- الثلاثاء يونيو 07, 2011 5:16 pm
#38904
إن كان من «خلاصة» يمكن الوصول إليها في ضوء احداث «جمعة التضامن مع أطفال الحرية» في سوريا، فهي أن «الحل الأمني» سقط سقوطاً مدوياّ، بعد أشهر ثلاثة من الاختبار الدامي لهذا الحل، فالشعب السوري ما عاد يكترث بإحصاء عدد الضحايا، وتظاهراته إلى ازدياد واتساع وانتشار، وكل «جمعة» تأتي معها بمزيد من المحتجين الموزعين على مناطق إضافية من الجغرافيا السورية.
أمس، وفقاً لمراقبين كثر، وُصِفَ بأنه الأعنف منذ اندلاع حركة التظاهر والاحتجاج، إن صحت الأرقام حول عدد الشهداء والجرحى، وليس ثمة ما يدعو للاعتقاد بخلاف ذلك، فإن الجمعة الفائتة كانت الأكثر دموية، ومن دون أن يفتّ ذلك في عضد المتظاهرين، الذين يبدون على استعداد لمواجهة «الحرب المتنقلة» ودفع أكلافها، أمس كان «الدور» على حماة، بعد أن استأثرت حمص، ومن قبل درعا، بالعناوين الرئيس للأخبار خلال الأسابيع الأخيرة، أمس سقط الادعاء بأن الوضع في سوريا بات تحت القبضة والسيطرة، وأن الأسوأ قد انقضى وفقاً للمتحدثة بثينة شعبان.
سقوط «الحل الأمني» كان أمراً مرجحاً ومحتماً، لا أحد في مفتتح القرن الحادي والعشرين، يمكنه الرهان على الاستخدام المفرط للقوة الغاشمة، لا أحد لديه يدان طليقتان ليعيث بهما، قتلا وترويعاً وتدميراً، والشعوب العربية، كسرت حاجز الخوف، ولم يعد الرصاص، حيّاً كان أم مطاطياً، يخيف شباب الثورات العربية وشاباتها، وليست سوريا أبداً، خارج هذا السياق.
الجديد في تطورات الوضع السوري، هو ما يمكن وصفه «سقوط الحل السياسي» كذلك، كل الخطوات التي أقدم عليها النظام، والتي كانت ذات يوم، غاية طموح الشعب السورية، لم تعد كافية لإقناع السوريين بالتزام منازلهم، والتوقف علن التظاهر والاحتجاج، لا إلغاء الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ، ولا العفو العام، ولا الوعود بحوار وقوانين جديدة وخطوات انفتاحية، باتت كافية لإقناع السوريين، بأن نظامهم السياسي قد اقتنع أخيراً، بوجوب الانتقال بسوريا إلى ضفاف الحرية والديمقراطية.
لو أن خطوات كهذه، اتخذت في الأسبوع الأول من الأحداث، كما نصح بذلك كثيرون، لكان الوضع في سوريا اليوم مغايرا تماماً لما نراه من صور القتل المتنقل من مدينة إلى أخرى ومن بلدة أخرى، الشعب لم يعد يثق بالنظام، الشعب بات شديد القناعة بأن الحل غير ممكن ما لم تصل الأمول إلى «خواتيمها»، وخواتيم المشهد السوري لا يبدو أنها تختلف عن «خواتيم» المشاهد العربية من تونس إلى اليمن مروراً بمصر.
لقد فشلت سياسات النظام في «تخليق» محاورين على مقاسه، يستدعيهم على عجل ويصرفهم على عجل، حوار بلا أفكار أو أجندة أو خريطة طريق للخروج من المأزق، وإذا كانت دعوات كهذه قد لاقت رفضاً واستخفافاً وتشكيكاً من قبل معارضي الخارج، فإن جديد المشهد السوري، هو أن هذه الدعوات لم تعد تستقبل بـ»القبول المتحمس» من قبل معارضين محليين، في الداخل السوري، بدلالة الموقف الذي أبدته أحزاب كردية حين ردت باقتراح «التريث» و»الحاجة للتحضير الجيد» على دعوة للرئيس السوري للهم للقائه صبيحة اليوم التالي، فيما يشبه «مذكرة الجلب» التي كلّف محافظ الحسكة بإيصالها لمن يعنيهم الأمر.
