- الأحد ديسمبر 18, 2011 7:57 pm
#43366
لم يكن غريباً أن تقوم جامعاتنا التي وردت أسماؤها في تقرير مجلة العلوم الأميركية، بإنكار التهم التي نُشرت فيه، فعادةً ما نظن أن ملء الفضاء بالإنكار قد يشوّش الناس، فيجعلهم على الأقل منقسمين.
ردُّ فعل جامعاتنا الذي لا يتجاوز سوى السخط والغضب من القائل، ذكّرني برد فعل مشابه لأحد مسؤولي جامعة الملك سعود منذ ١٥ عاماً، حين زرت كلية الأقسام العلمية لأشارك في لجنة ثقافية، وبعد نهاية الجلسة مشيت ووكيلة القسم نحو بوابة الخروج، فأخذت تُطلعني ونحن في الطريق على حال المعامل الهزيلة والطرقات المكسورة ودورات المياه المتهالكة، وحين وصلت إلى بوابة الخروج اكتشفت أن الساعة المعلقة على واجهة الكلية لا تعمل أيضاً، فعرفت أن الكلية تعيش زمناً متوقفاً لا يتحرك. كتبت مقالاً عن حال الكلية، وبعد أن قرأ المسؤول ما كتبت رفع الهاتف يصرخ في وكيلته بعبارة واحدة ساخطة تقول: "من الذي مكّن هذه الكاتبة من رؤية كل هذه الأشياء؟". لقد كان حريصاً على الستيرة، أي إبقاء الخطأ مستوراً أكثر من حرصه على إصلاح الحال المائل، أو التحقق من صحة ما نشر.
في مرات عدة، خرج الدكتور محمد القنيبط، وهو أستاذ أكاديمي معروف وعضو في مجلس الشورى لدورات سابقة، والآن عضو في هيئة حقوق الإنسان، ويلبس غترة وعقالاً، أي أنه مواطن مثل كل المواطنين الأخيار الذي يحظى بثقة المجتمع ومؤسساته، وتستحق شهادته التوقف عندها. ظهر في برامج تلفزيونية وتحدث عن حال الجامعة، قال كلاماً كثيراً يشبه ما قالته مجلة العلوم الأميركية، قال إن جامعة الملك سعود وأخواتها لعبت لعبة إعلامية إن صح التعبير، منهجها الكذب أو التمويه، وأنها استأجرت علماء حاصلين على نوبل من جامعات عالمية بدفع مبالغ طائلة، ليضعوا على أبحاثهم أسماء جامعاتنا، وهؤلاء "النوبليون" يزورن الجامعة يومين في السنة في مقابل مئة ألف ريال، ليحاضروا أمام أعضائها عن "كيف تحصل على جائزة نوبل؟". وقال أيضاً إن الجامعة لم تطور نظاماً تطبيقياً يجهّز خريجيها وخريجاتها للعمل في السوق المحلية، لكي تقفز للمقدمة متجاوزة جامعات أفضل منها، فماذا استفادت الجامعة من هذه اللعبة؟ كثيرون لم يصدقوا أعينهم وسمعهم حين أعلنت جامعات الملك سعود وعبدالعزيز والبترول والمعادن، أنها في أقل من أربع سنوات قفزت من قاع التصنيف إلى المقدمة، ونافست جامعات سبقتها بعقود، فما الذي فعلته الجامعة خلال أربع سنوات لتصبح من أفضل ٣٠٠ جامعة في العالم، بعد أن كانت تحتل الموقع الأدنى في قائمة الجامعات؟
ها هي مجلة العلوم الأميركية تفسّر لنا ما حدث، فلماذا أثار ما قالته مجلة أميركية كل هذا الصخب، بينما ألقى المسؤولون بما قاله الشهود المحليون، أمثال د. محمد القنيبط، وراء ظهورهم على رغم تشابه ما قيل؟
كلنا نتمنى من كل قلوبنا أن تصبح جامعاتنا في أول التصنيفات العالمية، لكن هل كان هذا حقيقياً يا وزارة التعليم العالي؟
الحل الذي لا مناص منه هو أن نكف عن الاهتمام بما يقول الخارج عنا، وأن نجعل ما يقوله الداخل الشاهد الحقيقي على ما يحدث، فهو من يستحق الرد والاجتماعات المغلقة لمناقشة ماذا قيل، وليس البحث عمن مكّنهم من مشاهدة ما شاهدوه، والتفتيش عن السبب الذي جعلهم يقولون ما قالوه.
افعلوا شيئاً من أجل تطورنا، من أجلنا نحن، من أجل بلادنا، وحين تتطورون ويقولون عنكم في الخارج شيئاً، نحن من سيدافع عنكم، سندافع عنكم بالبراهين وليس بالعواطف ولا بالرشاوى ولا باستخدام الشبيحة، أما إذا كان كل همّكم الخارج وما يقوله الخارج، فهذه لعبتُكم رُدَّت إليكم.
