- الاثنين إبريل 23, 2012 9:32 pm
#48852
تمهيد
منذ سنوات والنزاع بين دولة الإمارات وإيران على الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى يشد الباحثين من مختلف أنحاء العالم لعدة أسباب : فمنهم من يرى فيه انعكاساً لتقلبات السياسة الدولية ، ومنهم من يعتقد أنه ترجمة لنزاع تاريخي بين العرب والإيرانيين . وهناك أيضاً من يرى أن موضوع الجزر ما هو إلا ردة فعل لعوامل السياسة الداخلية في كل من إيران والعالم العربي . لكن الواقع أن مسألة الجزر تسترعى الاهتمام لأنها من النزاعات الحدودية القليلة الموثقة توثيقاً جيداً . فكلا الدولتين : الإمارات العربية المتحدة وإيران تستند إلى مصادر رئيسية هي عبارة عن مخطوطات ورسائل وخرائط يعود بعضها إلى أكثر من مئة سنة مما يجعل دراسة الموضوع وكأنه رحلة عبر تاريخ منطقة الخليج يكتشف المرء خلالها وقائع إقليمية ودولية كان لها تأثيرها في صنع تاريخ تلك المنطقة المهمة من العالم .
أهمية الدراسة
لا شك أن استمرار احتلال الجزر الثلاث من قبل إيران هو أهم البؤر التي تؤجج التوتر في المنطقة بين الحين والآخر ، وهذا هو بالتحديد ما دفعنا للقيام بدراسة موضوعية موثقة لهذه القضية الحساسة .وإذا كنا قد اخترنا هذا الوقت بالذات للكتابة عن موضوع الجزر الثلاث والتي احتلتها إيران في نوفمبر 1971م فذلك لأربعة اعتبارات هامة :1 - أن إيران وبكل المقاييس هي قوة عظمى في الخليج ولا يمكن الاستغناء عنها في أي إستراتيجية فعالة للمحافظة على الأمن والاستقرار بالمنطقة . ويبدو أن إيران - في الوقت الحاضر - تحاول إعادة النظر في الخريطة الأمنية لمنطقة الخليج .2 - أن الجغرافيا جعلت من التعاون بين إيران ودول الخليج العربية قدراً لا يمكن الإفلات منه بأي شكل من الأشكال . وقد ساهمت السياسة بنصيبها في هذا الاتجاه حين تمخضت الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 23 مايو 1997م عن فوز الرئيس محمد خاتمي الذي اعتبر - في نظر معظم المحللين - بمثابة بداية مرحلة من تطور إيران من الثورة إلى الدولة . لقد أكدت الفترة الوجيزة من حكمه على صحة تصريحاته المبدئية من أن السياسة الخارجية لإيران ستركز على تحقيق الانفراج وإزالة التوتر في العلاقات مع الدول وخاصة دول الجوار العربية ... فإلى أين أدت هذه التوجهات ؟ هذا ما تثيره الدراسة في طرحها لأسلوب تعامل الحكم الجديد مع قضية الجزر الثلاث .3 - أن واقع الوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة على إثر حرب الخليج الأخيرة قد فرض بحساسياته دوراً حتمياً لدول مجلس التعاون لتخفيف حدة التوتر في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وإعادة فتح قنوات الاتصال بينهما ... وتقع قضية الجزر في صلب الموضوعات التي تقف عائقاً في سبيل هذا الانفراج في علاقة إيران بكل من الدول العربية والغربية معاً .4 - أن الموضوع برمته يحيط به الغموض ويحتاج إلى من يتصدى له بالتوضيح والشرح ... وقد آن الأوان لتقديم هذا التوضيح لقضية هي في الواقع شائكة ولها جذور من الماضي غير القريب .
مشكلة البحث
تسعى الباحثة إلى الإجابة عن مجموعة من الأسئلة الهامة التي أحاطت بالنزاع الإماراتي - الإيراني حول الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) وهي : أولاً : ما هي الأهمية الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية للجزر الثلاث : أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ؟ ويقدم الفصل الأول الإجابة على هذا السؤال المبدئي للمشكلة . ثانياً : ما هي أسباب النزاع حول الجزر الثلاث ؟ وما هي أبعاد المواقف المتباينة للأطراف ذات الصلة بالنزاع : دولة الإمارات العربية المتحدة ، جمهورية إيران الإسلامية ، المملكة المتحدة والدول ذات النفوذ بالمنطقة ؟ويجيب الفصل الثاني على هذا التساؤل الهام . ثالثاً : ما هي احتمالات الصراع والتسوية بين طرفي النزاع ؟ وما هي المخاطر التي يتمخض عنها إبقاء المشكلة بدون معالجة ؟ وقد تصدت الباحثة في الفصل الثالث بأسلوب تحليلي موضوعي للإجابة على هذا التساؤل الجوهري .
