- الأربعاء إبريل 11, 2012 12:19 am
#48354
الرؤية الأمريكية لأزمة السويس … وكيف غيرت ميزان القوى في الشرق الأوسط
صدرت عن وزارة الخارجية الأمريكية مجموعة مقالات سياسية- تحليلية وتأريخية تتعرض لما أسمته الخارجية بأحداث هامة في علاقات أمريكا الخارجية خلال القرن العشرين، وتحديدا في الفترة الممتدة مابين 1900 و2001. وقد شملت قائمة هذه الأحداث أحداث تاريخية هامة ذات أبعاد دولية إستراتيجية مثل أزمة قناة بنما والحرب الباردة وزيارة نكسون للصين و... أزمة السويس. والأخيرة هي الوحيدة التي تخص منطقة الشرق الأوسط، واختيارها نابع- حسب مؤلف المقالة التي تتناولها- من كونها نقطة تحول هامة في علاقة أمريكا بالمنطقة ومن ثم ما حدث من تغيير في ميزان أو موازين القوي فيها.
عنوان المقالة: أزمة السويس أزمة غيرت ميزان القوي في الشرق الأوسط.
وصاحب المقالة هو بيتر هان Peter Hahn أستاذ التاريخ الدبلوماسي في جامعة ولاية أوهايو Ohio State University ويعمل حاليا كمدير تنفيذي لجمعية مؤرخي علاقات أمريكا الخارجية. وهو متخصص في تاريخ أمريكا الدبلوماسي في الشرق الأوسط منذ عام 1948.
وقد تناول الكاتب في مقاله ماجرى من أحداث وتطورات في أزمة السويس وكيف تفاقمت الأمور ومن ثم كيف تشكل الرد الأمريكي عليها.
الرد الأمريكي
لقد عالج الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور أزمة قناة السويس من خلال مواقف ثلاث أساسية تبناها وعمل بها:
أولا: رغم تعاطف الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور مع رغبة بريطانيا وفرنسا في استعادة شركة قناة السويس، إلا أنه لم يجادل حول حق مصر في الشركة علي أساس أن مصر ستدفع المقابل المادي لها كما هو مطلوب في القانون الدولي. وأيزنهاور بالتالي سعي للتفادي صدام عسكري وأن يجد للنزاع حول القناة حلا دبلوماسيا قبل أن يستغل الاتحاد السوفيتي الوضع من أجل مكاسب سياسية. من ثم كلف أيزنهاور وزير الخارجية جون فوستر دالاس لفض الأزمة بحلول مقبولة لبريطانيا ولفرنسا من خلال بيانات عامة ومفاوضات ومؤتمرين دوليين في لندن وتأسيس جمعية مستخدمي قناة السويس Suez Canal Users Association (SCUA) بالاضافة الي تشاورات عديدة في الأمم المتحدة. ولكن مع نهاية أكتوبر 1965 تبين أن هذه الأمور لم تكن مجدية واستمرت الاستعدادات الانجلو ـ فرنسية لخوض الحرب.
ثانيا: سعى أيزنهاور إلى تفادي نفور القوميين العرب وإلى استقطاب الزعماء العرب للمشاركة في محاولته الدبلوماسية لانهاء الأزمة. ورفض أيزنهاور مساندة استخدام القوة من جانب بريطانيا وفرنسا ضد مصر كان بسبب ادراكه أن قرار تأميم ناصر لهيئة قناة السويس (والكاتب لا يستخدم تعبير تأميم بل تعبير استيلاء) كان له شعبية واسعة لدى شعبه والشعوب العربية الأخرى. وبلا شك فان زيادة شعبية ناصر قطعت الطريق على جهود كان يبذلها أيزنهاور لإيجاد حل للأزمة بالمشاركة مع زعماء عرب، فالزعماء السعوديون والعراقيون رفضوا اقتراحات أمريكية فيما يخص انتقاد ما فعله ناصر أو تحدي سمعته.
