- السبت ديسمبر 17, 2011 12:29 pm
#42733
كلما اقترب موعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وشمالي الضفة الغربية، زاد الغموض في إمكانية وحقيقة تنفيذ هذا الانسحاب من جانب واحد. وموضوع عدم التنفيذ ليس جديداً على "إسرائيل"، لطالما لم تنفذ "إسرائيل" الاتفاقات الموقعة مع الطرف الفلسطيني وبرعاية أمريكية، فكيف الحال إذا كان هذا القرار من جانب واحد؟ فإلى اليوم ورغم إقرار خطة الانسحاب الإسرائيلي في الحكومة الإسرائيلية والكنيست الإسرائيلي، فليس هناك أية ضمانة أن يتم تنفيذ هذا الانسحاب، كما ليس هناك أية ضمانة لانسحاب "إسرائيل" دون حمام دم في غزة يسبق الانسحاب أو يترافق معه.
تقوم السياسة الإسرائيلية بشكل أساسي على فكرة "كي الوعي الفلسطيني" التي صاغها رئيس الأركان المنصرف موشيه يعلون، فما زالت "إسرائيل" وحكومتها اليمينية تبني سياستها على هزيمة الفلسطينيين، وإعلان هذه الهزيمة من قبل الفلسطينيين والتسليم بكل السياسات الإسرائيلية التي تراها منظمة للعلاقة بين الطرفين. ولذلك فـ"إسرائيل" إلى اليوم، ورغم التغيرات التي حصلت على الصعيد الفلسطيني، لا تعتبر الطرف الفلسطيني شريكاً في "صناعة السلام" على الطريقة الإسرائيلية، والتي تعني أن على الفلسطينيين القبول بكل السياسات الإسرائيلية دون تغيير، وأن مفاوضاتها الأساسية مع الولايات المتحدة وليس مع الفلسطينيين الذين يعتبرون من وجهة النظر الإسرائيلية فائضا عن الحاجة. وتتعامل معهم على اعتبار أنهم يتلقون الأوامر الإسرائيلية وليس على "إسرائيل" أية التزامات تجاههم، وهذا ما تؤكده السياسة الإسرائيلية تجاه الهدنة، التي تتعامل معها على أساس أنها من طرف واحد، وهو الطرف الفلسطيني وليس عليها أن تقدم أي التزام بوقف توغلاتها وقصفها للمواقع الفلسطينية، إلا بقدر ما ترى ذلك مناسباً لها.
سلوك حكومة أرييل شارون هو سلوك المنتصر الذي يفرض شروطه على المهزوم، وعلى الفلسطينيين بوصفهم الطرف المهزوم الإقرار بهذه الوقائع، والوقائع التي تفرضها "إسرائيل" على الأرض الفلسطينية، من خلال توسيع الاستيطان، ومصادرة الأراضي كما هو الأمر في بلدة سلوان في القدس. لا التزامات إسرائيلية تجاه الفلسطينيين، فما تقدمه "إسرائيل" هو منة منها وليست ملزمة به، ولم يتغير الأمر بالنسبة لها مع انتخاب محمود عباس رئيساً فلسطينياً، وكل خطاب السلام الذي يكرره، ولا الإنجازات الإصلاحية التي حققها على مستوى السلطة والأمن، ولا التهدئة التي توصل إليها مع الفصائل رغم كل السياسات الإسرائيلية. فـ"إسرائيل" تصر على تصوير محمود عباس بوصفه ياسر عرفات دون كوفية ودون بدلة عسكرية، عرفات يلبس مودرن، ولكن يحتفظ بهدف تدمير "إسرائيل"، ولذلك تسعى "إسرائيل" بكل قوة إلى أن لا يظهر خروجها من غزة كنصر للفلسطينيين وتحرير لأراض فلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي بفعل المقاومة.
لذلك، يجب أن يُفهم الانسحاب الإسرائيلي من غزة في حال حدوثه بوصفه منة إسرائيلية للفلسطينيين، وتنازلاً إسرائيلياً تقوم به "إسرائيل" إرضاء للطرف الأمريكي، وليس للمقاومة الفلسطينية أي أثر في هذا القرار، فهي تقوم بهذا الفعل بصرف النظر عن سلوك الفلسطينيين ومقاومتهم والدماء التي قدموها، ولاعتبارات تخصها وحدها، لا أمراً دفعها الفلسطينيون للقيام به بفعل سنوات الصمود والخيارات الفلسطينية المقاومة التي دفعتها لهم سياسات إسرائيلية من ذات الطبيعة التي تقوم بها حكومة شارون اليوم، ما يؤسس مرة أخرى ومن جديد لمعطيات على أرض الواقع الفلسطيني تؤسس لانتفاضة فلسطينية جديدة، طالما تصر السياسة الإسرائيلية على تجاهل الفلسطينيين ومتطلباتهم وحقوقهم.
إن السياسة الإسرائيلية التي تحدثنا عنها سابقاً هي التي تفسر التصعيد الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، وهو تصعيد مرشح للتصاعد خلال الفترة القادمة السابقة للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. وهو أيضاً ما يفسر التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة قاصمة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وكأن كل الضربات الإسرائيلية السابقة للحركة لم تكن تهدف إلى القضاء على حركة "حماس"، وكأن الهدف الذي لم تستطع تحقيقه خلال سنوات القمع الإسرائيلي الدموي، تستطيع أن تقوم به خلال ضربة عسكرية خاطفة، وهو ما سخر منه العضو العمالي في الحكومة الإسرائيلية شمعون بيريز.
لقد نجح الفلسطينيون في سياسة ضبط النفس في مواجهة السياسة الإسرائيلية الاستفزازية، ولكن هذه السياسة مرهونة بتحقيق إنجازات فلسطينية وتغير شروط الناس والاقتراب من الحقوق الفلسطينية، وليست مجانية كما تعتقد "إسرائيل". فحالة التعب التي يعيشها الفلسطينيون اليوم، لا تعني بحال من الأحوال "الاستسلام" كما تحاول أن تصورها "إسرائيل" لنفسها، فهي محاولة فلسطينية جديدة وجدية لاختبار طريق المفاوضات مرة أخرى مع "إسرائيل"، وطرق باب السلام مرة أخرى. ولأن "إسرائيل" الطرف الآخر في هذه المعادلة فإن السياسة التي تمارسها، تتناقض مع السياسة التي ينتهجها الفلسطينيون اليوم عبر المفاوضات، بل تسعى "إسرائيل" إلى تعطيل هذا المسار، ووقف الزحف الفلسطيني اتجاه "خريطة الطريق"، وجاءت خطة شارون بالانسحاب الأحادي لوقف تداعيات "خريطة الطريق" عليها، كما كان هدف خطة شارون تجميد "خريطة الطريق" كما قال مستشاره دوف فايسغلاس. وبالتالي كل السياسة الإسرائيلية تقوم على قطع الطريق على أي أفق فلسطيني للوصول إلى إنجازات عن طريق المفاوضات، ما يعني أن السياسة الإسرائيلية تعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية إلى ساعة الصفر ودرجة عالية من الغليان، التي تنتظر لحظة الانفجار، وبذلك تؤسس السياسة الإسرائيلية إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة، تكاد تكون محتومة.
تقوم السياسة الإسرائيلية بشكل أساسي على فكرة "كي الوعي الفلسطيني" التي صاغها رئيس الأركان المنصرف موشيه يعلون، فما زالت "إسرائيل" وحكومتها اليمينية تبني سياستها على هزيمة الفلسطينيين، وإعلان هذه الهزيمة من قبل الفلسطينيين والتسليم بكل السياسات الإسرائيلية التي تراها منظمة للعلاقة بين الطرفين. ولذلك فـ"إسرائيل" إلى اليوم، ورغم التغيرات التي حصلت على الصعيد الفلسطيني، لا تعتبر الطرف الفلسطيني شريكاً في "صناعة السلام" على الطريقة الإسرائيلية، والتي تعني أن على الفلسطينيين القبول بكل السياسات الإسرائيلية دون تغيير، وأن مفاوضاتها الأساسية مع الولايات المتحدة وليس مع الفلسطينيين الذين يعتبرون من وجهة النظر الإسرائيلية فائضا عن الحاجة. وتتعامل معهم على اعتبار أنهم يتلقون الأوامر الإسرائيلية وليس على "إسرائيل" أية التزامات تجاههم، وهذا ما تؤكده السياسة الإسرائيلية تجاه الهدنة، التي تتعامل معها على أساس أنها من طرف واحد، وهو الطرف الفلسطيني وليس عليها أن تقدم أي التزام بوقف توغلاتها وقصفها للمواقع الفلسطينية، إلا بقدر ما ترى ذلك مناسباً لها.