هدف الدراسة
إن هدف أي دراسة علمية هو محاولة الكشف عن الحقيقة ، والواقع أن قضية الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) هي موضوع - كما أسلفنا - يحيط به الغموض ويحتاج إلى توضيح وشرح كما أن الجدل الدائر بين مؤيدي الطرفان (الإمارات وإيران) قد تسبب في زيادة الغموض أكثر من توضيح أبعاد النزاع . لذا فقد هدفت الدراسة إلى تحقيق ما يلي : أولا : كشف حقيقة النزاع ، وتتبع أسبابه التاريخية استعانة بالوثائق الداعمة والمؤيدة . ثانيا : إلقاء الضوء على الدوافع الظاهرة والخفية التي أدت تفاعلاتها إلى خلق هذه المشكلة ، وتداعياتها منذ بدايتها حتى وقتنا الحاضر .
منهج الدراسة
تفرض طبيعة الموضوع السياسية حول السيادة على الجزر منهجاً للدراسة محايداً نستعين فيه بالوثائق والمحررات التي سمح بنشرها سواء من حكومات الدول المتنازعة أو الدولة المستعمرة (بريطانيا) ، ومن ناحية أخرى كان للتاريخ دوره في إضفاء طابع الدارسة المبني على عرض متسلسل للأحداث التي أدت الأزمة ... وكأن الاستقراء يتم في هذه الدارسة بعيون من سجلوا تاريخ المنطقة . أما الاستنباط فهو الركيزة الثانية للمنهج العلمي والذي استخدمته الباحثة للوصول إلى النتائج المنطقية دون تحيز أو إنحياز .
عناصر الدراسة
تتألف الدراسة من ثلاثة فصول كالآتي :
الفصل الأول : الجزر الثلاث ماهيتها وأهميتها : - جزيرة أبو موسى .- جزيرة طنب الكبرى .- جزيرة طنب الصغرى .
الفصل الثاني : تاريخ النزاع حول الجزر الثلاث : - جذور النزاع .- احتلال إيران للجزر ومذكرة التفاهم . - الموقف حول الجزر في الوقت الراهن .
الفصل الثالث : احتمالات الصراع والتسوية . - المبررات الإيرانية للسيطرة على الجزر . - المبررات الإماراتية في شأن ملكيتها للجزر الثلاث . - الوضع القانوني للجزر ومسألة التحكيم . - احتمالات الصراع والتسوية .
الفصل الأولالجزر الثلاث : ماهيتها وأهميتها
المقدمة : على الرغم من وقوع عدد من الموانئ الكبيرة والمدن التجارية على شواطئ الخليج العربي، إلا أن الجزر القائمة فيه وخاصة قبالة مدخله (جزيرتا طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبوموسي) تتمتع بميزات إستراتيجية مهمة مما جعل التركيز على احتوائها والسيطرة عليها هدفاً سعت إليه قوى عديدة في طليعتها إيران إضافة إلى القوى الغازية التي وفدت على المنطقة منذ العصور الماضية .
والجزر الثلاث بموقعها وأهميتها أشبه بالصمام الذي يشرف على الشريان المائي والملاحي الذي يمثله الخليج العربي المرتبط ببحر العرب والمحيط الهندي من جهة الشرق والبحر الأحمر من جهة الغرب .
وقد أثبتت الأحداث التي مرت بالمنطقة منذ السبعينات تزايد الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي ، وكذلك أظهرت هذه الأحداث حرص الدول الكبرى والدول الصناعية على وجه الخصوص بتوطيد علاقاتها بمنطقة الخليج العربي والعمل بكل السبل المتاحة للحفاظ على مصالحها فيها .
والخليج العربي بواقع الحال يمثل إلتقاءاً لطرق المواصلات البحرية لكل من آسيا وأفريقيا وأوروبا ، كما يمثل منطقة التقاء الطرق التجارية المختلفة بين هذه القارات . وتنبع الأهمية الكبرى للخليج وما يتضمنه من جزر من كونه يتحكم بتصدير النفط من مناطق إنتاجه في الدول المطلة عليه إلى الدول المستوردة في أوروبا وأمريكا واليابان . وتشير الإحصائيات إلى أن الولايات المتحدة تستورد من دول الخليج ما يزيد على 60% من احتياجاتها من النفط المستورد ، وتستورد اليابان80% وأوربا الغربية حوالي 50% من احتياجاتهما النفطية من الدول المطلة على الخليج العربي .
وفي دراسة لخبراء الاقتصاد والسياسة في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في جامعة جورج تاون الأمريكية أن 86% من صادرات نفط الشرق الأوسط تمر من مضيق هرمز بشواطئ الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) ، وأن هذه النسبة تشكل نصف الطاقة التي تعتمد عليها صناعات العالم واقتصاده وحياته اليومية(1) .
