- الاثنين ديسمبر 05, 2011 8:37 pm
#41091
نظام الحسبة في الأندلس، جهاد غالب الزغول
خضعت الاسواق الاسلامية منذ وقت مبكر للاشراف والرقابة.وكان متولي هذه الوظيفة يعرف باسم"العامل على السوق"، واستمر الامر على ذلك حتي عهد الخليفة ، ابو جعفر المنصور العباسي، اذ ترد اول اشارة صريحة لذكر حسبة ،ومحتسب وذلك في سنة ١٥٧ه\٧٧٣م. ويبدو ان اسم الحسبة لم يكن شائعا في الاندلس قبل القرن الرابع الهجري\العاشر الميلادي، اذ كان يتولى امر الرقابة والاشراف على الاسواق موظف خاص يدعى"صاحب السوق"،وعرفت خطته باسم"ولاية السوق"،او"احكام السوق"،ثم اصبح يقال لها:"ولاية الحسبة"،واحيانا"خطة الاحتساب"، كما عرف متوليها باسم"صاحب الحسبة"،لان اكثر نظره انما كان فيما يجري في الاسواق من غش وخديعة وتفقد مكيال وميزان. هذا، وقد انشئت خطة الحسبة او ولاية السوق في وقت مبكرمن تاريخ الاندلس، فقد وصلتنا اشارة تذكر ان الامير عبد الرحمن الثاني ـ٢٠٦ه-٢٣٨ه-هو اول من ميزولاية السوق عن احكام الشرطة المسماة بولاية المدينة،وخصص لمتوليها ٣٠ دينارا في الشهر ولوالي المدينة ١٠٠ دينار. مما يدل على ان ولايتي الشرطة والسوق كانتا تسندان لشخص واحد في القرن الثاني الهجري\الثامن الميلادي.واستمر الوضع على ذلك حتى منتصف القرن الرابع الهجري \العاشر الميلادي أذ نلاحظ العودة للجمع بين الوظيفتين في يد وال واحد، لتحقيق التكامل بين هذبن الجهازين المشرفين على النظام والامن فيما يبدو. ولقد شهدت الحسبة في الاندلس تطورا وازدهارا كبيرا ، اذ اولى الاندلسيون فقه الحسبة عناية كاملة ،فكانت لهم في اوضاع الاحتساب قوانين يتداولونها ويتدارسونها،كما تتدارس احكام الفقه، لانها عندهم تدخل في جميع المبتاعات.ووصفت خطة الحسبة بانها من اعظم الخطط الدينية،وهي بين خطة القضاء والشرطة.كما اعتبرت نوعا من انواع القضاء المتميز بسرعة البت في القضايا، وعهد بولايتها الى كبار الفقهاء من طبقة القضاة، وكان متوليها يتقاضى راتبا معينا من بيت المال . وكان القاضي يتولى بنفسه عملية تعيين وعزل المحتسب بعد الرجوع الى صاحب الامر "الخليفة" في الدولة، مما يدل على اهمية نظام الحسبة في الاندلس. شروط المحتسب:كان يشترط فيمن يتولى هذه الوظيفة ان يتحلى بصفات وخصائص تميزه عن غيره حتى يستطيع القيام بعمله على خير وجه ، فلا بد ان يكون رجلا ، مسلما عفيفا، خيرا ورعا ،، غنيا محنكا ، عالما ،فقيها في الدين ،قائما على الحق ،نزيه النفس ،لا يميل ولا يرتشي، عالي الهمة،معلوم العدالة، عارفا بجزئيات الامور، وسياسات الجمهور ، ذا اناة وحلم وتيقظ وفهم ووقار ،وان يكون حازما لا تأخذه في الله لومة لائم . ويجب انيكون عارفا بأصناف الصناعات والمعايش وحيل الباعة ،اذ بذلك يتوصل الى معرفة الغش والتدليس التي يمارسها بعض اصحاب الحرف والصناعات. مهام المحتسب:تتضح لنا اهمية المحتسب في الاندلس من خلال المهام الموكولة اليه ، اذ انها شملت مختلف جوانب الحياة الدينية ، والاجتماعية ، والاقتصادية.ويهمنا هنا الجانب المتعلق بالحياة الاقتصادية بصورة خاصة اذ ليس من السهولة الالمام بكافة الجوانب في هذه العجالة.ولذا اكتفي بالاشارة الى بعض مهام المحتسب ذات الصلة المباشرة في مراقبة وتنظيم الاسواق الاندلسية.