منتديات الحوار الجامعية السياسية

الوقائع و الأحداث التاريخية
#38525
لم تجد الديمقراطية في تاريخها كله رواجاً مثلما وجدته في عصرنا هذا, لقد كان معظم المفكري الغربيين منذ العهد اليوناني كثيري النقد لها.
لكل دولة نسختها من الديمقراطية أو غيابها. ولكل مجتمع عناصر الدفع التي أدت إليها أو أعاقتها وهذا التفاعل بين العناصر المختلفة هو الذي شكل لكل نظام ديمقراطي صيغته النهائية. فهناك أولا التحول الديمقراطي في أعقاب ثورات اجتماعية: ولهذه الثورات صيغتان إحداهما تاريخية والأخرى معاصرة، ففي الصيغة التاريخية، حدث فيها تحالف طبقي بين الطبقتين الوسطى (البرجوازية المتعلمة التي لم تقبل الجباية الملكية) والدنيا (التي كانت تعاني أوضاعا اقتصادية غير إنسانية) ضد النخب الحاكمة من ملوك وأمراء إقطاع فانتهت إلى وضع قيود قانونية وسياسية على ممارسات هذه النخب.أما في الصيغة المعاصرة كان العامل السياسي غالبا مع رغبة أكيدة ليس فقط في التخلص من الحكام ولكن في تغيير قواعد اللعبة السياسية والدستورية. . لكن الصورة الواقعية لما يسمى بالديمقراطية ـ مهما كانت حسناتها أو سيئاتها ـ ليست هي حكم الشعب:
أولاً: لأن مفهوم الشعب نفسه مفهوم غامض كما يرى بعض كبار منظري الديمقراطية.
ثانياً: لأن الشعب لم يكن في يوم من الأيام ولن يكون حاكماً؛ ذلك أمر متعذر. وإليك بعض شهادات أهلها على ذلك:
إن الديمقراطية المثالية هي ما يسمى بالديمقراطية المباشرة التي يقال إنها كانت تمارس في أثينا، أول دولة ديمقراطية نشأت في القرن الخامس قبل الميلاد. تسمى بالمباشرة؛ لأن «الشعب» كان يجتمع في العام أربعين مرة ليناقش كل القضايا السياسية المهمة مناقشة مباشرة ويصدر فيها قراراته. لكنها مع ذلك لم تكن حكم الشعب. وهناك ثانيا التحول الديمقراطي تحت سلطة الاحتلال أو بالتعاون معه: وأوضح الأمثلة التاريخية لهذا النمط هو دور الاحتلال البريطاني في الهند والأمريكي في اليابان وألمانيا الغربية.
التحول الديمقراطي تحت إدارة نخبة ديمقراطية مستنيرة يعد نمطا، ثالثا شهدته عدد من الدول. وهو نموذج للتحول الديمقراطي يأتي بعد انهيار النظم الاستبدادية إما لموت الحاكم المستبد أو لهزيمة عسكرية تفقده شرعيته بما يؤدي إلى وصول نخب ديمقراطية تدير عملية التحول وتختار بنفسها أن تضع قيودا دستورية على ممارساتها. الانفتاح السياسي التكتيكي الذي يفضي إلى مطالب ديمقراطية غير متوقعة هو النمط الرابع للتحول الديمقراطي. الانفتاح السياسي التكتيكي يعني (السماح بوجود أحزاب معارضة ثم التضييق على حقها في بناء قواعد شعبية مستقلة).
بيد أن الشرط الجوهري لنجاح هذا النمط هو أولا وجود معارضة قوية وتتمتع بمصداقية كافية لدى تيارات واسعة من المواطنين مع اتفاق القوى المعارضة على أن إبدال النظام السابق ليحل محله غيره على أنه أولوية مطلقة تختفي أمامها كافة التناقضات البينية. خامسا تعاقد النخبة المستبدة على انسحابها من الحياة السياسية بعد ارتفاع تكلفة القمع.
هناك ملاحظتان أساسيتان على الأنماط الخمسة المشار إليها:
أولا: دائرية العلاقة بينها. بما يعني أن الضغوط الخارجية يمكن أن تفضي إلى انفتاح سياسي محدود بما يفضي إلى تحول ديمقراطي حقيقي.
ثانيا: مهما لعب المتغير الخارجي من أدوار فإن شروط نجاح التحول الديمقراطي تظل داخلية بالأساس.
