منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By تركي المحمود 1
#41992
لقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلمفي أمة متناحرة، فاستطاع بتوفيق الله أن يؤلِّف بينهم، كان أحدُهم يقتل قريبه على مورد الشاة، وكانت الحروب تستمر سنوات بينهم لأتفه الأسباب، فوحَّد صفهم، وجمع على الحق كلمتهم، والتقت تحت شجرة الحب في الله قلوبهم، قال تعالى لهم: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران/ 103]. فليس رابطةٌ أعظم من رابطة الإيمان، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات/10]، وقال صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ» متفق عليه.أبعد هذه الرابطة العظيمة يتعصب إنسان لقبيلة أو لنسب؟!!
فلماذا خلق الله الناس قبائل؟ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الحجرات/13].فبين الله الإجابة في هذه الآية.

التفاضل عند الله بالتقوى لا بالقبيلة: قال تعالى : (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

وفي مسند أحمد، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ رضي الله عنه أنه سَمِعَ من حدثه بخطبة النبي صلى الله عليه وسلمفِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ»؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.فلا يمكن أن يكون التفاضل عند الله بنسبنا وقبائلنا..و أين نحن من ابن نوح و أبي إبراهيم عليهما السلام؟ بل عمَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم– أبو طالب وأبو لهب- في النار!!

وفي الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمحِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا. يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا. يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا. وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا. وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا».وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ».

التعصب القبلي ممقوت مذموم: لقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلملأصحابه: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ–نخوتها- وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنْ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ» ر[ أبو داود والترمذي].وفي سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال: «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية». وهذا الحديث قوى إسناده ابن باز رحمه الله وغيره.والدعوة إليها: حث الناس على التعصب القبلي. وقاتل عليها: قاتل مع قومه لأنهم قومه لا لأنهم على الحق، ومات عليها: مات على هذا وأفنى فيه عمره ولم يتب.

وفي مسلم، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ»وفيه أيضاً: «َمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ».

العُِمِّيَّة: الأمر الأعمى لا يستبين وجهه.و يغضب لعصبة: يغضب لقومه ولو كانوا على الباطل. ويدعو لعصبة: يدعو غيرن للتعصب القبلي.

وينصر عصبة: يقاتل معهم ولو كانوا ظالمين، كحال الأول الذي قال: وما أنا إلا من غُزَيَّة إن غوت غويتُ وإن ترشُد غزية أرشد

وأما معنى «فقتلة جاهلية»: أي: مات على ضلالة كما يموت أهل الجاهلية عليها، ومات كموتهم فإنهم يموتون لذلك، للعصبية.

سد الذرائع المفضية إلى التعصب القبلي : فمما يفضي إلى التعصب الفخر بالأحساب؛ فلا يزال الرجل يفخر ويُعَدِّدُ مآثر آبائه حتى يتعصب لذلك. ومما يفضي إليه الطعن في النسب، فالمطعون فيه قد يدفع ذلك بالتعصب المقيت.

وهذان الأمران محرمان في دين الإسلام. فعن أبي هريرة رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة من الكفر بالله: شق الجيب، والنياحة، والطعن في النسب» رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم.

وللطعن في النسب طريقان: نفيه، وإلحاق العيب بالقبيلة.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال: «ثلاث لن تزال في أمتي: التفاخر في الأحساب، و النياحة، والأنواء» رواه أبو يعلى والضياء المقدِسي. فالحمد والذم بالدين، لا بالنسب والقبائل.

لأي شيء يكون الولاء؟ للدين، ولرابطة الإيمان.(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)[المائدة/56]

وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تمنعه من الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ».