- الأربعاء يونيو 08, 2011 3:34 am
#39061
إيجابيات وسلبيات العولمة:
أحدثت العولمة انقساماً في أوساط الباحثين وصناع القرار بين مؤيد لمسيرتها وواثق من إيجابياتها بأعتبارها تيار جارف لا محالة منه ولابد من توظيفه والتفاعل مع معطياته بأعتباره أحد أسباب التنمية المستدامة، وبين معارض منتقد للعولمة وأهدافها ويرى فيها استمرار الاستعمار القديم بوجه جديد براق يخفي وراءه كثيراً من السلبيات والمخاطر والتحديات.
ويمكننا إضافة تيار ثالث يأخذ موقفاً موضوعياً وسطاً يرصد من خلاله الإيجابيات والسلبيات دون تحيز لأي من الفريقين وذلك على أساس مبدأ أن العولمة ليست كلها خيراً وليست كلها شراً.
وتتمثل أبرز إيجابيات العولمة في البُعد التقني وذلك نتيجة للتطورات والإنجازات الهائلة في مجال تقنية المعلومات والاتصال مما أتاح فرص التواصل بوسائل مختلفة بين الشعوب والأمم كما أدى لحدوث أكبر ثورة معرفية في تاريخ البشرية من خلال البث التلفزيوني وعبر الأقمار الصناعية وشبكة الإنترنت إضافة لوسائل الإعلام والاتصالات الأخرى، وهي متاحة لاستخدام الجميع دون استثناء في مجال نشر المعلومات في شتى الميادين. كذلك يمكن الاستفادة منها بصورة كبيرة في مجالات العلوم والتعليم ومناهجه في مختلف المستويات.
ومن جانب آخر تتمثل إيجابيات العولمة في البُعد السياسي على المستوى النظري من خلال سعيها لعولمة الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن ثم مناهضة الأنظمة الشمولية أو الدكتاتورية لإفساح المجال لمنظمة ديمقراطية تتيح الفرصة للمشاركة السياسية الشعبية من خلال التعددية السياسية والحزبية والحكم الراشد وحرية التعبير والتنظيم والصحافة وإحترام حقوق الإنسان في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويمكن ذلك الكثير من الدول من اللحاق بركب الحداثة السياسية في نظامها السياسي وفي لعب دور أكبر من المجالات المختلفة اقليمياً ودولياً من خلال الانخراط في التنظيمات القارية ومن ذلك الاتحاد الأفريقي الذي سنتطرق له في الجزء الثالث والأخير من هذا البحث.
ومن جانب ثالث هناك مشكلات عالمية مشتركة لا يمكن حلها من منظور السيادة الوطنية المطلقة للدولة ومنها انتشار أسلحة الدمار الشامل والتهديدات النووية ومشاكل البيئة وثقب الأوزون الذي يهدد الأرض والإنحباس الحراري وتطور الأوبئة والأمراض المستعصية والمعدية (ونسمع اليوم بعد أمراض السرطان والإيدز والملاريا عن السارس وجنون البقر وأنفلونزا الطيور) إضافة لانتشار الجريمة المنظمة والمخدارت وغسيل الأموال والتعريب والإرهاب وانتقال الأيادي العاملة بصورة مكثفة. فكل هذه القضايا إضافة للنزاعات داخل وبين الدول والتي تهدد السلم والأمن الدوليين كما حدث في البوسنة والهرسك وكوسوفو تتطلب جهوداً دولية لمواجهتها وتسويتها.
أما من جانب سلبيات العولمة فهي كما تبدو من عرضنا السابق لتعريف العولمة وأهدافها وأبعادها أكثر بكثير من الإيجابيات خاصة إذا أخذنا في الاعتبار جانب الواقع أو التطبيق وليس الجانب النظري، ويمكننا إيجاز أهم سلبيات العولمة في الآتي:
1/ مضاعفة فرص المجموعات الأقوى التي كانت تسيطر على القوة الاقتصادية ومنها على وجه الخصوص الشركات المتعددة الجنسيات التي تمارس دورها بالكامل في تحقيق العولمة بأعتبارها المستفيد الرئيسي منها سواء في مجال الحصول على مستلزمات تشغيلها أو بنظام التشغيل أو بأسواق تصدير منتجاتها ومخرجاتها. ومن جهة أخرى أصبحت منظمة التجارة العالمية هي الإطار الدولي العام أو الشرطي العالمي الذي أنيط به الإشراف على كافة القرارات والبروتوكولات المتمخضة عن (الجات) وأصبحت كياناً دولياً جديداً يتمتع بكل مقومات الشخصية الإعتبارية للمنظمات الدولية.
وقد نجحت اتفاقية الجات في تخفيض التعريفة الجمركية على المنتجات الصناعية بدرجة كبيرة إلا أن اتفاقية المنظمة أخذت بمجالات لا يوجد فيها تكافؤ بين الدول المتقدمة والدول النامية مثال مجال التكنولوجيا التي تتفوق فيها الدول المتقدمة وتحتكرها ولا مجال فيها للتبادل التجاري بينما استبعدت من الاتفاقية مجالات تتمتع بها الدول النامية بمزايا نسبية وتنافسية مثل البترول والأيدي العاملة.
فالعولمة تسعى لرسملة العالم أي هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي والسيطرة على الأسواق العالمية انطلاقاً من المركز باتجاه الأطراف مما يزيد ثراء الأثرياء وفقر الفقراء.
2/ تسعى العولمة في جانبها السياسي إلى إضعاف نظام الدولة القومية السائد وذلك من خلال اختراق سيادتها عن طريق فتح الحدود السياسية والجغرافية لعبور السلع ورؤوس الأموال والخدمات والأفكار وتدفق المعلومات بحرية ودون قيود ويضاف لذلك التدخل في الشئون الداخلية للدول بمبررات مختلفة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحماية الاقليات، ومناهضة الفساد وتقديم العون الإنساني ومحاربة الإرهاب. وتصبح الدولة القومية في النهاية ليست اللاعب الرئيسي بل أحد اللاعبين المتعددين الدوليين ومنهم الشركات المتعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية وغيرها مما يترتب عنه مفاهيم وأدوار جديدة للدولة القومية مما يعني تراجع سيادة الدول في ظل العولمة.
3/ يلاحظ أن العولمة وقد أصبحت شاملة وواسعة النطاق باتت تفرض قواعدها وقيمها على الجميع دون أن تترك لهم حرية الاختيار مما يهدد بذوبان خصوصيات الشعوب الثقافية والحضارية في إطار ثقافة وحضارة عالمية لا تعترف بالآخر وهو ما يناقض مفهوم العالمية والإسلام كما أوضحنا سابقاً. فالوضع الطبيعي الذي تؤكده سنن الله تعالى في الخلق هو التعددية العرقية والدينية والثقافية والحضارية وليس الآحادية التي تفرض نفسها على الآخرين وتستخدم أساليب القوة والهيمنة والصراع بدلاً عن التعايش السلمي والتعاون والحوار.
فالعولمة التي يريدها الخطاب الليبرالي الجديد تتجه إلى الضغط من أجل افساح المجال لحرية نفاذ التدفقات العالمية لرؤوس الأموال والسلع والمواد الإعلامية والثقافية والترفيهية وكل هذه العناصر تخدم دول العلم المتقدم وتؤمن بتدفق كل عناصر الاقتصاد والاتصالات ورؤوس الأموال وتستثني عنصر العمل وانتقال الأيدي العاملة من مكان إلى آخر بحرية. ولذلك فالعولمة الأمريكية تؤمن بفتح المعايير أمام الأموال فقط وإغلاقها أمام العناصر البشرية وتمسكها بإضعاف الدول دون أن يؤمن لها وسائل بديلة.
أحدثت العولمة انقساماً في أوساط الباحثين وصناع القرار بين مؤيد لمسيرتها وواثق من إيجابياتها بأعتبارها تيار جارف لا محالة منه ولابد من توظيفه والتفاعل مع معطياته بأعتباره أحد أسباب التنمية المستدامة، وبين معارض منتقد للعولمة وأهدافها ويرى فيها استمرار الاستعمار القديم بوجه جديد براق يخفي وراءه كثيراً من السلبيات والمخاطر والتحديات.
ويمكننا إضافة تيار ثالث يأخذ موقفاً موضوعياً وسطاً يرصد من خلاله الإيجابيات والسلبيات دون تحيز لأي من الفريقين وذلك على أساس مبدأ أن العولمة ليست كلها خيراً وليست كلها شراً.
وتتمثل أبرز إيجابيات العولمة في البُعد التقني وذلك نتيجة للتطورات والإنجازات الهائلة في مجال تقنية المعلومات والاتصال مما أتاح فرص التواصل بوسائل مختلفة بين الشعوب والأمم كما أدى لحدوث أكبر ثورة معرفية في تاريخ البشرية من خلال البث التلفزيوني وعبر الأقمار الصناعية وشبكة الإنترنت إضافة لوسائل الإعلام والاتصالات الأخرى، وهي متاحة لاستخدام الجميع دون استثناء في مجال نشر المعلومات في شتى الميادين. كذلك يمكن الاستفادة منها بصورة كبيرة في مجالات العلوم والتعليم ومناهجه في مختلف المستويات.
ومن جانب آخر تتمثل إيجابيات العولمة في البُعد السياسي على المستوى النظري من خلال سعيها لعولمة الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن ثم مناهضة الأنظمة الشمولية أو الدكتاتورية لإفساح المجال لمنظمة ديمقراطية تتيح الفرصة للمشاركة السياسية الشعبية من خلال التعددية السياسية والحزبية والحكم الراشد وحرية التعبير والتنظيم والصحافة وإحترام حقوق الإنسان في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويمكن ذلك الكثير من الدول من اللحاق بركب الحداثة السياسية في نظامها السياسي وفي لعب دور أكبر من المجالات المختلفة اقليمياً ودولياً من خلال الانخراط في التنظيمات القارية ومن ذلك الاتحاد الأفريقي الذي سنتطرق له في الجزء الثالث والأخير من هذا البحث.
ومن جانب ثالث هناك مشكلات عالمية مشتركة لا يمكن حلها من منظور السيادة الوطنية المطلقة للدولة ومنها انتشار أسلحة الدمار الشامل والتهديدات النووية ومشاكل البيئة وثقب الأوزون الذي يهدد الأرض والإنحباس الحراري وتطور الأوبئة والأمراض المستعصية والمعدية (ونسمع اليوم بعد أمراض السرطان والإيدز والملاريا عن السارس وجنون البقر وأنفلونزا الطيور) إضافة لانتشار الجريمة المنظمة والمخدارت وغسيل الأموال والتعريب والإرهاب وانتقال الأيادي العاملة بصورة مكثفة. فكل هذه القضايا إضافة للنزاعات داخل وبين الدول والتي تهدد السلم والأمن الدوليين كما حدث في البوسنة والهرسك وكوسوفو تتطلب جهوداً دولية لمواجهتها وتسويتها.