مرونة الطلب على الديمقراطية عربيا
الثقافة السياسية متغير شديد الأهمية في تفسير واستشراف مستقبل الديمقراطية العربية على أكثر من مستوى. فواحدة من أنماط التحول الديمقراطي هي الثورة الشعبية أو الضغوط من أسفل الهرم السياسي.
كما أن استدامة الديمقراطية ورسوخها تتطلب أن تكون التفضيلات السياسية تجاه الديمقراطية على حساب ما عداها من نظم مهما كانت التحديات.
وهو ما يتطلب في الحالتين العودة إلى المتاح من البيانات الميدانية عن الثقافة السياسية العربية.
أولا: قبول الثقافة السياسية العربية للديمقراطية:
خرجت عدة دراسات ميدانية في آخر 10 سنوات عن المنطقة العربية لتناقش توجهات المواطنين العرب تجاه قيم الديمقراطية. وقد استفاد الباحث من البيانات التي وفرتها بعض هذه الدراسات فضلا عن استطلاع للرأي أجراه الباحث مع فريق بحثي معاون في عدد من البلدان العربية عند إعداده لرسالة الدكتوراه. أمكن الوصول إلى خريطة تعبر عن التوجهات السياسية للقطاع الذي يجيد القراءة والكتابة من العرب والمسلمين في 32 دولة تجاه قيم الديمقراطية ومؤسساتها. كما استطلعت آراؤهم بشأن رؤيتهم حول أهمية المشاركة السياسية (التصويت في الانتخابات) ومؤسسات التنافس والتمثيل السياسي مثل الأحزاب والانتخابات والبرلمان. ووجد أن هناك مجتمعات، مثل المملكة العربية السعودية واليمن وليبيا وعمان والإمارات، تواجه ثقافة سياسية تقف موقف المتشكك من القيم الديمقراطية ومؤسساتها على نحو يجعلنا نتقبل أن عامل الثقافة السياسية يمكن أن يلعب دورا هاما في تفسير عدم وجود أو استقرار الديمقراطية في هذه المجتمعات. وليس الهدف من هذا العرض هو الدخول في معالجة تفصيلية بشأن الثقافة السياسية للمجتمعات العربية ولكن لتوضيح أن المجتمعات العربية تتباين فيما تحمله من قيم ثقافية على نحو يجعلنا نعطي أولية لعامل على آخر في حالة دون أخرى وعلى نحو يجعل بعض المجتمعات أكثر استعدادا للقبول بالديمقراطية الليبرالية أكثر من غيرها.
ثانيا: مرونة الطلب على الديمقراطية:
إن مشاهد الطلبة المتظاهرين والعمال المضربين في كوريا الجنوبية وملايين الجورجيين والأوكرانيين في الشوارع تحت الأمطار متظاهرين من أجل تحول ديمقراطي حقيقي يؤكد أن لكل شيء ثمنا وأن الطلب الحقيقي على الديمقراطية يقتضي التضحية. - كي يحقق الناس في مجتمعك حقوقهم السياسية هل عليهم أن: يتحدوا الحكومة علانية حتى لو أدى ذلك إلى استخدام العنف، أو أن يتحدوا الحكومة علانية بلا عنف، أن يعبروا عن مشاعرهم السلبية تجاه حكامهم ولكن بصورة غير علنية أو أن يصبروا وأن يلجئوا إلى الله بالدعاء كي يبدلهم حكاما أفضل.
فالاستعداد للتضحية من أجل الحقوق السياسية في الدول العربية ضعيف إذا ما قورن بالاستعداد للتضحية بين المجتمعات المسلمة غير العربية. وأعلى مجموعتين من المواطنين العرب المستعدين للتضحية من أجل حقوقهم السياسية هما لبنان والجزائر. وهما دولتان تتصفان بتشرذم واضح في الثقافة ونزعة تاريخية لتحدي السلطة الحاكمة ويقل هذا الاستعداد للتضحية نسبيا في الدول الخليجية. إن صح هذا التحليل فإن المجتمعات العربية مفتوحة على احتمالات عدة أقربها إلى الواقع الميداني هو التحول عن التسلطية ولكن ليس في اتجاه الديمقراطية وإنما في اتجاه تسلطية تنافسية لها توتراتها التي يمكن أن تفضي إلى تحولات ديمقراطية حقيقية على مدى زمني أطول. توتراتها التي يمكن أن تفضي إلى تحولات ديمقراطية حقيقية على مدى زمني أطول.
وهذا ليس ببعيد، فالنظام التسلطي التنافسي بطبيعته غير مستقر لأنه قائم على قواعد ومؤسسات ديمقراطية شكلا وممارسات وتكتيكات تسلطية. وهو ما يفتح مساحة، محدودة في البداية، لقوى المعارضة لإبراز وجودها واستغلال الثغرات والتناقضات بين القانون والممارسة من قبل النخب الحاكمة ،وهو ما قد يفضي إلى أزمات شرعية للنخب الحاكمة مثلما حدثت في المكسيك.
التحول الديمقراطي العربي.. في طور تسلطية تنافسية
تعنى هذه الدراسة بقضية التفاعل بين الضغوط الخارجية والمحددات الداخلية لعملية التحول الديمقراطي في الوطن العربي
للأجابة على هذا السؤال يجب توفر ثلاث مجموعات من العوامل
1- مدى التزام القوى الدولية بتغير ديمقراطي حقيقي في المنطقة العربية فضلا عن طبيعة الديمقراطية التي تضغط القوى الدولية من أجل تحقيقها.
2- - مدى رسوخ أسباب الإرث الاستبدادي التقليدية في الدول العربية.
3- مدى استعداد الثقافة السياسية العربية للتحول الديمقراطي.
وتبدو ضرورة البحث في قضية التحول الديمقراطي على المستوى العربي ضرورة جوهرية بالنظر إلى ما آلت إليه الأمور عالميا. ففي عام 1975 كانت الدول العربية تشكل نسبة 11% من الدول غير الديمقراطية في العالم.
أما في عام 2005، وباستخدام نفس المؤشرات، فإنها تمثل حوالي 35% بما يعني أن موجة التحول الديمقراطي الثالثة لم تنل من الدول العربية بالقدر الذي يجعل أي دولة عربية تلبي خصائص النظم الديمقراطية الناشئة ناهيك عن الديمقراطيات الراسخة.

وهذا ما جعل البعض يتحدث عن عجز في الديمقراطية العربية لا الإسلامية التي وجد أنها أنجزت الكثير في آخر 20 سنة. من ناحية أخرى فإنه من بين 121 نظاما تم تصنيفها من قبل بيت الحرية في الولايات المتحدة باعتبارها نظم حكم ديمقراطية، لم توجد دولة عربية واحدة. بل إنه وفقا لهذا التصنيف فإن النظم العربية أقل ديمقراطية في المتوسط عما كانت عليه من 25 سنة لا بوجد رأس دولة عربية واحدة ترك منصبة عبر صناديق الإقتراع.
ومن هنا يثور التساؤل عن مدى رسوخ هذه الخصوصية ومدى قدرتها على مواجهة التيار العالمي الجارف نحو مزيد من الديمقراطية.
التعليق
قبل أن أبدأ القول والتحدث عن التحول الديمقراطي في العالم العربي يجدر بنا أن تعرف مالمقصود من كلمة ديمقراطية اصطلاحاً هي سيادة الشعب وحكم الشعب (أرى أنها مجازاًَ) والديمقراطية نظام سياسي إجتماعي تكون فيه السيادة لجميع المواطنين ويوفر لهم المشاركة الحرة في صنع التشريعات التي تنظم الحياة العامة. والديمقراطية الإجتماعية تعرف بأنها اسلوب حياة تقوم على المساواة وحرية الرأي والتفكير وهناك أركان أساسية لديقراطية الا وهي (حكم الشعب- المساواة- الحرية الفكرية).
أتفق استعرضة الكاتب وهو أن لكل دولة صفات معينة تميزها عن غيرها فالديمقراطية الإمريكة تختلف عن غيرها في دول العالم الثالث..
اختلف في قول بأن الديمقراطية هي حكم الشعب بالشعب لأن هذا أمر متعذر حصوله, ولكن مانراه هو وجود نخبة حاكمة. هنالك عدة أنواع لتحول قد يكون ارادياً مقصوداً من فئة تهدف لذالك أو قد تكون الدولة مجبرتاً نظراً لضغوط الخارجية أو لسلطة الإحتلال.
ملاحظتي هو أن التحول الديمقراطي في العالم العربي هو نتاج لتلك الأنظمة التي يمكننا الإطلاق عليها بالشمولية. فنتيجة للكبت الذي يعانية الشعب جراء حكم الفرد القلة المستبدة بالسلطة يؤدي ذلك إلى توليد حالة من الإمتعاض ومن ثم ارسعي نحو التضحية من أجل الوصول إلى مجتمع ديمقراطي مبني على الحرية وتأسيس العلاقة بين الفرد والحكومة او الدولة على أساس القانون الذي يكون فوق الجميع..