- السبت مايو 28, 2011 12:48 pm
#36762
محمد الفوازن ساس 380
الأزمة السياسية المغزى والمضمون
الهيكلة وأزمة القيم ومشكلات الإندماج والشرعية
يحي ابن عوف
هذا البحث العلمي يمكن من خلاله تصور حلول لمشكلة السودان الأيديولوجية والتي يعانى منها آلاف المواطنين أملا أن يعيد طرح القضية بالصورة العلمية التي تتمثل في المفهوم الشامل للأزمة السياسية والتي تتضمن نظريا الأتي :
مشكلات مواجهة الظروف الجديدة التي لم يعهدها النظام من قبل فالأزمة الدستورية في الدولة الرومانية على سبيل المثال أدت إلى ظهور دكتاتورية مؤقتة أو أزمة النظام السياسي الفرنسي في عهد الجمهورية الرابعة أدت آلي ظهور ديجول هذا الموقف يمكن أن يكون نتيجة زيادة كمية المدخلات السياسية اكثر مما تستطيع المؤسسات استيعابه أو نتيجة لموقف جديد لم تواجهه المؤسسات من قبل فالأزمة الدستورية التي شهدها السودان في أواخر عهد نميري لازال يشهدها حتى الآن والتي تمثلت في غياب الهيكلية للمؤسسات المساعدة في نظام الحكم على المستوى الإداري والقضائي وخلافه من المؤسسات القائمة ويمكن تعريف الأزمة من وجهة نظر أخرى في موقف يقود إلى رفع درجة التوتر بين المتغيرات لنسق مفاجئ يدخل في التحليل الأخير إلى تغيير في العلاقات القائمة بينها أو الدور النسبي لها هذا التحليل للازمة السياسية يسوقنا إلى سؤال مهم جدا هو ما هي الأزمات التي تواجهها البلدان المتخلفة أولى هذه المشاكل هي مشكلة الهوية أو تحديد الذات وتتناول هذه المشكلة معظم المشاكل اجتماعية اكثر حداثة والإنتقال من القرية إلى المدنية والتعامل مع القطاعات الحضرية في المجتمع بما يتضمنه ذلك من تغير في الولاءات والقيم والأنماط السلوكية كما تـثير هذه الأزمة قضية صهر الأولويات الإقليمية والقبلية والسلالية في موقع الولاء القومي وبعبارة أخرى لابد أن يتحدد نطاق المجتمع سياسيا فالدولة العصرية تقوم على الاعتراف بشكل معين بالمجتمع السياسي بحيث يكون ولاء المواطن للدولة القومية وليس لقبيلة معينة أو لمجموعة عرقية أو عنصرية داخل الكيان السياسي للدولة وأزمة تحديد الذات هي المشكلة الأولى التي تواجهها العديد من البلدان وتتضح هذه الأزمة بصورة واضحة في السودان ذلك البلد المتعدد الأجناس والأعراق والجماعات ذات الأصول الحضارية والدينية المتباينة ويمكن أخذ الحرب الأهلية الدائرة في السودان كمثال حي لأزمة تحديد الذات حيث أن كيان الدولة السودانية تتهدده هذه الحرب سواء في الحاضر أو المستقبل أما المشكلة التي تلي مشكلة الذات هي مشكلة التوزيع Distribution problems وهى تعنى دور الحكومة في توزيع الثروة ومدى تدخلها في عملية التوزيع هذه حيث تتطور هذه الأزمة في الدول النامية وخاصة السودان في زيادة حدة التفاوت في الدخول بين النخبة الاقتصادية والجماهير حيث يلتقي هنا علم السياسة بعلم الإقتصاد لأن القرارات السياسية ذات طابع توزيعي وأن أزمة التوزيع تشير على وجه التحديد إلى تلك القرارات والسياسات بتخصيص وتوزيع الثروات والموارد حيث يثور الصراع هنا في عملية التوزيع بين الإعتبار ألفني والاقتصادي وهو أن يكون التوزيع على أسس تتعلق بنوع العمل والإعتبار الاجتماعي والأيديولوجي الذي يفرق الإلتزام بمفهوم العدالة الإجتماعية في التوزيع تسوقنا مشكلة التوزيع إلى مشكلة أخرى اكثر جدلية وهى مشكلة التشريع Legitimacy problem وتعنى خلق سلطة ذات سند شرعي يتمثل في قبول المواطن في الدولة لهذه السلطة باعتبار أنها السلطة الوحيدة الممثلة للكيان السياسي وأزمة الشرعية