كان من الطبيعي، أن يقف أعداء الفكر الماركسي، من مفكري الرأسمالية والبرجوازية المعارضين لمقولة دكتاتورية البروليتارية، وأن يعدوها بعيدة عن الديمقراطية، وأن يعدّوا الأحزاب الماركسية أحزاباً دكتاتورية تمارس السلطة فيها جماعة من الشخصيات القيادية التي تقف فوق الحزب والطبقة والشعب، وأن يروجوا بالمقابل لمقولة تناقض دكتاتورية البروليتارية مع الديمقراطية، وأنها تعني نهاية الديمقراطية أياً كان نوعها. وأبدوا شكهم في ولاء الحزب لمصالح الطبقة العمالية، ووجود هوَّة بين سياسة الحزب وإرادة الطبقة التي يصادرها الحزب.
بعد الثورة العلمية التقنية في القرن العشرين، نما تيار التشكيك في دور الطبقة العاملة القيادي ورأى هذا التيار أن مسارها الطليعي والثوري، قد تبدل في إطار الثورة التقنية وما أوجدته، من متغيرات في القوى الاجتماعية الفاعلة، وتزداد بالمقابل أهمية قيادة نخبة من التقنيين لجميع العمليات الاجتماعية.
ومن أوساط الماركسيين ظهرت آراء معارضة لرأي لينين ونهجه الثوري الجذري. إذ أنكر الماركسيون الإصلاحيون ضرورة التغيرات الجذرية في جميع ميادين حياة المجتمع، وأخذوا بخيار تحول الرأسمالية التدريجي إلى الاشتراكية إبان المرحلة الانتقالية، مع الحفاظ على جميع الخواص الأساسية للرأسمالية والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، واتباع نهج الليبرالية السياسية التي تجعل من الطبقة العاملة وحزبها شريكاً فقط، وعلى قدم المساواة مع القوى الاجتماعية الأخرى، وأخيراً إمكانية تعايش الإيديولوجيات الاشتراكية والبرجوازية في مرحلة الانتقال.
أما الماركسيون المتطرفون، فقد كان رأيهم يقوم على فرضية أنه مادام في العالم بلدان لم تتخلص من قيود الرأسمالية، فمن المستحيل بناء الاشتراكية أو الشيوعية في بلد واحد، أو عدة بلدان..
وقد كان لينين يرى في مجمل الآراء والاستنتاجات التي جاء بها الإصلاحيون واليساريون المتطرفون، أفكاراً تناقض قوانين التاريخ الموضوعية، وتنبئ عن عدم فهم جوهر مرحلة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية فالشيوعية. وأنها تنطوي على رغبة في تعويق تطور البلدان الأخرى، وعرقلة التطور الحتمي للتاريخ نفسه، لأن دكتاتورية البروليتارية هي أداة رئيسية لحل جميع مهمات مرحلة الانتقال، وبدونها من المستحيل بناء الاشتراكية