منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By فيصل ناصر العتيبي
#44660

نجومية الأمس

تركي عبدالله السديري


نجمان تألقا في سماء الثقافة وقدما تجديداً عشقه كثيرون.. عبدالكريم الجهيمان - رحمه الله - رائد ثقافي تميّز بالخروج عن روتينية ما هو معتاد في مجالات الآراء أو في لغة الثقافة، وكان مَنْ قبله أو في عصره يقدّمون لغة أفكار تقليدية.. ومع أنه لم يمارس خروجاً في الرأي يسيء إلى مجتمعه إلا أن لغة الحداثة في الأفكار لم تكن ناشطة آنذاك.. ولذا فقد كان ما يشبه التضاد بين ما هو مألوف وما هو جديد في لغة المرحوم الجهيمان فتح مجالات رأي جديدة..

عرفته منذ زمن قديم، وتوقفت تلك المعرفة في ذلك الزمن القديم، حيث انشغالي بالعمل الصحفي اليومي لم يتح لي أن أكون على اتصال مستمر معه، وفي نفس الوقت كان هو - رحمه الله - يفضل الهدوء وتواصل التواجد الثقافي مع مَنْ هم قريبون زمنياً من حياته..

فقيدنا الآخر.. علي الخرجي.. فتح أفق ثقافة.. وفن في نفس الوقت داخل المنطقة الوسطى، لم يكن ذلك معروفاً من قبل بحيث نستطيع القول عنه بأنه أول مَنْ استحدث لثقافة القارئ فن الكاريكاتير اليومي بواسطة جريدة «الرياض» التي عمل بها فترة زمن لم تكن بالقصيرة.. وأستطيع القول بأنه واحد من مؤسسي تحديث الجريدة بما قدمه من جديد صحفي وما كان يأتي به الكاريكاتير من تعابير ساخرة.. سنوات طويلة مرّت به وهو نجم الشهرة الأول في ميدان خصوصيته الصحفية الأولى؛ حتى بعد تركه العمل في جريدة «الرياض» فإنه استمر متألقاً.. وأعتقد أن تألق شهرته كان دافع طموحات شباب دخلوا أجواء هذا العمل الساخر وفيهم مَنْ حققوا نجاحات ليست بالسهلة..

لا أدري كيف سيطرت عليه عزلة جعلته بعيداً عن أجوائه الأولى.. ما عرفته هو أنه تعرّض لأزمة قلبية أصبح بعدها لا يستطيع السيطرة على يده، مثلما عرفت ذلك من أحد أبنائه.. قابلته مرتين في مطار القاهرة ووجدته في حالة انطواء.. لكن بساطته ومشاعر تقديره لغيره لم تختلف، وكنت قبل ذلك في عصر تألقه وقبل وفاة زوجته - رحمها الله - ألتقي به عائلياً في عواصم أوروبية.. أهمها باريس.. فكان بمثل ما هو نجم الكاريكاتير متألقاً في نجومية النكتة والحوار الساخر..

رجل انتقل إلى رحمة الله، ولم يصنع في حياته خصومة مع أي أحد، بل كان كثيرون يسعون إلى التواصل معه، لكن لابد أن أزمته الصحية هي التي لها التأثير الأول عليه..

رحمهما الله.. نجوم ثقافة.. ونجوم مجتمع وأصحاب غايات اجتماعية وثقافية نظيفة الغايات..