ولقد انعكست الأهمية الاقتصادية للخليج العربي على أهميته الإستراتيجية والعسكرية مما حرك أساطيل الدول ذات المصالح البترولية والتجارية نحو الخليج في محاولات لإقامة قواعد عسكرية بالقرب من مدخله في المحيط الهندي وفي مواقع أخرى ذات صلة بالدول المطلة على الخليج العربي .
خصائص الجزر وأهميتها :قبل الدخول في تفاصيل حول أهمية كل من الجزر الثلاث يمكن إجمال المميزات التي تتيحها السيطرة على هذه الجزر وامتلاكها في النقاط الآتية : -1 - موقعها الإستراتيجي الممتاز في مدخل الخليج مما يجعلها تتحكم بحركة السير فيه ومن يسيطر على هذه الجزر يسيطر على مضيق هرمز ويسد منفذ الخليج للداخل والخارج . حيث
وصفت صحيفة لوموند الفرنسية هذه الجزر الثلاث بأنها : "جزر تتحكم في مدخل الخليج العربي"(2) .2 - قد تستعمل كمراكز للتجمع والوثوب على المناطق القريبة منها على الساحل العربي ، حيث تصلح لإقامة منشآت وقواعد عسكرية عليها .3 - تتوفر فيها المعادن وخاصة أكسيد الحديد الأحمر .4 - يتوفر فيها النفط .5 - تمر بهذه الجزر الممرات البحرية الصالحة للملاحة ولذلك يمكن أن تتحكم في التجارة والنقل .6 - قد تستخدم كموانئ لرسو السفن ومحطة للتزود بالوقود لأن المياه من حولها عميقة .7 - تتوفر بها المياه الصالحة للشرب مما يساعد على قيام الزراعة فيها ، كما يوجد بها بعض المراعي .8 - تقام عليها الفنارات لإرشاد السفن . 9 - يتوفر بالجزر مصائد أسماك ممتازة تحقق دخلاً طيباً للصيادين .
إن الجزر الثلاث لا تقل في أهميتها الإستراتيجية عن مدينة طنجة وجبل طارق في مدخل البحر الأبيض المتوسط ، وعن عدن في مدخل البحر الأحمر ، وإنها في هذه المكانة فقط تقف مشرفة على حركة المرور في الخليج وتتحكم فيها أيضاً . وسوف نستعرض أهمية الجزر الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية :
جزيرة أبوموسى : جزيرة صغيرة هادئة تقع عند مدخل الخليج العربي وتطل عليه تماماً كما يقف الحارس الأمين أمام خزائن الذهب الأسود .تبلغ مساحة الجزيرة نحو 35كم2 ، ويبلغ طولها حوالي 7كم وعرضها 5كم . وهي تبعد بمقدار 67كم عن الساحل الإيراني بينما لا يفصلها عن مدينة الشارقة سوى 43كم (أنظر الخريطة) . يتكون سطح الجزيرة من سهول رملية مغطاة بأعشاب وحشائش ترعى فيها الغزلان ، وتنتشر عليها التلال المنعزلة ، وأعلى منطقة تقع في منتصف الجزيرة ويبلغ ارتفاعها 110 أمتار وهي محاطة بمياه عميقة نسبياً مما يجعلها صالحة لرسو السفن .
توجد بالجزيرة عدة آبار للمياه العذبة حوالي (20بئر) ، وتنتشر فيها زراعة النخيل ، وهي مشهورة بصفة خاصة برواسب أو كسيد الحديد الأحمر المستعمل في صناعة الطلاء المانع للصدأ . وتقع مناجم أو كسيد الحديد الأحمر في الشمال الشرقي من الجزيرة ، وتمتلك شركة "صن فالي كولون كومباني أوف ويك" البريطانية المناجم وفق الامتياز الذي منحه إياها حاكم الشارقة . ومعروف أنه قد تم استغلال مناجم أو كسيد الحديد الأحمر لأول مرة في عام 1934م ، ثم أغلقت خلال سنوات الحرب العالمية الثانية من عام 1940م وحتى عام 1947م . وكانت الشركة تدفع 50 ألف روبية سنوياً لحاكم الشارقة مقابل حقوق التنقيب ، وكان إنتاج الأوكسيد الأحمر آنذاك حوالي 2500 طن في الموسم الجيد . وتعتبر نوعية الأوكسيد الأحمر المنتج من الجزيرة من الصنف النقي حيث لا يحتاج إلى تصفية كثيرة(3) . إلا أن أهمية الجزيرة بدأت في التزايد مع ظهور النفط بها ، حيث يوجد فيها ثلاثة آبار تقوم باستغلالها شركة "بتس" للنفط والتجارة (Butes Oil and Gas Co.) .
