بسم الله الرحمن الرحيم
مصر في عهد جمال عبد الناصر
كانت مصر قبل الثورة دولة عبارة عن اسياد وعبيد بشوات وفلاحين الفقراء بالكاد يعيشون والاغنياء تزيد ثرواتهم بشكل مبالغ فيه ونشبت الاحداث التي كانت بداية لقيام الثورة ومنها حريق القاهرة اومذبحة الاسكندرية التي راح ضحيتها 50 مصري كانوا قد تصدوا للانجليز وكان الملك يحتفل بولي العهد وحان الوقت للثورة ولولا الزعيم الراحل لظلت مصر علي حالها والتي كانت ملك المحتل حتي البنوك كانت للانجليز وقناة السويس
فى تلك الظروف تفجرت ثورة عبد الناصر فى مصر ، عندما تسلم عبد الناصر حكم مصر كانت مصر دولة فقيرة متخلفة صناعيا ، محصولها الزراعى الأساسى هو القطن الذى كان حكرا بيد طبقة من الإقطاعيين والمضاربين والأجانب .?كان الاقتصاد المصرى متخلف وتابع للاحتكارات الرأسمالية الأجنبية ، كان هناك 960 شخصا فقط يسيطرون على كل الوظائف الأساسية فى مجالس إدارات الشركات الصناعية ، من بين هؤلاء نجد 265 مصرى فقط .?وكان بنك باركليز الإنجليزى يسيطر وحده على 56 % من الودائع ، وكان بنك مصر قد تمت السيطرة عليه من جانب رؤوس الأموال الإنجليزية والأمريكية .?كان الاقتصاد المصرى عاجزا بسبب ارتباطه بالمصالح الأجنبية عن طريق البنوك و شركات التأمين والتجارة الخارجية فى الصادرات والواردات وكانت كل مرافق الاقتصاد المصرى بيد الأجانب واليهود .?الأمر الذى دعا الإقتصادى المصرى الكبير الدكتور عبد الجليل العمرى أن يصفه : ( لقد كان الاقتصاد المصرى كبقرة ترعى فى أرض مصر ، ولكن ضروعها كانت كلها تحلب خارج مصر ) .?إن الوثائق التاريخية تقدم لنا حقائق حالكة السواد عن أوضاع مصر الداخلية قبل الثورة فى الحقبة الليبرالية التى يتباكى عليها حزب الوفد .??كانت أخر ميزانية للدولة عام 1952 تظهر عجزا قدره 39 مليون جنيه .?كما أن مخصصات الاستثمار فى مشروعات جديدة طبقا للميزانية سواء بواسطة الدولة أو القطاع الخاص كانت صفرا .?كما أن أرصدة مصر من الجنيه الإسترلينى المستحق لها فى مقابل كل ما قدمته من سلع وخدمات وطرق مواصلات لخدمة المجهود الحربى للحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية وكان يبلغ 400 مليون جنيه إسترلينى قد تم تبديده ولم يتبق منه إلا 80 مليون جنيه إسترلينى .?)أثارت جريدة الوفد فى الثمانينيات هذه القضية أن مصر كانت دائنة لبريطانيا قبل الثورة والوثائق التاريخية تثبت أن المبلغ المتبقى من الدين وهو 80 مليون جنيه أسترلينى رفضت بريطانيا إعطاؤه لمصر طوال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر نكاية فى عبد الناصر وسياساته ضدها ، ولم تفرج عنه إلا فى منتصف السبعينيات فى عهد السادات الذى أعترف بذلك فى مذكراته (?وكان النهب الذى لحق بالأرض الزراعية فى مصر طوال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ، نهب احتكرته أسرة محمد على فى البداية ثم أباحت نصيبا منه للمرابين الأجانب ، ولطبقة من المصريين محدودة جدا عملت على خلقها لكى تكون ظهيرا لها أمام الغالبية?