- السبت مايو 28, 2011 1:34 pm
#36774
الأردن وفلسطين في خطاب اوباما
شاكر الجوهري
مقدمة.. نظرة عامة للخطاب
الأردن في خطاب اوباما
فلسطين في خطاب اوباما
مقدمة.. نظرة عامة للخطاب
يقدم خطاب الرئيس الأميركي الذي القاه مساء الخميس 19/5/2011 سابقة لجهة انصبابه على قضايا الشرق الأوسط، وشمال افريقيا.. أي الوطن العربي زائد إيران وافغانستان، دون أن يتناول أي قضية أخرى، بما في ذلك القضايا الداخلية الأميركية.. بل إنه يتناول هذه القضايا باعتبارها قضايا داخلية اميركية، متصلة بصميم الأمن القومي الأميركي.. كونها تشتمل على الموقف من قضيتي النفط واسرائيل، دون أن يقول هذا صراحة.
يؤكد اوباما في الخطاب الذي اختار أن يوجهه من داخل مبنى وزارة الخارجية الأميركية، أن قضايا شعوب «الشرق الأوسط» وشمال افريقيا هي قضايا داخلية اميركية، وإن فعل هذا مواربة.
فهو يشير إلى تنحي دكتاتورين عن الحكم في بلدين عربيين (تونس ومصر)، ووجود دكتاتوريين آخرين في طريقهم أيضا إلى التنحي، ويتحدث عن «تعرض الغرب للوم باعتباره مصدر كل العلل بعد مرور نصف قرن على نهاية الإستعمار».
ثم يطرح، بعد أن يستعرض الأوضاع في المنطقة، سؤالا صريحا: «أي دور ستلعبه أميركا فيما تتكشف فصول هذه الرواية..؟ »، ويقرر «إن إخفاقنا في تغيير نهجنا يهدد بتفاقم الإنقسام بين الولايات المتحدة والعالم العربي»..!
ويعلن الرئيس الأميركي إن «الولايات المتحدة تناهض استخدام العنف والقمع ضد شعوب المنطقة»، دون أن يشير هنا للعنف والقمع الإسرائيلي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.. متبنيا نظريا ـ على الأقل ـ قضايا الثورة في كل دولها، محاولا ركوب موجة الحراك الشعبي العربي..!
ويقرر اوباما في هذا السياق أن سياسة الولايات المتحدة ستنادي «بالترويج للإصلاحات عبر المنطقة وتأييد التحولات إلى الديمقراطية».. وأن هذا الدعم لن يقتصر على الدول التي شهدت تحولات، لكنه «يجب أن يطال كذلك البلدان التي لم تتحقق فيها التحولات بعد».
ويقول «في الأشهر المقبلة، يتعين على الولايات المتحدة استخدام كل نفوذنا لتشجيع الإصلاح في المنطقة». ويوجه رسالة إلى «الأصدقاء والأعداء على حد سواء: «إذا تحملتم المخاطر التي يستلزمها الإصلاح، فستحصلون على دعم الولايات المتحدة كاملا».
الأردن في خطاب اوباما
يلاحظ أن خطاب الرئيس الأميركي استعرض بالإسم جميع الدول العربية التي شهدت حراكا شعبيا مناديا بالإصلاحات السياسية والإقتصادية، باستثناء بلدين اثنين فقط هما الأردن، والمغرب، وليس من قبيل الصدفة أن يكون هذان البلدان هما اللذان يعرض عليهما مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن عضويته..!
وبهذا التجاهل للحراك الشعبي في هذين البلدين، وإن لم يرتق إلى مستوى الحراك الذي تشهده بلدان أخرى، فإنه يمارس سياسة الكيل بمكيالين في ذات الآن، الذي يؤكد فيه اهتمام بلاده بتحقيق الديمقراطية والإصلاحات السياسية والإقتصادية في جميع دول الإقليم.
