- السبت مايو 28, 2011 2:49 pm
#36824
مقدمة
اليوم يقوم البيت الأوروبي المشترك على أسس متينة. فالبرلمان، المنتخب بالاقتراع العام ، يضمن شرعية ديمقراطية للنظام المؤسسي للاتحاد واليورو قد حل محل العملات الوطنية في 12 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الحالي، وحرية حركة الأشخاص قد باتت الآن حقيقة واقعة وراسخة كما أن سياسات مشتركة ومنسقة غدت تتبع في مجالات إستراتيجية عديدة مثل السياسة الخارجية والدفاع والقدرة على المنافسة والأمن والبيئة والزراعة والتماسك الاقتصادي والاجتماعي.
وإلى النواة الأولى للست دول المؤسسة (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبرغ) انضمت على مراحل متعاقبة 21 دولة أخرى، ليصل بهذا عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى سبع وعشرين دولة.
فالدنمارك وأيرلندا والمملكة المتحدة انضمت إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية في أول يناير/ كانون الثاني 1973، ثم انضمت اليونان في العام 1981، ثم إسبانيا والبرتغال في العام 1986، وبعدها السويد وفنلندا والنمسا في عام 1995.
وبعد نمو تدريجي من 6 إلى 15 عضوا، قام الاتحاد الأوروبي في 1 مايو/أيار 2004 بأكبر توسع في تاريخه، من حيث حجم التوسع وتنوعه، حيث انضمت إلى الاتحاد عشر دول جديدة هي: قبرص واستونيا ولاتفيا وليتوانيا ومالطة وبولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا وسلوفينيا والمجر (هنغاريا).
ثم أضيفت إلى البلدان السابقة بلغاريا ورومانيا، حيث غدت الدولتان أعضاء في الاتحاد الأوروبي في 1 يناير/كانون الثاني 2007.
نبذة تاريخية
من الأصول إلى القانون الأوروبي الموحد
إن المسار الذي أدى إلى تأسيس البيت الأوروبي المشترك على صورته الحالية كان طويلا، وقد تخللته وقفات مراجعة وإعادة تفكير في عملية نموه وعقبات لم يكن تخطيها دائما سهلا.
في العام 1941 كان ألتييرو سبينيلي وإرنستو روسي قد حددا صورة لأوروبا فيدرالية في بيان فينتوتيني (Ventotene). بيد أنه بعد الحرب العالمية الثانية فقط بدأ البناء الأوروبي يخطو خطواته الأولى بدفعة من الضرورة السياسية للقضاء على أسباب المواجهة والنزاع بين دول القارة القديمة الكبرى التي وجدت نفسها على الجانب الغربي من الستار الحديدي.
وفي العام 1949 ولد مجلس أوروبا، وهي منظمة أسستها فرنسا والمملكة المتحدة وبلجيكا وأيرلندا بوظيفة استشارية بحتة، حيث ظل المجلس خارج الإطار المؤسساتي للجماعة الأوروبية.
أما مشروع جان مونيه الذي انبثقت عنه الجماعة الأوروبية للفحم والصلب فعُرض في باريس من قبل وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان في 9 مايو/أيار عام 1950، التاريخ الذي أصبح لاحقا يوم عيد أوروبا.
وبعد سنة تقريبا، في 18 أبريل/نيسان عام 1951، وضع حجر الأساس في البناء الاتحادي حين وقعت الدول الست المؤسسة المعاهدة التأسيسية للجماعة الأوروبية للفحم والصلب، والتي بموجبها أُسست في لوكسمبورج لسلطة عليا مستقلة أُسندت إليها مهمة فرض احترام القواعد المشتركة المتفق عليها في ما يعني إنتاج وتجارة الفحم والصلب.
ولكن بعد فترة وجيزة جاءت أيضا أول وقفة للمسار الأوروبي، ففي العام 1952 وبناء على مبادرة من فرنسا، قامت الدول الست بالتوقيع على معاهدة الجماعة الأوروبي للدفاع في باريس، بيد أن المعاهدة لم تدخل قط حيز النفاذ بسبب عدم تصديق البرلمان الفرنسي عليها.
ولاحقا جاء مؤتمر ميسينا (1955) ثم مؤتمر البندقية (1956)، وما تلاهما من التوقيع في روما في العام 1957 على المعاهدات المؤسسة للجماعة الاقتصادية الأوروبية (Cee) والجماعة الأوروبية للطاقة الذرية (Euratom)، لإعطاء زخم جديد لفكرة أوروبا أكثر اندماجا وتكاملا.
وفي وقت لاحق، خلال الستينيات، خطت عملية التكامل خطوات واسعة إلى الأمام من خلال تنفيذ الاتحاد الجمركي والتوقيع على المعاهدة التي وحدت الأجهزة التنفيذية للجماعات الثلاث وأرست مبدأ وحدة الميزانية.