ولإيران بالجزيرة قاعدة عسكرية مجهزة بمروحيات وآليات عسكرية وزوارق سريعة أي ثكنة عسكرية متكاملة بالمعدات والأفراد ، كما أن لها مطارا ًومحطة لتوليد الكهرباء بطاقة 1.6 ميجاوات وبتكلفة قدرها 80 مليون دولار .
كان يقطن الجزيرة - حتى الاحتلال الإيراني لها في عام 1971م - حوالي 1000 نسمة تقريباً جميعهم من أصول عربية إلى جانب 60 عنصراً من العسكر الإيرانيين . ويذكر أحد الصحافيين الذين زاروا الجزيرة في أواخر عام 1979م أن الجزيرة كانت تنقسم فعلياً إلى مجتمعين : مجتمع عسكري إيراني ومجتمع مدني عربي وكان المسجد يضم الجميع من غير تمييز أو تفريق(4) .
ويشتغل بعض السكان المحليين في مناجم الحديد خلال أشهر الشتاء ، أما في موسم الصيف فيقومون بالصيد والملاحة ، ولكن أغلبهم يفضلون العمل في الصيد البحري لما يحققه هذا النشاط المنتج من دخل جيد حيث يبيعون ما يصيدونه إلى السفن العابرة للجزيرة ، كما يبيعون صيدهم في أسواق الشارقة ودبي ، وكانوا في مطلع الستينات يملكون حوالي 25 زورقاً للصيد انكمشت إلى عدد ضئيل جداً بعد عام 1992م بسبب الإجراءات الإيرانية التعسفية ضد سكان الجزيرة من العرب (أنظر الفصل الثاني من الدراسة) .
جزيرة طنب الكبرى : تقع هذه الجزيرة على بعد (31كم) جنوب غرب جزيرة قشم الإيرانية ، وتبعد عن إمارة رأس الخيمة حوالي (70كم) ، وكلمة طنب تعني في أصلها "التل" ، فهي جزيرة قليلة الارتفاع ، دائرية الشكل يبلغ طول قطرها 4كم ومساحتها حوالي 9كم2 .
وجزيرة طنب الكبرى تقع بعيداً نسبياً عن مدخل الخليج العربي كما أنها أقرب إلى الساحل الإيراني ، لذلك فهي تحتل مكانة هامة في الرؤية الاستراتيجية الإيرانية ، باعتبارها جزءاً من خط الدفاع الإيراني عند مدخل مضيق هرمز .
ونظراً لموقع الجزيرة على خط سير السفن الداخلة إلى الخليج وكذلك الخارجة منه وهي الخطوط الملاحية للسفن التجارية وناقلات البترول ، فقد قامت الحكومة البريطانية عام 1913م - بموافقة من حاكم رأس الخيمة آنذاك الشيخ سالم بن سلطان القاسمي - ببناء فنار على الجزيرة لإرشاد السفن . كما تتوفر بالجزيرة خامات غنية من الأوكسيد الأحمر ، وبعض آبار المياه العذبة التي تستخدم للشرب والزراعة ، كما تنتشر بها بعض أشجار النخيل . وقد سبق لحكومة رأس الخيمة أن وفرت للسكان (حوالي 200 نسمة) بعض المؤسسات الخدمية ، وينحدر سكان الجزيرة من قبائل جرير وتميم العربية ويمتهنون صيد الأسماك ، وقلة منهم اهتموا بالزراعة ورعاية الماشية .
وهي بالدرجة الأولى جزيرة ذات أهمية إستراتيجية أكثر منها اقتصادية وذلك لعمق المياه حولها وصلاحيتها لأن تكون ميناءاً تنطلق منه قوات الدولة التي تمتلك الجزيرة للسيطرة منها بسهولة على مدخل الخليج العربي .
جزيرة طنب الصغرى : تقع على بعد 8 أميال إلى الغرب من جزيرة طنب الكبرى ، مثلثة الشكل وارتفاعها حوالي 35 متر عن سطح البحر ، ويبلغ طولها ميل واحد وعرضها ثلاثة أرباع الميل . وهى جزيرة صخرية غير صالحة للسكن .
تلك هي الجزر الثلاث التي يتنازع السيادة عليها اليوم دولتان هما الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيران الإسلاميتان ... كلتاهما تدعيان حقوقاً لها سواء في الملكية أو السيادة على الجزر الثلاث ... وكلتاهما مصممتان على موقفيهما المتعارض . وقد مرت عشرات السنوات على هذا النزاع دون حسم أو اتفاق مروراً بمحطات اتسمت بالسخونة والاحتدام . وبينما أبدت دولة الإمارات المتحدة استعدادها للتفاوض أو التحكيم ، كان لجمهورية إيران موقفها شبه الثابت برفض التحكيم أو التفاوض .