ترتبط بأزمة تحيد الذات وهو التعبير السياسي والقانوني لشكل الحكم والسلطة التي يتقبلها المجتمع الجديد وقد تحدد إطاره الاجتماعي وولاء المواطن فيه لمصدر واحد يتم قبوله على أنه المثل للسلطة السياسية فقضية الشرعية تـثار في أي علاقة سياسية بمعنى مدى شرعية أولئك الذين بيدهم السلطة وإتخاذ القرار وتتوفر الشرعية عندما يشعر المواطن بأنه يخضع للقانون والسلطة لأن ذلك واجبه إزاء السلطة الواجب الخضوع لها حتى وإن كان لا يوافق على كل ما تقوم به من إجراءات وتنشا أزمة الشرعية أثناء إحلال المؤسسات الجديدة محل المؤسسات القديمة وهذا ما حدث تماما في السودان الآن مما خلق الفجوة بين المواطن الذي يرفض وبشدة كل القوانين المطروحة على الساحة السياسية والقانونية مما أضفى على الحكومة صفة الدكتاتورية والتعسفية في إجبار المواطن بل وإخضاعه لها بالتعذيب والقهر الخ
تسوقنا مشكلة الشرعية إلى مشكلة التغلغل penetration problem وهذه تتمثل في مدى قدرة المؤسسات على التغلغل في الاطار الاجتماعى والاقتصادى المحيط بها وتنفيذ السياسات والقرارات الحكومية ويتضمن ذلك السيطرة الفعلية على إقليم الدولة بما يشمل من جمع للضرائب ووضع الخطط للتنمية الاقتصادية ومدى تواجد السلطة المركزية في الأقاليم وممارستها لسلطاتها إلى جانب تنفيذ السياسة الحكومية في تلك الأقاليم بمعنى أن البرامج التي تتضمنها السياسة العامة لن تكن مجرد خطط أو مشروعات على الورق وإنما سيتم تحولها إلى واقع ملموس ويتطلب ذلك وجود جهاز أدارى كفء وقادر على التنفيذ إلى أن يتغلغل العمل الحكومي والإدارة العامة في نسيج المجتمع ويصل إلى المناطق الريفية وتصبح الحكومة مؤسسة محسوسة وقادرة على فرض سياستها وتوصيلها إلى أعماق المجتمع
تلي ذلك مشكلة المشاركة والاندماج participation problem وهنا لابد أن نشير إلى المشاكل المترتبة على إزدياد حجم الراغبين في المشاركة السياسية ونوعية هذه المشاركة نتيجة لعملية التعبئة الإجتماعية فمثلا ما هي القوى الراغبة في المشاركة في العملية السياسية وما هي الأثار المترتبة على ذلك من حيث قدرة المؤسسات السياسية على استيعابها وما هي نوع المطالب الجديدة وأثارها على العملية السياسية من حيث المدخلات والمخرجات ثم ما هي القوى أو النخب التي ترغب النخبة الحاكمة في إشراكها في صنع القرار
أن أزمة المشاركة لا تعنى بالضرورة خلق مجتمع ديمقراطي بالمعنى الغربي تعدد التجمعات والمصالح المختلفة لكن تعنى حل أزمة المشاركة عن طريق التنظيم الجماهيري الذي يستوعب المصالح المختلفة وفى هذه الحالة يكون لأسلوب المشاركة هو لتعبئة ذات مضمون سيأسى واجتماعى وهذا يؤدى إلى الاندماج هو في مفهومه الشامل أقوى صورة من صور الوحدة وأكثر أبعاد عملية التقارب بين الشعوب تكاملا وشمولية فالواقع أن ما يميز عملية الاندماج عن عملية التوحيد لا يعدو أن يكون نقلا لفكرة الولاء من مجتمع سيأسى معين إلى صورة جديدة أما الاندماج فهو مستقل عن عملية الولاء وإن كان يؤدى إليها في الأمد الطويل وجوهر الانتماء هو إلغاء التناقض في مظاهر التعبير عن الوجود الاجتماعي ولذلك فالاندماج يمكن أن يوصف بأنه القوة التي تعبر عن نفسها في تفاعل مستمر يبدأ من أضعف الدرجات وينتهي إلى أقواها وهو من خلال تلك المراحل المتعددة من التنقل بين الضعف والقوة التي قد ترتبط أو لا ترتبط بالتوحيد وتعتبر أزمة إدارة الدولة وأزمة المشاركة والاندماج وسيلة إلى خلق نوع من التوافق بين مختلف القطاعات التي تضغط على الحكومة في صورة مطالب معينة وقدرة الجهاز الحكومي على التجاوب مع هذه المطالب معينة وقدرة الجهاز الحكومي على التجاوب مع هذه المطالب وتنفيذها ويمكن التطرق إلى هذه الأزمة على ثلاث مستويات
