By مشاري الحربي ( 9 ) - الخميس مارس 03, 2011 2:14 pm
- الخميس مارس 03, 2011 2:14 pm
#33106
الحديث السري عن جنون القذافي لم يعد محل تشكيك. فالرجل برهن عن «جنون عظمة» و«جنون سلطة» و«جنون دموي» لم يسبقه إليه أحد، يقوده إلى إبادة شعبه، ما دفع البعض إلى التعليق بأنه قد يسعى إلى «استيراد شعب ليحكمه»، لم لا وهو «ملك ملوك أفريقيا»، وقد لجأ إلى بعض دول القارة السمراء لاستيراد مرتزقة للقيام بما أبى العسكر الليبي فعله؟ المحرقة بدأت وفصولها لا تزال مستمرة في حق الشعب الليبي الحر. وإن كان "هتلر" العرب قد اشترى الغرب بالنفط والمال، فإن الشعب الليبي الحر رفض المساومة أو أن يشترى صمته وخنوعه بمالهم الذي نهبه القذافي وعائلته..
بقلم خدمة العصر
فيما كان الحديث يدور حول فرار الزعيم الليبي معمّر القذافي إلى فنزويلا أو غيرها من دول أميركا اللاتينية، أطل «المجرم» تلفزيونياً للمرة الأولى منذ بداية الثورة ليؤكّد وجوده في طرابلس.
إطلالة لم تخل من التهريج الذي عرف به القذافي، إذ إنها استغرقت ثواني معدودة بعد طول ترقّب وترويج من الإعلام الرسمي الليبي.
خروج القذافي لم يكن الدليل الوحيد على بقائه في ليبيا، إذ سبقته قواته لتترجم ما توعد به سيف الإسلام القذافي، أول من أمس، عن أن ليبيا ليست تونس ولا مصر، وأن القذافي ليس حسني مبارك ولا زين العابدين بن علي. إثبات بالدم دمغته صواريخ الطائرات وقذائف المدفعية، التي صبّت حممها على المتظاهرين والأحياء السكنية، لترتكب جريمة حرب وإبادة جماعية لا تزال حصيلتها مبهمة، في ظل التعتيم الذي تمارسه سلطات طرابلس الغرب مع قطع كل أنواع الاتصالات.
القذافي أثبت فرادته، حتى بدمويته وحقده ونازيته، حتى ليكاد يكون الوصف مناسباً له أكثر من مبارك وبن علي، سيما أنه أرفقه بدماء لا تزال، حتى ساعة متأخرة من مساء أمس، تسيل في المدن والشوارع الليبية، التي تغير عليها الطائرات كأنها مواقع معادية.
القذافي أراد معاقبة الشعب الذي تمرّد عليه. لم يستسغ الديكتاتور الأصوات المنادية بسقوطه. لم تألف غطرسته مشاهد تمزيق صوره، فلجأ إلى ما يمكن أن تكون «أوراقه الأخيرة»، أي سلاح الجو، بعد الأنباء الكثيرة الواردة من ليبيا عن استسلام أو تحويل ولاءات في العديد من أولوية الجيش البري.
الحديث السري عن جنون القذافي لم يعد محل تشكيك. فالرجل برهن عن «جنون عظمة» و«جنون سلطة» و«جنون دموي» لم يسبقه إليه أحد، يقوده إلى إبادة شعبه، ما دفع البعض إلى التعليق بأنه قد يسعى إلى «استيراد شعب ليحكمه»، لم لا وهو «ملك ملوك أفريقيا»، وقد لجأ إلى بعض دول القارة السمراء لاستيراد مرتزقة للقيام بما أبى العسكر الليبي فعله؟ وحتى ساعات متأخرة من مساء أمس، كان هؤلاء المرتزقة لا يزالون يتدفقون على مطار العيشية في العاصمة الليبية، ما يشير إلى أن فصول مذبحة القذافي لا تزال في بدايتها.
المشهد في ليبيا أمس كان استثنائيّاً بالنسبة إلى الأيام السابقة للتظاهرات في ليبيا، أو أيام الثورات في مصر وتونس. مشهد جاء من حيث لم يتوقعه المشاركون في التظاهرة المليونية في طرابلس، الذين كانوا يتحسّبون لمواجهة على الأرض، فجاءتهم النار من السماء.
