منتديات الحوار الجامعية السياسية

الوقائع و الأحداث التاريخية
#39335
في إطارالحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 67 ، والتي كان أخرها استهداف قطاع التعليم كحلقة مركزية في هذه الحرب التي تهدف إلى تزييف وتغييب الوعي الفلسطيني ، وطمس الهوية الفلسطينية عبرتشويه والعبث بالتاريخ والجغرافيا الفلسطينية ، وأسرلة وصهينة التعليم والمناهج الدراسية ، وإرساء مفاهيم الاحتلال ومضامينه سواء على الأرض أوالإنسان ، وبغض النظرعن تعارض هذه الممارسات الإسرائيلية مع القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي لا تعطي الحق للاحتلال في فرض تعليم أومنهج يتعارض مع حقوق ومنهاج وثقافة الشعب المحتل ، وذلك ساعيا إلى فرض سيطرتها على القدس باعتبارها "عاصمة أبدية" لكل اليهود في العالم وليس لدولة اسرائيل فحسب.

مؤامرة !
حذرالباحث الأردنى د.عارف الوريكات ، من السياسات الإسرائيلية التى تمارس يوميا على أرض القدس لتهويد المدينة المقدسة ، وطمس تاريخها ومعالم حضارتها الإسلامية العريقة ، وإبتداع السلطات الإسرائيلية المحتلة قوانين وأساليب عديدة للإستيلاء ومصادرة الأراضى منها قوانين تم وضعها منذ أيام الإنتداب البريطانى قبل قيام الكيان الصهيونى مثل قانون الطوارىء ، وقانون الغياب الذى يفقد المواطن الفلسطينى حقه فى الإقامة نهائيا بالقدس إذا غادرها لأى سبب من الأسباب لمدة سبع سنوات ، كذا فى حالة تملك أى فلسطينى مقيم بالقدس جنسية غير الإسرائيلية فإن ذلك كفيل بطرده من القدس ، وإسقاط جنسيته ، فضلا عن عمليات الإبعاد بحق العشرات من المواطنين المقيمين بالقدس بحجة البناء غيرالمرخص ، أوتحت حجج أمنية واهية ، وانتهاءً بعزلهم خارج حدود المدينة بجدار العزل العنصري ، وقد مثَّل التعليم عاملاً مهمًا في تهويد القدس وطمس تاريخها من خلال فرض مناهج تعليمية مزيفة ، وإحكام سيطرة الإشراف على المدارس العربية في شرق القدس.

وقد إستعرض "الوريكات" بعض الحقائق الجديدة التى طرأت على أرض الواقع منذ عام 2008 ، أخطرها كان قضية الإستيلاء على أملاك كنيسة الروم الأرثوذكس المقدسية التى تسمى ( أم الكنائس ) ، والتى تعد من أقدم وأعرق كنائس القدس ، حيث تم تشييدها عام 1050م ، وهناك عدد كبيرمن الأقباط المؤمنين يتبعونها يقدرعددهم حاليا ( 400 ألف شخص ) ، وقد تعددت وإتسعت أملاك هذه الكنيسة أيام الإنتداب البريطانى لتصل إلى حوالى 75% من إجمالى مساحة القسم الغربى من القدس القديمة ، تمتلك الكنيسة منها الآن 20 % فى القدس الغربية ، ومساحة 18% فى القدس الشرقية .

