منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمعاهدات والمواثيق الدولية
By عبدالعزيز ال سعود
#40643
" المعاهدات الدولية "
 
- تمهيد :-
 
شهد القانون الدولي نفس التطور الذي شهده القانون الوطني فالقانون الدولي كان جله غير مكتوب فكان عبارة عن أعراف ثم تطورت الأمور فصار القانون الدولي جله مكتوباً لكن العرف ما زال يعتبر مصدراً أساسياً من مصادر القانون الدولي و هذا التطور من قانون غير مكتوب إلى قانون مكتوب له تفسيرات و أسباب فالقاعدة القانونية المكتوبة أفضل من القاعدة القانونية العرفية غير المكتوبة لأنها أكثر دقة و الرجوع إليها أيسر من قاعدة غير مكتوبة لكن من ناحية قانونية فإن العرف و المعاهدات لهما نفس القيمة القانونية و يشكلان على حدٍ سواء المصدارن الأساسيين للقانون الدولي من بين مصادر القانون الدولي الأخرى و لا تفاضل بينهما ، الإجراءات المتعلقة بالمعاهدات كلها كانت إجراءات عرفية و قد تم تدوين جميع إجراءات إبرام المعاهدات عام 1969 م صلب معاهدة فيينا حول قانون المعاهدات و تسمى بـ " إتفاقية فيينا للمعاهدات " و دخلت هذه الإتفاقية حيز النفاذ عام 1980 م و هي تعتبر اليوم المرجع الأساسي فيما يتعلق بالمعاهدات بين الدول ، لكن هذه المعاهدة أو أكتفت بتدوين قانون المعاهدات المبرمة بين الدول فقط و لذلك وقع لاحقاً إبرام معاهداتان لاحقتين مكملتين للمعاهدة الأولى و هما :
 
1 - معاهدة فيينا حول تعاقب الدول في المعاهدات التي أبرمت عام 1978 م .
 
2 - معاهدة فيينا حول المعاهدات المبرمة بين الدول و المنظمات الدولية و بين المنظمات الدولية فيما بينها بعضها البعض و أبرمت عام 1986 م.
 
طبعاً أهمها معاهدة فيينا للمعاهدات عام 1969 م.

1 ) " تعريف المعاهدات " :-
 
نجد تعريفان للمعاهدة أحدهما عرفي و هو أشمل و الآخر تعريف أعتمدته معاهدة عام 1969 م بفيينا.
 
أ - " التعريف العرفي " :
 
أستقر العرف على أن المعاهدة هي إتفاق بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام الهدف من هذا الإتفاق هو إنشاء آثار قانونية بين الأشخاص المتعاهدون و هذا الإتفاق يخضع للقانون الدولي ، بما أن المعاهدة إتفاق إذاً لا يمكن تصور نشوئها من إرادة منفردة واحدة فلا بد من تلاقي إرادتان على الأقل حتى يحصل الإتفاق هذا العنصر الأول ، أما العنصر الثاني فهو يتعلق بأطراف المعاهدة و حتى يمكن الحديث عن المعاهدة لا بد أن يكون أطرافها من أشخاص القانون الدولي العام و هؤلاء الأشخاص هم مما لا شك فيه الدول و تسمى معاهدة دولية لأنها بين دول ، أما بقية أشخاص القانون الدولي فبالنسبة للمنظمات الدولية رفع عنها الإشكال بعد معاهدة عام 1986 م حسب المعاهدة يكون الإتفاق معاهدة دولية ، مما لا شك فيه أن الإتفاق المبرم بين فردين لا يعتبر معاهدة دولية و نفس الشيء للإتفاق المبرم بين كيانان غير دوليين مثل : ( بين منظمتان غير حكوميتين ) و كذلك إذا كانت المعاهدة بين أشخاص قانون دولي و فرد مثل : ( إذا كان هناك إتفاق بين دولة و شركة متعددة الجنسيات ) هنا لا بد من دراسة المعاهدة بمحتواها لرؤية إذا ما كانت تنشيء آثار قانونية تخضع للقانون الدولي العام عندئذ تصبح معاهدة دولية أما غير ذلك فتكون خاضعة للقانون الخاص ، أما العنصر الثالث و هو الآثار القانونية و ينتج عن كل معاهدة إلتزامات قانونية إجبارية أي أطراف المعاهدة يصبح لهم حقوق و واجبات فالمعاهدة هي مصدر من مصادر الإلتزام و هذا ما يميز المعاهدات عن بقية الأعمال الغير إتفاقية و التي ليس لها طابع قانوني ، أما العنصر الرابع فهو الخضوع للقانون الدولي العام فالنظام القانوني الذي يحكم كل معاهدة دولية هو نفسه القانون الدولي العام لكن لا يشترط أن تكون كل بنود الإتفاقية خاضعة لهذا القانون و لكن يكتفى ببعض البنود و لا يضر أن تكون معاهدة دولية ، و هذا التعريف أشمل من تعريف معاهدة فيينا حول المعاهدات و هو المعتمد حالياً و كان معتمد منذ فترة طويلة بين الدول.
 