صحيح أنه بإمكان اوباما أن يحاجج في أن هذين البلدين مشمولين بخطابه، من خلال العبارات التي تتحدث عن جميع دول المنطقة، دون استثناء، غير أنه بالإمكان كذلك محاججة الرئيس الأميركي بحجتين في هذا السياق:
الأولى: أن العضوية المطروحة على هذين البلدين في مجلس التعاون لدول الخليج العربي، تأتي في سياق صيانة المصالح الأميركية في إقليم النفط العربي، والتكليف بمهمة الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، التي كلف بها اليمن بعد اسقاط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، واحتلال العراق، وهو ما سنفصله في مقال لاحق.
الثانية: أنه سبق له الترحيب صراحة، في اللقاء الصحفي المشترك الذي عقده مع الملك عبد الله الثاني، لدى انتهاء مباحثاتهما في البيت البيض نهاية الأسبوع الماضي بما وصفه بدء الملك للإصلاح «إن الملك بدأ في الإصلاحات التي ستعود بالخير على الأردن».. مؤكدا «ضرورة المضي قدما في هذه المبادرة لأنها تصب في صالح الأمن والإستقرار ورفاهية الشعب الأردني». وقد أكد الرئيس الأميركي على «ضرورة المضي قدما» في مبادرة الإصلاح للملك.
ومع ذلك، فإن عدم الإشارة بالإسم في خطاب الرئيس الأميركي لكل من الأردن والمغرب، فسح المجال أمام صحيفة اردنية لأن تنسب لأوباما قول عبارات لم يتضمنها خطابه، ما دامت الجهات التي تقف وراء هذا الفعل باتت مقتنعة بأن واشنطن هي الحكم في قضية الديمقراطية والإصلاح في الوطن العربي.
وجاءت هذه الإضافة، في سياق التفاؤل المبالغ به الذي صدر عن الدكتورة علياء بوران، سفيرة الأردن لدى واشنطن، لنتائج لقاء الملك والرئيس الأميركي «إن زيارة جلالة الملك إلى الولايات المتحدة الأميركية جاءت من حيث التوقيت والنتائج مثمرة جدا».
ما الذي اضافته الصحيفة الأردنية..؟
نسبت الصحيفة للرئيس الأميركي القول «إن الولايات المتحدة ملتزمة بشراكتها التي بدأت منذ فترة طويلة مع الأردن باعتبارها دولة رائدة في مجال الإصلاحات السياسية والإقتصادية».
كما نسبت للرئيس اوباما القول «ندرك جهود الحكومة (الأردنية) في الإستجابة للمطالب المشروعة للمواطنين عبر لجنة الحوار الوطني لاقتناص هذه الفرصة لتقديم إصلاحات ذات مغزى».
وأضافت الصحيفة على لسان الرئيس الأميركي «إن المساعدة الإقتصادية الأميركية تساند النمو الإقتصادي في الأردن والتنمية وتعزز الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية عبر برامج الإصلاج القضائي والتعليم والصحة العامة وخلق وظائف وتشغيل الشباب».
وقالت إنه «أعلن أن بلاده تعمل مع شركاء غير حكوميين في الأردن لتشجيع مجتمع مدني حقيقي في البلاد». وقال «إن الولايات المتحدة تظل ملتزمة بأمن الأردن وتواصل توفير المساعدة الأمنية التي تهدف إلى أمور من بينها تحديث الجيش الأردني وتعزيز أمن الحدود».
أن تنسب هذه الأقوال للرئيس الأميركي، دون أن يقولها، يعني أن الصحيفة فعلت ذلك بلغة رغائبية.. أي أن من طلب منها فعل ذلك، كانت لديه رغبة بأن يقول الرئيس الأميركي هذه العبارات، لكنه لم يفعل، ففعل ذلك نيابة عنه..!!
ويكمن بين ثنايا هذه الرغبة اعتقاد بأنه إذا كان الإنحياز الأميركي لجانب الحراك الشعبي في بلد من البلدان، يؤدي إلى ارتفاع وتيرة هذا الحراك، فإن القبول الأميركي بسقف الإصلاح الذي يتحقق في بلد آخر من شأنه أن يهبط معه سقف الإحتجاجات..!