أ- العلاقة بين مختلف أجهزة الحكم ومؤسساته من حيث توضيح الدور الذي تؤديه الأجهزة الحكومية المختلفة في مجال تنفيذ السياسة العامة والعلاقات المتبادلة بين هذه المؤسسات
ب- العلاقات التفاعلية بين مختلف الجماعات والتنظيمات التي تشكل مطالب أو ضغوط على الحكومة
ج- العلاقة بين الجماعات التي تطالب وبين الأجهزة الحكومية التي تستحق وتستجيب لهذه المطالب أما إذا أردنا تعديد مظاهر الاندماج فهو يتخذ عدة مظاهر منها الاندماج الحضارى بمعنى أن المجتمع الذي يشمل جماعات ذات أصول حضارية أو قبلية مختلفة لابد وأن يحقق اندماجا بين مختلف هذه الجماعات والتغلب على النـزاعات الإقليمية أو اللامركزية وبناء سلطة مركزية موحدة بمعنى أن الاندماج يجب أن يحقق الوحدة الوطنية رغم اختلاف العناصر الحضارية أو الأصول العرقية لمجموع السكان في الدولة
ثانيا الاندماج القيمى وتنصرف هذه القيم إلى تحقيق أهداف معينة أي أن الاندماج في القيم بين أجزاء المجتمع يعنى أنه في أي مجتمع يوجد صراع قيم كما توجد أساليب حل لهذا الصراع وإذا أخذنا السودان والذي يتميز بالتغير السريع والجذري في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين الجماعات والفئات المختلفة في المجتمع نأخذ الصراعات الحزبية بين الأحزاب الكبرى والتي تشكل نمط التفاعلات السياسية على مستوى الساحة حيث أن غياب الهيكلية المؤسسية يؤدى إلى ضعف الأساليب لحل هذه الصراعات فالقدرة الاندماجية لهذا المجتمع ليست متطورة كما ذكرت آنفا بالحد الذي يتناسب وأنواع صراع القيم الذي يشهده المجتمع .
محمد الفوزان 830 ساس
الأزمة السياسية المغزى والمضمون
الهيكلة وأزمة القيم ومشكلات الإندماج والشرعية
يحي ابن عوف
هذا البحث العلمي يمكن من خلاله تصور حلول لمشكلة السودان الأيديولوجية والتي يعانى منها آلاف المواطنين أملا أن يعيد طرح القضية بالصورة العلمية التي تتمثل في المفهوم الشامل للأزمة السياسية والتي تتضمن نظريا الأتي :
مشكلات مواجهة الظروف الجديدة التي لم يعهدها النظام من قبل فالأزمة الدستورية في الدولة الرومانية على سبيل المثال أدت إلى ظهور دكتاتورية مؤقتة أو أزمة النظام السياسي الفرنسي في عهد الجمهورية الرابعة أدت آلي ظهور ديجول هذا الموقف يمكن أن يكون نتيجة زيادة كمية المدخلات السياسية اكثر مما تستطيع المؤسسات استيعابه أو نتيجة لموقف جديد لم تواجهه المؤسسات من قبل فالأزمة الدستورية التي شهدها السودان في أواخر عهد نميري لازال يشهدها حتى الآن والتي تمثلت في غياب الهيكلية للمؤسسات المساعدة في نظام الحكم على المستوى الإداري والقضائي وخلافه من المؤسسات القائمة ويمكن تعريف الأزمة من وجهة نظر أخرى في موقف يقود إلى رفع درجة التوتر بين المتغيرات لنسق مفاجئ يدخل في التحليل الأخير إلى تغيير في العلاقات القائمة بينها أو الدور النسبي لها هذا التحليل للازمة السياسية يسوقنا إلى سؤال مهم جدا هو ما هي الأزمات التي تواجهها البلدان المتخلفة أولى هذه المشاكل هي مشكلة الهوية أو تحديد الذات وتتناول هذه المشكلة معظم المشاكل اجتماعية اكثر حداثة والإنتقال من القرية إلى المدنية والتعامل مع القطاعات الحضرية في المجتمع بما يتضمنه ذلك من تغير في الولاءات والقيم والأنماط السلوكية كما تـثير هذه الأزمة قضية صهر الأولويات الإقليمية والقبلية والسلالية