وفي العام 1972، لتعزيز التنسيق بين سياسات إدارة التبادل في البلدان الأوروبية وضمان الاستقرار من خلال تحديد هامش تقلب من أجل إنقاذ آلية الأسعار لدعم السياسة الزراعية المشتركة (Pac)، لتتشكل بهذا الآلية المعروفة باسم "الثعبان النقدي". وفي العام 1979 تحول الثعبان النقدي إلى اتفاق فعلي للتحويل غدا اسمه النظام النقدي الأوروبي (Sme). وفي ذات السنة، انتُخب البرلمان الأوروبي للمرة الأولى بالاقتراع العام.
وفي فبراير/شباط 1984 تم إقرار مشروع المعاهدة بشأن الاتحاد الأوروبي الذي دعمه سبينيلي (والذي كان بمثابة مسودة أولى وفعلية للدستور الأوروبي) وذلك بأغلبية ساحقة في البرلمان. وفي العام 1985، تم التوقيع على اتفاق شنغن من قبل ألمانيا وفرنسا وبلدان البنلوكس لتيسير إلغاء عمليات المراقبة على الحدود الداخلية، مع تخطي المقاومة التي كانت تواجهها الجهود الرامية إلى تعزيز حرية حركة الأشخاص والتعاون القضائي داخل الإطار المؤسساتي للجماعة الأوروبية. وفي ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، قرر المجلس الأوروبي في لوكسمبورغ تعديل معاهدة روما وإعطاء دفعة جديدة لعملية التكامل الأوروبي من خلال إنشاء القانون الأوروبي الوحيد، الموقع في لاهاي في فبراير/شباط 1986. وإضافة إلى قيامه بإنجاز إصلاحات مؤسساتية هامة، سمح القانون الأوروبي الواحد باستمرار المسار نحو استكمال السوق الموحدة. وكي تترجم الأهداف التي حددها الميثاق الواحد في العام 1987 إلى واقع بحلول العام 1992، قام جاك ديلور، بصفته رئيسا للمفوضية الأوروبية بتقديم برنامج طموح تشريعي وعملي لضمان إزالة ما تبقى من عقبات أمام حرية حركة الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال والخدمات. وقد مهد إنشاء الفضاء الاقتصادي الموحد الطريق لإدخال العملة الموحدة لاحقا.
في ماستريخت تتحول الجماعة إلى اتحاد
ومع ماستريخت غدا ما كان حتى ذلك الحين يعرف بشكل عام باسم الجماعة الاقتصادية الأوروبية الاتحاد الأوروبي. وبتأسيسها لاتحاد أوروبي يعتزم "بدء مرحلة جديدة في عملية إنشاء وحدة أوثق من أي وقت مضى بين شعوب أوروبا، تُتخذ فيها القرارات على أقرب مستوى ممكن من المواطنين"، شكلت ماستريخت نقطة تحول حقيقية في عملية التكامل الأوروبي. هذا لأنها لم تقتصر على ضم الاتحاد الأوروبي للجماعات التاريخية الثلاث (الجماعة الاقتصادية الأوروبية والجماعة الاقتصادية للفحم والصلب والجماعة الأوروبية للطاقة الذرية)، بل تجاوزت هذا إلى إثراء الاختصاصات الواسعة بالفعل التي كانت لتلك الجماعات: وقد حدث هذا في القطاع الاقتصادي التقليدي (ولا سيما من خلال إنشاء الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي)، إضافة إلى قطاعات أخرى مثل المواطنة الأوروبية والثقافة والتعليم. كلك فإن معاهدة ماستريخت قد أدخلت سياسات جديدة وأشكالا جديدة من التعاون: التعاون في ميدان السياسة الخارجية والأمنية في والعدل والشؤون الداخلية. إذن عبر ماستريخت توسع الاتحاد وتعزز اانتظارا لتوسعه لدول القارة الأوروبية الأخرى.
إن البناء الاتحادي، من خلال معاهدات أمستردام ونيس، قد تمكن لاحقا من تحقيق خطوات هامة إلى الأمام. ولاحقا تم إدراج اتفاق شنغن في إطار الاتحاد الأوروبي القانوني، كما أعطي زخم جديد للتعاون بين قوات الشرطة وفي القضاء والدفاع، ويُسرت إمكانية توثيق التعاون بين مجموعات أصغر من بلدان الاتحاد الأوروبي وأُسس منصب الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة (الي يسمى بالسيد السياسة الخارجية والأمنية المشتركة)، وهو المنصب الذي يتولاه حاليا خافيير سولانا، وزير الخارجية الاسباني السابق والأمين العام السابق لمنظمة حلف شمال الأطلسي.
بعد إلغاء الرقابة على الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي (1998-1999) وبعد بدء التداول الفعلي للعملة الواحدة في 10 يناير/كانون الثاني، تمثلت الخطوة التالية في وضع المعاهدة الدستورية اللازمة لضمان الأداء السليم للاتحاد، الذي صار مكونا ن 25 بلدا بدءا من 1 مايو/أيار. وقد وُقعت المعاهدة الدستورية الأوروبية المذكورة في روما في 29 /أكتوبر/تشرين الأول2004 وفي الوقت الراهن تقوم الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي بالتصديق عليها. وقد صدقت إيطاليا على المعاهدة في 7 أبريل/نيسان 2005.