ثلاثة أشهر من الاختبار الدامي للخيار الأمني، كانت كافية لتبديد ما بتقى من صدقية لدى النظام، مئات السوريين قتلوا بعد إلغاء قانون الطوارئ، مئات السوريين اعتقلوا بعد العفو العام، لجنة الحوار في إجازة مفتوحة، واللجان المكلفة بوضع رزمة التشريعات الإصلاحية، تعمل وفق قاعدة: «خطوة للأمام.. خطوتان إلى الوراء»، وإلا كيف نفسر الحديث عن «قانون جديد للأحزاب» فيما الأمين القطري المساعد يعلن بأن إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تتحدث عن حزب البعث كحزب قائد للمجتمع والدولة، غير وارد طالما ظل الحزب في السلطة؟!.
أخشى أن الأزمة السورية قد بلغت نقطة اللاعودة، وأن الحلول، أمنية كانت أم سياسية، قد استنفدت أغراضها، وأن «الحسم» ينتظر الآن دخول المدن الرئيسة على خط التظاهر والاحتجاج، أخشى أن تطوراً كهذا لم يعجد بعيداً، وربما هذا ما يدفع بعض العواصم الإقليمية والدولية، التي طالما منحت الفرص تلو الأخرى للقيادة السورية للتحرك على طريق الإصلاح، قد بدأت تشعر باليأس والإحباط، وأخذت تتحدث عن ضياع الفرص، بل وتفرض عقوبات على الرئيس شخصيا، وتتحضر للحديث عن مرحلة ما بعد الأسد في سوريا.
وتذكّر مؤتمرات كمؤتمرات أنطاليا وبروكسيل، بحراك المعارضة العراقية قبيل إسقاط نظام صدام حسين، البعثي كذلك، حيث أخذت قوى سياسية سورية، وبتوجيه مباشر من عواصم إقليمية ودولية، في رسم سيناريوهات المستقبل السوري، وتحديد ملامح سوريا المستقبل.
والمؤسف حقاً أن المستقبل الذي ينتظر سوريا، ليس واضحاً تماماً كما كان عليه حال الثورتين المصرية والتونسية، لا بسبب اختلاف التركيبة الاجتماعية السورية بتعقيداتها المعروفة، بل وبسبب أيضاً «الطابع الغامض» الذي يلف هوية القوى التي تحرك الشارع السوري كذلك، لكنها مسؤولية النظام الذي أبدى ولا يزال يبدي، عجزاً ظاهراً في فهم ما يجري من حوله، وإخفاقاً شديداً في التصرف بالطريقة المناسبة في الوقت المناسب.
أمس، وفقاً لمراقبين كثر، وُصِفَ بأنه الأعنف منذ اندلاع حركة التظاهر والاحتجاج، إن صحت الأرقام حول عدد الشهداء والجرحى، وليس ثمة ما يدعو للاعتقاد بخلاف ذلك، فإن الجمعة الفائتة كانت الأكثر دموية، ومن دون أن يفتّ ذلك في عضد المتظاهرين، الذين يبدون على استعداد لمواجهة «الحرب المتنقلة» ودفع أكلافها، أمس كان «الدور» على حماة، بعد أن استأثرت حمص، ومن قبل درعا، بالعناوين الرئيس للأخبار خلال الأسابيع الأخيرة، أمس سقط الادعاء بأن الوضع في سوريا بات تحت القبضة والسيطرة، وأن الأسوأ قد انقضى وفقاً للمتحدثة بثينة شعبان.
سقوط «الحل الأمني» كان أمراً مرجحاً ومحتماً، لا أحد في مفتتح القرن الحادي والعشرين، يمكنه الرهان على الاستخدام المفرط للقوة الغاشمة، لا أحد لديه يدان طليقتان ليعيث بهما، قتلا وترويعاً وتدميراً، والشعوب العربية، كسرت حاجز الخوف، ولم يعد الرصاص، حيّاً كان أم مطاطياً، يخيف شباب الثورات العربية وشاباتها، وليست سوريا أبداً، خارج هذا السياق.
الجديد في تطورات الوضع السوري، هو ما يمكن وصفه «سقوط الحل السياسي» كذلك، كل الخطوات التي أقدم عليها النظام، والتي كانت ذات يوم، غاية طموح الشعب السورية، لم تعد كافية لإقناع السوريين بالتزام منازلهم، والتوقف علن التظاهر والاحتجاج، لا إلغاء الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ، ولا العفو العام، ولا الوعود بحوار وقوانين جديدة وخطوات انفتاحية، باتت كافية لإقناع السوريين، بأن نظامهم السياسي قد اقتنع أخيراً، بوجوب الانتقال بسوريا إلى ضفاف الحرية والديمقراطية.