، ثم أحتل الإنجليز مصر عام 1882 فعملوا على خلق طبقة تدين لهم بالولاء وتتبنى نمطهم الحضارى ووزعوا على أفرادها ألاف الأفدنة ، فى ظل ظروف مريبة وشديدة القسوة على الفلاح المصرى المقهور الذى تم تركه فريسة للجهل والفقر والمرض ، لا يمتلك إلا جلبابا واحدا ، ولا يجد قوت يومه ، ويعامل كالعبيد لخدمة أسياده من الإقطاعيين?وكانت شركة قناة السويس تجسد المأساة المصرية بكل أبعادها ، فالقناة التى حفرت فى أرض مصر وبأيدى عشرات الآلاف من المصريين الذين جرت دماؤهم فيها قبل أن تجرى مياه البحر ، تم سرقتها من مصر ، وأصبحت شركة قناة السويس دولة داخل الدولة لها علم خاص وشفرة خاصة وجهاز مخابرات خاص وحى خاص محرم دخوله على المصريين?وكان رئيس الشركة يعامل كرؤساء الدول محاطا بكل مراسم التبجيل والاحترام ولا يجرؤ مسئول مصرى على حسابه عن شئ .?و تثبت الوثائق الأمريكية و الفرنسية والإسرائيلية أن هذه الشركة دفعت من أموال مصر 400 مليون جنيه إسترلينى لدعم الجهد العسكرى للحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية ، كما قامت بدفع مبالغ مالية طائلة تقدر بعشرات الملايين للحركة الصهيونية فى فلسطين كتبرعات داعمة للمشروع القومى لليهود .?وبعد قيام إسرائيل أقامت معها إدارة شركة قناة السويس مكاتب للتنسيق المعلوماتى والمخابراتى بالتعاون مع جهاز الموساد ، كما واصلت دفع الأموال للكيان الصهيونى دعما له .?، وكانت خططها المستقبلية كلها مرتكزة على تمديد عقد امتياز القناة لمدة 99 عاما جديد .??تم كل هذا أثناء تلك الحقبة الليبرالية التى يتباكى عليها حزب الوفد ، بينما ينسى أن عبد الناصر هو الذى أسترد شركة قناة السويس من يد الأجانب ورد القناة إلى مصر رغما عن أنوف بريطانيا و فرنسا و حزب الوفد القديم و الجديد .?كانت خيرات و ثروات مصر مسلوبة من أهلها تمتصها طبقات عميلة وأسرة حاكمة دخيلة وأجانب مرابون ويهود مستغلون.?لم تكن مصر ملكا لأهلها?و لم تكن لمصر سياسة خارجية مستقلة بل كانت سياستها تدور فى فلك السياسة البريطانية ، وكان السفير البريطانى فى مصر حاكما بأمره تهتز لكلماته وإشارته ورغباته رؤوس الملك والباشوات وقادة حزب الوفد ، ويقيم النحاس باشا حفلات التكريم له .?وعندما قرر الملك فاروق أن يدخل حرب فلسطين ، فشل الجيش المصرى فى المعركة بسبب خيانة الجيوش العربية الأخرى ونقص الاستعداد ، وغياب الكفاءة عن القيادات ، وسوء التخطيط ، وترتب على الهزيمة ضياع 78 % من مساحة فلسطين التاريخية وإقامة الدولة اللقيطة ( إسرائيل ) خلال الحقبة الليبرالية تلك الحقبة الكئيبة والفاشلة فى التاريخ العربى التى ضاعت فيها فلسطين .??هذه هى حصيلة ونتائج الحقبة الليبرالية التى يتباكى عليها حزب الوفد وجريدته??. فشلوا فى كل شئ ، وجاءت ثورة عبد الناصر كنتيجة ورد فعل على فشلهم ، ورغم ذلك تركوا كل هذا وتفرغوا للهجوم عليه وتشويه عهده، وتبلغ المهزلة ذروتها عندما تنتج السعودية مسلسل عن الملك فاروق ويذاع هذا المسلسل للمشاهدين العرب و المصريين ليقدم صورة خرافية من ألف ليلة وليلة عن الملك السعيد ذو الرأى الرشيد الذى كان عهده كله خير وسعادة ،ولكن بدون سبب و لا مبرر، يقوم الضابط الشرير جمال عبد الناصر بقلب نظام حكمه و طرده هو و أسرته من مصر ، للنظام السعودى خلافات عميقة وجذرية مع عبد الناصر و فكره ومن الطبيعى ان ينتج ويقدم كل ما يزور تاريخ عبد الناصر ويشوه الحقائق عن عهده ، ولكن أن يستغل حزب الوفد و جريدته هذا المسلسل المزور وإعجاب الناس به لأنهم لا يدرون الحقيقة وتقوم بالترويج لخرافات عن هذه الحقبة الفاشلة فهذه هى ذروة المهزلة .??