- الخميس مارس 17, 2011 12:43 pm
#33462
منذ بضع سنين بدأت تظهر مفاهيم مثل "المبنى الصديق للبيئة" و"العمارة الخضراء" ، في إطار التنمية المستدامة التي تتجاوز النظرة الاقتصادية الضيقة الساعية إلى الربح السريع وتتوخى الحفاظ على الموارد الطبيعية وإتاحة استغلالها لمدد أطول كي تخدم الأجيال القادمة.
ومع أن هذه التوجهات بدأت تؤتي ثمارها في الغرب ، إلا أنها ما زالت في مهدها في المنطقة العربية. والطفرة في مجال البناء ، خصوصاً في دول الخليج ، ضاعفت استهلاك الطاقة والموارد بوتيرة فاقت كل التوقعات. وهذا يحتم زيادة الاهتمام بأساليب تصميم بديلة لتحقيق إدارة أفضل للثروات الطبيعية والتقليل من حجم الأضرار الناجمة على البيئة.
وسنلقي الضوء على العمارة الخضراء وتطورها عالمياً وإمكانات تطبيقها في المنطقة العربية فقد ساهمت ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيرها السلبي على البيئة الطبيعية في تنامي الاهتمام العالمي بموضوع الاستدامة البيئية كإحدى وسائل معالجة هذه الظاهرة.
كما أن ارتفاع كلفة الطاقة النفطية في الغرب ، فضلاً عن الظروف التي صاحبت أزمات النفط المستورد من المنطقة العربية خلال أكثر من ثلاثة عقود ، دفعت إلى البحث في مصادر بديلة للطاقة ، وفي تطوير المفاهيم التي تهدف إلى التقليل من الاعتماد على الطاقة النفطية وترشيد استخدام الفحم والغاز في توليد الطاقة.وشهد الغرب على مدار السنوات القليلة الماضية تطوير العديد من المفاهيم والتقنيات المبتكرة وتطبيقاتها في مشاريع مختلفة.
ومنها العمارة الخضراء بإمكاناتها المتعددة التي تأتي كفكر معماري وبيئي جديد يهدف إلى تلافي المشكلات البيئية ، وتعتبر ولادة عصرية لمفاهيم استعملها الإنسان منـذ القدم في مبانيه و مستقراته البشرية.
تشتمل العمارة الخضراء علـى عدة مفاهيم ، منها "السطح الأخضر" الذي يتوخى التقليل من ارتفاع درجات الحرارة الناشئ عن السطوح المصمتة ، فضلاً عن استيعاب مياه الأمطار وتخفيف العبء عن شبكات الصرف الصحي. كما تشمل استخدام تقنيات توليد الطاقة من خلال "الجدران الشمسية" ، خصوصاً في الواجهات الجنوبية للمباني ، وكذلك توليد الطاقة من السطوح التي تحتوي على لاقطات فوتوفولطية.
ومن تقنياتها أيضاً التقليل من العبء الحراري داخل المباني باستخدام أنظمة التهوية الطبيعية وحركة الهواء ، وأنظمة التبريد بواسطة التبخير بدلاً من المكيفات المستهلكة للطاقة والمولدة للانبعاثات الغازية.ومن المفاهيم الجديدة أيضاً "المزرعة الشمسية" ، و"مزرعة الرياح" ، وتطوير استخدامات المواد الطبيعية ، وإعادة التدوير ، والطاقة المتجددة ، ومفهوما "صفر طاقة" و"صفر نفايات".وظهرت في الغرب مشاريع كثيرة تعرض تجارب رائدة في استخدامات تقنيات العمارة الخضراء ، وتطبيقاتها في أنماط مختلفة من المباني السكنية والتجارية المتنوعة الاستخدام والاستهلاكية و الخدماتية ، وتطوير بدائل مواصلات تهدف إلى التقليل من استنفاد مصادر الطاقة غير المتجددة.