ثالثا: سعى أيزنهاور لعزل اسرائيل من المعضلة التي نشأت ـ أزمة السويس ـ تخوفا من أن مزج النزاعات الإسرائيلية- المصرية والانجلوفرنسية- المصرية سوف تشعل الشرق الأوسط. لذا لم يعط دالاس لإسرائيل الفرصة في المشاركة في التشاورات الدبلوماسية التي تمت لحل الأزمة، ومنع مناقشة شكاوي اسرائيل تجاه سياسة مصر أثناء ما تم طرحه للنقاش في الأمم المتحدة. كما أنه عندما شعر بتزايد رغبة اسرائيل في القتال ضد مصر في شهرى أغسطس وسبتمبر رتب أيزنهاور امداد اسرائيل بكميات محدودة من السلاح من الولايات المتحدة وفرنسا وكندا على أمل تخفيف حدة شعور اسرائيل بعدم الأمان وبالتالي تجنب حرب مصرية ـ اسرائيلية.
تداعيات و نتائج الأزمة
علي الرغم من أن أزمة السويس انتهت أو حلت بسرعة إلا أن أثرها كان كبيرا على ميزان القوى في الشرق الأوسط وعلى المهام والمسئوليات التي تحملتها وقامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة فيما بعد. أزمة السويس ألحقت الضرر بالسمعة البريطانية والفرنسية لدى الدول العربية ومن ثم قوضت السيطرة التقليدية التي كانت لتلك القوى الأوربية على المنطقة، وجمال عبد الناصر في المقابل لم يجتز هذه الأزمة فقط بل ضمن مستوى أعلي من المكانة والشعبية بين الشعوب العربية كقائد قضى على الامبراطوريات الأوربية وصمد أمام غزو عسكري قامت به اسرائيل. كما أن باقي الأنظمة العربية الموالية للغرب بدت معرضة للخطر من الفورات الناصرية المحلية.
ورغم أن عبد الناصر لم يظهر انحيازا سريعا ليكون مواليا للاتحاد السوفيتي الا أن مسئولين أمريكيين أبدوا تخوفا من أن التهديدات السوفيتية ضد الحلفاء الأوربيين نجحت في تحسين صورة موسكو لدي الدول العربية. كما بدت إمكانية دفع سلام عربي اسرائيلي معدومة في المستقبل القريب.
وكرد فعل لتداعيات حرب السويس أعلن الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور ما عرف ب "عقيدة أيزنهاور" “Eisenhower Doctrine” وكانت سياسة أمنية اقليمية جديدة وكبرى أعلنت في بداية عام 1957، وتم اقتراحها وطرحها في يناير 1957 وتم إقرارها من جانب الكونغرس في مارس من العام نفسه. وهذه الوثيقة تتعهد بأن الولايات المتحدة سوف تقوم بتوزيع المساعدة الاقتصادية والعسكرية وإذا اقتضى الأمر تستخدم القوة العسكرية من أجل احتواء الشيوعية في الشرق الأوسط. ولتطبيق تلك الخطة قام المبعوث الرئاسي جيمس ريتشاردز بجولة في المنطقة وزع خلالها عشرات الملايين من الدولارات- كمساعدة اقتصادية وعسكرية لكل من تركيا وإيران وباكستان والعراق والسعودية ولبنان وليبيا.
ويري المؤرخ الأمريكي أن اعلان أيزنهاور حكم سياسة الولايات المتحدة في ثلاث مواقف مثيرة للجدل. في ربيع عام 1957 بعث الرئيس الأمريكي بمساعدة اقتصادية للأردن كما أنه أرسل السفن التابعة للبحرية الأمريكية الى شرق البحر المتوسط لمساعدة العاهل الأردني الملك حسين في مواجهة حركة التمرد بين ضباط الجيش الموالين لمصر. والموقف الثاني كان في أواخر العام نفسه-1957 عندما حث الرئيس أيزنهاور تركيا ودول أخرى صديقة علي الاخد في الاعتبار امكانية غزو سوريا لوقف النظام الراديكالي من استمرار سيطرته علي السلطة.
