- الاثنين يناير 03, 2011 6:00 pm
#31556
للكاتب ماجد الحمدان
في ظل العلمانية الغربية ينعم الغربيون وحدهم بأفضل نماذج العدالة عبر التاريخ، برلمانات، شفافية، احترام، قانون يعلو على الرئيس والمرؤوس، وغيرها من قيم عظيمة ولدت من عصر التنوير القائم على أنوار الفكر الإسلامي كالمذهب المالكي الذي كان جوهرا لوثيقة حقوق الإنسان الفرنسية.
قدم الغرب إنجازا علميا جامحا، تفوق به على كل حضارات الدنيا، ويكاد يسبق المستقبل، وقد بنى معظم إنجازاته على البذور التي صنعها المسلمون، والمسلمون بنوها على أجدادهم الإغريق ومعهم السريان والصينيون وغيرهم، وسرق الكثير من الغرب أعمال المسلمين فيما بعد مثل كوبرنيكوس بصورة مباشرة، وأخذوا بصورة غير مباشرة مثلما فعل إسحاق نيوتن، ولكنهم تفوقوا عليهم بصورة لافتة، وأصبح أجدادنا مجرد قاعدة تأسس عليها التاريخ الحديث.
اليوم وبعد حروب طاحنة، قتل فيها النصراني أخوه النصراني، ودول ساهمت في تأسيسها عصابات ومرتزقة ومجرمين كأمريكا واستراليا، فضلا عن رجال الليبرالية الأمريكية الكبار أصحاب الأبحاث الحقوقية والتي لا أجد اليوم من أهلها في بلادي سوى القليل منهم كعبد الرحمن اللاحم صاحب القضايا الشهيرة ضد النظام القضائي المحلي، وغيره من أبطال ممن دونوا أبحاث في قضية المجتمع الإسلامي الحقوقي.
لقد تحدث أيضا فؤاد الفرحان عن العالم الأول الذي أشار إليه سمو الأمير خالد الفيصل، فقدم الصورة العملية الحقيقية للمجتمع الغربي العادل، ومع ذلك لا زال في مجتمعاتنا وتحديدا من الأخوة والأخوات المحسوبين على التيار الإسلامي ممن يصرون على الممانعة المطلقة أو الشبه مطلقة، ولا ينظرون في الغرب إلا بأخس ما فيه، ويذكروننا بأمجاد الإسلام دون النظر إلى العظمة التي وصل إليها الغرب في الحقوق والعدل. ويخشون دائما على الهوية من التغيير، فيضطرون تلقائيا إلى الممانعة المطلقة أو ما يشبهها.
نعم .. إعلان حقوق الإنسان العالمي الصادر من الأمم المتحدة هو منقوص ولا ينصف المرأة ويعطي الشاذ حرية الشذوذ، ولكن لا يمكن اعتبار المجتمع الغربي مفككا ومتحللا، فلو كان كذلك لما كان قويا كما أشار علي عزت بيجوفيتش، بل كما تؤكد كل علوم الاجتماع والإنسان والحضارة والتي تشير إلى موت المجتمع بعد إسرافه في الملذات وهذا ما لم يحدث جليا في الغرب، أما الإباحية الجنسية فليست إلا قرارا وطريقة في الحياة، حيث أن المجتمعات المتحضرة القديمة حدث فيها أبشع من هذا، وبما أنها طريقة في الحياة فهي ليست قرينا للتحضر والقوة، والعرب والمسلمين بإمكانهم اختيار طريقتهم في الحياة العائلية والجنسية دون خوف من استيراد وتطوير المفاهيم الغربية الفلسفية.