فما هي قصة النزاع ؟ وكيف بدأ ؟ ومتى ؟ وما هي المراحل التي مرت بها مسألة السيادة على ذه الجزر ؟
منذ سنوات والنزاع بين دولة الإمارات وإيران على الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى يشد الباحثين من مختلف أنحاء العالم لعدة أسباب : فمنهم من يرى فيه انعكاساً لتقلبات السياسة الدولية ، ومنهم من يعتقد أنه ترجمة لنزاع تاريخي بين العرب والإيرانيين . وهناك أيضاً من يرى أن موضوع الجزر ما هو إلا ردة فعل لعوامل السياسة الداخلية في كل من إيران والعالم العربي . لكن الواقع أن مسألة الجزر تسترعى الاهتمام لأنها من النزاعات الحدودية القليلة الموثقة توثيقاً جيداً . فكلا الدولتين : الإمارات العربية المتحدة وإيران تستند إلى مصادر رئيسية هي عبارة عن مخطوطات ورسائل وخرائط يعود بعضها إلى أكثر من مئة سنة مما يجعل دراسة الموضوع وكأنه رحلة عبر تاريخ منطقة الخليج يكتشف المرء خلالها وقائع إقليمية ودولية كان لها تأثيرها في صنع تاريخ تلك المنطقة المهمة من العالم .
أهمية الدراسة
لا شك أن استمرار احتلال الجزر الثلاث من قبل إيران هو أهم البؤر التي تؤجج التوتر في المنطقة بين الحين والآخر ، وهذا هو بالتحديد ما دفعنا للقيام بدراسة موضوعية موثقة لهذه القضية الحساسة .وإذا كنا قد اخترنا هذا الوقت بالذات للكتابة عن موضوع الجزر الثلاث والتي احتلتها إيران في نوفمبر 1971م فذلك لأربعة اعتبارات هامة :1 - أن إيران وبكل المقاييس هي قوة عظمى في الخليج ولا يمكن الاستغناء عنها في أي إستراتيجية فعالة للمحافظة على الأمن والاستقرار بالمنطقة . ويبدو أن إيران - في الوقت الحاضر - تحاول إعادة النظر في الخريطة الأمنية لمنطقة الخليج .2 - أن الجغرافيا جعلت من التعاون بين إيران ودول الخليج العربية قدراً لا يمكن الإفلات منه بأي شكل من الأشكال . وقد ساهمت السياسة بنصيبها في هذا الاتجاه حين تمخضت الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 23 مايو 1997م عن فوز الرئيس محمد خاتمي الذي اعتبر - في نظر معظم المحللين - بمثابة بداية مرحلة من تطور إيران من الثورة إلى الدولة . لقد أكدت الفترة الوجيزة من حكمه على صحة تصريحاته المبدئية من أن السياسة الخارجية لإيران ستركز على تحقيق الانفراج وإزالة التوتر في العلاقات مع الدول وخاصة دول الجوار العربية ... فإلى أين أدت هذه التوجهات ؟ هذا ما تثيره الدراسة في طرحها لأسلوب تعامل الحكم الجديد مع قضية الجزر الثلاث .3 - أن واقع الوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة على إثر حرب الخليج الأخيرة قد فرض بحساسياته دوراً حتمياً لدول مجلس التعاون لتخفيف حدة التوتر في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وإعادة فتح قنوات الاتصال بينهما ... وتقع قضية الجزر في صلب الموضوعات التي تقف عائقاً في سبيل هذا الانفراج في علاقة إيران بكل من الدول العربية والغربية معاً .4 - أن الموضوع برمته يحيط به الغموض ويحتاج إلى من يتصدى له بالتوضيح والشرح ... وقد آن الأوان لتقديم هذا التوضيح لقضية هي في الواقع شائكة ولها جذور من الماضي غير القريب .
مشكلة البحث
تسعى الباحثة إلى الإجابة عن مجموعة من الأسئلة الهامة التي أحاطت بالنزاع الإماراتي - الإيراني حول الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) وهي : أولاً : ما هي الأهمية الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية للجزر الثلاث : أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ؟ ويقدم الفصل الأول الإجابة على هذا السؤال المبدئي للمشكلة . ثانياً : ما هي أسباب النزاع حول الجزر الثلاث ؟ وما هي أبعاد المواقف المتباينة للأطراف ذات الصلة بالنزاع : دولة الإمارات العربية المتحدة ، جمهورية إيران الإسلامية ، المملكة المتحدة والدول ذات النفوذ بالمنطقة ؟ويجيب الفصل الثاني على هذا التساؤل الهام . ثالثاً : ما هي احتمالات الصراع والتسوية بين طرفي النزاع ؟ وما هي المخاطر التي يتمخض عنها إبقاء المشكلة بدون معالجة ؟ وقد تصدت الباحثة في الفصل الثالث بأسلوب تحليلي موضوعي للإجابة على هذا التساؤل الجوهري .