فقد كان على المحتسب ان يتفقد الاسواق ، ويراقب المكاييل والموازين ويتأكد من دقتها ومطابقتها للمواصفات والمقاييس . وكان عليه ان يبحث عن اساليب الغش والتدليس التي كان يمارسها اصحاب الحرف والصنائع, فيراقب الطحانين والخبازين والفرانين والجزارين والطباخين ويامرهم على الدقة في الصناعة والمحافظه على نظافة المنتج وادوات الانتاج ، ويحثهم علي تنظيف ابدانهم وملابسهم وان يقوموا بتنظيف حوانيتهم واسواقهم. كما كان على المحتسب ان يراقب صناع المنسوجات والملابس الصوفية والقطنيةوالكتانية ،وان يراقب صناع الادوات الجلدية والخشبية ،والخزف والفخار، والزجاج،واصناف الحديد،والذهب والفضة، واهل الترياق والادهان ، والاكحال ،والجباصين، والجيارين،...وغيرهم من اصحابالحرف ،فيأمرهم على عد المماطلة والتسويف في اعمالهم ،ويحثهم على اجتناب الغش والتدليس ،ويعاقب المخالفين منهم ،بالردع والزجر والتوبيخ والتعزير والضرب والسجن والاخراج من السوق ،وحتى النفي من البلد اذا تطلب الامر ذلك. اعوان المحتسبنظرا لكثرة مهام المحتسب التي يباشرها، جرت العادة في الاندلس ان يتخذ له اعوانا يساعدونه في ضبط الاسواق، وملاحقة المخالفين من اصحاب الحرف والصناعات . وكان يجب ان تتوافر فيهم صفات وخصائص لا تقل عنتلك التي يتمتع بها المحتسب، من خير وعفه وورع وامانه, ومعرفةالعون بصنعته ،خبيرا بالجيد والردئ من حرفته .وكان من اهم اعوان المحتسب العريف ،الذي كان يختار من بين ثقات اهل الاسواق ووجوه ارباب الصنائع.وكان من اهم واجباته ان يساعد المحتسب في تنظيم طرق العمل بين اهل الحرف ،وان يقوم بحل المنازعات والخصومات التي تقع بينهم . ومما تقدم تبدو لنا اهمية الحسبه ومكانة المحتسب في المجتمع الاندلسي ،واثرها البالغ في الحياة الاقتصادية، ومما يؤكد تلك الاهمية من الناحية العملية، ان ملوك اسبانيا المسيحية،كانوا كلما استردوا من المسلمين اقليما ابقوا فيه المحتسب ،ولذا نجد لفظ المحتسب ،يدخل في اللغة القشتالية فيشار اليه ب "الموتاس"،ليدل على الوالي المكلف بضبط المكاييل والموازين.
خضعت الاسواق الاسلامية منذ وقت مبكر للاشراف والرقابة.وكان متولي هذه الوظيفة يعرف باسم"العامل على السوق"، واستمر الامر على ذلك حتي عهد الخليفة ، ابو جعفر المنصور العباسي، اذ ترد اول اشارة صريحة لذكر حسبة ،ومحتسب وذلك في سنة ١٥٧ه\٧٧٣م. ويبدو ان اسم الحسبة لم يكن شائعا في الاندلس قبل القرن الرابع الهجري\العاشر الميلادي، اذ كان يتولى امر الرقابة والاشراف على الاسواق موظف خاص يدعى"صاحب السوق"،وعرفت خطته باسم"ولاية السوق"،او"احكام السوق"،ثم اصبح يقال لها:"ولاية الحسبة"،واحيانا"خطة الاحتساب"، كما عرف متوليها باسم"صاحب الحسبة"،لان اكثر نظره انما كان فيما يجري في الاسواق من غش وخديعة وتفقد مكيال وميزان. هذا، وقد انشئت خطة الحسبة او ولاية السوق في وقت مبكرمن تاريخ الاندلس، فقد وصلتنا اشارة تذكر ان الامير عبد الرحمن الثاني ـ٢٠٦ه-٢٣٨ه-هو اول من ميزولاية السوق عن احكام الشرطة المسماة بولاية المدينة،وخصص لمتوليها ٣٠ دينارا في الشهر ولوالي المدينة ١٠٠ دينار. مما يدل على ان ولايتي الشرطة والسوق كانتا تسندان لشخص واحد في القرن الثاني الهجري\الثامن الميلادي.واستمر الوضع على ذلك حتى منتصف القرن الرابع الهجري \العاشر الميلادي أذ نلاحظ العودة للجمع بين الوظيفتين في يد وال واحد، لتحقيق التكامل بين هذبن الجهازين المشرفين على النظام والامن فيما يبدو. ولقد شهدت الحسبة في الاندلس تطورا وازدهارا كبيرا ، اذ اولى الاندلسيون فقه الحسبة عناية كاملة ،فكانت لهم في اوضاع الاحتساب قوانين يتداولونها ويتدارسونها،كما تتدارس احكام الفقه، لانها عندهم تدخل في جميع المبتاعات.ووصفت خطة الحسبة بانها من اعظم الخطط الدينية،وهي بين خطة القضاء والشرطة.