لا زالت التيارات الإسلامية تنادي بدولة الخلافة، هذه الدولة ليست إلا حجرا في متحف التاريخ، فمن يقرأ أي كتاب للتاريخ عن الدولة الأموية والعباسية وخاصة العثمانية سيرى بنفسه بشاعة الاستبداد السياسي والظلم الذي مارسه الخلفاء عبر التاريخ، قتلا وذبحا وإرهابا بكل صنوفه، ومع ذلك فقد كان هناك جو من العدل كفلته تشريعات الإسلام، إنما دائما ما تخالف الشريعة الإسلامية فتصبح نسيا منسيا حين يقترب أحدهم من لعبة السياسة، فالقتل والاغتيالات والخيانة والتعذيب كانت عناوين كبرى لتلك العصور، أما القرآن الكريم الذي قسم التاريخ قسمين فأصبحت العبادة للخالق المطلق بدلا من عبادة المخلوق، فكان هو أول من بشر بحقوق الإنسان ونادى بتطبيقها وكفل حقوق البشر، غير أن تطبيق هذه الحقوق له جوانب كثيرة مثل المشاركة في القرار السياسي او الشفافية، أو فهم آليات الشورى والتي أكتفى القرآن الكريم فقط بالإشارة إليها دون تفصيل، كما أن كل هذه المعطيات وغيرها لا يمكن أن تتأسس بدون ثقافة حقوقية وهذه الثقافة لم تخرج سوى من رحم الفلسفة الغربية، والتي بنت أساسها الأول كما أشرنا على الفقه الإسلامي.
حسنا وذلك أيضا للإنصاف، فلم يمارس المسلمون استبدادهم كما مارسه الغرب مع أنفسهم ومع الآخرين، ولكنهم استبدوا بأنفسهم حتى وصلوا اليوم إلى ما هم عليه، إنما أنتقد في التاريخ الإسلامي ما جعلناه في مكان القداسة، بدلا من تحميله لحيز النقد المنهجي العلمي دون تطرف.
غير أن النظر إلى التاريخ دون استشراف المستقبل هو مشكلة كبيرة لا زلنا نأن تحت وطأتها، في مجتمع لم يعتد على حرية التعبير ويظن أن النقد مسبة وشتم وإهانة وبذاءة، كما حدث لعدد من مقالاتي اعتبرها البعض تسفيها لأنني تجرأت فنقدت شيخا فاضلا نقدا علميا، دون أن أسرف في مدحه والثناء عليه وإجلاله وربما تقديسه!
الأفكار المسبقة أيضا هي أخطر مشكلاتنا، فإذا انتقدنا الدولة العباسية حتى ونحن نتحدث عن أنوراها العلمية قالوا هذا علماني ساقط، وإذا انتقدنا الدولة العثمانية حتى ونحن نسرد إنجازاتها العسكرية قالوا هذا تغريبي منحرف، وإذا انتقدنا صحابيا كمعاوية بن أبي سفيان خرج عن شورى المسلمين قالوا هذا رافضي بينما الرسول عليه الصلاة والسلام قال لا تسبوا صحابتي ولم يقل لا تنتقدوهم، وإذا انتقدنا شيخا متطرفا يكفر المسلمين وحتى الفقهاء منهم، قالوا ما قالوا. ليس هناك ما يقبل النقد، كل شيء مقدس، كل شيء مسلم، فإما أن تكون معنا أو معهم، وليس هناك مجال للنقاش!
لذلك وفي ظل تركيبة فكرية لا تقبل النقد بهذه الصورة، عبر أفكارها المسبقة والتي تمتد إلى قرون غابرة تأسست على أفكار ميتة بمصطلح مالك بن نبي، فلن نستطيع أن نصل إلى حلول لمشكلاتنا التاريخية، وسوف نستمر في العداء الأحمق بين السنة وبين الشيعة وهم أخوان في الوطن والعقيدة واللغة، ودائما ما يعلو الصراخ على صوت العقل، حتى يقدر للأمة صوتا جماعيا عقلانيا يعلو على صوت الماضوية.
كما أننا لا ننقد هذه المشكلات إلا من واقع الهوية، ولسنا بحاجة دائمة إلى التمجيد والتقديس النمطي المعروف، فإذا قلنا أن دولة الخلافة حجر متحفي فذلك يعني أننا نريد البحث عن تصورات فكرية مبنية على الكتاب الكريم ومذكرته التفسيرية المتمثلة في الحديث الشريف، ولكن دون تقديس متطرف لتلك المذكرة، باعتبارها عملا كاملا لا يقبل النقد، وكي نتجاوز هذا التقديس المتطرف فنحن بحاجة إلى عقود أطول، ولكنها بدأت جلية في عصر الشابكة. كما أن تغيرات المستقبل يصعب توقعها، فقد قتل كهنوت النصارى جاليلة لأنه ذكر المعلومة الصحيحة في الوقت الخاطئ، ونحن اليوم لدينا كهنوت متطرف، ولدينا وسطاء كوسطاء النصارى ولكن دون جرأة التقرير، وهذا ما حاربه الإسلام في محكم التنزيل، إذا فهناك الكثير من المعلومات قد يتفهمها الأحفاد، قد كانت في الماضي من المقدسات الغير قابلة للنقد، فالتغيير الفعلي الذي عاشته الأمة المسلمة لم يتجاوز حتى الآن حاجز المائة عام منذ عصر النهضة العربية.