كما أشار"الوريكات" إلى الوضع الفريد والنادرلهذه المؤسسة الدينية ، التى تخضع إلى القوانين الأردنية نظرا إلى أن الطرف الأردنى كان يديرمنطقة الضفة الغربية ، حتى قررالأردن فك الإرتباط بالضفة عام 1988 ، مع الإحتفاظ بوزارة الأوقاف تحت إدارته حتى لا تستغل إسرائيل الفرصة لملاء هذا الفراغ ، لافتا إلى السياسات الخطيرة التى إتبعها الإحتلال الإسرائيلى لعقد العديد من الصفقات الخفية المستترة بالتواطوء مع وزارة الخارجية اليونانية ، وهي المشكلة الرئيسية التى تعانى منها القدس حاليا ، فقد قام البطريرك اليونانى"أورميوس" في عام 1948، بموجب القوانين اليونانية بتأجير(400دونم ) من أراضى كنيسة الروم الأرثوذكس فى القدس للوكالة اليهودية عام 1948 ، وقد قام البطريرك بعد قيام حرب 48 بالتنازل عنها ، ويقام عليها حاليا الكنيست الإسرائيلى ، ومنزل الرئيس الإسرائيلى"شمعون بيريز" ، ورئيس الوزراء الأسبق "إيهود أولمرت " وقد تلت هذه الصفقة صفقات أخرى أكثرخطورة منها صفقة بيع جبل "أبوغنيم" لإقامة مستوطنات يهودية عليه ، وهي الصفقة التي أغضبت العرب حين علموا بها متهمين البطريرك بالتصرف فى أملاك عربية ، مما دفع البطريرك إلى إدعاء بعدم علمه بالأمر، وإن هذه الصفقة غيرقانونية لأنها تمت بموجب قوانين المصادرة ، ولكن حين تم رفع دعوى لمحكمة العدل الإسرائيلية ، وجد القاضى توقيع البطريرك على وثيقة البيع فقرر توقيع غرامة مالية عليه لتعكيره الصفو العام !

في عام 2005 قامت الكنيسة ببيع ميدان "عمربن الخطاب" الملاصق لمنطقة حرم المسجد الأقصى ، والتى شملت 23 محل تجارى ، و3 فنادق ، وقد أدعى البطريرك أيضا عدم علمه بالأمر، لكن المديرالمالى للبطريركية قدم الوثائق التى تثبت إدانته ، إلى جانب التحقيقات التى أثبتت علاقة الملحق العسكرى المقرب من تل أبيب بالسفارة اليونانية ، والذي طلب من البطريرك تعيين هذا المديرالمالى اليونانى الأصل فى البطريركية حتى يقوم بإتمام هذه الصفقة إستكمالا لسياسة تهويد المدينة المقدسة !

وأشارالباحث الأردني إلى أخطرالصفقات التى يتم الحديث عنها موخرا وهى صفقة بيع أملاك يهودى مصرى يدعى "إيليا شماعة" الذى عرض على الكنيسة اليونانية مبلغ (38 مليون) عام 1927 ، مقابل مساحة (30دونما) من أرض الكنيسة التى كانت تعانى من أزمة مالية ، دفع "شماعة" منها (8مليون) ، وكان من المفترض أن يسدد الباقى على أقساط سنوية ، لكن ظروف حرب 48 ، حالت دون استمراره في دفع باقى الأقساط ، فقامت إسرائيل بمصادرة هذه الأرض ، ويأسف "الوريكات" إلى عدم قيام البطريرك برفع دعوى لإسترداد أملاك الكنيسة ، مشيرا إلى قرارالبطريرك المفاجىء عام 2008 ، بإسقاط الدعوى وإبلاغ المحكمة بإنه قد تمكن من تسوية الأمورمع عائلة " شماعة " التى لا يوجد لها أى أثرسواء فى إسرائيل أومصر!


تهويد القدس !

وقد استعرض الكاتب الصحفي سميرمرقص ، رئيس مؤسسة المصرى للمواطنة والحوار، محاولات الكيان الصهيونى المستمرة منذ عام 1967، لتهويد القدس على الصعيد التاريخى ، بالحديث تارة عن القدس الكبرى والصغرى ، وتارة أخرى الحديث عن القدس الشرقية والغربية ، وثالثة عن قدس ما قبل 48 ، وقدس ما بعد 67 ، فى محاولة لتفتيت وطمس المعالم التاريخية والدينية للقدس العربية ، عبرالتوسع فى بناء المستوطنات اليهودية ، وجدارالفصل العنصرى ، فضلا عن الصفقات المشبوهة للإستيلاء على أراضى المدينة المقدسة ، والدورالذى لعبته القوى الغربية والأمريكية خاصة التى أضفت شرعية للكيان الصهيونى ، بعد إعلانها أن القدس عاصمة موحدة للدولة الإسرائيلية بإعتبارها المركزالروحى لليهودية العالمية !