المؤسسات
المجلس الأوروبي
ثمة دور رئيس في تنمية التكامل الأوروبي يضطلع به المجلس الأوروبي، الذي غدا جزءا رئيسا من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وفق التجديد الذي أدخلته معاهدة لشبونة. ويجتمع المجلس مرتان على الأقل كل ستة أشهر لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء ومهمته هي ضمان تحقيق الدفع اللازم لتنمية الاتحاد وتحديد توجهاته السياسية العامة. وللمجلس رئيس مستقر، يتم انتخابه من قبل المجلس الأوروبي ذاته (بأغلبية مؤهلة) لفترة سنتين ونصف السنة، قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، ويضطلع برئاسة الاجتماعات وتحضيرها (بالتعاون مع رئيس المفوضية الأوروبية وبناء على أعمال مجلس الشؤون العامة) فضلا عن تمثيل الاتحاد الأوروبي في الخارج في ما يعني الشؤون السياسية الخارجية والسياسة الأمنية المشتركة (باستثناء الشؤون التي تندرج في اختصاص الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن).
المثلث المؤسساتي
إن مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية يشكلون معا ما يعرف باسم المثلث المؤسساتي الاتحادي، الذي تتطور في إطاره، حسب ما تنص عليه المعاهدات، العملية التشريعية واتخاذ القرارات في الاتحاد الأوروبي. ويتعلق الأمر هنا بالعملية التي عبرها يعمل الاتحاد الأوروبي في القطاعات التي تدخل في اختصاصه بموجب المعاهدات، ومع احترام مبدأ التبعية، أي أن تقتصر المواد التي تُعالج على المستوى الاتحادي على الشؤون التي لا يمكن إنجازها بشكل ملائم على المستوى الوطني في الدول الأعضاء.
وللمفوضية وحدها سلطات القيام بمبادرات تشريعية. بيد أن كل مقترحاتها يجب أن تُعرض على البرلمان الأوروبي وعلى مجلس الاتحاد الأوروبي كي تتحول إلى قوانين.
ولاتخاذ قرار ما على الصعيد التشريعي يُتبع أساسا الإجراء التشريعي العادي، الذي يعطي صفة المشرع بشكل مشترك للبرلمان الأوروبي ولمجلس الاتحاد الأوروبي. وحين تنص المعاهدات صراحة على ذلك، تُطبق العملية التشريعية الخاصة، التي تعطي وظيفة اتخاذ القرار إما للبرلمان الأوروبي وحده أو لمجلس الاتحاد وحده، مع مشاركة كل من المؤسستين المذكورتين على التوالي.
مجلس الاتحاد الأوروبي، المشكل عادة من الوزراء المختصين في الدول الأعضاء، ينقسم إلى عشرة أقسام، تنص معاهدة الاتحاد الأوروبي صراحة على قسمين منهما (هما الشؤون العامة والعلاقات الخارجية) وتغطي الأقسام المواضيع الأساسية على النحو الذي حدده المجلس الأوروبي المنعقد في أشبيلية في يونيو/حزيران 2002. ويُحدد جدول أعمال مجلس الاتحاد الأوروبي من قبل الرئاسة الدورية التي تتولاها لمدة ستة أشهر – باستثناء مجلس الشؤون الخارجية - إحدى الدول الثلاث الأعضاء التي تشكل مجموعة الدول المكلفة بتولي رئاسة المجلس لمدة 18 شهرا بشكل مستمر، وفق نظام تناوب قائم على المساواة بين كل الدول الأعضاء. ويعقد المجلس اجتماعاته في بروكسيل، وفي أبريل ويونيو وأكتوبر في لوكسمبورج.
البرلمان الأوروبي، المنتخب لمدة خمس سنوات من قبل مواطني البلاد الأعضاء، يحقق مشاركة شعوب الاتحاد الأوروبي في عملية اتخاذ القرار. وقد توسعت سلطات البرلمان الأوروبي تدريجيا خلال السنوات الأخيرة، إذ أنه، مع المجلس، يباشر الوظيفة التشريعية للاتحاد في العديد من القطاعات كما يقوم بالاعتماد النهائي لميزانية الاتحاد. كذلك يشارك البرلمان الأوروبي في إجراءات تعيين أعضاء المفوضية الأوروبية.
المفوضية الأوروبية، تتشكل لمدة خمس سنوات من 27 شخصية مقترحة من قبل الدول الأعضاء ولكنها بعد ذلك تعمل في ظل استقلال تام عن السلطات الوطنية، وهي تمثل محرك الآلة الاتحادية. وتتحمل المفوضية مسؤولية تقديم مقترحات تشريعية إضافة إلى مباشرة الوظيفة التنفيذية والدفاع عن المصالح العامة للاتحاد الأوروبي والقيام بدور الحارس الساهر على احترام المعاهدات وعلى تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي، تحت رقابة محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي. وبموجب التجديدات التي ادخلتها معاهدة لشبونة، يصبح الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن عضوا في المفوضية حيث يتمتع بوظائف نائب رئيس المفوضية.
محكمة العدل وديوان المحاسبات
محكمة العدل من مقرها في لوكسمبورغ تقوم بضمان احترام تفسير القانون الاتحادي، وهي تحتكر هذا الاختصاص تماما. وتتمتع محكمة العدل بدعم محكمة الدرجة الأولى، المؤسسة في العام 1989، والمعنية بشكل خاص بالنزاعات الإدارية للمؤسسات الأوروبية فضلا عن الخلافات الناشئة عن قواعد المنافسة الأوروبية.
ديوان المحاسبات الأوروبي يمارس وظائف مماثلة لتلك التي تمارسها دواوين المحاسبات على المستوى الوطني، إذ يتحمل مسؤولية التحقق من مشروعية موارد الاتحاد ونفقاته فضلا عن الإدارة المالية السليمة لموازنة الاتحاد الأوروبي.
أجهزة ووكالات
تستجيب الوكالات والأجهزة لإرادة تيسير النمو والتنمية وتعزيز الحوار المهيكل بين المواطنين الأوروبيين والإدارات المحلية والمؤسسات الأوروبية وقد ساهمت في إثراء الهيكل المؤسساتي الأصلي للاتحاد الأوروبي.
البنك المركزي الأوروبي مع البنوك المركزية للدول الأعضاء التي تبنت العملة الموحدة أي اليورو (في ما يعرف بمنظومة اليورو) يتحمل مسؤولية السياسة النقدية الأوروبية وضمان العمل السليم لمنظومات المدفوعات العابرة للحدود الوطنية كما يباشر أعمال التحويل ويحتفظ بالاحتياطيات الرسمية للتحويل الخاصة بالدول الأعضاء الداخلة في منطقة اليورو ويديرها ويباشر وظيفة توفير النقد. ويقع مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت ومهمته الرئيسية هي الحفاظ على استقرار الأسعار في منطقة اليورو، على نحو يحفظ القدرة الشرائية لليورو. وهيكل هذا الجهاز المستقل ووظائفه محددة بموجب معاهدة ماستريخت.
البنك الأوروبي للاستثمارات هو الذراع المالية الفعلية للاتحاد: والهدف الرئيسي لنشاطه هو دعم مشاريع الاستثمار لتيسير التنمية المتوازنة في الدول الأعضاء. ويتشكل مجلس محافظي البنك الأوروبي للاستثمارات من وزراء اقتصاد الدول الأعضاء.
أما مسؤولية عرض مصالح الأطراف الاجتماعية المختلفة والمجتمع المدني على المفوضية وعلى المجلس والبرلمان فتتحملها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية. هذا في حين تسهر لجنة الأقاليم، المكونة من ممثلي أقاليم دول الاتحاد الأوروبي، على احترام هوية الأقاليم وخصائصها واختصاصات الهيئات المحلية. وفي المسار الاتحادي الخاص باتخاذ القرار، تكون استشارة هذه اللجنة إجبارية في قطاعات مثل السياسة الإقليمية والبيئة والتعليم.
ومنذ العام 1995 أُدخلت وظيفة الوسيط الأوروبي (Ombudsman) الذي يحق التوجه إليه لكل المواطنين وأيضا للمؤسسات والوكالات المقيمة في الاتحاد حين يعتبر هؤلاء أنفسهم ضحايا لسوء إدارة من قبل مؤسسات أو أجهزة اتحادية.
ومنذ السبعينيات تنشط على أراضي الاتحاد الأوروبي 29 وكالة أو منظمات مماثلة للوكالات (منها 3 هي الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية، والوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية والمعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين، ما فتئت في مرحلة التأسيس). وتمارس الوكالات وظائف محددة يتم تعريفها في وقت إنشائها. ويستجيب تأسيس هذه الوكالات إلى الرغبة في إدخال نظام اللامركزية على اختصاصات محددة للمؤسسات الأوروبية، والحاجة للتعامل مع مهام جديدة تقنية أو علمية. والوكالات الأولى - المركز الأوروبي للتنمية والتدريب المهني والمؤسسة الأوروبية لتحسين ظروف المعيشة والعمل – قد أُنشئت في السبعينيات. وفي التسعينيات، أثناء عملية استكمال السوق الداخلية، بدأ جيل جديد من الوكالات عمله، وهي الوكالات التي شكلت النموذج الاتحادي الحالي. وتعمل هذه الوكالات ي مجالات عديدة، من حماية البيئة إلى أمن العمل ورصد حقوق الإنسان وإدمان المخدرات وضمان الأمن الغذائي والأمن البحري والجوي.