كما ظهرت مشاريع بيئية مهمة على مستوى أعمال تنسيق الموقع ، باستخدام مفهوم Xeriscape الذي يعنى باختيار النباتات التي تناسب البيئة وتقتصد في استهلاك المياه.لغة معمارية جديدة التقنيات المستخدمة في النماذج التي بدأت تظهر للعمارة الخضراء تعكس نوعاً من الصدق والوظيفية النفعية ، من دون السعي نحو تعبير جمالي نابع من اعتبارات شكلية أو تشكيلية بحتة ذات ارتباطات بصرية من خارج هذه المنظومة التقنية.
ومع ذلك فان العناصر التقنية "الخضراء" الجديدة في العديد من هذه النماذج تندمج بشكل لا يبدو متعارضاً مع التشكيلات البصرية "التقليدية" ذات المخزون الثقافي المرتبط بالذاكرة الجماعية ، والقيم المتنوعة للعمارة في بيئاتها المختلفة ، مما قد يضفي بعداً جديداً للطابع "المهجَّن" الذي يميز معظم هذه المباني الخضراء الجديدة.
في مقابل هذه التطورات العمرانية والمعمارية في الغرب ، ساهمت الطفرة النفطية في المنطقة العربية والوفرة المالية التي أتاحتها للاستثمار العقاري في ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة الرخيصة نسبياً ، وعدم الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة أو التفكير الجدي في استخدام وتطوير تقنيات البناء التي تقلل من الهدر الكبير للطاقة.
ونظراً لارتفاع الكلفة المبدئية لاستخدام التقنيات الجديدة المرتبطة بهذه المفاهيم وعدم وضوح الجدوى الاقتصادية للمستثمر العقاري ، فهو غالباً لا يسعى إلى تبني التقنيات البيئية ، التي تضيف إلى كلفة البناء ، إلا من خلال الالتزام بما تفرضه عليه القوانين والأنظمة المحلية.من جهة أخرى ، أصبح لمفهوم العمارة الخضراء واللغة المعمارية المعبرة عنها جاذبية لدى بعض المعماريين في المنطقة العربية ، فهي تمثل توجهاً جديداً للحداثة يخاطب رغبة في التميز من خلال التعامل مع مشاكل بيئية ملحة.
وقد بدأت أفكارها طرق أبواب الإنتاج المعماري من خلال الفرص التي باتت تتاح لمعماريين عالميين لهم مساهماتهم المهمة في هذا المجال في بلادهم ، للمساهمة في النهضة العمرانية الكبيرة في المنطقة.
وهناك عدة مشاريع بدأت تظهر في مراحل التصميم أو التنفيذ ، وجهود متفاوتة لتبني وتطبيق معايير "التصميم الأخضر" وتحقيق الاستدامة ، إلا أن هذه الجهود ما زالت في بدايتها وبحاجة إلى تفعيل أكبر.
المدن العربية حقل تجارب للمعماريين.كغيرها من التوجهات المعمارية المستوردة ، قد تكمن إشكالية أفكار العمارة الخضراء في استقبالها وتبنيها من دون تقييم كاف لملاءمتها محلياً.
ذلك أن التقنيات التي تم تطويرها في أوروبا وأميركا قد لا تتناسب مع العوامل الطبيعية في هذه المنطقة ، وتستوجب تطويعها لتحقيق المواءمة المطلوبة ، بل قد تتطلب حلولاً وتوجهات في البيئة الحارة أو الشديدة الرطوبة تكون مختلفة بشكل كبير أو معاكسة لما تم اعتماده في البيئات الباردة أو المعتدلة أو الجافة.
لكن الظروف التي تواكب التطور العمراني في الغالب لا تدع مجالاً للبحث في تطويع التقنيات المرتبطة بهذه التوجهات ، ما يؤدي الى إضاعة فرص الاستفادة من الإمكانات الحقيقية المتاحة للتطوير والتنمية المستدامة.