هدف الدراسة
إن هدف أي دراسة علمية هو محاولة الكشف عن الحقيقة ، والواقع أن قضية الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) هي موضوع - كما أسلفنا - يحيط به الغموض ويحتاج إلى توضيح وشرح كما أن الجدل الدائر بين مؤيدي الطرفان (الإمارات وإيران) قد تسبب في زيادة الغموض أكثر من توضيح أبعاد النزاع . لذا فقد هدفت الدراسة إلى تحقيق ما يلي : أولا : كشف حقيقة النزاع ، وتتبع أسبابه التاريخية استعانة بالوثائق الداعمة والمؤيدة . ثانيا : إلقاء الضوء على الدوافع الظاهرة والخفية التي أدت تفاعلاتها إلى خلق هذه المشكلة ، وتداعياتها منذ بدايتها حتى وقتنا الحاضر .
منهج الدراسة
تفرض طبيعة الموضوع السياسية حول السيادة على الجزر منهجاً للدراسة محايداً نستعين فيه بالوثائق والمحررات التي سمح بنشرها سواء من حكومات الدول المتنازعة أو الدولة المستعمرة (بريطانيا) ، ومن ناحية أخرى كان للتاريخ دوره في إضفاء طابع الدارسة المبني على عرض متسلسل للأحداث التي أدت الأزمة ... وكأن الاستقراء يتم في هذه الدارسة بعيون من سجلوا تاريخ المنطقة . أما الاستنباط فهو الركيزة الثانية للمنهج العلمي والذي استخدمته الباحثة للوصول إلى النتائج المنطقية دون تحيز أو إنحياز .
عناصر الدراسة
تتألف الدراسة من ثلاثة فصول كالآتي :
الفصل الأول : الجزر الثلاث ماهيتها وأهميتها : - جزيرة أبو موسى .- جزيرة طنب الكبرى .- جزيرة طنب الصغرى .
الفصل الثاني : تاريخ النزاع حول الجزر الثلاث : - جذور النزاع .- احتلال إيران للجزر ومذكرة التفاهم . - الموقف حول الجزر في الوقت الراهن .
الفصل الثالث : احتمالات الصراع والتسوية . - المبررات الإيرانية للسيطرة على الجزر . - المبررات الإماراتية في شأن ملكيتها للجزر الثلاث . - الوضع القانوني للجزر ومسألة التحكيم . - احتمالات الصراع والتسوية .
الفصل الأولالجزر الثلاث : ماهيتها وأهميتها
المقدمة : على الرغم من وقوع عدد من الموانئ الكبيرة والمدن التجارية على شواطئ الخليج العربي، إلا أن الجزر القائمة فيه وخاصة قبالة مدخله (جزيرتا طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبوموسي) تتمتع بميزات إستراتيجية مهمة مما جعل التركيز على احتوائها والسيطرة عليها هدفاً سعت إليه قوى عديدة في طليعتها إيران إضافة إلى القوى الغازية التي وفدت على المنطقة منذ العصور الماضية .
والجزر الثلاث بموقعها وأهميتها أشبه بالصمام الذي يشرف على الشريان المائي والملاحي الذي يمثله الخليج العربي المرتبط ببحر العرب والمحيط الهندي من جهة الشرق والبحر الأحمر من جهة الغرب .
وقد أثبتت الأحداث التي مرت بالمنطقة منذ السبعينات تزايد الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي ، وكذلك أظهرت هذه الأحداث حرص الدول الكبرى والدول الصناعية على وجه الخصوص بتوطيد علاقاتها بمنطقة الخليج العربي والعمل بكل السبل المتاحة للحفاظ على مصالحها فيها .
والخليج العربي بواقع الحال يمثل إلتقاءاً لطرق المواصلات البحرية لكل من آسيا وأفريقيا وأوروبا ، كما يمثل منطقة التقاء الطرق التجارية المختلفة بين هذه القارات . وتنبع الأهمية الكبرى للخليج وما يتضمنه من جزر من كونه يتحكم بتصدير النفط من مناطق إنتاجه في الدول المطلة عليه إلى الدول المستوردة في أوروبا وأمريكا واليابان . وتشير الإحصائيات إلى أن الولايات المتحدة تستورد من دول الخليج ما يزيد على 60% من احتياجاتها من النفط المستورد ، وتستورد اليابان80% وأوربا الغربية حوالي 50% من احتياجاتهما النفطية من الدول المطلة على الخليج العربي .
وفي دراسة لخبراء الاقتصاد والسياسة في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في جامعة جورج تاون الأمريكية أن 86% من صادرات نفط الشرق الأوسط تمر من مضيق هرمز بشواطئ الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) ، وأن هذه النسبة تشكل نصف الطاقة التي تعتمد عليها صناعات العالم واقتصاده وحياته اليومية(1) .