ولفت "مرقص" إلى الدورالأردنى فى المحافظة على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس ، بدء من قيام الأردن فورعلمها بصفقة ميدان "عمربن الخطاب" بعزل البطريرك "أورميوس" وتعيين آخرجديد "تيوبلوس" الذى حاولت إسرائيل إبتزازه من أجل إستكمال الصفقات التى وعد البطريرك المعزول بإتمامها ، ومطالبة البطريرك الجديد بتشكيل مجلس مختلط يتكون من علمانيين يكون له حق الإشراف والمراقبة ، والحفاظ على أملاك الكنيسة ، فى محاولة لإعادة التوازن ما بين سلطات البطريرك ، ومصالح رعايا الكنيسة من العرب الذين كانوا طوال الحقب التاريخية المختلفة على خلاف مع القساوسة اليونانيين الذين تم فرضهم على الكنيسة منذ الإحتلال العثمانى للقسطنطينية عام 1453، والتى منحت البطريرك سلطات واسعة فى التصرف فى أملاك الكنيسة الأرثوذكية المقدسية ، لكن هذا المجلس قد توقف عمله مع قيام حرب 1967.

وقد استعرض الدكتورمختارالكسبانى ، أستاذ الآثارالإسلامية ، حجم التعديات التى تعرضت لها أثارمنطقة القدس ، وحتى الأثارالمملوكية والعثمانية وغيرها فى محاولة من إسرائيل لتغييرملامح المنطقة ، وإثبات أنها يهودية وليس عربية ، مستشهدا بالحفريات التي قامت بها جامعة لندن تحت مدينة القدس بتكليف من المحفل الصهيونى العالمى ، لمدة أكثرمن عشرسنوات ، لم يجدوا خلالها أى دليل يؤكد يهودية القدس ، مؤكدا أن الإيسيسكو بالإضافة للدعم المادى الذى قدمته لفلسطين ، قامت بتشكيل لجنة خبراء الأثريين عام 2009 ، كانت تنوى زيارة القدس ، ولكنها منعت من الدخول للمدينة المقدسة ، فقامت بتشكيل لجنة تقصى حقائق كان من أعضائها بعض من المقدسيين الذين يعيشون بالقدس ، وأكدوا عدم شرعية ما تقوم به السلطات الإسرائيلية ، لافتا إلى اعتزام منظمة "الإيسيسكو" الدولية للوصول "لمحكمة لاهاى" الدولية للاطلاع بدورها على الملف الخاص بالحفريات الأخيرة حول المسجد الأقصى التى ثبت من خلال رصد خبراء الآثارالمقدسيين هناك ، وكذلك ضم مسجد "بلال بن رباح" ضمن التراث الإسرائيلى ، كل هذا ضد الاتفاقيات الدولية ولوائح اتفاقية "لاهاى" لحماية الآثار، ورفض إسرائيل تنفيذ قرارات "اليونسكو" ، مشيرا إلى أن القانون الدولى يحاسب على التعدى على الآثاروالممتلكات الدولية على أنها جريمة حرب ، داعيا الحكومات العربية إلى تحمل ملف التعدى الإسرائيلى على الآثارالإسلامية بفلسطين ضمن الملفات الدولية الهامة ، مشيرا إلى امتلاكنا من الوثائق والمستندات ما تثبت عروبة القدس وأثارها ، متسائلا "لماذاً تحول التعامل مع هذا الملف كملف سياسى بينما هوملف علمى ثقافى وأنه ينبغي لنا جميعا كمسلمين وعرب التعامل معه على هذا الأساس ، وتحمل مسؤولية عرض هذا الملف قانونا على الأمم المتحدة.