ومن جهة أخرى ، فان المشاريع التي تعتمد استخدام التقنيات الحديثة في العمارة الخضراء قد تصطدم بإشكاليات الصيانة أو التشغيل ، لعدم توفر الصناعات المساندة والخبرات المحلية في بعض الأحيان ، ما يستوجب غالباً الاعتماد على المصدر أو المورًّد الغربي في تحقيق استمرارية تقنيات الاستدامة ، وهذا يتعارض مع مبادئها.وأحياناً يقوم المعماريون المحليون بتقليد تلك الأنماط الجديدة وتبنيها كتعبير وليس كمضمون ، انسياقاً مع أسلوب التعامل المنهجي لكثير من المعماريين العرب في الاقتباس من الأفكار المعمارية العالمية المستوردة من دون مراعاة علاقتها بمحيطها المباشر وخصائصه الطبيعية والثقافية.
ومن هنا فان ما بدأ في الغرب كبديل مهم لدى المخططين والمعماريين والمهندسين في السعي نحو الاقتصاد في استهلاك الطاقة ، والمساهمة في التخفيف من أزمة الاحتباس الحراري في قطاع البيئة العمرانية ، قد يتحول عندنا إلى مجرد طراز معماري يضاف إلى كرنفال الطرز والأشكال المختلفة التي جعلت من المدن العربية حقلاً لتجارب المعماريين العالميين والعرب على حد سواء.من أجل عمارة عربية خضراء من هنا ضرورة إيجاد آلية فعالة للاستفادة من التطور العالمي في مجال العمارة الخضراء ، وتشجيع البحث العلمي وإجراء التجارب على تقنيات الاستدامة التي تم تطويرها في الغرب ، وتطويعها لتناسب البيئات الطبيعية المختلفة في المنطقة العربية.
وبالإضافة إلى ذلك ، من المفيد تقييم التجارب المعمارية التي شهدتها المنطقة خلال النصف الثاني من القرن العشرين في مجال ما يعرف بالعمارة الإقليمية ، ومساهمات العديد من المعماريين العرب وغير العرب في إيجاد عمارة معاصرة تنتمي إلى البيئة العربية وتراثها العريق ، والاستفادة من الحلول المختلفة التي ظهرت في تلك الفترة للتعامل مع العوامل المناخية.
كما يجب دراسة الحلول البيئية التراثية التي أفرزها التفاعل الإيجابي بين الإنسان وبيئته الطبيعية عبر الزمان ، والتي تجلت في المظاهر والأنماط العمرانية والمعمارية المميزة في البيئة العربية. ومنها على سبيل المثال المفاهيم الحضرية التي تعكس العلاقات الاجتماعية وتعززها ، كالحي والفريج والبراحة والسكيك ، والتكامل الوظيفي في استعمالات الأراضي الذي يحقق الكفاءة في الحركة واستهلاك الطاقة ، والمفاهيم المعمارية كالفناء وملقف الهواء ، وعناصر التظليل ، والتحكم بالإضاءة الطبيعية ، وأساليب العزل الحراري باستخدام مواد البناء المحلية ، والتقنيات الطبيعية التي كانت تستخدم لترطيب الهواء وتبريده ، والاستعانة بالدراسات العلمية التي أجريت على هذه الأنماط.
ويتعين على الجهات الحكومية والقطاع العام أن تتبنى تطوير مشاريع تنموية يتم من خلالها استخدام تقنيات الاستدامة ، وتكون بمثابة نماذج حيوية لتعريف القطاع العام بفوائد هذه التوجهات وإمكاناتها ومدى تحقيقها للمردود الاقتصادي.إن مثل هذه الجهود المجتمعة والمكثفة لا بد أن تثمر في تطوير مفهوم العمارة الخضراء في العالم العربي.
لا لكي ينظر إليها كطراز معماري جديد ، بل لتصبح أحد البدائل المهمة في مقابل التخبط العمراني والمعماري الذي عانت منه البيئة المحلية ولا تزال. فتكون هذه العمارة أداة فاعلة في التنمية المستدامة الشاملة في المنطقة العربية وضاحية إعمار سورية التي ننوي إنشائها في سورية وبشكل ملاصق للمدينة ومركز التلوث والتي من المنظر أن تساهم بقلب النظام المعماري العمراني بسوريا الى الهوية المستقرة لتكون هي الهوية البيئية والتي تتوافق مع متطلبات المستقبل.