طائرات «ميغ» فاجأت المتظاهرين بالرصاص والقنابل، حاصدة مئات القتلى والجرحى لم يعرف عديدهم، وسط معلومات متضاربة عن حصيلة المذبحة.
ووسط المعلومات القليلة التي كانت ترد من ليبيا، في ظل الحصار التام الذي فرضه نظام القذافي بقطعه الاتصالات بجميع أشكالها، أكد شهود في طرابلس أن الطائرات والدبابات لم تكتف بضرب المتظاهرين، بل بدأت تصب نيرانها على الأحياء السكنية في العاصمة، على غرار الزيتونة ومصراتة، مع تعذّر عمل فرق الإسعاف، ما ينبئ بمذابح خفيّة لم تنجل تفاصيلها بعد.
نيرون ليبيا لم يشبع من دماء طرابلس، فأكمل مرتزقته ومن بقي معه من القوات ارتكاب الجرائم في بنغازي، وترافقت المذابح أمس مع انشقاقات عسكرية ودبلوماسية، إذ انضم العديد من الضباط والجنود إلى الثوار.
وأصدرت مجموعة من الضباط بياناً يحث الجنود «على الانضمام للشعب» والمساعدة في الإطاحة بالزعيم معمر القذافي. وحثوا بقية الجيش الليبي على القيام بمسيرة إلى طرابلس.
كذلك استقال وزير العدل، مصطفى عبد الجليل، من منصبه احتجاجاً على القمع الذي تمارسه السلطة، إضافة إلى استقالات بالجملة في السفارات الليبية في الخارج. كذلك فإن المبعوث الشخصي للزعيم الليبي، ابن عمه، أحمد قذاف الدم، فرّ إلى القاهرة على متن طائرة خاصة، حسبما أفادت مصادر في العاصمة المصرية.
وفي ما يتعلق بدور القبائل، فقد انحازت أكبرها، وهي قبيلة «رفلة»، إلى الثوار، فيما سارت على خطاها قبيلة «ترهونة»، التي ينتسب إليها معظم جنود الجيش في جنوب البلاد، وقبيلة «الزوي» وغيرها.
اللافت في المشهد الليبي العام كان الموقف الدولي عموماً، والأميركي خصوصاً، على عكس ما كان عليه الأمر في مصر وتونس، إذ إن واشنطن انتظرت حتى انتهاء المجزرة لتخرج بالدعوة إلى «وقف حمّام الدم» و«دعم مطالب الشعب الليبي».
وقد ربط العديد من المراقبين الصمت بالارتباطات الاقتصادية، وخاصة النفطية، إذ إن الشركات الأميركية والبريطانية تسيطر على العمل النفطي في ليبيا، وخصوصاً بعد تحسّن العلاقة بين طرابلس وواشنطن. كذلك فإن ليبيا تمثّل نبعاً نفطياً حيويّاً بالنسبة إلى الدول الأوروبية، إذ إن طرابلس تصدّر يومياً 400 ألف برميل إلى إيطاليا، و180 ألفاً إلى ألمانيا، و133 ألفاً إلى فرنسا و115 ألفا إلى إسبانيا.
شريان نفطي دفع العديد من الدول الأوروبية إلى الاكتفاء بإدانات خجولة، مواقف تجنّبت أي إشارة إلى «انتقال السلطة» أو «تلبية رغبات الشعب» التي كانت محطّ كلام أميركي، ومن ثم أوروبي، إبان الثورتين التونسية والمصرية. الأنكى من ذلك هو ما كشفت عنه صحيفة «الغارديان»، التي أكدت أن الحكومة البريطانية صدّقت على بيع ليبيا مجموعة واسعة من المعدات لاستخدامها ضد المدنيين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي.
وقالت الصحيفة، نقلاً عن أرقام أعدّتها وزارة الأعمال لوزارة الخارجية في الحكومة البريطانية إن قيمة المعدات تجاوزت 200 مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل نحو 324 مليون دولار.