هذه التسريبات المختلقة تهدف إذا إلى ترتيب نتائج معاكسة تماما لتأكيدات الرئيس الأميركي نفسه: أن سياسة الولايات المتحدة ستنادي «بالترويج للإصلاحات عبر المنطقة وتأييد التحولات إلى الديمقراطية».. وأن هذا الدعم لن يقتصر على الدول التي شهدت تحولات، لكنه «يجب أن يطال كذلك البلدان التي لم تتحقق فيها التحولات بعد».
ولم تقتصر اضافات الصحيفة الأردنية على ما سبق، بل تجاوزه إلى اختراع فقرة أخرى اضافتها إلى خطاب الرئيس الأميركي، بما يجعل تراجعا اميركيا، أو تنازلا فلسطينيا مقبلا، مسوغا ما دام هذا هو سقف الموقف الأميركي..!
قالت الفقرة الأخرى المضافة لخطاب الرئيس اوباما، وهي الفقرة التي لم نجد لها أثر في نص الخطاب الذي وزعه مكتب السكرتير الصحفي للرئيس الأميركي، إن «انسحابا كاملا وتدريجيا للقوات العسكرية الإسرائيلية يجب أن ينسجم مع فكرة مسؤولية قوات الأمن الفلسطينية في دولة سيدة ومنزوعة السلاح».. «يجب أن يتم الإتفاق على مدة هذه الفترة الإنتقالية، ويجب اثبات فعالية الإتفاقات الأمنية».
هذه الققرة تريد أن تشرعن، عبر موقف اميركي لم يعلن عنه رئيس الولايات المتحدة الأميركية:
أولا: انسحاب تدريجي للقوات العسكرية الإسرائيلية.
ثانيا: مسؤولية قوات الأمن الفلسطينية عن أمن القوات الإسرائيلية اثناء فترة انسحابها..!
ثالثا: أن نزع سلاح الدولة الفلسطينية لا يتعارض مع سيادتها..!
رابعا: القبول بحل انتقالي..!
غني عن التذكير أن كل هذا الذي ابتدعته الصحيفة الأردنية، يتعارض حد التناقض مع مضمون المحاضرة التي القاها الدكتور معروف البخيت رئيس الوزراء الأردني في نادي الملك حسين، مساء الثالث من آيار/مايو الجاري.
فلسطين في خطاب اوباما
ولكن، ما الذي قاله الرئيس الأميركي عن القضية الفلسطينية في خطابه..؟
لقد أخر اوباما حديثه عن «السعي نحو السلام»، إلى نهاية خطابه.
لاحظوا هنا أن الموضوع هو «السعي نحو السلام»، وليس عن القضية الفلسطينية..؟! وقد وصف اوباما هذا السعي بأنه «يمثل حجراً من أحجار الزاوية في منهجنا تجاه المنطقة».
وإن قال الرئيس الأميركي في السياق أنه مع دولة فلسطينية ضمن حود 1967، على أن يتم تبادل اراضي بالتوافق بين الجانبين، إلا أن ذلك يندرج تحت عنوان «السعي نحو السلام».. أي السعي لضمان أمن واستقرار المصالح الأميركية، والنفط في مقدمتها، في المنطقة.
وقد أراد الرئيس الأميركي هنا أن يحرف اتجاهات وأهداف الحراك الشعبي العربي، من العمل على تحرير فلسطين، إلى تثبيت وجود اسرائيل..!
قال اوباما «ففي الوقت الذي تنفض فيه شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعباء الماضي، فإن الدفع نحو سلام دائم يُنهي النزاع ويبدد كل الإدعاءات أصبح أكثر إلحاحاً عما كان في أي وقت سابق»..!
والمشكلة من وجهة نظره تكمن الآن في أن «أنشطة الإستيطان الإسرائيلية مستمرة. والفلسطينيون انسحبوا من المحادثات».
