منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By نوف المسفر
#31209
فيلسوفة ثائرة -Christine de Pizan - 1364-1431

عندما يذكر الغرب تاريخ فكره يجعل من كريستين أول إمرأة تحترف الكتابة !!! فمن تكون هذه المرأة ؟

ولدت كريستين بالبندقية سنة 1364، والدها طبيب مشهور جدا ، و عالم فلك وينتمي إلى أعيان البندقية السياسين ، إستدعاه الملك الفرنسي karl v فانتقلت العائلة إلى باريس و اصبحت كريستين و أهلها من المقربين ، ذكاء كريستين و مقام والدها كانا الحافز في النجاح، أتيحت لها فرصة الدراسة رغم كونه لم يكن متاحا للمرأة مثل هذا الأمر في ذلك العهد .

زوجها أبوها في سن 16عشر لرجل من النبلاء، كانت سعيدة بزواجها ، أنجبت 3 أبناء، مات أبوها و زوجها و هي في سن 25 من عمرها، تكفلت بمفردها في تربية أبناءها الثلاثة.

و رغم أنه لم يكن بالإمكان في ذلك العهد إلا إمكانيتين ،إما الدخول لدير الراهبات أو الزواج برجل آخر،فإن كريستين أبت أن تنحصر في هذين السبيلين، إختارت مواصلة الدراسة فدرست تاريخ العبرية، الفرنسية، اللاتينية و الفلسفة الإغريقية و تاريخ الأديان .

نشرت كريستين دواوين شعرية، أكسبتها في ذلك العهد شهرة وا سعة بين الملوك الغربيين، حتي أنها أستدعيت من قبل ملك إنقلترا henrik IV و من قبل دوق ميلانو بإيطاليا …

بدأت كريستين نضالها ضد إستبداد الرجل من خلال الرد على كتاب jean de meung الذي صدر سنة 1280 والذي نجد في جزء منه إنتقادا للدولة و لرجال الدين ، و في جزء آخر هجمات على المرأة و إهانات متكررة من خلال إتهامها بكونها وراء كل المصائب مستندا في ذلك إلى مثال حواء . وجهت كريستين جملة من الأسئلة لأنصار jean قائلة “هل أنتم عديمي الشعور، أليس لكم أخوات و زوجات و أمهات ؟ّهل لم تصادفوا و إن مرة واحدة إمرأة طيبة ؟ !!”

ختمت كريستين الصراع الذي كان في ذلك العصر بين أنصار المرأة و أعدائها بإصدار كتاب le livre de la cite des dames كتبت فيه جملة من خصال المرأة، برهنت فيه على عدم وجود في الطبيعة بأكملها وان لشيئ واحد يمنع المرأة من الدراسة أو التعلم أو التحصل على منصب في الحكومة أو إدارة شؤون الدولة، أضافت كتابا أخر لكتابها مدينة النساء le livre des trois vertus سنة 1405 بينت فيه أفكارها حول ثلاثة مسائل : الوعي ، الخصال الحميدة ،العدالة .

هاجمت كريستين ovidius –cicero –cato و هاجمت كذلك أرسطو ( secreta mulierum ) و أطلقت عليهم نعت “كارهي النساء”، و لإثبات المساواة إستندت كريستين إلى الأناجيل لتثبت أن الرب لم يفرق بين المرأة و الرجل، إذ أنهما صورة منه وأنهما مجهزين بنفس الصفات الروحانية .

.
.
*مقتطفات من كتاب مدينة السيدات (جزء 1-1)

جلست في يوم من الأيام وحيدة بغرفتي للدراسة محيطة بكل انواع الكتب إذ أكرس كل وقتي لدراسة كل شيئ، شعرت بشيئ من التعب رفعت راسي نظرت في مكتبتي علني أجد كتابا سهلا لقراءته فإذا بنظري يقع على كتاب، سحبته فاذا به كتاب Matheolus ضحكت لأنني كنت أحدس أنه كتاب يتكم عن المرأة، فتحت الكتاب و قلبت صفحاته فإذا به كتاب لا يستحق القراءة بما أنه محشو بالمكائد و الدسائس، فهو لا يصلح إلا لعشاق الإفتراء و محترفي الكذب .

نظرت في الكتاب متسائلة عن السبب الذي جعل الرجال يرغبون في أعمالهم الكتابية و الشفوية إحتقار المرأة و إهانتها ، إذ أن الإزدراء لم يكن لدى matheolus فحسب بل كان كذلك لدى العديد من الفلاسفة و الشعراء … إنهم يتفقون جميعا حول إعتبارها سبب الرذيلة .

فكرت مليا في كل ما قيل، تدبرت في الأمر، تساءلت بخصوص كل النساء اللاتي أعرفهن عن قرب من النبلاء و من العائلة المالكة و أعيد النظر لعلني أجد شيئا من قبيل مايقوله ” كارهي النساء ” رددت في نفسي أيعقل لأكبر المشاهير و العلماء إعتبار المرأة شرا بعينه دون برهان ؟ ! تدبرت، بحثت، تساءلت في استغراب و استنكار كيف لخالق جميل أن يسمح لذاته خلق كائنا بغيضا ؟ ! إن الله جميل طيب فكيف له أن يخلق – و كما يدعي محبي الكذب و الإفك – مرأة شريرة تكون سببا في الرذيلة ؟!!

بدأت شكواي للرب قائلة ” أنت يا رب ، يا من تعلق به إيماني ، إني واثقة بحكمتك المطلقة، متيقينة من طيبتك الكاملة، فكيف يمكن أن يحصل هذا ؟ ! فهل تسمح طيبتك و رحمتك إلا أن تخلق شيئا طيبا ؟!!

تكلمت كريستين بالجزء الثاني عن أشياء غريبة، إذ نجدها بعد نجواها ، و بعد شعورها بالإحباط و اليأس، تنظر إلى السماء، فترى نورا بجانب النافذة تحول إلى ثلاثة نساء تكلمن معها لمواساتها. قالت إحداهن تدبري في كلام الفلاسفة و العلماء هل كان هناك إتفاق في مسألة من المسائل ؟ ألا ترى في كلام الفلاسفة و العلماء- الذين كدت أن تصدق بهم - تناقضا و تضاربا ؟!! ألم يدحض أرسطو مثلا في كتابه الميتافيزيقا الفيلسوف تلو الأخر ؟ ألم يدحض كذلك كلام معلمه أفلاطون ذاته ؟! ألم يكن أرسطو بذاته عرضة للنقد ؟! ألم يبين أغسطين الجزائري تناقضات أرسطو ؟!!(نجد في الغرب و بالقرون الوسطى العديد من النساء ممن إدعين مشاهدة هذا النور ) .

تساءلت كريستين بالجزء الثالث عن السبب الذي جعل النساء خارج سدة المحاكم ؟…
.
و مهما يكن من أمر فإننا نلاحظ أن المرأة الغربية و منذ زمن بعيد تنادي بحقها في التعليم لإثبات كينها ،
و لتثبت أنها كائن فاعل مثلها مثل الرجل و مع ذلك لم تلتجيء لضرب الدين و لم تعتبره السبب في التخلف . و ضعت إصبعها مباشرة على عين الداء من خلال إعتبرها أن ما وراء هذا المشكل ليس إلا الرجل ذاته الذي يحاول باستمرار فرض السيطرة و تكريس عدم المساواة . فهل من عبرة في هذا الدرس لنساءنا العربيات اللاتي يدعين التحضر ؟!فهل لهن أن يلتفتن بأبصارهن إلى التاريخ الغربي ذاته للكشف عن السبب الحقيقي للتخلف