- الاثنين مارس 21, 2011 9:10 pm
#33538
معن بشور
هل تبدو الذكرى الثامنة لغزو العراق خارج سياق الثورة الشعبية العربية الممتدة من قطر إلى قطر، أم أن ذلك الغزو، وما أعقبه من مقاومة باسلة، كان نقطة تحوّل حاسمة في عصر الهيمنة الأميركية حيث بدأ ظهور الوهن العسكري والاستراتيجي والاقتصادي الأميركي، وهو وهن أطلق هامشاً تمكنت بعض شعوب المنطقة أن تستفيد منه من أجل تغيير أنظمتها، لاسيّما نظام مبارك الذي يعرف الجميع دوره في التحريض والتشجيع وتوفير الغطاء لغزو العراق، وتكريس الاعتراف بنتائجه وإفرازاته.
ثم هل تبدو ذكرى الغزو هذه خارج أجواء الاحتقان، ومناخات الغضب، التي تتفجر هذه الأيام في العواصم والحواضر العربية، غضب على الاستبداد أو الفساد، ولكنه أيضاً غضب على حال التبعية المذلّة التي اتسم بها النظام الرسمي العربي عموماً تجاه السياسة الأميركية – الصهيونية، صامتاً على جرائمها الكبرى حيناً، ومتواطئاً مع حروبها العدوانية حيناً آخر، فسقط أي مبرر لأنظمة تفترس حقوق شعوبها، وتنهب موارد بلادها، وثم تُعين الغزاة على الاحتلال والعدوان.
وهل تبدو هذه الذكرى كذلك خارج أجواء الفتن الطائفية والمذهبية والجهوية التي نراها تتفجر أمامنا بألف لون ولون، وتأخذ ألف شكل وشكل، وهي فتن جاهر بإطلاقها أهل غزو العراق، أصحاب مشروع الشرق الأوسط الجديد، حين أعلنوا نظام المحاصصة والمذهبية منذ اللحظات الأولى لغزوهم، تماماً كما كان أول إنجازاتهم "دستور" الفدرالية الطائفية والجهوية، وأول تصريحاتهم أن العراقيين هم خليط وأعراق وطوائف ومذاهب يطغى على الوطنية العراقية والهوية العربية العابرة للطوائف والمذاهب.
ظن جورج بوش الابن، ونائبه ديك تشيني، والممسكون بتلابيب إدارته، من صهاينة ومنظري "القرن الأميركي" من المحافظين الجدد، أنهم من خلال احتلال العراق، وقبله احتلال أفغانستان إنما يفتتحون عصراً جديداً في "الشرق الأوسط"، لا رأي فيه إلاّ لواشنطن، ولا قوّة فيه إلاّ لحليفها في تل أبيب، ولا نفط فيه إلاّ ويذهب إلى صناديق شركاتها الاحتكارية، فإذا بالعراقيين يفتتحون عبر مقاومتهم الباسلة بالفعل، ومع أيام الغزو الأولى، عصراً جديداً في وطنهم وأمتهم يتسم بشجاعة منقطعة النظير في التصدي لقوى عظمى، وبتصميم نادر على هزيمة من ظن كثيرون باستحالة هزيمته، وبإطلاق جيل من الشباب المقاوم شق مع نظرائه من شباب المقاومة في لبنان وفلسطين بشجاعتهم وإقدامهم الطريق والنموذج لشباب الثورة على امتداد الأمة.
وحين ظن جورج بوش، ومعه طبعاً كونداليزا رايس، أن بإمكانه تجديد مشروعه المتعثر في العراق عبر إغراق لبنان وسوريا بفوضى عارمة، وبحرب إسرائيلية عاتية، وبزلازل سياسية مصحوبة كالعادة بتسونامي مذهبية وعنصرية، واجه في لبنان، مدعوماً من سوريا وأحرار الأمة والعالم، قلعة مقاومة تحطمت على أسوارها كل حروبه العدوانية، ومؤامراته المستمرة حتى اليوم...
