منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#36024
محمد القبيسي
لقد مر أكثر من 100 يوم على قيام التظاهرات الاحتجاجية للشعب اليمني ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح، ولاتزال هذه التظاهرات مستمرة حتى الآن، ليلا ونهارا وفي كل مكان، ومطالبها هي تنحي الرئيس فورا عن كرسي الحكم، وإعلان الحرية والديمقراطية لليمن.

ولكن الرئيس صالح يرفض وبإصرار الطريقة التي يريدها الشعب بتنحيه عن الحكم، أو بقبول أي مبادرات خارجية، وأهم هذه المبادرات المبادرة الخليجية والتي تضمن عدم ملاحقته قضائيا بعد تنحيه وإنهاء الأزمة السياسية، والتي أسماها صالح بأنها طرق انقلابية على حكمه، ولولا إدراك صالح وإيمانه بعقلانية الشعب اليمني وحكمته لما بقي حتى الآن على كرسيه، حيث أثبت الشعب اليمني وبجدارة طوال هذه الفترة المعنى الحقيقي للمظاهرات السلمية، وضبط النفس، وطول النفَس، فمن المعلوم أن الشعب اليمني قبلي ومسلح، وبإمكانه استخدام كل مايملك من أسلحة ضد القوات الموالية للنظام والدخول في دوامة وحروب، ولكنه آثر أن يقاوم القمع والقتل بالهتافات والشعارات والتظاهرات، ورغم ذلك سقط الكثير من القتلى والجرحى على أيدي رجال الأمن.

ولكن دعونا نحكِّم العقل ونرى ماهي الإيجابيات، وبغض النظر عن السلبيات في تعنت الرئيس صالح وتمسكه حتى الآن بالرئاسة، فحسب مايقول فإن كل مايفعله الآن هو في مصلحة اليمن واليمنيين، فلو أمعن الشعب اليمني النظر والتدبر فيما يحصل حولهم في تونس ومصر بعد الثورات لوجدوا صالح على حق، فتونس ومصر مازالتا تعيشان في حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن والأمان، وانتشار الفتن الطائفية والدينية، والمصادمات والتصفيات بين أفراد الشعب في غياب رجال الأمن والشرطة، وتضرر البلدين على المستوى السياسي والاقتصادي فوصلت الاستثمارات الخارجية في مصر إلى مستوى الصفر، وأيضا تضررت السياحة التي كانت مصدرا مهما للدخل، هذا فضلا عن الخسائر اليومية جراء الإضرابات والتظاهرات، فاليمن لايحتمل حدوث أمور كهذه قد تدخله في دوامة من الحروب الاهلية والفتن التي لايعلم نتيجتها إلا الله.

لذلك على الشعب اليمني أن لا ينقاد وراء الأوهام والأحلام مع من يطلقون على أنفسهم شباب التغيير المنادين بالديمقراطية والحرية، واليتعظوا بما يحدث في تونس ومصر، فقد اختفى شباب ثورتي مصر وتونس وظهر أناس آخرون كانوا استخدموا الشباب كستار للوصول إلى مآربهم، لذا على اليمنيين أن ينتبهوا أن الثورات والاحتجاجات والاضطرابات ليس لها إلا الارتدادات السلبية على الوطن والمواطن.

وفي ظل هذه الأحداث والتوترات التي تمر بها المنطقة، وحقنا لدماء الشعب اليمني
لا بد من إعطاء الرئيس اليمني فرصة أخيرة، والتي جاءت في مبادرته الأخيرة بانتخابات رئاسية مبكرة.. ولم لا، فالكلام سليم ومنطقي وقد يختصر على الأمة اليمنية الكثير من المشاكل والاختلافات التي قد تحدث مستقبلا، فليقبل الشعب اليمني مبادرة صالح وليعمل على إنجاحها فهو العامل الرئيسي والأساسي في هذه العملية، وليتم ذلك على جدول زمني وتحت إشراف دولي محايد لضمان الشفافية وعدم التشكيك بالنتائج، وليتقدم المرشحون الممثلون للأحزاب الرئيسية في اليمن والمؤهلين للدخول في الانتخابات الرئاسية لليمن، وبعد ظهور النتائج وفوز المرشح الجديد يتم نقل السلطة إليه حسب الأنظمة والأوصول المتبعة، وليذهب بعدها صالح ليباشر حياته الخاصة، مع ضمان عدم المساس به أو تعريضه لأي محاكمة ليعيش ماتبقى من حياته في داره ووطنه.

وسواء تم التوقيع على المبادرة الخليجية، أو قبل الشعب اليمني بالانتخابات الرئاسية المبكرة، ففي النهاية يهمنا أن يصل اليمنيون باليمن إلى بر الأمان، وأن ترجع المياه إلى مجاريها، وأن يعود اليمن السعيد سعيدا بإذن الله.