ردُّ فعل جامعاتنا الذي لا يتجاوز سوى السخط والغضب من القائل، ذكّرني برد فعل مشابه لأحد مسؤولي جامعة الملك سعود منذ ١٥ عاماً، حين زرت كلية الأقسام العلمية لأشارك في لجنة ثقافية، وبعد نهاية الجلسة مشيت ووكيلة القسم نحو بوابة الخروج، فأخذت تُطلعني ونحن في الطريق على حال المعامل الهزيلة والطرقات المكسورة ودورات المياه المتهالكة، وحين وصلت إلى بوابة الخروج اكتشفت أن الساعة المعلقة على واجهة الكلية لا تعمل أيضاً، فعرفت أن الكلية تعيش زمناً متوقفاً لا يتحرك. كتبت مقالاً عن حال الكلية، وبعد أن قرأ المسؤول ما كتبت رفع الهاتف يصرخ في وكيلته بعبارة واحدة ساخطة تقول: "من الذي مكّن هذه الكاتبة من رؤية كل هذه الأشياء؟". لقد كان حريصاً على الستيرة، أي إبقاء الخطأ مستوراً أكثر من حرصه على إصلاح الحال المائل، أو التحقق من صحة ما نشر.
في مرات عدة، خرج الدكتور محمد القنيبط، وهو أستاذ أكاديمي معروف وعضو في مجلس الشورى لدورات سابقة، والآن عضو في هيئة حقوق الإنسان، ويلبس غترة وعقالاً، أي أنه مواطن مثل كل المواطنين الأخيار الذي يحظى بثقة المجتمع ومؤسساته، وتستحق شهادته التوقف عندها. ظهر في برامج تلفزيونية وتحدث عن حال الجامعة، قال كلاماً كثيراً يشبه ما قالته مجلة العلوم الأميركية، قال إن جامعة الملك سعود وأخواتها لعبت لعبة إعلامية إن صح التعبير، منهجها الكذب أو التمويه، وأنها استأجرت علماء حاصلين على نوبل من جامعات عالمية بدفع مبالغ طائلة، ليضعوا على أبحاثهم أسماء جامعاتنا، وهؤلاء "النوبليون" يزورن الجامعة يومين في السنة في مقابل مئة ألف ريال، ليحاضروا أمام أعضائها عن "كيف تحصل على جائزة نوبل؟". وقال أيضاً إن الجامعة لم تطور نظاماً تطبيقياً يجهّز خريجيها وخريجاتها للعمل في السوق المحلية، لكي تقفز للمقدمة متجاوزة جامعات أفضل منها، فماذا استفادت الجامعة من هذه اللعبة؟ كثيرون لم يصدقوا أعينهم وسمعهم حين أعلنت جامعات الملك سعود وعبدالعزيز والبترول والمعادن، أنها في أقل من أربع سنوات قفزت من قاع التصنيف إلى المقدمة، ونافست جامعات سبقتها بعقود، فما الذي فعلته الجامعة خلال أربع سنوات لتصبح من أفضل ٣٠٠ جامعة في العالم، بعد أن كانت تحتل الموقع الأدنى في قائمة الجامعات؟
ها هي مجلة العلوم الأميركية تفسّر لنا ما حدث، فلماذا أثار ما قالته مجلة أميركية كل هذا الصخب، بينما ألقى المسؤولون بما قاله الشهود المحليون، أمثال د. محمد القنيبط، وراء ظهورهم على رغم تشابه ما قيل؟
كلنا نتمنى من كل قلوبنا أن تصبح جامعاتنا في أول التصنيفات العالمية، لكن هل كان هذا حقيقياً يا وزارة التعليم العالي؟
الحل الذي لا مناص منه هو أن نكف عن الاهتمام بما يقول الخارج عنا، وأن نجعل ما يقوله الداخل الشاهد الحقيقي على ما يحدث، فهو من يستحق الرد والاجتماعات المغلقة لمناقشة ماذا قيل، وليس البحث عمن مكّنهم من مشاهدة ما شاهدوه، والتفتيش عن السبب الذي جعلهم يقولون ما قالوه.
افعلوا شيئاً من أجل تطورنا، من أجلنا نحن، من أجل بلادنا، وحين تتطورون ويقولون عنكم في الخارج شيئاً، نحن من سيدافع عنكم، سندافع عنكم بالبراهين وليس بالعواطف ولا بالرشاوى ولا باستخدام الشبيحة، أما إذا كان كل همّكم الخارج وما يقوله الخارج، فهذه لعبتُكم رُدَّت إليكم.