استهداف التعليم !
وقد أشارد. محمد أبوغدير، أستاذ الأدب العبرى والدراسات الإسرائيلية بجامعة الأزهر، إلى يهودية التوجه التربوي منذ قيام إسرائيل بسن قانون التعليم للدولة العبرية في عام 1953، والذي تنص المادة الثانية منه على "أن التعليم في دولة إسرائيل يجب أن يرتكزعلى قيم الثقافة اليهودية والولاء لدولة إسرائيل والشعب اليهودي ، والعمل على تحقيق مبادئ الريادة في العمل الطلائعي الإسرائيلي"، لافتا إلى تنبه الإسرائيليين إلى أهمية تربية الأجيال الجديدة التي ستبني مستقبلا المجتمع الكبير، لذا حرصت إسرائيل على تقديم وجبات ثقافية تضمن سلامة البناء فكانت ثقافته مزودة بأسلحة نارية تبث عبرالعديد من النصوص الدينية التي تشدد على يهودية القدس منذ التاريخ اليهودي القديم ؛ وتعميق وغرس القيم والتوجهات العنصرية في عقول الناشئة من أبناء المستوطنين والمهاجرين اليهود ، وذلك ضمن مخطط صهرالمهاجرين في بوتقة وذاكرة جماعية واحدة ، عبرعملية منظمة من التوجيه التربوي الذي روّج له قادة الاستعمارفي الغرب مع مجموعة من حاخامات أوروبا ، وأدباء ومفكري الصهيونية الجدد للتأكيد على أن الوجود اليهودي في فلسطين "أرض الميعاد"متواصل ومستمرولم ينقطع ، يستوجب القتال حتى الموت للمحافظة عليها..

وأكد "أبوغدير" أن رفض الجانب الفلسطيني البرامج التعليمية الصهيونية الجديدة بسبب إعطاء مكانًا طاغيًا للتاريخ اليهودي ، بالإضافة إلى إجبارالتلاميذ على تعلم اللغة العبرية دون ذكرللتاريخ الفلسطيني ، وغياب مادة الأدب العربي ، والشعرالعربي الذي يتحدث عن البطولات العربية وعن فلسطين ، والاعتماد الكامل على مواد خاصة من الأدب الصهيوني ؛ كقصص وراويات صهيونية عن المحرقة ، وفي مادة التاريخ الذي يتم تقسيمه إلى قسمين ؛ الأول يتعلق بالتاريخ العربي ، ويتم تدريسه برؤية صهيونية من وجهة نظرالكتاب والمؤرخين الصهاينة ، والثاني يخصص للتاريخ العبري اليهودي ، مؤكدًا أن ذلك يطمس ملامح التاريخ الفلسطيني ، ويفرض على العرب في شرق القدس خاصة مناهج تقوم بتحريف أسماء المدن الفلسطينية من العربية إلى العبرية ، مما يشوّه الثقافة العربية ، ويؤدي في النهاية إلى انسلاخ الأجيال الجديدة عن تاريخها.

كما أكد الباحث في الشؤون الإسرائيلية "صالح لطفي" سعي إسرائيل إلى تهويد التعليم الفلسطيني في القدس منذ احتلالها عام 1967، فقد تمكنت عبرالقرار564 لعام 1969 الذي يؤكد حق وزارة المعارف الإسرائيلية بالإشراف على التعليم بالمدينة المقدسة ، وكافة مؤسساتها الرسمية وغيرالرسمية ، مشيرا إلى اعتماد سلطات الاحتلال على هذا القانون في تبريركافة القرارات التالية التي تهدف منها إلى تهويد جهازالتعليم الفلسطيني ، والسيطرة عليه بشكل كامل ، إلى جانب حزمة القوانين التي يشرعها الاحتلال من أجل مسخ هوية الأجيال الجديدة وأبرزها قانون "المئة مصطلح" الذي يلزم الطالب الفلسطيني بدراسة مئة مصطلح بالصهيونية ، مقابل منع الطلاب من دراسة قضية النكبة الفلسطينية ، بالإضافة إلى قانون إلزام الطالب الفلسطيني بإجراء امتحانات تتضمن مادة عن المحرقة "الهولوكوست".