ب - " تعريف إتفاقية فيينا حول قانون المعاهدات " :
 
عرفت إتفاقية فيينا حول المعاهدات في مادتها الثانية المعاهدة كما يلي : ( إتفاق دولي يعقد بين دولتان أو أكثر كتابةً و يخضع للقانون الدولي سواءً تم في وثيقة واحدة أو أكثر و أياً كانت التسمية التي تطبق عليه ) ، مقارنة بالتعريف العرفي نلاحظ أن تعريف إتفاقية أقل شمولية من التعريف العرفي و أكثر شكلية منه أما سبب قلة الشمولية لأن هذا التعريف لا ينطبق إلا على المعاهدات المبرمة بين الدول فقط مما يعني إقتصاره على نوع واحد من أشخاص القانون الدولي لكن هذه الخاصية وقع تجاوزها عام 1986 م عندما أبرمت إتفاقية فيينا بين الدول و المنظمات الدولية و بين المنظمات الدولية فيما بينها ، أما لما هي شكلية أكثر لأنها لا تعتبر إلا المعاهدات المكتوبة إذاً هي تشترط الكتابة و تغض الطرف عن المعاهدات الشفوية رغم أنه من الناحية النظرية بإمكان المعاهدة أن تكون مكتوبة و شفوية ، أما شكلية الكتابة هي شكلية لإثبات الإتفاق و ليست شكلية لصحة الإتفاقية ، و أوضح تعريف إتفاقية فيينا أن المعاهدة يمكن أن تكون مضمنة في وثيقة واحدة أو عدة وثائق كما جاء المادة الثانية و مهما كان عدد الوثائق لا يطرح أي إشكال كما أن تسمية الوثيقة ليست هامة و لا تؤثر على الطبيعة القانونية فالعبرة بالمضمون و ليس بالتسمية و قد تختلف التسميات و لكن المسمى واحد أي :-
قد تسمى الوثيقة معاهدة او إتفاق أو ميثاق أو عهد أو بروتوكول أو نظام و كلها لا تؤثر على الطبيعة القانونية كما قلنا فهي نفس المعنى مهما أختلفت التسميات.

2 ) " أنواع المعاهدات " :
 
توجد معايير كثيرة لتصنيف المعاهدات لكن لا يمكن الإعتماد على معيار واحد لأن كل معيار يبرز جانباً معيناً على غيره من الجوانب و لذلك و في كثير من الأحيان لتحديد نوع معاهدة معينة لا بد من الإعتماد على معايير متعددة ، يوجد معياران أساسيان للتصنيف بالنسبة للمعاهدات :
 
المعيار الأول : " المعيار الموضوعي " أي متعلق بموضوع المعاهدة.
 
المعيار الثاني : " المعيار الشكلي " أي متعلق بشكلية المعاهدة.