ومع أن هذه التوجهات بدأت تؤتي ثمارها في الغرب ، إلا أنها ما زالت في مهدها في المنطقة العربية. والطفرة في مجال البناء ، خصوصاً في دول الخليج ، ضاعفت استهلاك الطاقة والموارد بوتيرة فاقت كل التوقعات. وهذا يحتم زيادة الاهتمام بأساليب تصميم بديلة لتحقيق إدارة أفضل للثروات الطبيعية والتقليل من حجم الأضرار الناجمة على البيئة.
وسنلقي الضوء على العمارة الخضراء وتطورها عالمياً وإمكانات تطبيقها في المنطقة العربية فقد ساهمت ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيرها السلبي على البيئة الطبيعية في تنامي الاهتمام العالمي بموضوع الاستدامة البيئية كإحدى وسائل معالجة هذه الظاهرة.
كما أن ارتفاع كلفة الطاقة النفطية في الغرب ، فضلاً عن الظروف التي صاحبت أزمات النفط المستورد من المنطقة العربية خلال أكثر من ثلاثة عقود ، دفعت إلى البحث في مصادر بديلة للطاقة ، وفي تطوير المفاهيم التي تهدف إلى التقليل من الاعتماد على الطاقة النفطية وترشيد استخدام الفحم والغاز في توليد الطاقة.وشهد الغرب على مدار السنوات القليلة الماضية تطوير العديد من المفاهيم والتقنيات المبتكرة وتطبيقاتها في مشاريع مختلفة.
ومنها العمارة الخضراء بإمكاناتها المتعددة التي تأتي كفكر معماري وبيئي جديد يهدف إلى تلافي المشكلات البيئية ، وتعتبر ولادة عصرية لمفاهيم استعملها الإنسان منـذ القدم في مبانيه و مستقراته البشرية.
تشتمل العمارة الخضراء علـى عدة مفاهيم ، منها "السطح الأخضر" الذي يتوخى التقليل من ارتفاع درجات الحرارة الناشئ عن السطوح المصمتة ، فضلاً عن استيعاب مياه الأمطار وتخفيف العبء عن شبكات الصرف الصحي. كما تشمل استخدام تقنيات توليد الطاقة من خلال "الجدران الشمسية" ، خصوصاً في الواجهات الجنوبية للمباني ، وكذلك توليد الطاقة من السطوح التي تحتوي على لاقطات فوتوفولطية.
ومن تقنياتها أيضاً التقليل من العبء الحراري داخل المباني باستخدام أنظمة التهوية الطبيعية وحركة الهواء ، وأنظمة التبريد بواسطة التبخير بدلاً من المكيفات المستهلكة للطاقة والمولدة للانبعاثات الغازية.ومن المفاهيم الجديدة أيضاً "المزرعة الشمسية" ، و"مزرعة الرياح" ، وتطوير استخدامات المواد الطبيعية ، وإعادة التدوير ، والطاقة المتجددة ، ومفهوما "صفر طاقة" و"صفر نفايات".وظهرت في الغرب مشاريع كثيرة تعرض تجارب رائدة في استخدامات تقنيات العمارة الخضراء ، وتطبيقاتها في أنماط مختلفة من المباني السكنية والتجارية المتنوعة الاستخدام والاستهلاكية و الخدماتية ، وتطوير بدائل مواصلات تهدف إلى التقليل من استنفاد مصادر الطاقة غير المتجددة.
كما ظهرت مشاريع بيئية مهمة على مستوى أعمال تنسيق الموقع ، باستخدام مفهوم Xeriscape الذي يعنى باختيار النباتات التي تناسب البيئة وتقتصد في استهلاك المياه.لغة معمارية جديدة التقنيات المستخدمة في النماذج التي بدأت تظهر للعمارة الخضراء تعكس نوعاً من الصدق والوظيفية النفعية ، من دون السعي نحو تعبير جمالي نابع من اعتبارات شكلية أو تشكيلية بحتة ذات ارتباطات بصرية من خارج هذه المنظومة التقنية.