ولكي يخرج المشروع الإمبراطوري الأميركي من تعثره العربي في العراق ولبنان توجه إلى فلسطين، فكانت جرائم وحروب وحصار، وكانت جريمة اغتيال الرئيس ياسر عرفات، وثم حرب الأسابيع الثلاثة على غزّة هاشم، ولكن المقاومة هنا أيضاً أضافت إلى تعثره، مع حليفه الصهيوني، تعثراً، وإلى ارتباكه إرتباكاً، بل نجحت مرة جديدة في أن تعرّي النظام الرسمي العربي الذي ضبط في الحالات الثلاث (العراق، لبنان، فلسطين) متلبساً بجريمة التواطؤ المباشر أوغير المباشر مع المعتدين والمحتلين...
ولم يكن تعثّر المشروع الأميركي إقليمياً، بأقل منه عربياً، فغاص جنود الأطلسي في أوحال أفغانستان، ووديان باكستان، وتساقطت التهديدات بالحرب على إيران الواحدة تلوى الأخرى، وشقت تركيا، بعد غياب طويل، عصا الطاعة لتنطلق في رحلة بحرية لمواجهة تل أبيب على متن "أسطول الحرية"... علماً أن خروج تركيا عن عصا الطاعة الأميركية ظهر أول مرة – عراقياً أيضاً - حين رفض مجلس النواب التركي أن يسمح للقوات الأميركية الغازية للعراق باستخدام الأراضي التركية كمعبر إلى العراق - رحم الله نجم الدين أربكان...
وكان لتعثّر المشروع الأميركي – الأطلسي – الصهيوني، عربياً وإقليمياً، تداعياته على المستوى الدولي، وداخل المنظومة الرأسمالية الأميركية – الأوروبية ذاتها، فظهر "المقاتل" الشرس المدجج بأحدث أنواع السلاح، عجوزاً متهالكاً لا يخرج من مأزق حتى يدخل في مأزق آخر... ومع هذا التعثّر تنفست أولاً شعوب أميركا اللاتينية، ثم كانت أحداث جورجيا ومعها بعض الدول السوفياتية السابقة، وصولاً إلى كوريا الشمالية المتمردة "والمتنمردة" في آن... إلى أن وصلت نسائم الحرية إلى تونس، فمصر، فليبيا، والبحرين، واليمن، وغيرها من أقطار الأمة، حيث أربك الحكام "الصغار" في هذه الدول "أسيادهم" الكبار، أربكوهم بما ارتكبوه من جرائم بحق شعوبهم، كما أربكوهم بالعجز عن حسم
الأمور لصالحهم، فلجأ "الكبار" كعادتهم إلى التخلي عن "صغارهم"، وحتى دون اعتذار، فقد باتوا أعباء ينبغي التخلّص منها، بل ورميها في البحر، إذا لزم الأمر، إذا كان ذلك ضرورياً، لإنقاذ سفينة الكبار الموشكة على الغرق... بل تبقى آخر مهام هؤلاء الحكام الصغار تبقى في مساعدة الغرب على ابتزاز الثوار والحاقهم بمشروعه كما رأينا في ليبيا حيث الخيار بين إبادة جماعية ينفذها القذافي أو تدخل أجنبي يفرضه مجلس الأمن.
في ظل هذه التطورات جميعاً، هل يمكن أن نغفل العراق وشعبه ومقاومته وجيشه المنحل وطلائعه المناضلة وشهدائه الأبطال، نساءً ورجالاً، أطفالاً وشيوخاً، مواطنين وقادة، في إطلاق هذا المسار العربي الثوري والعالمي الذي تلازمت فيه روح المقاومة مع روح الثورة، وتكاملت فيه إرادة الكفاح ضد الاحتلال مع إرادة النضال ضد الاستبداد والفساد...
ومثلما كان للعراق، عبر مقاومته وبطولات شبابه، دور في تهيئة البيئة المناسبة لانطلاق الثورة الشعبية العربية، نجد لهذه الثورة الشبابية العربية بالمقابل أثرها الواضح في إطلاق ثورة شباب العراق اليوم، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، فترفد هذه الثورة مقاومة الاحتلال بوحدة وطنية تسقط كل مشاريع الاحتلال وإفرازاته ومخططاته الفتنوية التي يحاول زرعها على امتداد أمتنا، بل تجدد الثقة بمقاومة أمعنوا في حصارها، وتهميشها، وتشويه دورها، فيما لم يتخلى العراق يوماً عن نصرة كل مقاومة في الأمة والعالم.
كان العراقيون بشائر ثورة العرب... فلتكن ثورة العرب اليوم بشيراً لتحرير العراق وفلسطين والجولان وكل أرض عربية محتلة.
هل تبدو الذكرى الثامنة لغزو العراق خارج سياق الثورة الشعبية العربية الممتدة من قطر إلى قطر، أم أن ذلك الغزو، وما أعقبه من مقاومة باسلة، كان نقطة تحوّل حاسمة في عصر الهيمنة الأميركية حيث بدأ ظهور الوهن العسكري والاستراتيجي والاقتصادي الأميركي، وهو وهن أطلق هامشاً تمكنت بعض شعوب المنطقة أن تستفيد منه من أجل تغيير أنظمتها، لاسيّما نظام مبارك الذي يعرف الجميع دوره في التحريض والتشجيع وتوفير الغطاء لغزو العراق، وتكريس الاعتراف بنتائجه وإفرازاته.
ثم هل تبدو ذكرى الغزو هذه خارج أجواء الاحتقان، ومناخات الغضب، التي تتفجر هذه الأيام في العواصم والحواضر العربية، غضب على الاستبداد أو الفساد، ولكنه أيضاً غضب على حال التبعية المذلّة التي اتسم بها النظام الرسمي العربي عموماً تجاه السياسة الأميركية – الصهيونية، صامتاً على جرائمها الكبرى حيناً، ومتواطئاً مع حروبها العدوانية حيناً آخر، فسقط أي مبرر لأنظمة تفترس حقوق شعوبها، وتنهب موارد بلادها، وثم تُعين الغزاة على الاحتلال والعدوان.
وهل تبدو هذه الذكرى كذلك خارج أجواء الفتن الطائفية والمذهبية والجهوية التي نراها تتفجر أمامنا بألف لون ولون، وتأخذ ألف شكل وشكل، وهي فتن جاهر بإطلاقها أهل غزو العراق، أصحاب مشروع الشرق الأوسط الجديد، حين أعلنوا نظام المحاصصة والمذهبية منذ اللحظات الأولى لغزوهم، تماماً كما كان أول إنجازاتهم "دستور" الفدرالية الطائفية والجهوية، وأول تصريحاتهم أن العراقيين هم خليط وأعراق وطوائف ومذاهب يطغى على الوطنية العراقية والهوية العربية العابرة للطوائف والمذاهب.
ظن جورج بوش الابن، ونائبه ديك تشيني، والممسكون بتلابيب إدارته، من صهاينة ومنظري "القرن الأميركي" من المحافظين الجدد، أنهم من خلال احتلال العراق، وقبله احتلال أفغانستان إنما يفتتحون عصراً جديداً في "الشرق الأوسط"، لا رأي فيه إلاّ لواشنطن، ولا قوّة فيه إلاّ لحليفها في تل أبيب، ولا نفط فيه إلاّ ويذهب إلى صناديق شركاتها الاحتكارية، فإذا بالعراقيين يفتتحون عبر مقاومتهم الباسلة بالفعل، ومع أيام الغزو الأولى، عصراً جديداً في وطنهم وأمتهم يتسم بشجاعة منقطعة النظير في التصدي لقوى عظمى، وبتصميم نادر على هزيمة من ظن كثيرون باستحالة هزيمته، وبإطلاق جيل من الشباب المقاوم شق مع نظرائه من شباب المقاومة في لبنان وفلسطين بشجاعتهم وإقدامهم الطريق والنموذج لشباب الثورة على امتداد الأمة.
وحين ظن جورج بوش، ومعه طبعاً كونداليزا رايس، أن بإمكانه تجديد مشروعه المتعثر في العراق عبر إغراق لبنان وسوريا بفوضى عارمة، وبحرب إسرائيلية عاتية، وبزلازل سياسية مصحوبة كالعادة بتسونامي مذهبية وعنصرية، واجه في لبنان، مدعوماً من سوريا وأحرار الأمة والعالم، قلعة مقاومة تحطمت على أسوارها كل حروبه العدوانية، ومؤامراته المستمرة حتى اليوم...
ولكي يخرج المشروع الإمبراطوري الأميركي من تعثره العربي في العراق ولبنان توجه إلى فلسطين، فكانت جرائم وحروب وحصار، وكانت جريمة اغتيال الرئيس ياسر عرفات، وثم حرب الأسابيع الثلاثة على غزّة هاشم، ولكن المقاومة هنا أيضاً أضافت إلى تعثره، مع حليفه الصهيوني، تعثراً، وإلى ارتباكه إرتباكاً، بل نجحت مرة جديدة في أن تعرّي النظام الرسمي العربي الذي ضبط في الحالات الثلاث (العراق، لبنان، فلسطين) متلبساً بجريمة التواطؤ المباشر أوغير المباشر مع المعتدين والمحتلين...