ثم عندما حدث تمرد عنيف في بغداد في يوليو 1958- كما قال المؤلف- وهدد ذلك بحدوث حركات تمرد مشابهة في لبنان والأردن- فأمر أيزنهاور القوات الأمريكية باحتلال بيروت وبنقل العتاد للقوات البريطانية المحتلة للأردن. هذه الخطوات-غير المسبوقة- في تاريخ السياسة الأمريكية في الدول العربية كشفت اصرار أيزنهاور علي تقبل مسئولية حماية المصالح الغربية في الشرق الأوسط بأي ثمن.
ويرى المؤرخ في نهاية مقاله عن أزمة السويس بأنها تعد حدثا هاما وفاصلا في تاريخ سياسة أمريكا الخارجية. وذلك بقلب وإسقاط الافتراضات التقليدية في الغرب حول الهيمنة الانجلو الفرنسية في الشرق الأوسط، وباستفحال مشاكل القومية الثورية التي تجسدت في ناصر، وبإذكاء نار النزاع العربي-الإسرائيلي وبتهديد السماح للاتحاد السوفيتي بالتسلل داخل المنطقة، فان أزمة قناة السويس سحبت الولايات المتحدة نحو انخراط حقيقي وهام وممتد في منطقة الشرق الأوسط. هذا هو تحديدا ما استنتجه الأكاديمي الأمريكي وهو يلقي نظرة علي حدث هام في علاقة الولايات المتحدة بالعالم الخارجي والعالم العربي بشكل خاص- بعد مرور 50 عاما علي أزمة السويس. ولكن ماذا حدث لهذا الانخراط الأمريكي خاصة في العقد الماضي؟ بالتأكيد توجد أكثر من نظرة عربية لهذا التدخل والتورط الأمريكي، كما أن الموقف العربي أو التفسير والتحليل العربي لما فعلته الولايات المتحدة خلال أزمة السويس لم يظل كم كان- فما حدث من تغيير ملحوظ في علاقة واشنطن بالعالم العربي وبمصر تحديدا وأيضا بإسرائيل، وطبعا بالدول الأوربية- وبريطانيا على وجه التحديد خاصة بعد أن صار الاتحاد السوفيتي في خبر كان. ترى كيف يرى كل طرف من الأطراف المشاركة في أزمة السويس ما حدث- وذلك بعد مرور نصف قرن من الزمان؟!
صدرت عن وزارة الخارجية الأمريكية مجموعة مقالات سياسية- تحليلية وتأريخية تتعرض لما أسمته الخارجية بأحداث هامة في علاقات أمريكا الخارجية خلال القرن العشرين، وتحديدا في الفترة الممتدة مابين 1900 و2001. وقد شملت قائمة هذه الأحداث أحداث تاريخية هامة ذات أبعاد دولية إستراتيجية مثل أزمة قناة بنما والحرب الباردة وزيارة نكسون للصين و... أزمة السويس. والأخيرة هي الوحيدة التي تخص منطقة الشرق الأوسط، واختيارها نابع- حسب مؤلف المقالة التي تتناولها- من كونها نقطة تحول هامة في علاقة أمريكا بالمنطقة ومن ثم ما حدث من تغيير في ميزان أو موازين القوي فيها.
عنوان المقالة: أزمة السويس أزمة غيرت ميزان القوي في الشرق الأوسط.
وصاحب المقالة هو بيتر هان Peter Hahn أستاذ التاريخ الدبلوماسي في جامعة ولاية أوهايو Ohio State University ويعمل حاليا كمدير تنفيذي لجمعية مؤرخي علاقات أمريكا الخارجية. وهو متخصص في تاريخ أمريكا الدبلوماسي في الشرق الأوسط منذ عام 1948.
وقد تناول الكاتب في مقاله ماجرى من أحداث وتطورات في أزمة السويس وكيف تفاقمت الأمور ومن ثم كيف تشكل الرد الأمريكي عليها.
