الصحافة المتجنية على التاجر!!
يستحيل الرضا عن وسائل الإعلام من جانب مَن تنتقدهم، أو تقف في صف المواطن ضد أي تصرفات مخالفة للأنظمة والنواميس، والتجار يقعون في نفس الدائرة من الحساسية، ودفاعهم الدائم بأنهم الحلقة الأضعف، وأن تلك الوسائل وخاصة الصحافة تتجنى عليهم، وتطلق أعيرة اتهاماتها ضدهم أمرٌ غير صحيح، لأن غيرهم يتعرض لنفس المساءلة ضمن علاقات المواطن بوطنه، ولا توجد توترات بين طرفيْ العلاقة، وإلا فإن دوائر ومؤسسات الدولة تتعرض لنفس النقد، ونجد الأمور تعالج في إطار المصلحة لا الردود الساخنة إلى حد تجريم الصحافة..
والتاجر لا ننزع عنه صفاته الأخلاقية، أو نبحث عن إدانة له بدون شاهد، أو واقعة حقيقية، وعندما يشتكي المواطن من الاحتكار وحجب السلع الضرورية، ويرى في كل مناسبة أنه ضحية سلوكيات التاجر فردّ الفعل الطبيعي أن يتذمر ويعلن سخطه واستنكاره ويعلم أنه ضحية، وأن الدلال الذي يحظى به التاجر بالترخيص لفتح المحلات وعدم وجود ضرائب أو تصاعد في رسوم الجمارك، ومنح المعونات للسلع الضرورية ثم يحدث ما يضاد مصلحة المواطن عندما يقارن دولاً أخرى بذات السلع المستوردة من الخارج أو المنتجة محلياً فهو على وعي تام بما يجري داخل السوق وشواهد الاحتكار واضحة حتى إن معاقبة تجار الشعير والتشهير بهم نموذج لإدانة بعض التجار بالوقائع ذاتها..
الصحافة شاهد عيان وعندما تلتقي مع المواطن فهذا أهم واجباتها، والخيار هو أن تكشف وتتحدث عن نبض الشارع كمهمة أخلاقية، ولا نعرف أن الصحافة حجبت رأي التاجر عن الرد وإيضاح رؤيته، لكن الحقيقة هي المعيار الذي تقاس به مصالح كلّ الأطراف، وعملية أن الكتّاب والصحفيين خالفوا المنطق وقسوا على القطاع الخاص، فهذا الأمر ليس صحيحاً؛ لأننا نتعامل مع بيئة مفتوحة وحين يكون الشاهد هو المواطن بمختلف درجاته المادية والثقافية، فإن المشهد يعبر عن نفسه بالوقائع المعاشة، وهذا ينطبق على صاحب كل نشاطٍ دخل مرحلة المساءلة وتسليط الأضواء على أي شأن عام أو خاص يتصل به..
الصحافة ليست خصماً يتجنى على الأشخاص أو المجاميع الشعبية المختلفة بل مهنتها أنها رؤية وصوت الإنسان، فنحن مع التاجر عندما يتعرض لظلم ولكننا لا نتفق معه حين يضع نفسه في مواجهة المستهلك، والقضية لا تحتمل دفاع التاجر بقصد لوم الوسيلة الإعلامية وإلا فإن المخالفات المعروضة في وزارة التجارة والمحاكم المختلفة بأسباب الغش وغيره موجودة بشواهدها، ومن ينكر فعليه الذهاب لتلك الدوائر ورؤية الواقع كما هو..