ولم يكن تعثّر المشروع الأميركي إقليمياً، بأقل منه عربياً، فغاص جنود الأطلسي في أوحال أفغانستان، ووديان باكستان، وتساقطت التهديدات بالحرب على إيران الواحدة تلوى الأخرى، وشقت تركيا، بعد غياب طويل، عصا الطاعة لتنطلق في رحلة بحرية لمواجهة تل أبيب على متن "أسطول الحرية"... علماً أن خروج تركيا عن عصا الطاعة الأميركية ظهر أول مرة – عراقياً أيضاً - حين رفض مجلس النواب التركي أن يسمح للقوات الأميركية الغازية للعراق باستخدام الأراضي التركية كمعبر إلى العراق - رحم الله نجم الدين أربكان...
وكان لتعثّر المشروع الأميركي – الأطلسي – الصهيوني، عربياً وإقليمياً، تداعياته على المستوى الدولي، وداخل المنظومة الرأسمالية الأميركية – الأوروبية ذاتها، فظهر "المقاتل" الشرس المدجج بأحدث أنواع السلاح، عجوزاً متهالكاً لا يخرج من مأزق حتى يدخل في مأزق آخر... ومع هذا التعثّر تنفست أولاً شعوب أميركا اللاتينية، ثم كانت أحداث جورجيا ومعها بعض الدول السوفياتية السابقة، وصولاً إلى كوريا الشمالية المتمردة "والمتنمردة" في آن... إلى أن وصلت نسائم الحرية إلى تونس، فمصر، فليبيا، والبحرين، واليمن، وغيرها من أقطار الأمة، حيث أربك الحكام "الصغار" في هذه الدول "أسيادهم" الكبار، أربكوهم بما ارتكبوه من جرائم بحق شعوبهم، كما أربكوهم بالعجز عن حسم
الأمور لصالحهم، فلجأ "الكبار" كعادتهم إلى التخلي عن "صغارهم"، وحتى دون اعتذار، فقد باتوا أعباء ينبغي التخلّص منها، بل ورميها في البحر، إذا لزم الأمر، إذا كان ذلك ضرورياً، لإنقاذ سفينة الكبار الموشكة على الغرق... بل تبقى آخر مهام هؤلاء الحكام الصغار تبقى في مساعدة الغرب على ابتزاز الثوار والحاقهم بمشروعه كما رأينا في ليبيا حيث الخيار بين إبادة جماعية ينفذها القذافي أو تدخل أجنبي يفرضه مجلس الأمن.
في ظل هذه التطورات جميعاً، هل يمكن أن نغفل العراق وشعبه ومقاومته وجيشه المنحل وطلائعه المناضلة وشهدائه الأبطال، نساءً ورجالاً، أطفالاً وشيوخاً، مواطنين وقادة، في إطلاق هذا المسار العربي الثوري والعالمي الذي تلازمت فيه روح المقاومة مع روح الثورة، وتكاملت فيه إرادة الكفاح ضد الاحتلال مع إرادة النضال ضد الاستبداد والفساد...
ومثلما كان للعراق، عبر مقاومته وبطولات شبابه، دور في تهيئة البيئة المناسبة لانطلاق الثورة الشعبية العربية، نجد لهذه الثورة الشبابية العربية بالمقابل أثرها الواضح في إطلاق ثورة شباب العراق اليوم، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، فترفد هذه الثورة مقاومة الاحتلال بوحدة وطنية تسقط كل مشاريع الاحتلال وإفرازاته ومخططاته الفتنوية التي يحاول زرعها على امتداد أمتنا، بل تجدد الثقة بمقاومة أمعنوا في حصارها، وتهميشها، وتشويه دورها، فيما لم يتخلى العراق يوماً عن نصرة كل مقاومة في الأمة والعالم.
كان العراقيون بشائر ثورة العرب... فلتكن ثورة العرب اليوم بشيراً لتحرير العراق وفلسطين والجولان وكل أرض عربية محتلة.