ويضيف" لطفي" أن مخططات إسرائيل لتهويد القدس استمرت بعد توقيع اتفاقية "أوسلو"عام 1997، وقد قامت إسرائيل آنذاك بفرض برامجها التعليمية على المدارس العربية في القدس ، بهدف إنهاء تدخل السلطات الفلسطينية في النظام التربوي ، بالإضافة إلى حظرالبرامج التعليمية الأردنية في مدارس القدس الشرقية ، وإبدالها ببرامج صهيونية ، مؤكدا رفض المقدسيين التعامل مع المناهج الدراسية الجديدة ، وعدم اعترافهم بالقانون الذي تبرربه دولة الاحتلال كافة إجراءاتها لتهويد التعليم ، وعدم السماح بالتالي بأي حال من الأحوال الالتزام بهذه المناهج في المدارس المقدسية ، أومدارس الأراضي المحتلة عام 48 ، حيث أن هذه المناهج الجديدة في التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية تحاول قلب حقائق التاريخ وتزييّفها ، من خلال اثبات أن الأرض المقدسة ليست ملكا لأصحابها الشرعيين ، وحذف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث عن الحق في المقاومة والجهاد من أجل استرداد الحقوق ، مما سينعكس سلبا على الأجيال الفلسطينية المتعاقبة التي ستنشأ غيرمتمسكة بالثوابت والقيم والحقائق الفلسطينية ، ولا بالقيم الإسلامية والعادات والتقاليد الفلسطينية ،

وأشار"لطفي" إلى دورالمناهج الدراسية فى الحفاظ على أبعاد وجوانب الهوية العربية والإسلامية ، ووجوب العمل على تنميتها وتأصيلها ، ومقاومة محاولات طمسها ، لافتا إلى جهود الصهاينة فى مقاومة حملات العولمة والتغريب والعمل على الحفاظ على الوجود اليهودى ، ومنع ذوبانهم فى الآخر، من خلال توظيفهم الأدب العبرى ، والمناهج الدراسية والبرامج الإعلامية لتحقيق هذا الهدف المنشود ، مشددا على تمسك الأجيال الفلسطينية الجديدة بالحق الفلسطيني في الأرض والهوية والتاريخ العريق والحضارة الإنسانية ، لافتا إلى العبارة التي طالما رددها الاحتلال الاسرائيلي "بأن الكبارسيموتون والصغارسينسون" والتي أثبتت خطأًءها ، حيث أن الواقع الفلسطيني يؤكد أن الصغاريزدادون تمسكا بالحق أكثرمن تمسك أباءهم به ، داعيا دولة الاحتلال إلى التراجع عن فرض برامجها التعليمية في شرق القدس مثلما حدث عام 1998، حين قام "بنيامين نتنياهو" رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك ، بالتراجع عن قرارمماثل أخذا بعين الاعتبارتحذيرات الأجهزة الأمنية التي توقعت حدوث أعمال عنف في حال فُرض هذا المنهج الدراسي الجديد الذي يعتبربمثابة احتلال من نوع آخرأشد ضراوة من الاحتلال العسكري ، إذ يسعى لاحتلال العقول ، بينما الاحتلال العسكري والاقتصادي أثبتت الأيام أنه من السهل التخلص منه ، داعيًا إلى ضرورة التراجع عن هذا القرارالذي سيؤدي بالضرورة إلى إندلاع ثورة وانتفاضة جديدة في أراضي 48.