ونحن اليوم ننتقل إلى عصر جديد يبدو أنه عصر الأنوار الإسلامي، هناك أشياء كثيرة قد تغيرت، وأتمنى للإسلام مجدا عظيما، ولكن لن يكون له إلا الخسران المبين إذا كان أبرز دعاته هم من دعاة إعادة دولة الخلافة، وممن يطالبون بتكفير مستبيح الاختلاط، وممن يظنون في كل ناقد لسند حديث ورد في البخاري بأنه ضعيف العقيدة!
العالم يتغير ونحن أمة في إطارها الجمعي؛ لا تهتم بعلم الاستشراف، لا على سبيل الأفراد ولا المؤسسات، ولا حتى على سبيل المثقفين إلا قليل منهم مثل المهدي المنجرة، وهو علم تنبأ في بحث سابق بنهاية الحكم الإسرائيلي خلال خمسين عاما، لذلك هم يعملون لأجل هذه المعطيات الاستشرافية، ونحن أمة عامتها ننتظر المهدي المخلص، والمهدي لن يأتي في أمة ضعيفة، إنما هو رجل سيقود أمة ذكية متعلمة وحرة وواعية لا أمة تتكون من شباب يائس يريد أن يتخلص من حياته بالموت في ساحة المعركة ويسمي ذلك جهادا، أمام دول معادية منظمة وقوية ولا يمكن هزيمتها بأمة لا يملك أفرادها الحرية ولا العدل ولا احترام القانون.
في ظل العلمانية الغربية ينعم الغربيون وحدهم بأفضل نماذج العدالة عبر التاريخ، برلمانات، شفافية، احترام، قانون يعلو على الرئيس والمرؤوس، وغيرها من قيم عظيمة ولدت من عصر التنوير القائم على أنوار الفكر الإسلامي كالمذهب المالكي الذي كان جوهرا لوثيقة حقوق الإنسان الفرنسية.
قدم الغرب إنجازا علميا جامحا، تفوق به على كل حضارات الدنيا، ويكاد يسبق المستقبل، وقد بنى معظم إنجازاته على البذور التي صنعها المسلمون، والمسلمون بنوها على أجدادهم الإغريق ومعهم السريان والصينيون وغيرهم، وسرق الكثير من الغرب أعمال المسلمين فيما بعد مثل كوبرنيكوس بصورة مباشرة، وأخذوا بصورة غير مباشرة مثلما فعل إسحاق نيوتن، ولكنهم تفوقوا عليهم بصورة لافتة، وأصبح أجدادنا مجرد قاعدة تأسس عليها التاريخ الحديث.
اليوم وبعد حروب طاحنة، قتل فيها النصراني أخوه النصراني، ودول ساهمت في تأسيسها عصابات ومرتزقة ومجرمين كأمريكا واستراليا، فضلا عن رجال الليبرالية الأمريكية الكبار أصحاب الأبحاث الحقوقية والتي لا أجد اليوم من أهلها في بلادي سوى القليل منهم كعبد الرحمن اللاحم صاحب القضايا الشهيرة ضد النظام القضائي المحلي، وغيره من أبطال ممن دونوا أبحاث في قضية المجتمع الإسلامي الحقوقي.
لقد تحدث أيضا فؤاد الفرحان عن العالم الأول الذي أشار إليه سمو الأمير خالد الفيصل، فقدم الصورة العملية الحقيقية للمجتمع الغربي العادل، ومع ذلك لا زال في مجتمعاتنا وتحديدا من الأخوة والأخوات المحسوبين على التيار الإسلامي ممن يصرون على الممانعة المطلقة أو الشبه مطلقة، ولا ينظرون في الغرب إلا بأخس ما فيه، ويذكروننا بأمجاد الإسلام دون النظر إلى العظمة التي وصل إليها الغرب في الحقوق والعدل. ويخشون دائما على الهوية من التغيير، فيضطرون تلقائيا إلى الممانعة المطلقة أو ما يشبهها.
نعم .. إعلان حقوق الإنسان العالمي الصادر من الأمم المتحدة هو منقوص ولا ينصف المرأة ويعطي الشاذ حرية الشذوذ، ولكن لا يمكن اعتبار المجتمع الغربي مفككا ومتحللا، فلو كان كذلك لما كان قويا كما أشار علي عزت بيجوفيتش، بل كما تؤكد كل علوم الاجتماع والإنسان والحضارة والتي تشير إلى موت المجتمع بعد إسرافه في الملذات وهذا ما لم يحدث جليا في الغرب، أما الإباحية الجنسية فليست إلا قرارا وطريقة في الحياة، حيث أن المجتمعات المتحضرة القديمة حدث فيها أبشع من هذا، وبما أنها طريقة في الحياة فهي ليست قرينا للتحضر والقوة، والعرب والمسلمين بإمكانهم اختيار طريقتهم في الحياة العائلية والجنسية دون خوف من استيراد وتطوير المفاهيم الغربية الفلسفية.
لا زالت التيارات الإسلامية تنادي بدولة الخلافة، هذه الدولة ليست إلا حجرا في متحف التاريخ، فمن يقرأ أي كتاب للتاريخ عن الدولة الأموية والعباسية وخاصة العثمانية سيرى بنفسه بشاعة الاستبداد السياسي والظلم الذي مارسه الخلفاء عبر التاريخ، قتلا وذبحا وإرهابا بكل صنوفه، ومع ذلك فقد كان هناك جو من العدل كفلته تشريعات الإسلام، إنما دائما ما تخالف الشريعة الإسلامية فتصبح نسيا منسيا حين يقترب أحدهم من لعبة السياسة، فالقتل والاغتيالات والخيانة والتعذيب كانت عناوين كبرى لتلك العصور، أما القرآن الكريم الذي قسم التاريخ قسمين فأصبحت العبادة للخالق المطلق بدلا من عبادة المخلوق، فكان هو أول من بشر بحقوق الإنسان ونادى بتطبيقها وكفل حقوق البشر، غير أن تطبيق هذه الحقوق له جوانب كثيرة مثل المشاركة في القرار السياسي او الشفافية، أو فهم آليات الشورى والتي أكتفى القرآن الكريم فقط بالإشارة إليها دون تفصيل، كما أن كل هذه المعطيات وغيرها لا يمكن أن تتأسس بدون ثقافة حقوقية وهذه الثقافة لم تخرج سوى من رحم الفلسفة الغربية، والتي بنت أساسها الأول كما أشرنا على الفقه الإسلامي.
حسنا وذلك أيضا للإنصاف، فلم يمارس المسلمون استبدادهم كما مارسه الغرب مع أنفسهم ومع الآخرين، ولكنهم استبدوا بأنفسهم حتى وصلوا اليوم إلى ما هم عليه، إنما أنتقد في التاريخ الإسلامي ما جعلناه في مكان القداسة، بدلا من تحميله لحيز النقد المنهجي العلمي دون تطرف.
غير أن النظر إلى التاريخ دون استشراف المستقبل هو مشكلة كبيرة لا زلنا نأن تحت وطأتها، في مجتمع لم يعتد على حرية التعبير ويظن أن النقد مسبة وشتم وإهانة وبذاءة، كما حدث لعدد من مقالاتي اعتبرها البعض تسفيها لأنني تجرأت فنقدت شيخا فاضلا نقدا علميا، دون أن أسرف في مدحه والثناء عليه وإجلاله وربما تقديسه!