اليوم يقوم البيت الأوروبي المشترك على أسس متينة. فالبرلمان، المنتخب بالاقتراع العام ، يضمن شرعية ديمقراطية للنظام المؤسسي للاتحاد واليورو قد حل محل العملات الوطنية في 12 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الحالي، وحرية حركة الأشخاص قد باتت الآن حقيقة واقعة وراسخة كما أن سياسات مشتركة ومنسقة غدت تتبع في مجالات إستراتيجية عديدة مثل السياسة الخارجية والدفاع والقدرة على المنافسة والأمن والبيئة والزراعة والتماسك الاقتصادي والاجتماعي.
وإلى النواة الأولى للست دول المؤسسة (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبرغ) انضمت على مراحل متعاقبة 21 دولة أخرى، ليصل بهذا عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى سبع وعشرين دولة.
فالدنمارك وأيرلندا والمملكة المتحدة انضمت إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية في أول يناير/ كانون الثاني 1973، ثم انضمت اليونان في العام 1981، ثم إسبانيا والبرتغال في العام 1986، وبعدها السويد وفنلندا والنمسا في عام 1995.
وبعد نمو تدريجي من 6 إلى 15 عضوا، قام الاتحاد الأوروبي في 1 مايو/أيار 2004 بأكبر توسع في تاريخه، من حيث حجم التوسع وتنوعه، حيث انضمت إلى الاتحاد عشر دول جديدة هي: قبرص واستونيا ولاتفيا وليتوانيا ومالطة وبولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا وسلوفينيا والمجر (هنغاريا).
ثم أضيفت إلى البلدان السابقة بلغاريا ورومانيا، حيث غدت الدولتان أعضاء في الاتحاد الأوروبي في 1 يناير/كانون الثاني 2007.
نبذة تاريخية
من الأصول إلى القانون الأوروبي الموحد
إن المسار الذي أدى إلى تأسيس البيت الأوروبي المشترك على صورته الحالية كان طويلا، وقد تخللته وقفات مراجعة وإعادة تفكير في عملية نموه وعقبات لم يكن تخطيها دائما سهلا.
في العام 1941 كان ألتييرو سبينيلي وإرنستو روسي قد حددا صورة لأوروبا فيدرالية في بيان فينتوتيني (Ventotene). بيد أنه بعد الحرب العالمية الثانية فقط بدأ البناء الأوروبي يخطو خطواته الأولى بدفعة من الضرورة السياسية للقضاء على أسباب المواجهة والنزاع بين دول القارة القديمة الكبرى التي وجدت نفسها على الجانب الغربي من الستار الحديدي.
وفي العام 1949 ولد مجلس أوروبا، وهي منظمة أسستها فرنسا والمملكة المتحدة وبلجيكا وأيرلندا بوظيفة استشارية بحتة، حيث ظل المجلس خارج الإطار المؤسساتي للجماعة الأوروبية.
أما مشروع جان مونيه الذي انبثقت عنه الجماعة الأوروبية للفحم والصلب فعُرض في باريس من قبل وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان في 9 مايو/أيار عام 1950، التاريخ الذي أصبح لاحقا يوم عيد أوروبا.
وبعد سنة تقريبا، في 18 أبريل/نيسان عام 1951، وضع حجر الأساس في البناء الاتحادي حين وقعت الدول الست المؤسسة المعاهدة التأسيسية للجماعة الأوروبية للفحم والصلب، والتي بموجبها أُسست في لوكسمبورج لسلطة عليا مستقلة أُسندت إليها مهمة فرض احترام القواعد المشتركة المتفق عليها في ما يعني إنتاج وتجارة الفحم والصلب.
ولكن بعد فترة وجيزة جاءت أيضا أول وقفة للمسار الأوروبي، ففي العام 1952 وبناء على مبادرة من فرنسا، قامت الدول الست بالتوقيع على معاهدة الجماعة الأوروبي للدفاع في باريس، بيد أن المعاهدة لم تدخل قط حيز النفاذ بسبب عدم تصديق البرلمان الفرنسي عليها.
ولاحقا جاء مؤتمر ميسينا (1955) ثم مؤتمر البندقية (1956)، وما تلاهما من التوقيع في روما في العام 1957 على المعاهدات المؤسسة للجماعة الاقتصادية الأوروبية (Cee) والجماعة الأوروبية للطاقة الذرية (Euratom)، لإعطاء زخم جديد لفكرة أوروبا أكثر اندماجا وتكاملا.
وفي وقت لاحق، خلال الستينيات، خطت عملية التكامل خطوات واسعة إلى الأمام من خلال تنفيذ الاتحاد الجمركي والتوقيع على المعاهدة التي وحدت الأجهزة التنفيذية للجماعات الثلاث وأرست مبدأ وحدة الميزانية.