الرد الأمريكي
لقد عالج الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور أزمة قناة السويس من خلال مواقف ثلاث أساسية تبناها وعمل بها:
أولا: رغم تعاطف الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور مع رغبة بريطانيا وفرنسا في استعادة شركة قناة السويس، إلا أنه لم يجادل حول حق مصر في الشركة علي أساس أن مصر ستدفع المقابل المادي لها كما هو مطلوب في القانون الدولي. وأيزنهاور بالتالي سعي للتفادي صدام عسكري وأن يجد للنزاع حول القناة حلا دبلوماسيا قبل أن يستغل الاتحاد السوفيتي الوضع من أجل مكاسب سياسية. من ثم كلف أيزنهاور وزير الخارجية جون فوستر دالاس لفض الأزمة بحلول مقبولة لبريطانيا ولفرنسا من خلال بيانات عامة ومفاوضات ومؤتمرين دوليين في لندن وتأسيس جمعية مستخدمي قناة السويس Suez Canal Users Association (SCUA) بالاضافة الي تشاورات عديدة في الأمم المتحدة. ولكن مع نهاية أكتوبر 1965 تبين أن هذه الأمور لم تكن مجدية واستمرت الاستعدادات الانجلو ـ فرنسية لخوض الحرب.
ثانيا: سعى أيزنهاور إلى تفادي نفور القوميين العرب وإلى استقطاب الزعماء العرب للمشاركة في محاولته الدبلوماسية لانهاء الأزمة. ورفض أيزنهاور مساندة استخدام القوة من جانب بريطانيا وفرنسا ضد مصر كان بسبب ادراكه أن قرار تأميم ناصر لهيئة قناة السويس (والكاتب لا يستخدم تعبير تأميم بل تعبير استيلاء) كان له شعبية واسعة لدى شعبه والشعوب العربية الأخرى. وبلا شك فان زيادة شعبية ناصر قطعت الطريق على جهود كان يبذلها أيزنهاور لإيجاد حل للأزمة بالمشاركة مع زعماء عرب، فالزعماء السعوديون والعراقيون رفضوا اقتراحات أمريكية فيما يخص انتقاد ما فعله ناصر أو تحدي سمعته.
ثالثا: سعى أيزنهاور لعزل اسرائيل من المعضلة التي نشأت ـ أزمة السويس ـ تخوفا من أن مزج النزاعات الإسرائيلية- المصرية والانجلوفرنسية- المصرية سوف تشعل الشرق الأوسط. لذا لم يعط دالاس لإسرائيل الفرصة في المشاركة في التشاورات الدبلوماسية التي تمت لحل الأزمة، ومنع مناقشة شكاوي اسرائيل تجاه سياسة مصر أثناء ما تم طرحه للنقاش في الأمم المتحدة. كما أنه عندما شعر بتزايد رغبة اسرائيل في القتال ضد مصر في شهرى أغسطس وسبتمبر رتب أيزنهاور امداد اسرائيل بكميات محدودة من السلاح من الولايات المتحدة وفرنسا وكندا على أمل تخفيف حدة شعور اسرائيل بعدم الأمان وبالتالي تجنب حرب مصرية ـ اسرائيلية.
تداعيات و نتائج الأزمة
علي الرغم من أن أزمة السويس انتهت أو حلت بسرعة إلا أن أثرها كان كبيرا على ميزان القوى في الشرق الأوسط وعلى المهام والمسئوليات التي تحملتها وقامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة فيما بعد. أزمة السويس ألحقت الضرر بالسمعة البريطانية والفرنسية لدى الدول العربية ومن ثم قوضت السيطرة التقليدية التي كانت لتلك القوى الأوربية على المنطقة، وجمال عبد الناصر في المقابل لم يجتز هذه الأزمة فقط بل ضمن مستوى أعلي من المكانة والشعبية بين الشعوب العربية كقائد قضى على الامبراطوريات الأوربية وصمد أمام غزو عسكري قامت به اسرائيل. كما أن باقي الأنظمة العربية الموالية للغرب بدت معرضة للخطر من الفورات الناصرية المحلية.
ورغم أن عبد الناصر لم يظهر انحيازا سريعا ليكون مواليا للاتحاد السوفيتي الا أن مسئولين أمريكيين أبدوا تخوفا من أن التهديدات السوفيتية ضد الحلفاء الأوربيين نجحت في تحسين صورة موسكو لدي الدول العربية. كما بدت إمكانية دفع سلام عربي اسرائيلي معدومة في المستقبل القريب.