وهو إذ يدعو لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، لا يكرر ما سبق له قوله من مطالبة بوقف الإستيطان..! مع أنه يقر بأن «إدراك أن المفاوضات يجب أن تبدأ بقضايا الأراضي والأمن لا يعني أن مسألة العودة إلى طاولة (المفاوضات) ستكون أمرا سهلا».. خاصة «نظرا لأن الإعلان مؤخرا عن التوصل إلى اتفاق بين حركتي فتح وحماس يثير تساؤلات عميقة ومشروعة لدى إسرائيل»..!
الرئيس الأميركي يتبنى هنا وجهة النظر الإسرائيلية بحذافيرها.. فتحقيق السلام كان متعذرا بسبب الإنقسام الفلسطيني، لاستحالة تحقيق سلام مع الضفة الغربية دون قطاع غزة، فأصبح محالا بسبب انهاء الإنقسام الفلسطيني، وليس بسبب الإصرار الإسرائيلي على مواصلة الإستيطان، وهو ما أوقف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، قبل انجاز المصالحة الفلسطينية، بل هو ما وفر الظروف الموضوعية لإنجازها..!!
باختصار شديد: الرئيس اوباما في خطاب 19 الجاري، يفرش ارضية وردية للتغيير في العالم العربي، لكن مهمة هذه الأرضية تنحصر في تضليل الرأي العام الفلسطيني والعربي لجهة خدمة المصالح والمواقف الأميركية فيما يتعلق في النفط واسرائيل.
عند هذين الأمرين، تسقط كل القيم مرة واحدة، ودون مقدمات..!!
ومرة أخرى، نؤكد ما رأيناه وقررناه عند القاء الرئيس الأميركي خطابيه التضليلين السابقين مطلع ولايته، في استنبول ثم القاهرة: ما لم تخلع الولايات المتحدة الأميركية رداء الإمبريالية عن كتفيها، فإنها ستظل دولة ظالمة ومعتدية على كل شعوب الكرة الأرضية.
شاكر الجوهري
مقدمة.. نظرة عامة للخطاب
الأردن في خطاب اوباما
فلسطين في خطاب اوباما
مقدمة.. نظرة عامة للخطاب
يقدم خطاب الرئيس الأميركي الذي القاه مساء الخميس 19/5/2011 سابقة لجهة انصبابه على قضايا الشرق الأوسط، وشمال افريقيا.. أي الوطن العربي زائد إيران وافغانستان، دون أن يتناول أي قضية أخرى، بما في ذلك القضايا الداخلية الأميركية.. بل إنه يتناول هذه القضايا باعتبارها قضايا داخلية اميركية، متصلة بصميم الأمن القومي الأميركي.. كونها تشتمل على الموقف من قضيتي النفط واسرائيل، دون أن يقول هذا صراحة.
يؤكد اوباما في الخطاب الذي اختار أن يوجهه من داخل مبنى وزارة الخارجية الأميركية، أن قضايا شعوب «الشرق الأوسط» وشمال افريقيا هي قضايا داخلية اميركية، وإن فعل هذا مواربة.
فهو يشير إلى تنحي دكتاتورين عن الحكم في بلدين عربيين (تونس ومصر)، ووجود دكتاتوريين آخرين في طريقهم أيضا إلى التنحي، ويتحدث عن «تعرض الغرب للوم باعتباره مصدر كل العلل بعد مرور نصف قرن على نهاية الإستعمار».
ثم يطرح، بعد أن يستعرض الأوضاع في المنطقة، سؤالا صريحا: «أي دور ستلعبه أميركا فيما تتكشف فصول هذه الرواية..؟ »، ويقرر «إن إخفاقنا في تغيير نهجنا يهدد بتفاقم الإنقسام بين الولايات المتحدة والعالم العربي»..!