وفي العام 1972، لتعزيز التنسيق بين سياسات إدارة التبادل في البلدان الأوروبية وضمان الاستقرار من خلال تحديد هامش تقلب من أجل إنقاذ آلية الأسعار لدعم السياسة الزراعية المشتركة (Pac)، لتتشكل بهذا الآلية المعروفة باسم "الثعبان النقدي". وفي العام 1979 تحول الثعبان النقدي إلى اتفاق فعلي للتحويل غدا اسمه النظام النقدي الأوروبي (Sme). وفي ذات السنة، انتُخب البرلمان الأوروبي للمرة الأولى بالاقتراع العام.
وفي فبراير/شباط 1984 تم إقرار مشروع المعاهدة بشأن الاتحاد الأوروبي الذي دعمه سبينيلي (والذي كان بمثابة مسودة أولى وفعلية للدستور الأوروبي) وذلك بأغلبية ساحقة في البرلمان. وفي العام 1985، تم التوقيع على اتفاق شنغن من قبل ألمانيا وفرنسا وبلدان البنلوكس لتيسير إلغاء عمليات المراقبة على الحدود الداخلية، مع تخطي المقاومة التي كانت تواجهها الجهود الرامية إلى تعزيز حرية حركة الأشخاص والتعاون القضائي داخل الإطار المؤسساتي للجماعة الأوروبية. وفي ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، قرر المجلس الأوروبي في لوكسمبورغ تعديل معاهدة روما وإعطاء دفعة جديدة لعملية التكامل الأوروبي من خلال إنشاء القانون الأوروبي الوحيد، الموقع في لاهاي في فبراير/شباط 1986. وإضافة إلى قيامه بإنجاز إصلاحات مؤسساتية هامة، سمح القانون الأوروبي الواحد باستمرار المسار نحو استكمال السوق الموحدة. وكي تترجم الأهداف التي حددها الميثاق الواحد في العام 1987 إلى واقع بحلول العام 1992، قام جاك ديلور، بصفته رئيسا للمفوضية الأوروبية بتقديم برنامج طموح تشريعي وعملي لضمان إزالة ما تبقى من عقبات أمام حرية حركة الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال والخدمات. وقد مهد إنشاء الفضاء الاقتصادي الموحد الطريق لإدخال العملة الموحدة لاحقا.
في ماستريخت تتحول الجماعة إلى اتحاد
ومع ماستريخت غدا ما كان حتى ذلك الحين يعرف بشكل عام باسم الجماعة الاقتصادية الأوروبية الاتحاد الأوروبي. وبتأسيسها لاتحاد أوروبي يعتزم "بدء مرحلة جديدة في عملية إنشاء وحدة أوثق من أي وقت مضى بين شعوب أوروبا، تُتخذ فيها القرارات على أقرب مستوى ممكن من المواطنين"، شكلت ماستريخت نقطة تحول حقيقية في عملية التكامل الأوروبي. هذا لأنها لم تقتصر على ضم الاتحاد الأوروبي للجماعات التاريخية الثلاث (الجماعة الاقتصادية الأوروبية والجماعة الاقتصادية للفحم والصلب والجماعة الأوروبية للطاقة الذرية)، بل تجاوزت هذا إلى إثراء الاختصاصات الواسعة بالفعل التي كانت لتلك الجماعات: وقد حدث هذا في القطاع الاقتصادي التقليدي (ولا سيما من خلال إنشاء الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي)، إضافة إلى قطاعات أخرى مثل المواطنة الأوروبية والثقافة والتعليم. كلك فإن معاهدة ماستريخت قد أدخلت سياسات جديدة وأشكالا جديدة من التعاون: التعاون في ميدان السياسة الخارجية والأمنية في والعدل والشؤون الداخلية. إذن عبر ماستريخت توسع الاتحاد وتعزز اانتظارا لتوسعه لدول القارة الأوروبية الأخرى.
إن البناء الاتحادي، من خلال معاهدات أمستردام ونيس، قد تمكن لاحقا من تحقيق خطوات هامة إلى الأمام. ولاحقا تم إدراج اتفاق شنغن في إطار الاتحاد الأوروبي القانوني، كما أعطي زخم جديد للتعاون بين قوات الشرطة وفي القضاء والدفاع، ويُسرت إمكانية توثيق التعاون بين مجموعات أصغر من بلدان الاتحاد الأوروبي وأُسس منصب الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة (الي يسمى بالسيد السياسة الخارجية والأمنية المشتركة)، وهو المنصب الذي يتولاه حاليا خافيير سولانا، وزير الخارجية الاسباني السابق والأمين العام السابق لمنظمة حلف شمال الأطلسي.
بعد إلغاء الرقابة على الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي (1998-1999) وبعد بدء التداول الفعلي للعملة الواحدة في 10 يناير/كانون الثاني، تمثلت الخطوة التالية في وضع المعاهدة الدستورية اللازمة لضمان الأداء السليم للاتحاد، الذي صار مكونا ن 25 بلدا بدءا من 1 مايو/أيار. وقد وُقعت المعاهدة الدستورية الأوروبية المذكورة في روما في 29 /أكتوبر/تشرين الأول2004 وفي الوقت الراهن تقوم الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي بالتصديق عليها. وقد صدقت إيطاليا على المعاهدة في 7 أبريل/نيسان 2005.
المؤسسات
المجلس الأوروبي
ثمة دور رئيس في تنمية التكامل الأوروبي يضطلع به المجلس الأوروبي، الذي غدا جزءا رئيسا من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وفق التجديد الذي أدخلته معاهدة لشبونة. ويجتمع المجلس مرتان على الأقل كل ستة أشهر لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء ومهمته هي ضمان تحقيق الدفع اللازم لتنمية الاتحاد وتحديد توجهاته السياسية العامة. وللمجلس رئيس مستقر، يتم انتخابه من قبل المجلس الأوروبي ذاته (بأغلبية مؤهلة) لفترة سنتين ونصف السنة، قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، ويضطلع برئاسة الاجتماعات وتحضيرها (بالتعاون مع رئيس المفوضية الأوروبية وبناء على أعمال مجلس الشؤون العامة) فضلا عن تمثيل الاتحاد الأوروبي في الخارج في ما يعني الشؤون السياسية الخارجية والسياسة الأمنية المشتركة (باستثناء الشؤون التي تندرج في اختصاص الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن).
المثلث المؤسساتي
إن مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية يشكلون معا ما يعرف باسم المثلث المؤسساتي الاتحادي، الذي تتطور في إطاره، حسب ما تنص عليه المعاهدات، العملية التشريعية واتخاذ القرارات في الاتحاد الأوروبي. ويتعلق الأمر هنا بالعملية التي عبرها يعمل الاتحاد الأوروبي في القطاعات التي تدخل في اختصاصه بموجب المعاهدات، ومع احترام مبدأ التبعية، أي أن تقتصر المواد التي تُعالج على المستوى الاتحادي على الشؤون التي لا يمكن إنجازها بشكل ملائم على المستوى الوطني في الدول الأعضاء.
وللمفوضية وحدها سلطات القيام بمبادرات تشريعية. بيد أن كل مقترحاتها يجب أن تُعرض على البرلمان الأوروبي وعلى مجلس الاتحاد الأوروبي كي تتحول إلى قوانين.
ولاتخاذ قرار ما على الصعيد التشريعي يُتبع أساسا الإجراء التشريعي العادي، الذي يعطي صفة المشرع بشكل مشترك للبرلمان الأوروبي ولمجلس الاتحاد الأوروبي. وحين تنص المعاهدات صراحة على ذلك، تُطبق العملية التشريعية الخاصة، التي تعطي وظيفة اتخاذ القرار إما للبرلمان الأوروبي وحده أو لمجلس الاتحاد وحده، مع مشاركة كل من المؤسستين المذكورتين على التوالي.
مجلس الاتحاد الأوروبي، المشكل عادة من الوزراء المختصين في الدول الأعضاء، ينقسم إلى عشرة أقسام، تنص معاهدة الاتحاد الأوروبي صراحة على قسمين منهما (هما الشؤون العامة والعلاقات الخارجية) وتغطي الأقسام المواضيع الأساسية على النحو الذي حدده المجلس الأوروبي المنعقد في أشبيلية في يونيو/حزيران 2002. ويُحدد جدول أعمال مجلس الاتحاد الأوروبي من قبل الرئاسة الدورية التي تتولاها لمدة ستة أشهر – باستثناء مجلس الشؤون الخارجية - إحدى الدول الثلاث الأعضاء التي تشكل مجموعة الدول المكلفة بتولي رئاسة المجلس لمدة 18 شهرا بشكل مستمر، وفق نظام تناوب قائم على المساواة بين كل الدول الأعضاء. ويعقد المجلس اجتماعاته في بروكسيل، وفي أبريل ويونيو وأكتوبر في لوكسمبورج.
البرلمان الأوروبي، المنتخب لمدة خمس سنوات من قبل مواطني البلاد الأعضاء، يحقق مشاركة شعوب الاتحاد الأوروبي في عملية اتخاذ القرار. وقد توسعت سلطات البرلمان الأوروبي تدريجيا خلال السنوات الأخيرة، إذ أنه، مع المجلس، يباشر الوظيفة التشريعية للاتحاد في العديد من القطاعات كما يقوم بالاعتماد النهائي لميزانية الاتحاد. كذلك يشارك البرلمان الأوروبي في إجراءات تعيين أعضاء المفوضية الأوروبية.
المفوضية الأوروبية، تتشكل لمدة خمس سنوات من 27 شخصية مقترحة من قبل الدول الأعضاء ولكنها بعد ذلك تعمل في ظل استقلال تام عن السلطات الوطنية، وهي تمثل محرك الآلة الاتحادية. وتتحمل المفوضية مسؤولية تقديم مقترحات تشريعية إضافة إلى مباشرة الوظيفة التنفيذية والدفاع عن المصالح العامة للاتحاد الأوروبي والقيام بدور الحارس الساهر على احترام المعاهدات وعلى تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي، تحت رقابة محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي. وبموجب التجديدات التي ادخلتها معاهدة لشبونة، يصبح الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن عضوا في المفوضية حيث يتمتع بوظائف نائب رئيس المفوضية.