العقيد يبدو مصمّماً على إكمال محرقته، وهو ما نقلته إحدى محطات التلفاز عن لسان القذافي، الذي ردّ على طلب ضباط للجيش بالتنحّي بالقول «لن أغادر قبل أن أحرقها عن بكرة أبيها».
المحرقة بدأت وفصولها لا تزال مستمرة في حق الشعب الليبي الحر. وإن كان "هتلر" العرب قد اشترى الغرب بالنفط والمال، فإن الشعب الليبي الحر رفض المساومة أو أن يشترى صمته وخنوعه بمالهم الذي نهبه القذافي وعائلته.
منقول
بقلم خدمة العصر
فيما كان الحديث يدور حول فرار الزعيم الليبي معمّر القذافي إلى فنزويلا أو غيرها من دول أميركا اللاتينية، أطل «المجرم» تلفزيونياً للمرة الأولى منذ بداية الثورة ليؤكّد وجوده في طرابلس.
إطلالة لم تخل من التهريج الذي عرف به القذافي، إذ إنها استغرقت ثواني معدودة بعد طول ترقّب وترويج من الإعلام الرسمي الليبي.
خروج القذافي لم يكن الدليل الوحيد على بقائه في ليبيا، إذ سبقته قواته لتترجم ما توعد به سيف الإسلام القذافي، أول من أمس، عن أن ليبيا ليست تونس ولا مصر، وأن القذافي ليس حسني مبارك ولا زين العابدين بن علي. إثبات بالدم دمغته صواريخ الطائرات وقذائف المدفعية، التي صبّت حممها على المتظاهرين والأحياء السكنية، لترتكب جريمة حرب وإبادة جماعية لا تزال حصيلتها مبهمة، في ظل التعتيم الذي تمارسه سلطات طرابلس الغرب مع قطع كل أنواع الاتصالات.
القذافي أثبت فرادته، حتى بدمويته وحقده ونازيته، حتى ليكاد يكون الوصف مناسباً له أكثر من مبارك وبن علي، سيما أنه أرفقه بدماء لا تزال، حتى ساعة متأخرة من مساء أمس، تسيل في المدن والشوارع الليبية، التي تغير عليها الطائرات كأنها مواقع معادية.
القذافي أراد معاقبة الشعب الذي تمرّد عليه. لم يستسغ الديكتاتور الأصوات المنادية بسقوطه. لم تألف غطرسته مشاهد تمزيق صوره، فلجأ إلى ما يمكن أن تكون «أوراقه الأخيرة»، أي سلاح الجو، بعد الأنباء الكثيرة الواردة من ليبيا عن استسلام أو تحويل ولاءات في العديد من أولوية الجيش البري.
الحديث السري عن جنون القذافي لم يعد محل تشكيك. فالرجل برهن عن «جنون عظمة» و«جنون سلطة» و«جنون دموي» لم يسبقه إليه أحد، يقوده إلى إبادة شعبه، ما دفع البعض إلى التعليق بأنه قد يسعى إلى «استيراد شعب ليحكمه»، لم لا وهو «ملك ملوك أفريقيا»، وقد لجأ إلى بعض دول القارة السمراء لاستيراد مرتزقة للقيام بما أبى العسكر الليبي فعله؟ وحتى ساعات متأخرة من مساء أمس، كان هؤلاء المرتزقة لا يزالون يتدفقون على مطار العيشية في العاصمة الليبية، ما يشير إلى أن فصول مذبحة القذافي لا تزال في بدايتها.
المشهد في ليبيا أمس كان استثنائيّاً بالنسبة إلى الأيام السابقة للتظاهرات في ليبيا، أو أيام الثورات في مصر وتونس. مشهد جاء من حيث لم يتوقعه المشاركون في التظاهرة المليونية في طرابلس، الذين كانوا يتحسّبون لمواجهة على الأرض، فجاءتهم النار من السماء.
طائرات «ميغ» فاجأت المتظاهرين بالرصاص والقنابل، حاصدة مئات القتلى والجرحى لم يعرف عديدهم، وسط معلومات متضاربة عن حصيلة المذبحة.