ويعلن الرئيس الأميركي إن «الولايات المتحدة تناهض استخدام العنف والقمع ضد شعوب المنطقة»، دون أن يشير هنا للعنف والقمع الإسرائيلي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.. متبنيا نظريا ـ على الأقل ـ قضايا الثورة في كل دولها، محاولا ركوب موجة الحراك الشعبي العربي..!
ويقرر اوباما في هذا السياق أن سياسة الولايات المتحدة ستنادي «بالترويج للإصلاحات عبر المنطقة وتأييد التحولات إلى الديمقراطية».. وأن هذا الدعم لن يقتصر على الدول التي شهدت تحولات، لكنه «يجب أن يطال كذلك البلدان التي لم تتحقق فيها التحولات بعد».
ويقول «في الأشهر المقبلة، يتعين على الولايات المتحدة استخدام كل نفوذنا لتشجيع الإصلاح في المنطقة». ويوجه رسالة إلى «الأصدقاء والأعداء على حد سواء: «إذا تحملتم المخاطر التي يستلزمها الإصلاح، فستحصلون على دعم الولايات المتحدة كاملا».
الأردن في خطاب اوباما
يلاحظ أن خطاب الرئيس الأميركي استعرض بالإسم جميع الدول العربية التي شهدت حراكا شعبيا مناديا بالإصلاحات السياسية والإقتصادية، باستثناء بلدين اثنين فقط هما الأردن، والمغرب، وليس من قبيل الصدفة أن يكون هذان البلدان هما اللذان يعرض عليهما مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن عضويته..!
وبهذا التجاهل للحراك الشعبي في هذين البلدين، وإن لم يرتق إلى مستوى الحراك الذي تشهده بلدان أخرى، فإنه يمارس سياسة الكيل بمكيالين في ذات الآن، الذي يؤكد فيه اهتمام بلاده بتحقيق الديمقراطية والإصلاحات السياسية والإقتصادية في جميع دول الإقليم.
صحيح أنه بإمكان اوباما أن يحاجج في أن هذين البلدين مشمولين بخطابه، من خلال العبارات التي تتحدث عن جميع دول المنطقة، دون استثناء، غير أنه بالإمكان كذلك محاججة الرئيس الأميركي بحجتين في هذا السياق:
الأولى: أن العضوية المطروحة على هذين البلدين في مجلس التعاون لدول الخليج العربي، تأتي في سياق صيانة المصالح الأميركية في إقليم النفط العربي، والتكليف بمهمة الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، التي كلف بها اليمن بعد اسقاط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، واحتلال العراق، وهو ما سنفصله في مقال لاحق.
الثانية: أنه سبق له الترحيب صراحة، في اللقاء الصحفي المشترك الذي عقده مع الملك عبد الله الثاني، لدى انتهاء مباحثاتهما في البيت البيض نهاية الأسبوع الماضي بما وصفه بدء الملك للإصلاح «إن الملك بدأ في الإصلاحات التي ستعود بالخير على الأردن».. مؤكدا «ضرورة المضي قدما في هذه المبادرة لأنها تصب في صالح الأمن والإستقرار ورفاهية الشعب الأردني». وقد أكد الرئيس الأميركي على «ضرورة المضي قدما» في مبادرة الإصلاح للملك.
ومع ذلك، فإن عدم الإشارة بالإسم في خطاب الرئيس الأميركي لكل من الأردن والمغرب، فسح المجال أمام صحيفة اردنية لأن تنسب لأوباما قول عبارات لم يتضمنها خطابه، ما دامت الجهات التي تقف وراء هذا الفعل باتت مقتنعة بأن واشنطن هي الحكم في قضية الديمقراطية والإصلاح في الوطن العربي.
وجاءت هذه الإضافة، في سياق التفاؤل المبالغ به الذي صدر عن الدكتورة علياء بوران، سفيرة الأردن لدى واشنطن، لنتائج لقاء الملك والرئيس الأميركي «إن زيارة جلالة الملك إلى الولايات المتحدة الأميركية جاءت من حيث التوقيت والنتائج مثمرة جدا».
