ما الذي يحدث في الوطن العربي ؟!! ..
السؤال المهم الذي سيطرحه الشعب العربي على نفسه مع استمرار تساقط الأنظمة المتتالي هو: من يقف وراء هذا الثورة الشاملة والكاسحة والفريدة من نوعها، وهل هناك أيد خفية تلعب من وراء الستار وتخطط وتدبر وتقود هذا التغيير ؟! .. وهل يعقل أن يكون هذا التسونامي العاصف محض صدفة ونتيجة لكبت تراكمي أو لثورة عفوية ؟! وهل كانت الشعوب العربية تغط في سبات عميق وطويل قبل ثورة تونس واستيقظت فجأة ؟! وهل كانت الأنظمة العربية ميتة على كرسيها كما يقال وما دلهم على موتها إلا دابة الأرض وشباب الفيس بوك ؟! . تساؤلات سيطرحها المثقفون والمفكرون والمحللون في الوطن العربي ويتوقفون عندها طويلا بعد أن يستفيقوا من نشوة التغيير العارمة التي لا تضاهيها نشوة والتي يدخلها الشعب العربي غير مبال بالنتائج المترتبة عليها، هذه الثورة التي فاقت توقعاتها أخيلة الشعراء وأحلام الثوار والتحليلات والدراسات الإستراتيجية وتقارير المخابرات العربية والعالمية فاقت بسرعتها وقوتها ودهشتها أفلام الخيال العلمي بالنسبة للشعوب التي تعيش خارج التغطية والزمن، فلم يدر في خلد أحد أن عام 2011 سينحسر عن هكذا مفاجأة جعلت العالم في حيرة من أمره متسائلا من يقف يا ترى وراء هذا التغيير الشامل ؟ في الحقيقة لست هنا للإجابة على هذه التساؤلات تحديدا لأنها تحتاج إلى أدلة دامغة ووقائع منطقية لا إلى فرضيات لكني هنا لأطرح سؤالا واحدا فقط سيجعلنا نتجاوز كل ما سبق وهو: من المستفيد من هذا التغيير ومن الخاسر ؟! .. دعونا نتساءل بسذاجة رجل الشارع البسيط ونتوقع أسوأ الاحتمالات وأبشعها ضمن نظرية المؤامرة ونقول إن الشيطان الرجيم هو من يقف خلف هذا المخطط وهذا التغيير وأنه سخر أعوانه فمهدوا الطريق لإشعال الثورة بيد الشعوب، فما الذي سنخسره وما الذي سيكسبه !! .. الجواب يكمن في السؤال التالي : هل كان الوضع في البلدان التي طالتها يد التغيير أفضل وأعظم وأجمل وأروع وأبدع مما آلت إليه ؟ .. وإن كان كذلك، فهل الشاب الذي يفكر ويقرر أبوه بالإنابة عنه ويختار له منهجا محددا لحياته وزجة وسيارة ووظيفة مثل الشاب الذي يترك له والده حرية الاختيار والقرار مكتفيا بالتوجيه ؟!