وكرد فعل لتداعيات حرب السويس أعلن الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور ما عرف ب "عقيدة أيزنهاور" “Eisenhower Doctrine” وكانت سياسة أمنية اقليمية جديدة وكبرى أعلنت في بداية عام 1957، وتم اقتراحها وطرحها في يناير 1957 وتم إقرارها من جانب الكونغرس في مارس من العام نفسه. وهذه الوثيقة تتعهد بأن الولايات المتحدة سوف تقوم بتوزيع المساعدة الاقتصادية والعسكرية وإذا اقتضى الأمر تستخدم القوة العسكرية من أجل احتواء الشيوعية في الشرق الأوسط. ولتطبيق تلك الخطة قام المبعوث الرئاسي جيمس ريتشاردز بجولة في المنطقة وزع خلالها عشرات الملايين من الدولارات- كمساعدة اقتصادية وعسكرية لكل من تركيا وإيران وباكستان والعراق والسعودية ولبنان وليبيا.
ويري المؤرخ الأمريكي أن اعلان أيزنهاور حكم سياسة الولايات المتحدة في ثلاث مواقف مثيرة للجدل. في ربيع عام 1957 بعث الرئيس الأمريكي بمساعدة اقتصادية للأردن كما أنه أرسل السفن التابعة للبحرية الأمريكية الى شرق البحر المتوسط لمساعدة العاهل الأردني الملك حسين في مواجهة حركة التمرد بين ضباط الجيش الموالين لمصر. والموقف الثاني كان في أواخر العام نفسه-1957 عندما حث الرئيس أيزنهاور تركيا ودول أخرى صديقة علي الاخد في الاعتبار امكانية غزو سوريا لوقف النظام الراديكالي من استمرار سيطرته علي السلطة.
ثم عندما حدث تمرد عنيف في بغداد في يوليو 1958- كما قال المؤلف- وهدد ذلك بحدوث حركات تمرد مشابهة في لبنان والأردن- فأمر أيزنهاور القوات الأمريكية باحتلال بيروت وبنقل العتاد للقوات البريطانية المحتلة للأردن. هذه الخطوات-غير المسبوقة- في تاريخ السياسة الأمريكية في الدول العربية كشفت اصرار أيزنهاور علي تقبل مسئولية حماية المصالح الغربية في الشرق الأوسط بأي ثمن.
ويرى المؤرخ في نهاية مقاله عن أزمة السويس بأنها تعد حدثا هاما وفاصلا في تاريخ سياسة أمريكا الخارجية. وذلك بقلب وإسقاط الافتراضات التقليدية في الغرب حول الهيمنة الانجلو الفرنسية في الشرق الأوسط، وباستفحال مشاكل القومية الثورية التي تجسدت في ناصر، وبإذكاء نار النزاع العربي-الإسرائيلي وبتهديد السماح للاتحاد السوفيتي بالتسلل داخل المنطقة، فان أزمة قناة السويس سحبت الولايات المتحدة نحو انخراط حقيقي وهام وممتد في منطقة الشرق الأوسط. هذا هو تحديدا ما استنتجه الأكاديمي الأمريكي وهو يلقي نظرة علي حدث هام في علاقة الولايات المتحدة بالعالم الخارجي والعالم العربي بشكل خاص- بعد مرور 50 عاما علي أزمة السويس. ولكن ماذا حدث لهذا الانخراط الأمريكي خاصة في العقد الماضي؟ بالتأكيد توجد أكثر من نظرة عربية لهذا التدخل والتورط الأمريكي، كما أن الموقف العربي أو التفسير والتحليل العربي لما فعلته الولايات المتحدة خلال أزمة السويس لم يظل كم كان- فما حدث من تغيير ملحوظ في علاقة واشنطن بالعالم العربي وبمصر تحديدا وأيضا بإسرائيل، وطبعا بالدول الأوربية- وبريطانيا على وجه التحديد خاصة بعد أن صار الاتحاد السوفيتي في خبر كان. ترى كيف يرى كل طرف من الأطراف المشاركة في أزمة السويس ما حدث- وذلك بعد مرور نصف قرن من الزمان؟!