وقد دعا الكاتب الصحفي الكبير"فهمي هويدى" إلى التصدي لهذا القرارالجائر، والعمل على تشكيل لجنة لوضع مناهج للمدارس العربية بشرق القدس تتشابه مع المناهج المطبقة في المدارس العربية بالأراضي المحتلة عام 48، بالإضافة إلى وضع استراتيجية وطنية لدعم التعليم في القدس خاصة المدارس الخاصة ، بما يعادل المبلغ الذي تتلقاه من بلدية القدس ودائرة معارفها ، وفى حال تعذرالسلطة الفلسطينية عن توفيرالمال اللازم يمكن أن تقوم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بتوزيع الكتب مجانا على طلبة المدارس في القدس ، لكن الأمريتطلب التنسيق الفلسطيني الرسميً والشعبي وأن تكون لجان أولياء الأمور والأهالي والطلبة الخط الأول في المواجهة والتصدي لأسرلة وصهينة المناهج التعليمية في القدس ، وأن تكون هذه المعركة مقدمة لاستعادة السيطرة الفلسطينية على التعليم في القدس ، دون انتظارللدعم والمساندة من أحد ، نظرا لان الدعم العربي للقدس أوالتعليم فيها رهن بموافقة أمريكا ، فهي من تدخلت في تعديل المناهج في أكثر من بلد عربي ، وهي من تتحكم في المال العربي ، وهي من يأمرالدول العربية بتقديم الدعم أو وقفه..

على المستوى الاعلامي أكد "هويدي" على ضرورة قيام وسائل الإعلام العربية من فضائيات ومحطات محلية بتسليط الضوء على كافة القضايا التى تتعلق بالقدس مدينة الأديان السماوية ، والتركيزعلى تاريخها العربي الأصيل من خلال برامج متخصصة ، ومشاريع وحملات إعلامية تنقل واقع الحال للأجيال القادمة ، وهذه مسئولية جميع المؤسسات الإعلامية التى تؤمن بوحدة المصير، إلى جانب إيجاد مساحة إعلامية للتعبيرعن آراء أبناء المدينة المقدسة لإيصال صوتهم إلى العالم.

قبل فوات الأوان !

أخيرا دعا د. على الغتيت ، نائب رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولى ، العرب الفلسطينين إلى توثيق أملاكهم فى القدس ، حتى يمكن ملاحقة إسرائيل قضائيا فى حالة تعرضهم إلى البيع بالتهديد أوالإكراه ، مؤكدا على أن جميع القرارات الدولية منذ عام 1969 – 2006 ، تثبت حق الفلسطينين بالقدس الشرقية ، التى يتعرض أهلها حاليا إلى التهجيرسواء بالطرد ، أوالتهديد حتى تتمكن إسرائيل من توطين اليهود مكانهم ، وفرض حقائق جديدة على أرض الواقع ، فلا يكون لهذه القرارات الدولية آنذاك أية قيمة تذكر، لافتا إلى محضرمجلس الجامعة العربية فى عام 1948، الذى حذرمن خطورة إستمرارالوكالة اليهودية فى شراء الأراضى العربية الفلسطينية ، وقرارإنشاء صندوق عربى عقارى - لم يتم تنفيذه - كانت مهمته الأساسية شراء أراضى العرب فى القدس الشرقية من الذين يريدون بيعها لسبب أولآخر.