ووسط المعلومات القليلة التي كانت ترد من ليبيا، في ظل الحصار التام الذي فرضه نظام القذافي بقطعه الاتصالات بجميع أشكالها، أكد شهود في طرابلس أن الطائرات والدبابات لم تكتف بضرب المتظاهرين، بل بدأت تصب نيرانها على الأحياء السكنية في العاصمة، على غرار الزيتونة ومصراتة، مع تعذّر عمل فرق الإسعاف، ما ينبئ بمذابح خفيّة لم تنجل تفاصيلها بعد.
نيرون ليبيا لم يشبع من دماء طرابلس، فأكمل مرتزقته ومن بقي معه من القوات ارتكاب الجرائم في بنغازي، وترافقت المذابح أمس مع انشقاقات عسكرية ودبلوماسية، إذ انضم العديد من الضباط والجنود إلى الثوار.
وأصدرت مجموعة من الضباط بياناً يحث الجنود «على الانضمام للشعب» والمساعدة في الإطاحة بالزعيم معمر القذافي. وحثوا بقية الجيش الليبي على القيام بمسيرة إلى طرابلس.
كذلك استقال وزير العدل، مصطفى عبد الجليل، من منصبه احتجاجاً على القمع الذي تمارسه السلطة، إضافة إلى استقالات بالجملة في السفارات الليبية في الخارج. كذلك فإن المبعوث الشخصي للزعيم الليبي، ابن عمه، أحمد قذاف الدم، فرّ إلى القاهرة على متن طائرة خاصة، حسبما أفادت مصادر في العاصمة المصرية.
وفي ما يتعلق بدور القبائل، فقد انحازت أكبرها، وهي قبيلة «رفلة»، إلى الثوار، فيما سارت على خطاها قبيلة «ترهونة»، التي ينتسب إليها معظم جنود الجيش في جنوب البلاد، وقبيلة «الزوي» وغيرها.
اللافت في المشهد الليبي العام كان الموقف الدولي عموماً، والأميركي خصوصاً، على عكس ما كان عليه الأمر في مصر وتونس، إذ إن واشنطن انتظرت حتى انتهاء المجزرة لتخرج بالدعوة إلى «وقف حمّام الدم» و«دعم مطالب الشعب الليبي».
وقد ربط العديد من المراقبين الصمت بالارتباطات الاقتصادية، وخاصة النفطية، إذ إن الشركات الأميركية والبريطانية تسيطر على العمل النفطي في ليبيا، وخصوصاً بعد تحسّن العلاقة بين طرابلس وواشنطن. كذلك فإن ليبيا تمثّل نبعاً نفطياً حيويّاً بالنسبة إلى الدول الأوروبية، إذ إن طرابلس تصدّر يومياً 400 ألف برميل إلى إيطاليا، و180 ألفاً إلى ألمانيا، و133 ألفاً إلى فرنسا و115 ألفا إلى إسبانيا.
شريان نفطي دفع العديد من الدول الأوروبية إلى الاكتفاء بإدانات خجولة، مواقف تجنّبت أي إشارة إلى «انتقال السلطة» أو «تلبية رغبات الشعب» التي كانت محطّ كلام أميركي، ومن ثم أوروبي، إبان الثورتين التونسية والمصرية. الأنكى من ذلك هو ما كشفت عنه صحيفة «الغارديان»، التي أكدت أن الحكومة البريطانية صدّقت على بيع ليبيا مجموعة واسعة من المعدات لاستخدامها ضد المدنيين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي.
وقالت الصحيفة، نقلاً عن أرقام أعدّتها وزارة الأعمال لوزارة الخارجية في الحكومة البريطانية إن قيمة المعدات تجاوزت 200 مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل نحو 324 مليون دولار.
العقيد يبدو مصمّماً على إكمال محرقته، وهو ما نقلته إحدى محطات التلفاز عن لسان القذافي، الذي ردّ على طلب ضباط للجيش بالتنحّي بالقول «لن أغادر قبل أن أحرقها عن بكرة أبيها».
المحرقة بدأت وفصولها لا تزال مستمرة في حق الشعب الليبي الحر. وإن كان "هتلر" العرب قد اشترى الغرب بالنفط والمال، فإن الشعب الليبي الحر رفض المساومة أو أن يشترى صمته وخنوعه بمالهم الذي نهبه القذافي وعائلته.






منقول