في موقع الولاء القومي وبعبارة أخرى لابد أن يتحدد نطاق المجتمع سياسيا فالدولة العصرية تقوم على الاعتراف بشكل معين بالمجتمع السياسي بحيث يكون ولاء المواطن للدولة القومية وليس لقبيلة معينة أو لمجموعة عرقية أو عنصرية داخل الكيان السياسي للدولة وأزمة تحديد الذات هي المشكلة الأولى التي تواجهها العديد من البلدان وتتضح هذه الأزمة بصورة واضحة في السودان ذلك البلد المتعدد الأجناس والأعراق والجماعات ذات الأصول الحضارية والدينية المتباينة ويمكن أخذ الحرب الأهلية الدائرة في السودان كمثال حي لأزمة تحديد الذات حيث أن كيان الدولة السودانية تتهدده هذه الحرب سواء في الحاضر أو المستقبل أما المشكلة التي تلي مشكلة الذات هي مشكلة التوزيع Distribution problems وهى تعنى دور الحكومة في توزيع الثروة ومدى تدخلها في عملية التوزيع هذه حيث تتطور هذه الأزمة في الدول النامية وخاصة السودان في زيادة حدة التفاوت في الدخول بين النخبة الاقتصادية والجماهير حيث يلتقي هنا علم السياسة بعلم الإقتصاد لأن القرارات السياسية ذات طابع توزيعي وأن أزمة التوزيع تشير على وجه التحديد إلى تلك القرارات والسياسات بتخصيص وتوزيع الثروات والموارد حيث يثور الصراع هنا في عملية التوزيع بين الإعتبار ألفني والاقتصادي وهو أن يكون التوزيع على أسس تتعلق بنوع العمل والإعتبار الاجتماعي والأيديولوجي الذي يفرق الإلتزام بمفهوم العدالة الإجتماعية في التوزيع تسوقنا مشكلة التوزيع إلى مشكلة أخرى اكثر جدلية وهى مشكلة التشريع Legitimacy problem وتعنى خلق سلطة ذات سند شرعي يتمثل في قبول المواطن في الدولة لهذه السلطة باعتبار أنها السلطة الوحيدة الممثلة للكيان السياسي وأزمة الشرعية ترتبط بأزمة تحيد الذات وهو التعبير السياسي والقانوني لشكل الحكم والسلطة التي يتقبلها المجتمع الجديد وقد تحدد إطاره الاجتماعي وولاء المواطن فيه لمصدر واحد يتم قبوله على أنه المثل للسلطة السياسية فقضية الشرعية تـثار في أي علاقة سياسية بمعنى مدى شرعية أولئك الذين بيدهم السلطة وإتخاذ القرار وتتوفر الشرعية عندما يشعر المواطن بأنه يخضع للقانون والسلطة لأن ذلك واجبه إزاء السلطة الواجب الخضوع لها حتى وإن كان لا يوافق على كل ما تقوم به من إجراءات وتنشا أزمة الشرعية أثناء إحلال المؤسسات الجديدة محل المؤسسات القديمة وهذا ما حدث تماما في السودان الآن مما خلق الفجوة بين المواطن الذي يرفض وبشدة كل القوانين المطروحة على الساحة السياسية والقانونية مما أضفى على الحكومة صفة الدكتاتورية والتعسفية في إجبار المواطن بل وإخضاعه لها بالتعذيب والقهر الخ
تسوقنا مشكلة الشرعية إلى مشكلة التغلغل penetration problem وهذه تتمثل في مدى قدرة المؤسسات على التغلغل في الاطار الاجتماعى والاقتصادى المحيط بها وتنفيذ السياسات والقرارات الحكومية ويتضمن ذلك السيطرة الفعلية على إقليم الدولة بما يشمل من جمع للضرائب ووضع الخطط للتنمية الاقتصادية ومدى تواجد السلطة المركزية في الأقاليم وممارستها لسلطاتها إلى جانب تنفيذ السياسة الحكومية في تلك الأقاليم بمعنى أن البرامج التي تتضمنها السياسة العامة لن تكن مجرد خطط أو مشروعات على الورق وإنما سيتم تحولها إلى واقع ملموس ويتطلب ذلك وجود جهاز أدارى كفء وقادر على التنفيذ إلى أن يتغلغل العمل الحكومي والإدارة العامة في نسيج المجتمع ويصل إلى المناطق الريفية وتصبح الحكومة مؤسسة محسوسة وقادرة على فرض سياستها وتوصيلها إلى أعماق المجتمع