الأفكار المسبقة أيضا هي أخطر مشكلاتنا، فإذا انتقدنا الدولة العباسية حتى ونحن نتحدث عن أنوراها العلمية قالوا هذا علماني ساقط، وإذا انتقدنا الدولة العثمانية حتى ونحن نسرد إنجازاتها العسكرية قالوا هذا تغريبي منحرف، وإذا انتقدنا صحابيا كمعاوية بن أبي سفيان خرج عن شورى المسلمين قالوا هذا رافضي بينما الرسول عليه الصلاة والسلام قال لا تسبوا صحابتي ولم يقل لا تنتقدوهم، وإذا انتقدنا شيخا متطرفا يكفر المسلمين وحتى الفقهاء منهم، قالوا ما قالوا. ليس هناك ما يقبل النقد، كل شيء مقدس، كل شيء مسلم، فإما أن تكون معنا أو معهم، وليس هناك مجال للنقاش!
لذلك وفي ظل تركيبة فكرية لا تقبل النقد بهذه الصورة، عبر أفكارها المسبقة والتي تمتد إلى قرون غابرة تأسست على أفكار ميتة بمصطلح مالك بن نبي، فلن نستطيع أن نصل إلى حلول لمشكلاتنا التاريخية، وسوف نستمر في العداء الأحمق بين السنة وبين الشيعة وهم أخوان في الوطن والعقيدة واللغة، ودائما ما يعلو الصراخ على صوت العقل، حتى يقدر للأمة صوتا جماعيا عقلانيا يعلو على صوت الماضوية.
كما أننا لا ننقد هذه المشكلات إلا من واقع الهوية، ولسنا بحاجة دائمة إلى التمجيد والتقديس النمطي المعروف، فإذا قلنا أن دولة الخلافة حجر متحفي فذلك يعني أننا نريد البحث عن تصورات فكرية مبنية على الكتاب الكريم ومذكرته التفسيرية المتمثلة في الحديث الشريف، ولكن دون تقديس متطرف لتلك المذكرة، باعتبارها عملا كاملا لا يقبل النقد، وكي نتجاوز هذا التقديس المتطرف فنحن بحاجة إلى عقود أطول، ولكنها بدأت جلية في عصر الشابكة. كما أن تغيرات المستقبل يصعب توقعها، فقد قتل كهنوت النصارى جاليلة لأنه ذكر المعلومة الصحيحة في الوقت الخاطئ، ونحن اليوم لدينا كهنوت متطرف، ولدينا وسطاء كوسطاء النصارى ولكن دون جرأة التقرير، وهذا ما حاربه الإسلام في محكم التنزيل، إذا فهناك الكثير من المعلومات قد يتفهمها الأحفاد، قد كانت في الماضي من المقدسات الغير قابلة للنقد، فالتغيير الفعلي الذي عاشته الأمة المسلمة لم يتجاوز حتى الآن حاجز المائة عام منذ عصر النهضة العربية.
ونحن اليوم ننتقل إلى عصر جديد يبدو أنه عصر الأنوار الإسلامي، هناك أشياء كثيرة قد تغيرت، وأتمنى للإسلام مجدا عظيما، ولكن لن يكون له إلا الخسران المبين إذا كان أبرز دعاته هم من دعاة إعادة دولة الخلافة، وممن يطالبون بتكفير مستبيح الاختلاط، وممن يظنون في كل ناقد لسند حديث ورد في البخاري بأنه ضعيف العقيدة!
العالم يتغير ونحن أمة في إطارها الجمعي؛ لا تهتم بعلم الاستشراف، لا على سبيل الأفراد ولا المؤسسات، ولا حتى على سبيل المثقفين إلا قليل منهم مثل المهدي المنجرة، وهو علم تنبأ في بحث سابق بنهاية الحكم الإسرائيلي خلال خمسين عاما، لذلك هم يعملون لأجل هذه المعطيات الاستشرافية، ونحن أمة عامتها ننتظر المهدي المخلص، والمهدي لن يأتي في أمة ضعيفة، إنما هو رجل سيقود أمة ذكية متعلمة وحرة وواعية لا أمة تتكون من شباب يائس يريد أن يتخلص من حياته بالموت في ساحة المعركة ويسمي ذلك جهادا، أمام دول معادية منظمة وقوية ولا يمكن هزيمتها بأمة لا يملك أفرادها الحرية ولا العدل ولا احترام القانون.