منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#29862
يوم عرفة يذكرنا بيوم الحشر:
فهذا اليوم الجليل العظيم المهيب، في عرفات، ترى الناس وقد اختلطت أصواتهم، وتشابهت أشكالهم، ولا تكاد تميز واحدا عن الآخر ، إذ اللباس واحد، والكل في هيئة واحدة، قد تجردوا من زينة الدنيا، والكل في انشغال بنفسه وبعلاقته بربه ، هذا داعٍ، وهذا باكٍ، وهذا سائل، وهذا يتكلم بلغةٍ عربية، وهذا يتكلم بلغةٍ عجمية، وهذا يدعو لنفسه، وهذا يدعو لإخوانه، حالة من الاختلاط التي لا يكاد يتميز بها شخص عن شخص، تذكرنا بيوم الحشر، إذ هكذا نخرج إلى الله، ]يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ . خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ[ [المعارج/43، 44] سنخرج متجردين من زينة الدنيا، كما تجرد الحجيج اليوم، فلن نلبس الثياب الفاخرة، ولن نركب السيارات الفارهة، ولن نتعاظم على الناس، بل الكل حين يدعو الداعي وحين ينفخ في الصور، يخرج من القبور إلى الله العليم الخبير، الكل ما بين صارخٍ، وباكٍ، ومتأوه ، الكل على حاله التي خلق عليها، أصوات مختلطة، حشرٌ ونشرٌ وموقف عصيب.
وكما يقف الناس اليوم في هذا الصعيد فسيجمع الله الناس في صعيد واحد أيضا ، فصعيد اليوم يجتمع فيه ثلاثة ملايين من البشر، لكن ترى كم من البشر يجتمعون في صعيد يوم القيامة؟ بل كم من الخلق حين يجمع الله الأولين والآخرين، ليوم لا ريب فيه؟ عش مع هذه الصورة، واسأل نفسك: أين سأكون أنا في هذا الموقف، سيكون الناس في هذا الحشر، ما بين مسود الوجه، ومبيض الوجه، ]يَوْمَ تَبْيَضُّوَجُوهٌوَتَسْوَدُّوَجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْوَجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ [[آل عمران/106]
سيكون الناس في هذا اليوم ما بين قائم في ظل العرش، يوم لا ظل إلا ظل الله، وما بين واقف في شدة الحر، اجتمع عليه حر النار وحر الشمس، إذ الشمس يومها فوق الرؤوس، فأين أنت في هذا الموقف؟ أين أنت في هذا الزحام الهائل الذي لا يحصيه أحد إلا الله رب العالمين؟ أين ستكون؟ أمع المحرومين أم مع المرحومين؟ أمع المقبولين أم مع المطرودين؟ أتكون مع الآمنين أم مع الخائفين؟ سؤال يجب أن نسأله لأنفسنا ونحن نتأمل صورة هؤلاء المتجردين بين يدي الله في ذلك الصعيد، لا سقف يظلهم عن الله، ولا قصور يسكنون فيها، ولا متاع يركنون إليه، وهم ما بين داعٍ وسائلٍ وباكٍ ، أقول لمن يتأمل هذا الموقف: تأمل ذاتك وتأمل نفسك، وقد وقفت بين يدي الله، على رؤوس الأشهاد ... يا ترى يومها أين تحب أن يكون موقعك؟
#32117
يعطيك العافيه ..