ومع ذلك فان العناصر التقنية "الخضراء" الجديدة في العديد من هذه النماذج تندمج بشكل لا يبدو متعارضاً مع التشكيلات البصرية "التقليدية" ذات المخزون الثقافي المرتبط بالذاكرة الجماعية ، والقيم المتنوعة للعمارة في بيئاتها المختلفة ، مما قد يضفي بعداً جديداً للطابع "المهجَّن" الذي يميز معظم هذه المباني الخضراء الجديدة.
في مقابل هذه التطورات العمرانية والمعمارية في الغرب ، ساهمت الطفرة النفطية في المنطقة العربية والوفرة المالية التي أتاحتها للاستثمار العقاري في ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة الرخيصة نسبياً ، وعدم الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة أو التفكير الجدي في استخدام وتطوير تقنيات البناء التي تقلل من الهدر الكبير للطاقة.
ونظراً لارتفاع الكلفة المبدئية لاستخدام التقنيات الجديدة المرتبطة بهذه المفاهيم وعدم وضوح الجدوى الاقتصادية للمستثمر العقاري ، فهو غالباً لا يسعى إلى تبني التقنيات البيئية ، التي تضيف إلى كلفة البناء ، إلا من خلال الالتزام بما تفرضه عليه القوانين والأنظمة المحلية.من جهة أخرى ، أصبح لمفهوم العمارة الخضراء واللغة المعمارية المعبرة عنها جاذبية لدى بعض المعماريين في المنطقة العربية ، فهي تمثل توجهاً جديداً للحداثة يخاطب رغبة في التميز من خلال التعامل مع مشاكل بيئية ملحة.
وقد بدأت أفكارها طرق أبواب الإنتاج المعماري من خلال الفرص التي باتت تتاح لمعماريين عالميين لهم مساهماتهم المهمة في هذا المجال في بلادهم ، للمساهمة في النهضة العمرانية الكبيرة في المنطقة.
وهناك عدة مشاريع بدأت تظهر في مراحل التصميم أو التنفيذ ، وجهود متفاوتة لتبني وتطبيق معايير "التصميم الأخضر" وتحقيق الاستدامة ، إلا أن هذه الجهود ما زالت في بدايتها وبحاجة إلى تفعيل أكبر.
المدن العربية حقل تجارب للمعماريين.كغيرها من التوجهات المعمارية المستوردة ، قد تكمن إشكالية أفكار العمارة الخضراء في استقبالها وتبنيها من دون تقييم كاف لملاءمتها محلياً.
ذلك أن التقنيات التي تم تطويرها في أوروبا وأميركا قد لا تتناسب مع العوامل الطبيعية في هذه المنطقة ، وتستوجب تطويعها لتحقيق المواءمة المطلوبة ، بل قد تتطلب حلولاً وتوجهات في البيئة الحارة أو الشديدة الرطوبة تكون مختلفة بشكل كبير أو معاكسة لما تم اعتماده في البيئات الباردة أو المعتدلة أو الجافة.
لكن الظروف التي تواكب التطور العمراني في الغالب لا تدع مجالاً للبحث في تطويع التقنيات المرتبطة بهذه التوجهات ، ما يؤدي الى إضاعة فرص الاستفادة من الإمكانات الحقيقية المتاحة للتطوير والتنمية المستدامة.
ومن جهة أخرى ، فان المشاريع التي تعتمد استخدام التقنيات الحديثة في العمارة الخضراء قد تصطدم بإشكاليات الصيانة أو التشغيل ، لعدم توفر الصناعات المساندة والخبرات المحلية في بعض الأحيان ، ما يستوجب غالباً الاعتماد على المصدر أو المورًّد الغربي في تحقيق استمرارية تقنيات الاستدامة ، وهذا يتعارض مع مبادئها.وأحياناً يقوم المعماريون المحليون بتقليد تلك الأنماط الجديدة وتبنيها كتعبير وليس كمضمون ، انسياقاً مع أسلوب التعامل المنهجي لكثير من المعماريين العرب في الاقتباس من الأفكار المعمارية العالمية المستوردة من دون مراعاة علاقتها بمحيطها المباشر وخصائصه الطبيعية والثقافية.
ومن هنا فان ما بدأ في الغرب كبديل مهم لدى المخططين والمعماريين والمهندسين في السعي نحو الاقتصاد في استهلاك الطاقة ، والمساهمة في التخفيف من أزمة الاحتباس الحراري في قطاع البيئة العمرانية ، قد يتحول عندنا إلى مجرد طراز معماري يضاف إلى كرنفال الطرز والأشكال المختلفة التي جعلت من المدن العربية حقلاً لتجارب المعماريين العالميين والعرب على حد سواء.من أجل عمارة عربية خضراء من هنا ضرورة إيجاد آلية فعالة للاستفادة من التطور العالمي في مجال العمارة الخضراء ، وتشجيع البحث العلمي وإجراء التجارب على تقنيات الاستدامة التي تم تطويرها في الغرب ، وتطويعها لتناسب البيئات الطبيعية المختلفة في المنطقة العربية.
وبالإضافة إلى ذلك ، من المفيد تقييم التجارب المعمارية التي شهدتها المنطقة خلال النصف الثاني من القرن العشرين في مجال ما يعرف بالعمارة الإقليمية ، ومساهمات العديد من المعماريين العرب وغير العرب في إيجاد عمارة معاصرة تنتمي إلى البيئة العربية وتراثها العريق ، والاستفادة من الحلول المختلفة التي ظهرت في تلك الفترة للتعامل مع العوامل المناخية.
كما يجب دراسة الحلول البيئية التراثية التي أفرزها التفاعل الإيجابي بين الإنسان وبيئته الطبيعية عبر الزمان ، والتي تجلت في المظاهر والأنماط العمرانية والمعمارية المميزة في البيئة العربية. ومنها على سبيل المثال المفاهيم الحضرية التي تعكس العلاقات الاجتماعية وتعززها ، كالحي والفريج والبراحة والسكيك ، والتكامل الوظيفي في استعمالات الأراضي الذي يحقق الكفاءة في الحركة واستهلاك الطاقة ، والمفاهيم المعمارية كالفناء وملقف الهواء ، وعناصر التظليل ، والتحكم بالإضاءة الطبيعية ، وأساليب العزل الحراري باستخدام مواد البناء المحلية ، والتقنيات الطبيعية التي كانت تستخدم لترطيب الهواء وتبريده ، والاستعانة بالدراسات العلمية التي أجريت على هذه الأنماط.
ويتعين على الجهات الحكومية والقطاع العام أن تتبنى تطوير مشاريع تنموية يتم من خلالها استخدام تقنيات الاستدامة ، وتكون بمثابة نماذج حيوية لتعريف القطاع العام بفوائد هذه التوجهات وإمكاناتها ومدى تحقيقها للمردود الاقتصادي.إن مثل هذه الجهود المجتمعة والمكثفة لا بد أن تثمر في تطوير مفهوم العمارة الخضراء في العالم العربي.
لا لكي ينظر إليها كطراز معماري جديد ، بل لتصبح أحد البدائل المهمة في مقابل التخبط العمراني والمعماري الذي عانت منه البيئة المحلية ولا تزال. فتكون هذه العمارة أداة فاعلة في التنمية المستدامة الشاملة في المنطقة العربية وضاحية إعمار سورية التي ننوي إنشائها في سورية وبشكل ملاصق للمدينة ومركز التلوث والتي من المنظر أن تساهم بقلب النظام المعماري العمراني بسوريا الى الهوية المستقرة لتكون هي الهوية البيئية والتي تتوافق مع متطلبات المستقبل.