إذا كان حزب الوفد يعتقد أنه سينظف تاريخه بالمسلسلات السعودية ، فإن تاريخ عبد الناصر يرد على أكاذيبهم و مسلسلاتهم بالأرقام و الوثائق??ولنقرأ سويا ماذا تخبرنا الأرقام و الوثائق عن عهد عبد الناصر؟??عقب نجاح ثورة عبد الناصر فى 23 يوليو 1952 .?صدر قانون الإصلاح الزراعى الأول فى 9 سبتمبر 1952?يتكون القانون من 6 أبواب تشمل 40 مادة ، حددت المادة الأولى الحد الأقصى للملكية الزراعية بـ 200 فدان للفرد، وسمحت المادة الرابعة للمالك أن يهب أولاده مائة فدان. وقد سمح القانون للملاك ببيع أراضيهم الزائدة عن الحد الأقصى لمن يريدون، وأعطى لهم الحق في تجنب أراضي الآخرين المبيعة. كما قرر القانون صرف تعويضات للملاك، فلقد قدرت أثمان الأراضي بعشرة أمثال قيمتها الإيجارية، وأضيف إليها الملكيات والتجهيزات الأخرى (الأشجار والآلات …الخ) القائمة على الأرض بقيم عالية. ونظم صرف التعويضات بسحب مستندات على الحكومة تسدد على مدى ثلاثين عاما بفائدة سنوية قدرها . وقرر القانون توزيع الأراضي الزائدة على صغار الفلاحين بواقع (2 إلى 5 أفدنة) على أن يسددوا ثمن هذه الأراضي على أقساط لمدة ثلاثين عاما وبفائدة 3% سنويا، يضاف إليها 1.5% من الثمن الكلي للأرض؛ وفاء للموجودات التي كانت على الأرض (الأشجار الآلات... الخ). وتناول الباب الثاني من القانون تنظيم الجمعيات التعاونية في الأراضي الموزعة. أما الباب الرابع فقد حدد عددا من الإجراءات لمنع تفتيت الأراضي الموزعة، كما حدد ضريبة جديدة للأرض. وتناول الفصل الخامس العلاقة بين الملاك والمستأجرين. أما الفصل السادس والأخير فيتعلق بوضع حد أدنى لأجور عمال الزراعة، وبإعطائهم الحق في تنظيم نقاباتهم الزراعية. وبلغ مجموع الأراضي التي يطبق عليها قانون سبتمبر سنة 1952 مساحة 653,736 ألف فدان تنتمي إلى 1789 مالكا كبيرا، ولكن الأرض التي طبق عليها القانون في واقع الأمر بلغت 372,305 آلاف فدان، أما البقية وهي حوالي النصف فقد قام الملاك ببيعها بأساليبهم الخاصة حتى أكتوبر سنة 1953 حينما ألغت الحكومة النص الذي كان يتيح للملاك بيعها بأساليبهم ، ثم صدر قانون الإصلاح الزراعى الثانى عام 1961وهو القانون (رقم 127 لسنة 1380هـ=1961م)، وأهم ما في هذا القانون هو جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 100 فدان، يضاف إليها 50 فدانا لبقية الأسرة (الأولاد) للانتفاع فقط، وتحريم أي مبيعات للأرض من المالك لأبنائه، كما ألغى القانون الاستثناءات السابقة الخاصة بالأراضي قليلة الخصوبة. وتقدر الأراضي التي آلت إلى "الإصلاح الزراعي" نتيجة هذا القانون بـ214,132 ألف فدان، ثم صدر قانون الإصلاح الزراعى الثالث عام 1969 وهو (القانون رقم 50 لسنة 1969 ) والذي جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 50 فدانا. على أن هذا القانون الأخير لم يجد فرصة للتطبيق في واقع الأمر. وتقول الإحصائيات الرسمية بأنه حتى سنة 1969 تم توزيع 989,184 ألف فدان على الفلاحين منها 775,018 ألف فدان تم الاستيلاء عليها وفقا لقوانين الإصلاح الزراعي، و184,411 ألف فدان كانت تتبع بعض المؤسسات المختلف، أما الباقي وقدره 29,755 ألف فدان كان حصيلة أراضي لطرح لنيل.??ووفقا لنفس هذه الإحصائيات الرسمية فقد وزعت تلك الأراضي على 325,670 ألف أسرة?كما تم إنشاء الجمعيات الزراعية فى كل قرى مصر .??وقامت الدولة عبر هذه الجمعيات بعمل نظام تخطيط شامل للزراعة على امتداد الجمهورية فتولت الدولة تحديد أنواع المحاصيل المزروعة وقدمت للفلاحين البذور والمبيدات و الأسمدة ، كما قامت بشراء المحاصيل من الفلاحين .?كان تفتيت الملكية الزراعية فى ظل التخطيط الشامل للزراعة عبر الدورة الزراعية يقضى على مشكلة البطالة فى الريف ويرفع المستوى الاقتصادى للفلاح المصرى فى إطار موازى لخطة الدولة الاقتصادية بتحقيق اكتفاء ذاتى من المحاصيل الزراعية.?كان الأهم و الأعظم من كل ذلك هو التغير الذى طرأ على أوضاع الفلاح المصرى وأسرته حيث دخلت المدارس والوحدات الصحية إلى القرى وارتفعت نسبة الوعى و معدلات التعليم وتحسنت الأوضاع الصحية والاقتصادية فى الريف بفضل الثورة .?وكان أضخم وأهم مشروعات الثورة وهو السد العالى من أجل الزراعة فى المقام الأول حيث وفر كميات المياه اللازمة لتحويل رى الحياض إلى رى دائم ، وبفضله تم استصلاح ما يقرب من 2 مليون فدان .?وقد استطاعت مصر فى عهد عبد الناصر أن تحقق الاكتفاء الذاتى من كل محاصيلها الزراعية ماعدا القمح الذى حققت منه 80% من احتياجاتها .?وفى عام 1969 وصل إنتاج مصر من القطن إلى 10 ملايين و800 ألف قنطار ، وهو أعلى رقم لإنتاج محصول القطن فى تاريخ الزراعة المصرية على الإطلاق .?وصلت المساحة المزروعة أرز فى مصر إلى ما يزيد على مليون فدان وهى أعلى مساحة زرعت فى تاريخ مصر .?كما تم تجربة زراعة أنواع جديدة من القمح كالقمح المكسيكى ، والقمح جيزة 155 .?وفى المجال الصناعى تم إنشاء المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى فى سبتمبر 1952 .?وقام المجلس بإصدار خطة الاستثمارات العامة فى يوليو 1953 وهى خطة طموحة لمدة 4 سنوات بدأت بمقتضاها الدولة باستصلاح الأراضى?وبناء مشروعات الصناعات الثقيلة كالحديد والصلب ،?و شركة الأسمدة كيما ،?ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك ،?ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف ،?ومصانع الكابلات الكهربائية ،?وبعد السد العالى، وفى الستينات تم مد خطوط الكهرباء من أسوان إلى الإسكندرية ،?كم تم بناء المناجم فى أسوان والواحات البحرية?وتم تمويل كل هذه المشروعات ذاتيا?وفى 26 يوليو 1956 أمم الرئيس جمال عبد الناصر شركة قناة السويس وردها إلى مصر?وعقب العدوان الثلاثى تم تمصير وتأميم ومصادرة الأموال البريطانية والفرنسية فى مصر?وتم إنشاء المؤسسة الاقتصادية عام 1957 و التى تعتبر النواة الأولى للقطاع العام المصرى ، وألت إليها كل المؤسسات الأجنبية الممصرة .?وفى 13 فبراير 1960 أمم الرئيس عبد الناصر بنك مصر أكبر مصرف تجارى فى البلاد وكل الشركات الصناعية المرتبطة بعدما سقط هذا الصرح العملاق تحت سيطرة الاحتكارات البريطانية و الأمريكية أسترده عبد الناصر لمصر?وفى يوليو 1961 صدرت القرارات الاشتراكية وبدا واضحا أن النظام يتجه نحو نوع من الاقتصاد المخطط تحت إشراف الدولة وبقيادة القطاع العام.?وقد استطاعت مصر عبر تلك الإجراءات تحقيق نسبة نمو من عام 1957 – 1967 بلغت ما يقرب من 7 % سنويا ومصدر هذا الرقم تقرير البنك الدولى رقم [870 - أ] عن مصر الصادر فى واشنطن بتاريخ 5 يناير 1976.?وهذا يعنى يعنى أن مصر استطاعت فى عشر سنوات من عصر عبد الناصر أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه فى الأربعين سنة السابقة على عصر عبد الناصر.?كانت تلك نتيجةً لا مثيل لها فى العالم النامى كله حيث لم يزد معدل التنمية السنوى فى أكثر بلدانه المستقلة خلال تلك الفترة عن اثنين ونصف فى المائة بل أن هذه النسبة كان يعز مثيلها فى العالم المتقدم باستثناء اليابان، وألمانيا الغربية، ومجموعة الدول الشيوعية.?فمثلا ايطاليا وهى دولة صناعية متقدمة و من الدول الصناعية الكبرى حققت نسبة نمو عن تقدر ب4.5 % فقط فى نفس الفترة الزمنية .?وبدأت مصر مع الهند و يوغوسلافيا منذ بداية الستينيات مشروعا طموحا لتصنيع الطائرات والصواريخ والمحركات النفاثة والأسلحة .?وحتى سنة 1967 كانت مصر متفوقة على الهند فى صناعة الطائرات والمحركات النفاثة .?وتم صنع الطائرة النفاثة المصرية القاهرة 300 .?وصنعت مصر أول صاروخين من إنتاجها بمساعدة علماء الصواريخ الألمان ولكن شابهما عيوب فى أجهزة التوجيه .?فى عام 1966 كان الفارق بين البرنامج النووى المصرى ، ونظيره الإسرائيلى عام ونصف لصالح البرنامج النووى الإسرائيلي ، ورغم النكسة كانت مصرعلى وشك تحقيق توازن القوى فى المجال النووي بينها وبين إسرائيل بحلول سنة 1971 .?ولكن للأسف الشديد بعد وفاة الرئيس عبد الناصر أوقف الرئيس السادات كل هذه المشاريع ووأدها .ولننظر الآن إلى أى مدى وصلت الهند فى مجال الصواريخ والطائرات والسلاح النووى لندرك مدى بعد نظر جمال عبد الناصر وخطورة مشروعه النهضوى على المشروع الأمريكى الصهيونى فى المنطقة .?و فى يوم 5 يونيو 1967 جاء يوم الحساب لتجربة ومشروع جمال عبد الناصر فى الحرب العدوانية التى شنتها أمريكا وإسرائيل على الأمة العربية لإجهاض مشروع النهضة العربى الذى يقوده جمال عبد الناصر ، تلك الحرب التى وصفها الرئيس الفرنسى شارل ديجول بأنها ( المعركة أمريكية و الأداء إسرائيلى ) .?ورغم عنف الضربة وفداحة الهزيمة العسكرية .?هل انهارت مصر وانتهت كما يحاول بعض العملاء من مدمنى تكريس الهزيمة إقناعنا ، أن حرب 1967 هى سبب كل مشاكل مصر ؟!!?بإلقاء نظرة على أوضاع مصر عقب الهزيمة يتضح لنا الأتى تحمل الاقتصاد المصرى تكاليف إتمام بناء مشروع السد العالى العملاق ، ولم يكتمل بناء هذا السد إلا سنة 1970 قبيل وفاة الرئيس عبد الناصر .?السد العالى الذى اختارته الأمم المتحدة عام 2000 كأعظم مشروع هندسى و تنموى فى القرن العشرين.?كما تم بناء مجمع مصانع الألمونيوم فى نجع حمادى وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليار جنيه .?وفى ظل النكسة حافظت مصر على نسبة النمو الإقتصادى قبل النكسة .?بل أن هذه النسبة زادت فى عامى 1969 و 1970 وبلغت 8 % سنويا .?وأستطاع الاقتصاد المصرى عام 1969 أن يحقق زيادة لصالح ميزانه التجارى لأول و أخر مرة فى تاريخ مصر بفائض قدرها 46.9 مليون جنية بأسعار ذلك الزمان .?تحمل الاقتصاد المصرى عبء إعادة بناء الجيش المصرى من الصفر وبدون مديونيات خارجية كانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث و أجهزة كهربية?وكان الرئيس عبد الناصر يفخر أنه يرتدى بدل وقمصان غزل المحلة ويستخدم الأجهزة الكهربائية المصرية ( إيديال )??كما ترصد تقارير البنك الدولى بعض مظاهر التحول الاجتماعى العميق الذى شهدته مصر مابين عامى (1952- 1970)?حيث زادت مساحة الأرض الزراعية بأكثر من 15% .?ولأول مرة تسبق الزيادة فى رقعة الأرض الزراعية الزيادة فى عدد السكان .?لقد كان جمال عبد الناصر أول حاكم مصرى منذ عهد الفراعنة يوسع رقعة وادى النيل?وزاد عدد الشباب فى المدارس والجامعات والمعاهد العليا بأكثر من 300 %?وزادت مساحة الأراضى المملوكة لفئة صغار الفلاحين من 2,1 مليون فدان إلى حوالى 4 مليون فدان .?كما حدث تقدم ملحوظ فى مجال المساواة ، والعدالة الاجتماعية فى المدن أيضا بفعل الضرائب .?وتم وضع حدود دنيا وعليا للرواتب والمرتبات.?فلا أحد يعيش برفاهة وبذخ ولا أحد يعيش دون مستوى الكفاف .?وقبيل وفاة الرئيس عبد الناصر أتمت مصر بناء حائط الصواريخ الشهير وأتمت خطط العبور وتحرير الأرض العربية كلها وليس تحريك الموقف .?وبقبول الرئيس عبد الناصر لمبادرة روجرز .?أستطاع أبطال القوات المسلحة تحريك حائط الصواريخ العظيم حتى حافة قناة السويس .?وبذلك تم إلغاء دور الطيران الإسرائيلى ذراع إسرائيل الطويلة فى الهجوم على مصر غرب قناة السويس?و أصبح اندلاع حرب التحرير،وعبور الجيش المصرى للضفة الشرقية مسألة وقت .?كان الرئيس عبد الناصر يقدرها بزمن لا يتأخر عن أبريل 1971.?وقبيل وفاة الرئيس صدق على الخطة جرانيت . وهى خطة العبور التى نفذ الجزء الأول منها فى ظهيرة يوم 6 أكتوبر 1973.?كما صدق على الخطة 200 وهى الخطة الدفاعية التى تحسبت لحدوث ثغرة فى المفصل الحرج بين الجيشين الثانى والثالث المصرى .?والغريب أن الثغرة حدثت خلال حرب 1973كما توقعت الخطة 200 بالضبط ، وذلك عقب قرار الرئيس السادات المتأخر بتطوير الهجوم المصرى يوم 14 أكتوبر 1973 .?صعدت روح الرئيس عبد الناصر إلى بارئها و اقتصاد مصر أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية ، ولدى مصر فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار بشهادة البنك الدولى .?وثمن القطاع العام الذى بناه المصريون فى عهد الرئيس عبد الناصر بتقديرات البنك الدولى بلغ 1400 مليار دولار .?ولدى مصر أكبر قاعدة صناعية فى العالم الثالث حيث كان عدد المصانع التى أنشأت فى عهد عبد الناصر 1200 مصنع منها مصانع صناعات ثقيلة وتحويلية وإستراتيجية .?وتم بناء السد العالى أعظم مشروع هندسى وتنموى فى القرن العشرين باختيار الأمم المتحدة والذى يعادل فى بناؤه 17 هرم من طراز هرم خوفو .?كما تم خفض نسبة الأمية من 80% قبل 1952 إلى 50% عام 1970 بفضل مجانية التعليم فى كل مراحل الدراسة .?المجانية التى أنجبت لنا علماء من طراز ( أحمد زويل ، محمد النشائى ، مجدى يعقوب ، مصطفى السيد ، يحيى المشد ، سعيد بدير ) وغيرهم كثيرون رغم كل افتراءات الجهلة والحاقدين على عهد عبد الناصر وسياساته الطموحة وليقرأ من يريد مذكرات و أراء هؤلاء العلماء الأفذاذ عن الرئيس عبد الناصر وعهده .?كما تم دخول الكهرباء والمياه النظيفة والمدارس والوحدات الصحية والجمعيات الزراعية إلى كل قرى مصر .?وتم ضمان التأمين الصحى والإجتماعى والمعاشات لكل مواطن مصرى?كل ذلك تم بدون ديون على مصر?فمصر فى ليلة وفاة الرئيس عبد الناصر كانت ديونها حوالى مليار دولار ثمن أسلحة أشترتها من الاتحاد السوفيتى ، وقد تنازل عنها السوفيت فيما بعد ولم يتم سدادها.?ولم تكن عملة مصر مرتبطة بالدولار الأمريكى بل كان الجنيه المصرى يساوى ثلاثة دولارات ونصف ، ويساوى أربعة عشر ريال سعودى بأسعار البنك المركزى المصرى.??ولم تكن هناك بطالة ، ولم تكن هناك أزمة تعيينات أو وسائط أو رشاوى .??رحل الرئيس عبد الناصر والجنيه الذهب ثمنه 4 جنيه مصرى . ?وبعد رحيل الزعيم دخلت مصر حرب أكتوبر وهى محكومة بكل آليات النظام الناصرى .?القطاع العام الذى يقود التنمية .?والجيش المصرى الذى بناه عبد الناصر عقب الهزيمة .?وحائط الصواريخ الذى حركه عبد الناصر لحافة القناة قبيل وفاته .?،والخطط العسكرية الموضوعة منذ عهده .?لم يكن فيما قام به الرئيس جمال عبد الناصر معجزة أو أمر خارق للمألوف.?بل إن ذلك هو الطبيعى لبلد مثل مصر حباه الله كل المميزات والإمكانيات والثروات ليصبح دولة كبرى.?أمتزج موقع مصر العبقرى وإمكاناتها وثرواتها مع نزاهة الرئيس عبد الناصر وبعد نظره ووطنيته وذكاؤه وثاقب فكره مما أدى لكل هذا النجاح. الذى تم فى فترة محدودة بعمر الزمن لا تزيد عن 18 عام ، شابتها الكثير من المؤامرات ، والحروب لإجهاض المشروع الناصرى.?وبوفاة الرئيس عبد الناصر والانقلاب الذى تم فى السياسات المصرية عقب حرب أكتوبر 1973، بدأت معاول الهدم تضرب فى الصرح العملاق لتركة الرئيس عبد الناصر فى مصر ، ومازالت تضرب حتى الآن??كل هذه الانجازات العملاقة التى كان تبدو حلما مستحيل الحدوث قبل عبد الناصر لا يرضى عنها حزب الوفد وجريدته وكأن هناك حالة مرضية من عمى البصر و البصيرة تسيطر على ذلك الحزب إزاء كل تاريخ الرئيس جمال عبد الناصر وفترة حكمه??رغم أن عبد الناصر سمح لهم بكل شئ عدا العمل السياسى الذى صالوا وجالوا فيه فسادا قبل ثورته ، وحفظ لهم رؤؤسهم و أموالهم و أرواحهم ورغم ذلك لم يتركوا نقيصة إلا وحاولوا لصقها به .