ما الذي اضافته الصحيفة الأردنية..؟
نسبت الصحيفة للرئيس الأميركي القول «إن الولايات المتحدة ملتزمة بشراكتها التي بدأت منذ فترة طويلة مع الأردن باعتبارها دولة رائدة في مجال الإصلاحات السياسية والإقتصادية».
كما نسبت للرئيس اوباما القول «ندرك جهود الحكومة (الأردنية) في الإستجابة للمطالب المشروعة للمواطنين عبر لجنة الحوار الوطني لاقتناص هذه الفرصة لتقديم إصلاحات ذات مغزى».
وأضافت الصحيفة على لسان الرئيس الأميركي «إن المساعدة الإقتصادية الأميركية تساند النمو الإقتصادي في الأردن والتنمية وتعزز الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية عبر برامج الإصلاج القضائي والتعليم والصحة العامة وخلق وظائف وتشغيل الشباب».
وقالت إنه «أعلن أن بلاده تعمل مع شركاء غير حكوميين في الأردن لتشجيع مجتمع مدني حقيقي في البلاد». وقال «إن الولايات المتحدة تظل ملتزمة بأمن الأردن وتواصل توفير المساعدة الأمنية التي تهدف إلى أمور من بينها تحديث الجيش الأردني وتعزيز أمن الحدود».
أن تنسب هذه الأقوال للرئيس الأميركي، دون أن يقولها، يعني أن الصحيفة فعلت ذلك بلغة رغائبية.. أي أن من طلب منها فعل ذلك، كانت لديه رغبة بأن يقول الرئيس الأميركي هذه العبارات، لكنه لم يفعل، ففعل ذلك نيابة عنه..!!
ويكمن بين ثنايا هذه الرغبة اعتقاد بأنه إذا كان الإنحياز الأميركي لجانب الحراك الشعبي في بلد من البلدان، يؤدي إلى ارتفاع وتيرة هذا الحراك، فإن القبول الأميركي بسقف الإصلاح الذي يتحقق في بلد آخر من شأنه أن يهبط معه سقف الإحتجاجات..!
هذه التسريبات المختلقة تهدف إذا إلى ترتيب نتائج معاكسة تماما لتأكيدات الرئيس الأميركي نفسه: أن سياسة الولايات المتحدة ستنادي «بالترويج للإصلاحات عبر المنطقة وتأييد التحولات إلى الديمقراطية».. وأن هذا الدعم لن يقتصر على الدول التي شهدت تحولات، لكنه «يجب أن يطال كذلك البلدان التي لم تتحقق فيها التحولات بعد».
ولم تقتصر اضافات الصحيفة الأردنية على ما سبق، بل تجاوزه إلى اختراع فقرة أخرى اضافتها إلى خطاب الرئيس الأميركي، بما يجعل تراجعا اميركيا، أو تنازلا فلسطينيا مقبلا، مسوغا ما دام هذا هو سقف الموقف الأميركي..!
قالت الفقرة الأخرى المضافة لخطاب الرئيس اوباما، وهي الفقرة التي لم نجد لها أثر في نص الخطاب الذي وزعه مكتب السكرتير الصحفي للرئيس الأميركي، إن «انسحابا كاملا وتدريجيا للقوات العسكرية الإسرائيلية يجب أن ينسجم مع فكرة مسؤولية قوات الأمن الفلسطينية في دولة سيدة ومنزوعة السلاح».. «يجب أن يتم الإتفاق على مدة هذه الفترة الإنتقالية، ويجب اثبات فعالية الإتفاقات الأمنية».
هذه الققرة تريد أن تشرعن، عبر موقف اميركي لم يعلن عنه رئيس الولايات المتحدة الأميركية:
أولا: انسحاب تدريجي للقوات العسكرية الإسرائيلية.
ثانيا: مسؤولية قوات الأمن الفلسطينية عن أمن القوات الإسرائيلية اثناء فترة انسحابها..!
ثالثا: أن نزع سلاح الدولة الفلسطينية لا يتعارض مع سيادتها..!
رابعا: القبول بحل انتقالي..!
غني عن التذكير أن كل هذا الذي ابتدعته الصحيفة الأردنية، يتعارض حد التناقض مع مضمون المحاضرة التي القاها الدكتور معروف البخيت رئيس الوزراء الأردني في نادي الملك حسين، مساء الثالث من آيار/مايو الجاري.
فلسطين في خطاب اوباما
ولكن، ما الذي قاله الرئيس الأميركي عن القضية الفلسطينية في خطابه..؟
لقد أخر اوباما حديثه عن «السعي نحو السلام»، إلى نهاية خطابه.
لاحظوا هنا أن الموضوع هو «السعي نحو السلام»، وليس عن القضية الفلسطينية..؟! وقد وصف اوباما هذا السعي بأنه «يمثل حجراً من أحجار الزاوية في منهجنا تجاه المنطقة».
وإن قال الرئيس الأميركي في السياق أنه مع دولة فلسطينية ضمن حود 1967، على أن يتم تبادل اراضي بالتوافق بين الجانبين، إلا أن ذلك يندرج تحت عنوان «السعي نحو السلام».. أي السعي لضمان أمن واستقرار المصالح الأميركية، والنفط في مقدمتها، في المنطقة.
وقد أراد الرئيس الأميركي هنا أن يحرف اتجاهات وأهداف الحراك الشعبي العربي، من العمل على تحرير فلسطين، إلى تثبيت وجود اسرائيل..!
قال اوباما «ففي الوقت الذي تنفض فيه شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعباء الماضي، فإن الدفع نحو سلام دائم يُنهي النزاع ويبدد كل الإدعاءات أصبح أكثر إلحاحاً عما كان في أي وقت سابق»..!
والمشكلة من وجهة نظره تكمن الآن في أن «أنشطة الإستيطان الإسرائيلية مستمرة. والفلسطينيون انسحبوا من المحادثات».
وهو إذ يدعو لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، لا يكرر ما سبق له قوله من مطالبة بوقف الإستيطان..! مع أنه يقر بأن «إدراك أن المفاوضات يجب أن تبدأ بقضايا الأراضي والأمن لا يعني أن مسألة العودة إلى طاولة (المفاوضات) ستكون أمرا سهلا».. خاصة «نظرا لأن الإعلان مؤخرا عن التوصل إلى اتفاق بين حركتي فتح وحماس يثير تساؤلات عميقة ومشروعة لدى إسرائيل»..!
الرئيس الأميركي يتبنى هنا وجهة النظر الإسرائيلية بحذافيرها.. فتحقيق السلام كان متعذرا بسبب الإنقسام الفلسطيني، لاستحالة تحقيق سلام مع الضفة الغربية دون قطاع غزة، فأصبح محالا بسبب انهاء الإنقسام الفلسطيني، وليس بسبب الإصرار الإسرائيلي على مواصلة الإستيطان، وهو ما أوقف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، قبل انجاز المصالحة الفلسطينية، بل هو ما وفر الظروف الموضوعية لإنجازها..!!
باختصار شديد: الرئيس اوباما في خطاب 19 الجاري، يفرش ارضية وردية للتغيير في العالم العربي، لكن مهمة هذه الأرضية تنحصر في تضليل الرأي العام الفلسطيني والعربي لجهة خدمة المصالح والمواقف الأميركية فيما يتعلق في النفط واسرائيل.
عند هذين الأمرين، تسقط كل القيم مرة واحدة، ودون مقدمات..!!
ومرة أخرى، نؤكد ما رأيناه وقررناه عند القاء الرئيس الأميركي خطابيه التضليلين السابقين مطلع ولايته، في استنبول ثم القاهرة: ما لم تخلع الولايات المتحدة الأميركية رداء الإمبريالية عن كتفيها، فإنها ستظل دولة ظالمة ومعتدية على كل شعوب الكرة الأرضية.