سلوك حكومة أرييل شارون هو سلوك المنتصر الذي يفرض شروطه على المهزوم، وعلى الفلسطينيين بوصفهم الطرف المهزوم الإقرار بهذه الوقائع، والوقائع التي تفرضها "إسرائيل" على الأرض الفلسطينية، من خلال توسيع الاستيطان، ومصادرة الأراضي كما هو الأمر في بلدة سلوان في القدس. لا التزامات إسرائيلية تجاه الفلسطينيين، فما تقدمه "إسرائيل" هو منة منها وليست ملزمة به، ولم يتغير الأمر بالنسبة لها مع انتخاب محمود عباس رئيساً فلسطينياً، وكل خطاب السلام الذي يكرره، ولا الإنجازات الإصلاحية التي حققها على مستوى السلطة والأمن، ولا التهدئة التي توصل إليها مع الفصائل رغم كل السياسات الإسرائيلية. فـ"إسرائيل" تصر على تصوير محمود عباس بوصفه ياسر عرفات دون كوفية ودون بدلة عسكرية، عرفات يلبس مودرن، ولكن يحتفظ بهدف تدمير "إسرائيل"، ولذلك تسعى "إسرائيل" بكل قوة إلى أن لا يظهر خروجها من غزة كنصر للفلسطينيين وتحرير لأراض فلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي بفعل المقاومة.
لذلك، يجب أن يُفهم الانسحاب الإسرائيلي من غزة في حال حدوثه بوصفه منة إسرائيلية للفلسطينيين، وتنازلاً إسرائيلياً تقوم به "إسرائيل" إرضاء للطرف الأمريكي، وليس للمقاومة الفلسطينية أي أثر في هذا القرار، فهي تقوم بهذا الفعل بصرف النظر عن سلوك الفلسطينيين ومقاومتهم والدماء التي قدموها، ولاعتبارات تخصها وحدها، لا أمراً دفعها الفلسطينيون للقيام به بفعل سنوات الصمود والخيارات الفلسطينية المقاومة التي دفعتها لهم سياسات إسرائيلية من ذات الطبيعة التي تقوم بها حكومة شارون اليوم، ما يؤسس مرة أخرى ومن جديد لمعطيات على أرض الواقع الفلسطيني تؤسس لانتفاضة فلسطينية جديدة، طالما تصر السياسة الإسرائيلية على تجاهل الفلسطينيين ومتطلباتهم وحقوقهم.
إن السياسة الإسرائيلية التي تحدثنا عنها سابقاً هي التي تفسر التصعيد الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، وهو تصعيد مرشح للتصاعد خلال الفترة القادمة السابقة للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. وهو أيضاً ما يفسر التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة قاصمة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وكأن كل الضربات الإسرائيلية السابقة للحركة لم تكن تهدف إلى القضاء على حركة "حماس"، وكأن الهدف الذي لم تستطع تحقيقه خلال سنوات القمع الإسرائيلي الدموي، تستطيع أن تقوم به خلال ضربة عسكرية خاطفة، وهو ما سخر منه العضو العمالي في الحكومة الإسرائيلية شمعون بيريز.
لقد نجح الفلسطينيون في سياسة ضبط النفس في مواجهة السياسة الإسرائيلية الاستفزازية، ولكن هذه السياسة مرهونة بتحقيق إنجازات فلسطينية وتغير شروط الناس والاقتراب من الحقوق الفلسطينية، وليست مجانية كما تعتقد "إسرائيل". فحالة التعب التي يعيشها الفلسطينيون اليوم، لا تعني بحال من الأحوال "الاستسلام" كما تحاول أن تصورها "إسرائيل" لنفسها، فهي محاولة فلسطينية جديدة وجدية لاختبار طريق المفاوضات مرة أخرى مع "إسرائيل"، وطرق باب السلام مرة أخرى. ولأن "إسرائيل" الطرف الآخر في هذه المعادلة فإن السياسة التي تمارسها، تتناقض مع السياسة التي ينتهجها الفلسطينيون اليوم عبر المفاوضات، بل تسعى "إسرائيل" إلى تعطيل هذا المسار، ووقف الزحف الفلسطيني اتجاه "خريطة الطريق"، وجاءت خطة شارون بالانسحاب الأحادي لوقف تداعيات "خريطة الطريق" عليها، كما كان هدف خطة شارون تجميد "خريطة الطريق" كما قال مستشاره دوف فايسغلاس. وبالتالي كل السياسة الإسرائيلية تقوم على قطع الطريق على أي أفق فلسطيني للوصول إلى إنجازات عن طريق المفاوضات، ما يعني أن السياسة الإسرائيلية تعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية إلى ساعة الصفر ودرجة عالية من الغليان، التي تنتظر لحظة الانفجار، وبذلك تؤسس السياسة الإسرائيلية إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة، تكاد تكون محتومة.