محكمة العدل وديوان المحاسبات
محكمة العدل من مقرها في لوكسمبورغ تقوم بضمان احترام تفسير القانون الاتحادي، وهي تحتكر هذا الاختصاص تماما. وتتمتع محكمة العدل بدعم محكمة الدرجة الأولى، المؤسسة في العام 1989، والمعنية بشكل خاص بالنزاعات الإدارية للمؤسسات الأوروبية فضلا عن الخلافات الناشئة عن قواعد المنافسة الأوروبية.
ديوان المحاسبات الأوروبي يمارس وظائف مماثلة لتلك التي تمارسها دواوين المحاسبات على المستوى الوطني، إذ يتحمل مسؤولية التحقق من مشروعية موارد الاتحاد ونفقاته فضلا عن الإدارة المالية السليمة لموازنة الاتحاد الأوروبي.
أجهزة ووكالات
تستجيب الوكالات والأجهزة لإرادة تيسير النمو والتنمية وتعزيز الحوار المهيكل بين المواطنين الأوروبيين والإدارات المحلية والمؤسسات الأوروبية وقد ساهمت في إثراء الهيكل المؤسساتي الأصلي للاتحاد الأوروبي.
البنك المركزي الأوروبي مع البنوك المركزية للدول الأعضاء التي تبنت العملة الموحدة أي اليورو (في ما يعرف بمنظومة اليورو) يتحمل مسؤولية السياسة النقدية الأوروبية وضمان العمل السليم لمنظومات المدفوعات العابرة للحدود الوطنية كما يباشر أعمال التحويل ويحتفظ بالاحتياطيات الرسمية للتحويل الخاصة بالدول الأعضاء الداخلة في منطقة اليورو ويديرها ويباشر وظيفة توفير النقد. ويقع مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت ومهمته الرئيسية هي الحفاظ على استقرار الأسعار في منطقة اليورو، على نحو يحفظ القدرة الشرائية لليورو. وهيكل هذا الجهاز المستقل ووظائفه محددة بموجب معاهدة ماستريخت.
البنك الأوروبي للاستثمارات هو الذراع المالية الفعلية للاتحاد: والهدف الرئيسي لنشاطه هو دعم مشاريع الاستثمار لتيسير التنمية المتوازنة في الدول الأعضاء. ويتشكل مجلس محافظي البنك الأوروبي للاستثمارات من وزراء اقتصاد الدول الأعضاء.
أما مسؤولية عرض مصالح الأطراف الاجتماعية المختلفة والمجتمع المدني على المفوضية وعلى المجلس والبرلمان فتتحملها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية. هذا في حين تسهر لجنة الأقاليم، المكونة من ممثلي أقاليم دول الاتحاد الأوروبي، على احترام هوية الأقاليم وخصائصها واختصاصات الهيئات المحلية. وفي المسار الاتحادي الخاص باتخاذ القرار، تكون استشارة هذه اللجنة إجبارية في قطاعات مثل السياسة الإقليمية والبيئة والتعليم.
ومنذ العام 1995 أُدخلت وظيفة الوسيط الأوروبي (Ombudsman) الذي يحق التوجه إليه لكل المواطنين وأيضا للمؤسسات والوكالات المقيمة في الاتحاد حين يعتبر هؤلاء أنفسهم ضحايا لسوء إدارة من قبل مؤسسات أو أجهزة اتحادية.
ومنذ السبعينيات تنشط على أراضي الاتحاد الأوروبي 29 وكالة أو منظمات مماثلة للوكالات (منها 3 هي الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية، والوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية والمعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين، ما فتئت في مرحلة التأسيس). وتمارس الوكالات وظائف محددة يتم تعريفها في وقت إنشائها. ويستجيب تأسيس هذه الوكالات إلى الرغبة في إدخال نظام اللامركزية على اختصاصات محددة للمؤسسات الأوروبية، والحاجة للتعامل مع مهام جديدة تقنية أو علمية. والوكالات الأولى - المركز الأوروبي للتنمية والتدريب المهني والمؤسسة الأوروبية لتحسين ظروف المعيشة والعمل – قد أُنشئت في السبعينيات. وفي التسعينيات، أثناء عملية استكمال السوق الداخلية، بدأ جيل جديد من الوكالات عمله، وهي الوكالات التي شكلت النموذج الاتحادي الحالي. وتعمل هذه الوكالات ي مجالات عديدة، من حماية البيئة إلى أمن العمل ورصد حقوق الإنسان وإدمان المخدرات وضمان الأمن الغذائي والأمن البحري والجوي.