أطلِق على الحرب هذا الاسم نظرًا لنشوبها في أقدس يوم لليهود، يوم الغفران (6 من تشرين الأول أكتوبر 1973). وجاءت هذه الحرب كمفاجأة شبه تامّة وحصل الإنذار بوشك نشوبها في وقت متأخر مما جعل التعبئة المنتظمة لقوات الاحتياط في ساعة الصفر أمرًا مستحيلا.
حقّق الجيشان المصري والسوري بعض الإنجازات الهامة في المرحلة الأولى: فاجتاز الجيش المصري قناة السويس وانتشر على امتداد الضفة الشرقية من القناة. أما الجيش السوري فاجتاح هضبة الجولان واقترب من بحيرة طبريا. ولكن سرعان ما انقلبت الأمور رأسًا على عقب. ففي غضون أيام قليلة ومن خلال شن الهجمات المضادة والتي اتّسمت أحيانًا بالمجازفة، وصل جيش الدفاع إلى الضفة الغربية من قناة السويس على بُعد 100 كيلومتر عن العاصمة المصرية، القاهرة، وكانت مدفعية جيش الدفاع قادرة على إصابة المجال الجوي المحيط بالعاصمة السورية دمشق.
وافقت مصر على القبول بوقف إطلاق النار بحماسة، وذلك بعد أن رفضت ذلك في البداية. وحذت سوريا حذوها. ونظرًا للملابسات في المرحلة الأولى والتي لم تصبّ في مصلحة إسرائيل، فإنّ قدرة جيش الدفاع على قلب الأمور بسرعة وبشكل تام كانت رائعة واستثنائية. ورغم ذلك فإنّ حرب يوم الغفران دخلت تأريخ إسرائيل كإخفاق خطير بسبب المفاجأة إذ ان الحرب كبدت إسرائيل ثمنًا باهظَا بمقتل 2،688 جنديًا إسرائيليًا.
فقد اتُهمت أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية في العجز عن توفير الإنذار في الوقت المناسب- واضطرّ رئيس هيئة الأركان دافيد (دادو) إيلْعَزار ورئيس هيئة الاستخبارات في جيش الدفاع إلى الاستقالة. وتم خلال الحرب إسقاط طائرات إسرائيلية عديدة نتيجة لتعرضها لإطلاق صواريخ روسية الصنع من طراز sam. وتوصّل بعض الخبراء إلى الاستنتاج القاطع بأن أيَام الدبابات قد ولت نظرًا لكونها عرضة لإصابة صواريخ ساغِير وقذائف أر بي جي تطلقها قوات المشاة. فمن ضمن 265 دبابة إسرائيلية في النسق الأول لم تبق إلا 100 دبابة صالحة للخدمة.
كان سلاح البحرية يتميّز خلال حرب يوم الغفران حيث بلغ أعلى درجة من الأداء ولم يتكبد أي خسائر وقام بإغراق 34 قطعة بحرية تابعة للعدو وتمكن من توفير الآمان على امتداد سواحل البلاد ومن فرض قيود على تحركات العدو وإرغامه على حصر عملياته في محيط قواعده. فكانت هذه حقًا حربًا قادها سلاح البحرية.
ضعُفت قوة الردع لجيش الدفاع نتيجة الحرب، ولكنّه تمت استعادتها جزئيًا في عملية ناجحة ومُثيرة للإعجاب وناجحة ألا وهي عملية عنْتيبي في 1976- والتي أُطلِق عليها لاحقًا اسم عملية يوناتان على اسم يوناتان نتنياهو قائد القوات البرية في العملية والذي كان القتيل الوحيد في صفوف القوات العسكرية في هذه العملية. وتم خلال العملية إنقاذ ركاب طائرة فرنسية مخطوفة يهود وإسرائيليين من أيدي مجموعة إرهابيين ألمانية في أوغاندا البعيدة، وذلك بعد أن قام الخاطفون بفصل هؤلاء الركاب عن سائر ركاب الطائرة. وأثارت هذه العملية إعجاب العالم بأسره بجراءتها وبتخطيطها المفصل والذي شمل نقل سيارة سوداء من نوع مرِسِيديس على متن الطائرة التي استخدمتها القوات لتضليل العدو، علمًا بأن الديكتاتور الأوغاندي في ذلك الحين كان يستخدم سيارة من نفس النوع.
أعقب حرب يوم الغفران توقيع سلسلة اتفاقيات لفصل القوات مع مصر ومع سوريا. وقضت هذه الاتفاقيات بتحديد مناطق لا يُسمح لأي قوة بدخولها وبتحديد شريط آخر من الأرض فُرضت قيود شديدة على حجم القوات المرابطة فيه.
لا تزال الاتفاقية مع سوريا سارية المفعول حيث تقوم قوة دولية بمراقبة تطبيقها. وتم استبدال الاتفاقية مع مصر، بعد مفاوضات طويلة بدأت بزيارة الرئيس المصري أنور السادات لأورشليم القدس ( تشرين الثاني نوفمبر 1977)، بمعاهدة السلام بين إسرائيل ومصر في 1979، وهي أول معاهدة سلام وقّعتها إسرائيل مع إحدى الدول العربية المجاورة بل وأهم هذه الدول. وكانت المعاهدة تقضي بانسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء باسره وبجعله منطقة منزوعة السلاح مقابل اعتراف مصر الكامل بإسرائيل وفتح سفارتين للبلدين وإقامة علاقات تجارية وسياحية كاملة بين البلدين.
تقدمّت المنظمات الإرهابية مرة أخرى الى مركز الساحة. فتمكّنت هذه المنظمات من إقامة قواعد لها في لبنان. ولم يكن لبنان أكثر عداء لإسرائيل من الدول العربية الأخرى بل بالعكس، ولكن الحكومة المركزية في لبنان لم تكن قادرة على منع إقامة "دولة داخل دولة". وعقب اعتداء دموي فظيع على حافلتي ركاب مدنيتين كانتا تسيران على الطريق الساحلي قرب تل أبيب، اعتداء أودى بحياة 37 شخصًا وأسفر عن إصابة 76 شخصًا بجروح (آذار مارس 1978)، قام جيش الدفاع بعملية الليطاني (آذار مارس 1978) ضد معاقل المخربين في لبنان. ولم تكن انجازات هذه العملية طويلة الأمد.