لو أن خطوات كهذه، اتخذت في الأسبوع الأول من الأحداث، كما نصح بذلك كثيرون، لكان الوضع في سوريا اليوم مغايرا تماماً لما نراه من صور القتل المتنقل من مدينة إلى أخرى ومن بلدة أخرى، الشعب لم يعد يثق بالنظام، الشعب بات شديد القناعة بأن الحل غير ممكن ما لم تصل الأمول إلى «خواتيمها»، وخواتيم المشهد السوري لا يبدو أنها تختلف عن «خواتيم» المشاهد العربية من تونس إلى اليمن مروراً بمصر.
لقد فشلت سياسات النظام في «تخليق» محاورين على مقاسه، يستدعيهم على عجل ويصرفهم على عجل، حوار بلا أفكار أو أجندة أو خريطة طريق للخروج من المأزق، وإذا كانت دعوات كهذه قد لاقت رفضاً واستخفافاً وتشكيكاً من قبل معارضي الخارج، فإن جديد المشهد السوري، هو أن هذه الدعوات لم تعد تستقبل بـ»القبول المتحمس» من قبل معارضين محليين، في الداخل السوري، بدلالة الموقف الذي أبدته أحزاب كردية حين ردت باقتراح «التريث» و»الحاجة للتحضير الجيد» على دعوة للرئيس السوري للهم للقائه صبيحة اليوم التالي، فيما يشبه «مذكرة الجلب» التي كلّف محافظ الحسكة بإيصالها لمن يعنيهم الأمر.
ثلاثة أشهر من الاختبار الدامي للخيار الأمني، كانت كافية لتبديد ما بتقى من صدقية لدى النظام، مئات السوريين قتلوا بعد إلغاء قانون الطوارئ، مئات السوريين اعتقلوا بعد العفو العام، لجنة الحوار في إجازة مفتوحة، واللجان المكلفة بوضع رزمة التشريعات الإصلاحية، تعمل وفق قاعدة: «خطوة للأمام.. خطوتان إلى الوراء»، وإلا كيف نفسر الحديث عن «قانون جديد للأحزاب» فيما الأمين القطري المساعد يعلن بأن إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تتحدث عن حزب البعث كحزب قائد للمجتمع والدولة، غير وارد طالما ظل الحزب في السلطة؟!.
أخشى أن الأزمة السورية قد بلغت نقطة اللاعودة، وأن الحلول، أمنية كانت أم سياسية، قد استنفدت أغراضها، وأن «الحسم» ينتظر الآن دخول المدن الرئيسة على خط التظاهر والاحتجاج، أخشى أن تطوراً كهذا لم يعجد بعيداً، وربما هذا ما يدفع بعض العواصم الإقليمية والدولية، التي طالما منحت الفرص تلو الأخرى للقيادة السورية للتحرك على طريق الإصلاح، قد بدأت تشعر باليأس والإحباط، وأخذت تتحدث عن ضياع الفرص، بل وتفرض عقوبات على الرئيس شخصيا، وتتحضر للحديث عن مرحلة ما بعد الأسد في سوريا.
وتذكّر مؤتمرات كمؤتمرات أنطاليا وبروكسيل، بحراك المعارضة العراقية قبيل إسقاط نظام صدام حسين، البعثي كذلك، حيث أخذت قوى سياسية سورية، وبتوجيه مباشر من عواصم إقليمية ودولية، في رسم سيناريوهات المستقبل السوري، وتحديد ملامح سوريا المستقبل.
والمؤسف حقاً أن المستقبل الذي ينتظر سوريا، ليس واضحاً تماماً كما كان عليه حال الثورتين المصرية والتونسية، لا بسبب اختلاف التركيبة الاجتماعية السورية بتعقيداتها المعروفة، بل وبسبب أيضاً «الطابع الغامض» الذي يلف هوية القوى التي تحرك الشارع السوري كذلك، لكنها مسؤولية النظام الذي أبدى ولا يزال يبدي، عجزاً ظاهراً في فهم ما يجري من حوله، وإخفاقاً شديداً في التصرف بالطريقة المناسبة في الوقت المناسب.