً .. لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ..
كان عندها طقلة صغيرة .. عندها ألعاب متنوعة .. إلا الدُّمى .. العرائس ..
أهدت إليها خالتها دُمية .. عروسة .. وقالت لها : العبي بها في غرفتك .. واحذري أن تراها أمك ..
وبعد يومين .. علمت الأم ..
فأرادت أن تقدم النصيحة بأسلوب مناسب ..
جلسوا على الطعام .. فقالت أم نايف : يا أولاد ..!! من يومين .. وأنا أشعر أن البيت ليس فيه ملائكة !! لا أدري لماذا خرجت .. لا حول ولا قوة إلا بالله ..
والبنت الصغيرة تسمع وهي ساكته ..
وبعد الغداء رجعت الصغيرة إلى غرفتها .. فإذا بين يديها ألعاب كثيرة .. والعروسة من بينها .. فالتقطتها .. وجاءت بها إلى الأم وقال : ماما .. هذه التيطردت الملائكة .. افعلي بها ماشئت !!
يعني دع المنصوح يحتفظ بماء وجهه .. ويمكن أن تأكل العسل من غير أن تحطم الخلية ..
لا تنصحه كأنه قد كفر بفعله ..
بل وأحسن الظن به .. واعتبر أنه وقع في الخطأ من غير قصد .. أو من غير أن يعلم ..
كانت الخمر في أول الإسلام لم تحرم بعد ..
وفي يوم أقبل عامر بن ربيعة .. الصحابي الجليل ..
من سفر .. فأهدى لرسول الله r راوية خمر .. جرة كاملة مملوءة خمراً ..
نظر النبي  إلى الخمر مستغرباً .. والتفت إلى عامر بن ربيعة .. وقال : أما علمت أنها قد حرمت ..؟
قال : حرمت ؟! لا .. ما علمت يا رسول الله ..
قال : فإنها قد حرمت ..
فحملها عامر .. فأسرَّ إليه بعضهم بأن يبيعها ..
فسمعه النبي  فقال : لا .. إن الله إذا حرم شيئاً .. حرم ثمنه ..
فأخذها  فاهراقها على التراب .. ( )
وانتبه أن تمدح نفسك وأنت تنصح .. فترفع نفسك وتسحب المنصوح إلى القاع .. لا أحد يرضى بذلك ..
بعض الآباء – مثلاً- .. إذا نصح ولده بدأ يذكر أمجاده ..أنا كنت وكنت .. ولعل الولد يعلم تاريخ والده ..!!

باختصار ..
الكلمة الطيبة .. صدقة ..