ولقد انعكست الأهمية الاقتصادية للخليج العربي على أهميته الإستراتيجية والعسكرية مما حرك أساطيل الدول ذات المصالح البترولية والتجارية نحو الخليج في محاولات لإقامة قواعد عسكرية بالقرب من مدخله في المحيط الهندي وفي مواقع أخرى ذات صلة بالدول المطلة على الخليج العربي .
خصائص الجزر وأهميتها :قبل الدخول في تفاصيل حول أهمية كل من الجزر الثلاث يمكن إجمال المميزات التي تتيحها السيطرة على هذه الجزر وامتلاكها في النقاط الآتية : -1 - موقعها الإستراتيجي الممتاز في مدخل الخليج مما يجعلها تتحكم بحركة السير فيه ومن يسيطر على هذه الجزر يسيطر على مضيق هرمز ويسد منفذ الخليج للداخل والخارج . حيث
وصفت صحيفة لوموند الفرنسية هذه الجزر الثلاث بأنها : "جزر تتحكم في مدخل الخليج العربي"(2) .2 - قد تستعمل كمراكز للتجمع والوثوب على المناطق القريبة منها على الساحل العربي ، حيث تصلح لإقامة منشآت وقواعد عسكرية عليها .3 - تتوفر فيها المعادن وخاصة أكسيد الحديد الأحمر .4 - يتوفر فيها النفط .5 - تمر بهذه الجزر الممرات البحرية الصالحة للملاحة ولذلك يمكن أن تتحكم في التجارة والنقل .6 - قد تستخدم كموانئ لرسو السفن ومحطة للتزود بالوقود لأن المياه من حولها عميقة .7 - تتوفر بها المياه الصالحة للشرب مما يساعد على قيام الزراعة فيها ، كما يوجد بها بعض المراعي .8 - تقام عليها الفنارات لإرشاد السفن . 9 - يتوفر بالجزر مصائد أسماك ممتازة تحقق دخلاً طيباً للصيادين .
إن الجزر الثلاث لا تقل في أهميتها الإستراتيجية عن مدينة طنجة وجبل طارق في مدخل البحر الأبيض المتوسط ، وعن عدن في مدخل البحر الأحمر ، وإنها في هذه المكانة فقط تقف مشرفة على حركة المرور في الخليج وتتحكم فيها أيضاً . وسوف نستعرض أهمية الجزر الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية :
جزيرة أبوموسى : جزيرة صغيرة هادئة تقع عند مدخل الخليج العربي وتطل عليه تماماً كما يقف الحارس الأمين أمام خزائن الذهب الأسود .تبلغ مساحة الجزيرة نحو 35كم2 ، ويبلغ طولها حوالي 7كم وعرضها 5كم . وهي تبعد بمقدار 67كم عن الساحل الإيراني بينما لا يفصلها عن مدينة الشارقة سوى 43كم (أنظر الخريطة) . يتكون سطح الجزيرة من سهول رملية مغطاة بأعشاب وحشائش ترعى فيها الغزلان ، وتنتشر عليها التلال المنعزلة ، وأعلى منطقة تقع في منتصف الجزيرة ويبلغ ارتفاعها 110 أمتار وهي محاطة بمياه عميقة نسبياً مما يجعلها صالحة لرسو السفن .
توجد بالجزيرة عدة آبار للمياه العذبة حوالي (20بئر) ، وتنتشر فيها زراعة النخيل ، وهي مشهورة بصفة خاصة برواسب أو كسيد الحديد الأحمر المستعمل في صناعة الطلاء المانع للصدأ . وتقع مناجم أو كسيد الحديد الأحمر في الشمال الشرقي من الجزيرة ، وتمتلك شركة "صن فالي كولون كومباني أوف ويك" البريطانية المناجم وفق الامتياز الذي منحه إياها حاكم الشارقة . ومعروف أنه قد تم استغلال مناجم أو كسيد الحديد الأحمر لأول مرة في عام 1934م ، ثم أغلقت خلال سنوات الحرب العالمية الثانية من عام 1940م وحتى عام 1947م . وكانت الشركة تدفع 50 ألف روبية سنوياً لحاكم الشارقة مقابل حقوق التنقيب ، وكان إنتاج الأوكسيد الأحمر آنذاك حوالي 2500 طن في الموسم الجيد . وتعتبر نوعية الأوكسيد الأحمر المنتج من الجزيرة من الصنف النقي حيث لا يحتاج إلى تصفية كثيرة(3) . إلا أن أهمية الجزيرة بدأت في التزايد مع ظهور النفط بها ، حيث يوجد فيها ثلاثة آبار تقوم باستغلالها شركة "بتس" للنفط والتجارة (Butes Oil and Gas Co.) .
