منتديات الحوار الجامعية السياسية

شخصيات صنعت التاريخ

المشرف: بدريه القحطاني

By صالح المنيع
#31971
وهو ابن الخليفة عبد المجيد الذي توفي عام 1293هـ، تسلم الخليفة عبد الحميد الثاني الحكم وقد وصلت الدولة إلى مرحلة من الضعف والركود, سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي, فحاول الخليفة أن ينهض بها بل وبكل بلاد المسلمين التي باتت في حالة سبات عميق, فأراد أن يحرر المسلمين من نفوذ أوربا, وأن يوحدهم, فنادى بالجامعة الإسلامية, وحاول القضاء على الفساد في بلاده, وحاول أن يتجنب الصدام داخليًّا وخارجيًّا ولكن لم تكن أوربا لتتركه يوقظ المسلمين, بل سعت بكل الطرق الممكنة لإحباط محاولاته وحاولت إحاطته بالمشاكل الداخلية والخارجية حتى لا تترك له الفرصة لعمل شيء كما سنرى.

على الصعيد الداخلي:
انتشار مفاهيم القومية: انتشرت في أنحاء الدولة العثمانية مفاهيم القومية بصورة صارخة لم يسبق لها مثيل, وكان روادها يتمثلون في المفتونين بأوربا من المسلمين والنصارى, وسعى النصارى بالذات لنشر هذه المفاهيم, لأنه الطريق الوحيد لمد نفوذهم ولأنهم إذا حاولوا أن يتخذوا طريقًا آخر, مثل التعصب الديني مثلاً, لقضى عليهم, حيث إنهم يمثلون أقلية بالنسبة للمسلمين, وأخذت أوربا تدعم القائمين بالحركات القومية سواء من خلال الإرساليات التنصيرية، أو من خلال فتح بلادها لتكون مقرًّا للجمعيات والهيئات التي تحمل أفكار القومية.

ازدياد نفوذ يهود الدونمة:
ذكرنا من قبل كيف كان دخول يهود الدونمة (الدونمة بمعنى الردة) واستيطانهم في أنحاء الدولة العثمانية, في عهد الخليفة سليمان القانوني بدعم من زوجته روكسلان, وأخذ اليهود يخططون لزيادة نفوذهم في الدولة والعمل على تدميرها, برغم الخدمات التي قدمتها إليهم الدولة, يحركهم في ذلك كرههم وعداؤهم الأبدي والأزلي للمسلمين, كما قال الله : {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82].

ومن نسل اليهود الدونمة برز فتى يدعى ساباتاي في أزمير, وادعى في عام 1057هـ أنه المسيح فأراد رجال الدين اليهودي قتله، فرحل في أنحاء الدولة العثمانية حتى عاد مرة أخرى إلى أزمير, فقبض عليه ونقل إلى أدرنه فخاف أن يصاب بأذى فادعى الإسلام, وأوهم العثمانيين أنه سيعمل على نشر الإسلام بين اليهود. وفي الحقيقة كان يدعوهم لإظهار الإسلام ليدخلوا بين صفوف المسلمين, ويصلوا إلى المراكز العليا في الدولة, ومن ثَمَّ يملكون الزمام وينفذون في المسلمين كافة خططهم العدوانية.

وبالفعل، رحب اليهود بهذه الفكرة وأخذوا يواصلون العمل بها وفي عهد عبد الحميد الثاني ظهر هرتزل صاحب فكرة إنشاء وطن لليهود, وأصر على أن تكون فلسطين هي وطن اليهود, وذلك في مؤتمر بازل بسويسرا عام 1314هـ الذي اجتمع فيه يهود العالم, وحاول هرتزل أن يتقرب إلى الخليفة عبد الحميد الثاني ويقدم له الإغراءات ليمكن لليهود في فلسطين, ولكن الخليفة كان يدرك أغراض هرتزل فلم يحقق له مراده, بل ومنع هجرة اليهود إلى فلسطين فاتجه هرتزل إلى دول أوربا لتساعده في تحقيق هدفه, فوجد عندها السند الكبير وخاصة أنه سيكون وسيلة أخرى للقضاء على الدولة العثمانية.

وكان هرتزل قد عرض على السلطان خمسين مليونًا من الجنيهات الذهب لخزانة الدولة, وخمسة ملايين من الجنيهات الذهب لخزانة السلطان الخاصة, بالإضافة إلى مشاريع أخرى كثيرة لدعم الدولة العثمانية اقتصاديًّا.أخطار الماسونية:
وهى من إحدى الاختراعات اليهودية, فهي منظمات عالمية تهدف أساسًا إلى تفريق الأمة الواحدة إلى عدة أمم وشعوب, مما يخلق نزاعًا أبديًّا بين شعوبها, فيحارب بعضها بعضًا, وبذا تتحقق الأهداف اليهودية في إفناء شعوب الأرض حتى يظل اليهود هم الباقين فيها؛ ولذلك عملت الماسونية على دعم الحركات الانفصالية ومساندة كل رجل تجد عنده حب التسلط والزعامة والسيادة والاستقلال, وكثر أعضاؤها وأخذوا يساندون بعضهم البعض, وقد وجدت الماسونية في الدولة العثمانية مأربها فكانت الدولة العثمانية التربة الخصبة لتحقيق أهدافها، فعملت على زيادة نفوذها في الدولة