منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By محمد النشوان9
#32933
حمادة فراعنة
ثلاث معيقات إسرائيلية تقف سداً منيعاً تحول دون التوصل إلى تفاهم الحد الأدنى الفلسطيني الإسرائيلي للصراع الذي تخطى القرن في عمره وإشتباكاته منذ مؤتمر بال الصهيوني 1897، وتطبيقاته العملية في وعد بلفور الإستعماري عام 1917 لإقامة وطن لليهود في فلسطين.



المعيق الأول: يتمثل برئيس وزراء إسرائيل نتنياهو كشخصية حزبية يقف في موقع صنع القرار لا يؤمن بالتسوية والتوصل إلى حلول منتصف الطريق مع الشعب الفلسطيني، ولا يسعى إلى تقاسم فلسطين بين الشعبين لإقامة دولتين متجاورتين تعيشان بسلام وتعاون.



ولذلك لا يستطيع نتنياهو الوصول إلى ما وصل إليه إسحق رابين الذي قتل لأنه "ساوم وتنازل وضحى بأرض إسرائيل"، وقد لعب شارون ونتنياهو دوراً تحريضياً أدى إلى إغتيال رابين لأنه توصل إلى إتفاق أوسلو مع ياسر عرفات.



وحينما تراجع شارون وأبدى موافقة على "إنهاء الإحتلال" قاد نتنياهو معركة ضد شارون، ووقف ضد واقعيته وتخليه عن قطاع غزة، وإنفصلا عن بعضهما وقاد كل منهما حزباً.



وقد أصبح نتنياهو رئيساً لليكود في مواجهة يهود أولمرت الذي تمسك بسياسة شارون القائمة على فك الإرتباط مع الفلسطينيين وتطبيق تجربة غزة الأحادية في الضفة الفلسطينية.



نتنياهو لا يستطيع ولا يملك القناعة، ولا القدرة، ولا الثقة للتوصل إلى أي إتفاق مع الشعب الفلسطيني، ومع منظمة التحرير، ومع الرئيس محمود عباس، وكلاهما أبو مازن ونتنياهو يعرفان بعضهما البعض، ويدركان بوعي إنهما ذاهبان إلى المفاوضات المباشرة بقناعة مسبقة إنهما يريدان إدارة الصراع، ولن يستطيع أي منهما تقديم ما هو مطلوب منه نحو الآخر لإنهاء الصراع، وكلاهما نتنياهو وأبو مازن يلعبان على الوقت لتمريره، ويخوضان صراعاً مكشوفاً بينهما لتحميل كل منهما للأخر إفشال المفاوضات أمام المجتمع الدولي.



ولذلك لا إتفاق ولا حل ولا تسوية في ظل إدارة نتنياهو.



والمعيق الثاني: فيما لو رضخ نتنياهو للضغوط الأميركية والأوروبية والعربية والفلسطينية وقبل الحد الأدنى للحقوق الفلسطينية والتخلي عن الأرض، سيبرز المعيق الثاني المتمثل بحزب الليكود الحاكم الأكثر تطرفاً وتشدداً من نتنياهو، ولن يستطيع نتنياهو بإعتباره رئيساً للوزراء تمرير أي إتفاق بدون إنقسام حزبه الليكود، فالليكود سيكون العقبة الكبرى في وجه أي إتفاق فلسطيني اسرائيلي.



ولكن إذا إستطاع نتنياهو إقناع قادة حزبه في الليكود بأي إتفاق فلسطيني اسرائيلي يتم التوصل إليه، سيعجز عن تمرير هذا الإتفاق في الحكومة وفي الكنيست بسبب المعيق الثالث.



المعيق الثالث: يتمثل بالإئتلاف الحكومي الذي يعتمد على حزب ليبرمان المتطرف وغيره من أحزاب الإئتلاف الأكثر تطرفاً وعداءاً للشعب الفلسطيني ورفضاً لحقوقه.



ثلاث معيقات يحتاج ازالتها لتغيير الخارطة الحزبية في اسرائيل، وتغيير الخارطة لن يتم بإنتخابات جديدة، بل عبر تراكمات سياسية وحزبية داخلية وأجواء دولية، وعمل فلسطيني دؤوب غير متوفر.