تلي ذلك مشكلة المشاركة والاندماج participation problem وهنا لابد أن نشير إلى المشاكل المترتبة على إزدياد حجم الراغبين في المشاركة السياسية ونوعية هذه المشاركة نتيجة لعملية التعبئة الإجتماعية فمثلا ما هي القوى الراغبة في المشاركة في العملية السياسية وما هي الأثار المترتبة على ذلك من حيث قدرة المؤسسات السياسية على استيعابها وما هي نوع المطالب الجديدة وأثارها على العملية السياسية من حيث المدخلات والمخرجات ثم ما هي القوى أو النخب التي ترغب النخبة الحاكمة في إشراكها في صنع القرار
أن أزمة المشاركة لا تعنى بالضرورة خلق مجتمع ديمقراطي بالمعنى الغربي تعدد التجمعات والمصالح المختلفة لكن تعنى حل أزمة المشاركة عن طريق التنظيم الجماهيري الذي يستوعب المصالح المختلفة وفى هذه الحالة يكون لأسلوب المشاركة هو لتعبئة ذات مضمون سيأسى واجتماعى وهذا يؤدى إلى الاندماج هو في مفهومه الشامل أقوى صورة من صور الوحدة وأكثر أبعاد عملية التقارب بين الشعوب تكاملا وشمولية فالواقع أن ما يميز عملية الاندماج عن عملية التوحيد لا يعدو أن يكون نقلا لفكرة الولاء من مجتمع سيأسى معين إلى صورة جديدة أما الاندماج فهو مستقل عن عملية الولاء وإن كان يؤدى إليها في الأمد الطويل وجوهر الانتماء هو إلغاء التناقض في مظاهر التعبير عن الوجود الاجتماعي ولذلك فالاندماج يمكن أن يوصف بأنه القوة التي تعبر عن نفسها في تفاعل مستمر يبدأ من أضعف الدرجات وينتهي إلى أقواها وهو من خلال تلك المراحل المتعددة من التنقل بين الضعف والقوة التي قد ترتبط أو لا ترتبط بالتوحيد وتعتبر أزمة إدارة الدولة وأزمة المشاركة والاندماج وسيلة إلى خلق نوع من التوافق بين مختلف القطاعات التي تضغط على الحكومة في صورة مطالب معينة وقدرة الجهاز الحكومي على التجاوب مع هذه المطالب معينة وقدرة الجهاز الحكومي على التجاوب مع هذه المطالب وتنفيذها ويمكن التطرق إلى هذه الأزمة على ثلاث مستويات
أ- العلاقة بين مختلف أجهزة الحكم ومؤسساته من حيث توضيح الدور الذي تؤديه الأجهزة الحكومية المختلفة في مجال تنفيذ السياسة العامة والعلاقات المتبادلة بين هذه المؤسسات
ب- العلاقات التفاعلية بين مختلف الجماعات والتنظيمات التي تشكل مطالب أو ضغوط على الحكومة
ج- العلاقة بين الجماعات التي تطالب وبين الأجهزة الحكومية التي تستحق وتستجيب لهذه المطالب أما إذا أردنا تعديد مظاهر الاندماج فهو يتخذ عدة مظاهر منها الاندماج الحضارى بمعنى أن المجتمع الذي يشمل جماعات ذات أصول حضارية أو قبلية مختلفة لابد وأن يحقق اندماجا بين مختلف هذه الجماعات والتغلب على النـزاعات الإقليمية أو اللامركزية وبناء سلطة مركزية موحدة بمعنى أن الاندماج يجب أن يحقق الوحدة الوطنية رغم اختلاف العناصر الحضارية أو الأصول العرقية لمجموع السكان في الدولة
ثانيا الاندماج القيمى وتنصرف هذه القيم إلى تحقيق أهداف معينة أي أن الاندماج في القيم بين أجزاء المجتمع يعنى أنه في أي مجتمع يوجد صراع قيم كما توجد أساليب حل لهذا الصراع وإذا أخذنا السودان والذي يتميز بالتغير السريع والجذري في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين الجماعات والفئات المختلفة في المجتمع نأخذ الصراعات الحزبية بين الأحزاب الكبرى والتي تشكل نمط التفاعلات السياسية على مستوى الساحة حيث أن غياب الهيكلية المؤسسية يؤدى إلى ضعف الأساليب لحل هذه الصراعات فالقدرة الاندماجية لهذا المجتمع ليست متطورة كما ذكرت آنفا بالحد الذي يتناسب وأنواع صراع القيم الذي يشهده المجتمع .
محمد الفوزان 830 ساس