من جهة أخرى لفت د. على الغتيت ، إلى بطلان القرارالأخيرالصادرعن وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية ، اعتمادًا على وقوع مدينة القدس تحت نيرالاحتلال ، مشيرا إلى أن بقاء مدينة القدس بعد احتلالها من قبل سلطات الاحتلال محكوم بالقواعد الخاصة بحماية الأماكن المقدسة ، بحسب القانون الدولي ، مما يجعل أي إجراءات تشريعية أوإدارية تقوم بها دولة الاحتلال ، بهدف تغييرواقع المدينة المقدسة باطلة ، بل أن هذه القرارات تعتبرانتهاكًا لأحكام القانون الدولي ، داعيًا إلى ضرورة توحيد الجهود الوطنية نحوالقدس ، وقضايا تهويد التعليم فيها على وجه الخصوص ، والعمل على تدويل القضية الفلسطينية ، وعدم حصرها بالثنائية الفلسطينية الصهيونية ، مشددا على ضرورة التحرك السريع من العالمين العربى والإسلامى ، وعلى جميع الأصعدة والمستويات ، بداية من الجامعة العربية ، ومنظمة المؤتمرالإسلامى ، ورابطة العالم الإسلامى ، وتفعيل الدورالشعبى ومؤسسات المجتمع المدنى ، للتصدى للمخططات الإسرائيلية التى تسعى إلى طمس ملامح الهوية الفلسطينية في المدينة المقدسة ، بإضفاء الصبغة الصهيونية على مناهج التعليم فيها ، ومواجهة الخطرالمحدق بالقدس قبل فوات الآوان !

يشارأن "لارا مباركي" مديرة المعارف في وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية ، كانت قد قامت مؤخرا بتوجيه رسالة إلى جميع مديري مدارس القدس العربية الحكومية في 7/3/2011، وعدم السماح للمدارس في المدينة المقدسة باتباع البرامج التعليمية الفلسطينية المقررة في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة ، على اعتبارأنها خاضعة إداريا وتعليميا وتربويا لبلدية الاحتلال ودائرة معارفها ، محذرة من الحصول على الكتب الدراسية للطلبة من الصف الأول وحتى العاشرمن أي مصدرآخربخلاف الكتب التي قامت بطبعاتها وتوزيعها بلدية القدس ، ثم توسع هذا العام القرارليشمل إدارات المدارس الخاصة بالمدينة المقدسة ، بما يكشف عن التطورات والتداعيات الخطيرة التي سيؤدي إليها تطبيق هذا القرارعلى صعيد أسرلة وصهينة منهاج التعليم الفلسطيني في القدس ، كما كشفت هذه القرارات الجديدة عن حجم الدعم المالي الذي تتلقاه المدارس الخاصة في القدس من البلدية ، ودائرة المعارف الإسرائيلية منذ سنوات ، مما أدى إلى إضعاف قدرة المدارس الخاصة على المجابهة والرفض للقرارالإسرائيلي..

من جهة أخرى ، رفضت بعض المدارس في القدس استلام الكتب التي حاولت بلدية الاحتلال توزيعها ، بينما قام آخرين باستلامها وتخزينها ، لكون تلك الكتب اشتملت على الكثيرمن التشويهات التي مست عصب المنهاج الفلسطيني والقيام بإلغاء " أي كلمة أوجملة لها صلة بالتاريخ الفلسطيني" وعمليات الشطب والتشويه التي طالت الكثيرمن المواد التي لها علاقة بالأدب والثقافة والهوية الفلسطينية ، والتراث وحق العودة وكل العبارات التي تحمل قيمًا ومعاني تحريضية لها علاقة بالقدس التي لاتزال تقبع تحت الاحتلال تنتظرمن يفك أسرها ويعيد إليها حريتها وعروبتها ، وكانت السلطات الإسرائيلية قد قامت العام الماضى بمنع طبع شعارالسلطة الفلسطينية على الكتب المدرسية فى القدس الشرقية المحتلة.

يذكرأن بلدية القدس والمعارف الإسرائيلية مسئولة عن أكثرمن 66 ألف تلميذ وتلميذة من الروضة حتى الصف الثانى عشرفى المدارس الثانوية ، كما يدرس نحو 28 ألفا فى المدارس الخاصة ، و15 ألفا فى مدارس تديرها السلطة الفلسطينية ، و3400 فى مدارس تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
وتديربلدية القدس الإسرائيلية المدينة بشطريها وهى المسئولة عن التعليم الحكومى فى القسم الشرقى ، الذي تدرس فيه اللغة العبرية كلغة ثانية فى المدارس.