ولإيران بالجزيرة قاعدة عسكرية مجهزة بمروحيات وآليات عسكرية وزوارق سريعة أي ثكنة عسكرية متكاملة بالمعدات والأفراد ، كما أن لها مطارا ًومحطة لتوليد الكهرباء بطاقة 1.6 ميجاوات وبتكلفة قدرها 80 مليون دولار .
كان يقطن الجزيرة - حتى الاحتلال الإيراني لها في عام 1971م - حوالي 1000 نسمة تقريباً جميعهم من أصول عربية إلى جانب 60 عنصراً من العسكر الإيرانيين . ويذكر أحد الصحافيين الذين زاروا الجزيرة في أواخر عام 1979م أن الجزيرة كانت تنقسم فعلياً إلى مجتمعين : مجتمع عسكري إيراني ومجتمع مدني عربي وكان المسجد يضم الجميع من غير تمييز أو تفريق(4) .
ويشتغل بعض السكان المحليين في مناجم الحديد خلال أشهر الشتاء ، أما في موسم الصيف فيقومون بالصيد والملاحة ، ولكن أغلبهم يفضلون العمل في الصيد البحري لما يحققه هذا النشاط المنتج من دخل جيد حيث يبيعون ما يصيدونه إلى السفن العابرة للجزيرة ، كما يبيعون صيدهم في أسواق الشارقة ودبي ، وكانوا في مطلع الستينات يملكون حوالي 25 زورقاً للصيد انكمشت إلى عدد ضئيل جداً بعد عام 1992م بسبب الإجراءات الإيرانية التعسفية ضد سكان الجزيرة من العرب (أنظر الفصل الثاني من الدراسة) .
جزيرة طنب الكبرى : تقع هذه الجزيرة على بعد (31كم) جنوب غرب جزيرة قشم الإيرانية ، وتبعد عن إمارة رأس الخيمة حوالي (70كم) ، وكلمة طنب تعني في أصلها "التل" ، فهي جزيرة قليلة الارتفاع ، دائرية الشكل يبلغ طول قطرها 4كم ومساحتها حوالي 9كم2 .
وجزيرة طنب الكبرى تقع بعيداً نسبياً عن مدخل الخليج العربي كما أنها أقرب إلى الساحل الإيراني ، لذلك فهي تحتل مكانة هامة في الرؤية الاستراتيجية الإيرانية ، باعتبارها جزءاً من خط الدفاع الإيراني عند مدخل مضيق هرمز .
ونظراً لموقع الجزيرة على خط سير السفن الداخلة إلى الخليج وكذلك الخارجة منه وهي الخطوط الملاحية للسفن التجارية وناقلات البترول ، فقد قامت الحكومة البريطانية عام 1913م - بموافقة من حاكم رأس الخيمة آنذاك الشيخ سالم بن سلطان القاسمي - ببناء فنار على الجزيرة لإرشاد السفن . كما تتوفر بالجزيرة خامات غنية من الأوكسيد الأحمر ، وبعض آبار المياه العذبة التي تستخدم للشرب والزراعة ، كما تنتشر بها بعض أشجار النخيل . وقد سبق لحكومة رأس الخيمة أن وفرت للسكان (حوالي 200 نسمة) بعض المؤسسات الخدمية ، وينحدر سكان الجزيرة من قبائل جرير وتميم العربية ويمتهنون صيد الأسماك ، وقلة منهم اهتموا بالزراعة ورعاية الماشية .
وهي بالدرجة الأولى جزيرة ذات أهمية إستراتيجية أكثر منها اقتصادية وذلك لعمق المياه حولها وصلاحيتها لأن تكون ميناءاً تنطلق منه قوات الدولة التي تمتلك الجزيرة للسيطرة منها بسهولة على مدخل الخليج العربي .
جزيرة طنب الصغرى : تقع على بعد 8 أميال إلى الغرب من جزيرة طنب الكبرى ، مثلثة الشكل وارتفاعها حوالي 35 متر عن سطح البحر ، ويبلغ طولها ميل واحد وعرضها ثلاثة أرباع الميل . وهى جزيرة صخرية غير صالحة للسكن .
تلك هي الجزر الثلاث التي يتنازع السيادة عليها اليوم دولتان هما الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيران الإسلاميتان ... كلتاهما تدعيان حقوقاً لها سواء في الملكية أو السيادة على الجزر الثلاث ... وكلتاهما مصممتان على موقفيهما المتعارض . وقد مرت عشرات السنوات على هذا النزاع دون حسم أو اتفاق مروراً بمحطات اتسمت بالسخونة والاحتدام . وبينما أبدت دولة الإمارات المتحدة استعدادها للتفاوض أو التحكيم ، كان لجمهورية إيران موقفها شبه الثابت برفض التحكيم أو التفاوض .
فما هي قصة النزاع ؟ وكيف بدأ ؟ ومتى ؟ وما هي المراحل التي مرت بها مسألة السيادة على ذه الجزر ؟