لقد دللت المعطيات السياسية أن صاحب القرار السياسي يقيم في اسرائيل وليس خلف المحيطات في الولايات المتحدة، وأن العمل والجهد الفلسطيني يجب أن يتوجه نحو إختراق المجتمع الإسرائيلي وكسر حدته وكسب انحيازات من بين صفوفه لصالح عدالة القضية الفلسطينية، ومشروعية مطالبها، وبدلاً من أن يتجه التفكير الإستراتيجي الفلسطيني نحو هذا العامل التحدي، يتهرب منه كافة قيادات المجتمع الفلسطيني وفصائله وأولها حركة "فتح" التي تهرب أعضاء لجنتها المركزية من تحمل مسؤولية الملف الإسرائيلي و"خافوا" من الإقتراب منه وبقي معلقاً بلا مسؤولية وبلا مبادرة.



واليسار الفلسطيني أكثر خوفاً وهلعاُ من قادة "فتح" من الإقتراب من هذا الملف وتحاشي التعاطي معه، والشجاع فيهم يكذب علينا ويتعامل مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي، بل مع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ويكتفي بذلك، وعن خجل لأنه لا يملك شجاعة إقتحام المجتمع الإسرائيلي وإختراقه وكسب صداقات من بين صفوفه.



التفكير اًلأصولي الرجعي المتخلف يسود قادة النضال الفلسطيني، وهم عاجزون في هذا العنوان، والوحيد بينهم الذي يملك شجاعة الموقف في التعامل مع هذا الملف هو الرئيس محمود عباس، ولكنه لا يعطيه الوقت والإهتمام المطلوب لجعله قضية سياسية، وبرنامجا فلسطينيا يوميا يستحق الأولوية.



لقد فشل الرئيس الأميركي أوباما بتمرير ما يراه مناسباً لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتراجع عن تصريحات وعناوين قالها ونطق بها وطالب اسرائيل بالعمل على اساسها، وقد تراجع تحت ضغط اللوبي اليهودي الإسرائيلي الصهيوني في واشنطن، ويتضح من المعطيات أنه أضعف حالاً حتى من أسلافه بوش الأب وكلينتون وبوش الأإِن، وأن الذي يتحكم بالقرار الأميركي نحو منطقتنا هو من يحكم اسرائيل، ولذلك المشكلة في اسرائيل والحل لديها وليس لدى واشنطن، ومن هنا أهمية تمزيق الجبهة الداخلية الإسرائيلية المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني، وأهمية كسر حدتها وعدوانيتها، وأهمية كسب صداقات وإنحيازات اسرائيلية لعدالة الحقوق والمطالب الفلسطينية.



الشعب الفلسطيني يمتلك أربعة أوراق قوة في وجه المشروع الإستعماري الإسرائيلي هي:



اولاً: وجود شعب فلسطيني ذا أغلبية في الضفة والقدس والقطاع يزيد عن أربعة ملايين نسمة.



ثانياً: رفض وعداء هذا الشعب للإحتلال وللمشروع التوسعي الإستعماري الإسرائيلي.



ثالثاً: يتميز هذا الشعب على أنه منظم وحزبي ومسيس ينتمي إلى أحزاب وفصائل من "فتح" و"حماس" والديمقراطية والجهاد وحزب الشعب والمبادرة، إلى فصائل التيار القومي إلى مستقلين وطنيين لهم حضور وإحترام.



رابعاً: قضية عادلة مجسدة بقرارات الأمم المتحدة 181، 194، 242، 1397، 1515.



ولكنه يفتقد لعاملين إثنين ما زال عاجزاً عن إستثمارهما، وغيابهما يحول دون تحقيق تطلعاته في الإستقلال والعودة والمساواة وهما:



أولاً: توظيف إحتياطه الإستراتيجي داخل اسرائيل والمتمثل بالوسط العربي الفلسطيني، وقوته الإنتخابية لإيصال أكبر عدد من نوابه إلى الكنيست، ليكون النواب العرب هم الكتلة الثالثة في اسرائيل، وكي تكون شريكا مؤثرا في صنع القرار الإسرائيلي.



وثانياً: العمل على إختراق المجتمع الإسرائيلي وكسب انحيازات اسرائيلية كي يكون للفسطينيين لوبي اسرائيلي صديق للشعب الفلسطيني من اليسار وقوى سلام، وإتجاهات تقدمية عصرية تؤمن بالتعايش والشراكة بين الشعبين.



بدون ذلك سيبقى الحل الإستعماري الإسرائيلي هو السائد، وسيكون الإهتمام الفلسطيني منصباً على إدارة الصراع، وليس على حل الصراع، وستبقى حقوق الشعب الفلسطيني العادلة، معطلة ومعلقة حتى يتمكن الفلسطينيون من إمتلاك كامل اوراقهم وتغيير موازين القوى السياسية لصالحهم.