كما اعتبرت نوعا من انواع القضاء المتميز بسرعة البت في القضايا، وعهد بولايتها الى كبار الفقهاء من طبقة القضاة، وكان متوليها يتقاضى راتبا معينا من بيت المال . وكان القاضي يتولى بنفسه عملية تعيين وعزل المحتسب بعد الرجوع الى صاحب الامر "الخليفة" في الدولة، مما يدل على اهمية نظام الحسبة في الاندلس. شروط المحتسب:كان يشترط فيمن يتولى هذه الوظيفة ان يتحلى بصفات وخصائص تميزه عن غيره حتى يستطيع القيام بعمله على خير وجه ، فلا بد ان يكون رجلا ، مسلما عفيفا، خيرا ورعا ،، غنيا محنكا ، عالما ،فقيها في الدين ،قائما على الحق ،نزيه النفس ،لا يميل ولا يرتشي، عالي الهمة،معلوم العدالة، عارفا بجزئيات الامور، وسياسات الجمهور ، ذا اناة وحلم وتيقظ وفهم ووقار ،وان يكون حازما لا تأخذه في الله لومة لائم . ويجب انيكون عارفا بأصناف الصناعات والمعايش وحيل الباعة ،اذ بذلك يتوصل الى معرفة الغش والتدليس التي يمارسها بعض اصحاب الحرف والصناعات. مهام المحتسب:تتضح لنا اهمية المحتسب في الاندلس من خلال المهام الموكولة اليه ، اذ انها شملت مختلف جوانب الحياة الدينية ، والاجتماعية ، والاقتصادية.ويهمنا هنا الجانب المتعلق بالحياة الاقتصادية بصورة خاصة اذ ليس من السهولة الالمام بكافة الجوانب في هذه العجالة.ولذا اكتفي بالاشارة الى بعض مهام المحتسب ذات الصلة المباشرة في مراقبة وتنظيم الاسواق الاندلسية.فقد كان على المحتسب ان يتفقد الاسواق ، ويراقب المكاييل والموازين ويتأكد من دقتها ومطابقتها للمواصفات والمقاييس . وكان عليه ان يبحث عن اساليب الغش والتدليس التي كان يمارسها اصحاب الحرف والصنائع, فيراقب الطحانين والخبازين والفرانين والجزارين والطباخين ويامرهم على الدقة في الصناعة والمحافظه على نظافة المنتج وادوات الانتاج ، ويحثهم علي تنظيف ابدانهم وملابسهم وان يقوموا بتنظيف حوانيتهم واسواقهم. كما كان على المحتسب ان يراقب صناع المنسوجات والملابس الصوفية والقطنيةوالكتانية ،وان يراقب صناع الادوات الجلدية والخشبية ،والخزف والفخار، والزجاج،واصناف الحديد،والذهب والفضة، واهل الترياق والادهان ، والاكحال ،والجباصين، والجيارين،...وغيرهم من اصحابالحرف ،فيأمرهم على عد المماطلة والتسويف في اعمالهم ،ويحثهم على اجتناب الغش والتدليس ،ويعاقب المخالفين منهم ،بالردع والزجر والتوبيخ والتعزير والضرب والسجن والاخراج من السوق ،وحتى النفي من البلد اذا تطلب الامر ذلك. اعوان المحتسبنظرا لكثرة مهام المحتسب التي يباشرها، جرت العادة في الاندلس ان يتخذ له اعوانا يساعدونه في ضبط الاسواق، وملاحقة المخالفين من اصحاب الحرف والصناعات . وكان يجب ان تتوافر فيهم صفات وخصائص لا تقل عنتلك التي يتمتع بها المحتسب، من خير وعفه وورع وامانه, ومعرفةالعون بصنعته ،خبيرا بالجيد والردئ من حرفته .وكان من اهم اعوان المحتسب العريف ،الذي كان يختار من بين ثقات اهل الاسواق ووجوه ارباب الصنائع.وكان من اهم واجباته ان يساعد المحتسب في تنظيم طرق العمل بين اهل الحرف ،وان يقوم بحل المنازعات والخصومات التي تقع بينهم . ومما تقدم تبدو لنا اهمية الحسبه ومكانة المحتسب في المجتمع الاندلسي ،واثرها البالغ في الحياة الاقتصادية، ومما يؤكد تلك الاهمية من الناحية العملية، ان ملوك اسبانيا المسيحية،كانوا كلما استردوا من المسلمين اقليما ابقوا فيه المحتسب ،ولذا نجد لفظ المحتسب ،يدخل في اللغة القشتالية فيشار اليه ب "الموتاس"،ليدل على الوالي المكلف بضبط المكاييل والموازين.