أما من جانب سلبيات العولمة فهي كما تبدو من عرضنا السابق لتعريف العولمة وأهدافها وأبعادها أكثر بكثير من الإيجابيات خاصة إذا أخذنا في الاعتبار جانب الواقع أو التطبيق وليس الجانب النظري، ويمكننا إيجاز أهم سلبيات العولمة في الآتي:
1/ مضاعفة فرص المجموعات الأقوى التي كانت تسيطر على القوة الاقتصادية ومنها على وجه الخصوص الشركات المتعددة الجنسيات التي تمارس دورها بالكامل في تحقيق العولمة بأعتبارها المستفيد الرئيسي منها سواء في مجال الحصول على مستلزمات تشغيلها أو بنظام التشغيل أو بأسواق تصدير منتجاتها ومخرجاتها. ومن جهة أخرى أصبحت منظمة التجارة العالمية هي الإطار الدولي العام أو الشرطي العالمي الذي أنيط به الإشراف على كافة القرارات والبروتوكولات المتمخضة عن (الجات) وأصبحت كياناً دولياً جديداً يتمتع بكل مقومات الشخصية الإعتبارية للمنظمات الدولية.
وقد نجحت اتفاقية الجات في تخفيض التعريفة الجمركية على المنتجات الصناعية بدرجة كبيرة إلا أن اتفاقية المنظمة أخذت بمجالات لا يوجد فيها تكافؤ بين الدول المتقدمة والدول النامية مثال مجال التكنولوجيا التي تتفوق فيها الدول المتقدمة وتحتكرها ولا مجال فيها للتبادل التجاري بينما استبعدت من الاتفاقية مجالات تتمتع بها الدول النامية بمزايا نسبية وتنافسية مثل البترول والأيدي العاملة.
فالعولمة تسعى لرسملة العالم أي هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي والسيطرة على الأسواق العالمية انطلاقاً من المركز باتجاه الأطراف مما يزيد ثراء الأثرياء وفقر الفقراء.
2/ تسعى العولمة في جانبها السياسي إلى إضعاف نظام الدولة القومية السائد وذلك من خلال اختراق سيادتها عن طريق فتح الحدود السياسية والجغرافية لعبور السلع ورؤوس الأموال والخدمات والأفكار وتدفق المعلومات بحرية ودون قيود ويضاف لذلك التدخل في الشئون الداخلية للدول بمبررات مختلفة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحماية الاقليات، ومناهضة الفساد وتقديم العون الإنساني ومحاربة الإرهاب. وتصبح الدولة القومية في النهاية ليست اللاعب الرئيسي بل أحد اللاعبين المتعددين الدوليين ومنهم الشركات المتعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية وغيرها مما يترتب عنه مفاهيم وأدوار جديدة للدولة القومية مما يعني تراجع سيادة الدول في ظل العولمة.
3/ يلاحظ أن العولمة وقد أصبحت شاملة وواسعة النطاق باتت تفرض قواعدها وقيمها على الجميع دون أن تترك لهم حرية الاختيار مما يهدد بذوبان خصوصيات الشعوب الثقافية والحضارية في إطار ثقافة وحضارة عالمية لا تعترف بالآخر وهو ما يناقض مفهوم العالمية والإسلام كما أوضحنا سابقاً. فالوضع الطبيعي الذي تؤكده سنن الله تعالى في الخلق هو التعددية العرقية والدينية والثقافية والحضارية وليس الآحادية التي تفرض نفسها على الآخرين وتستخدم أساليب القوة والهيمنة والصراع بدلاً عن التعايش السلمي والتعاون والحوار.
فالعولمة التي يريدها الخطاب الليبرالي الجديد تتجه إلى الضغط من أجل افساح المجال لحرية نفاذ التدفقات العالمية لرؤوس الأموال والسلع والمواد الإعلامية والثقافية والترفيهية وكل هذه العناصر تخدم دول العلم المتقدم وتؤمن بتدفق كل عناصر الاقتصاد والاتصالات ورؤوس الأموال وتستثني عنصر العمل وانتقال الأيدي العاملة من مكان إلى آخر بحرية. ولذلك فالعولمة الأمريكية تؤمن بفتح المعايير أمام الأموال فقط وإغلاقها أمام العناصر البشرية وتمسكها بإضعاف الدول دون أن يؤمن لها وسائل بديلة.