بقلم : إيهاب شوقى
عندما يتحدث البعض عن ضرورة الوحدة العربية كحتمية للتكتل فى عصر التكتلات ويضعها فى مقارنة مع الوحدة الاوربية، فإن هذا بالتأكيد انتقاص من كينونة الوحدة العربية وقدرها وأصلها وتوصيفها العلمى والسليم والقائم على أن الوحدة آلية تلقائية للحقيقة العلمية الراسخة وهى القومية العربية.
وعلى الررغم من أن القومية العربية حقيقة علمية دامغة إلا انه لم يتم التعبير عنها بالشكل اللائق كحقيقة سياسية نظرا للضغوط والحروب الرهيبة التى تشن من الخارج والداخل.
فالخارج يدرك جيدا معنى تجسيد القومية العربية فى وحدة ومدى خروجه من معادلة المنطقة إثر تحقيقها ومدى خسارته الفادحة والرهيبة لاقتصاده القائم فى أغلبه على نهب ثروات المنطقة بشكل مباشر او بشكل غير مباشر متمثل فى ابتزازها سياسيا واقتصاديا واعلاميا وفرضه إتاوة على غرار الشبيحة او البلطجية على اقطار عديدة فى أمتنا.
وأعداء القومية فى الداخل من القطريين أيضا يشاركون الخارج مخاوف مشابهة ولو على نطاق أضيق وحجم اصغر من المعاملات المادية والسياسية وربما لخلل فى طبيعة التكوين الثقافى والوجدانى الذاتى لديهم.
إذا كان التكتل حتمى فإن القومية العربية حقيقة علمية وهى أعلى مرتبة من الحتميات.
وإذا كانت السوق البرجوازية ـ وفقا للتحليلات الاقتصادية ـ هى العامل الابرز لتشكيل قوميات أوربا وتكوين الاتحاد الاوربى، فإن تشكيل الامة العربية وقيام وحدتها كان على أسس أعمق كثيرا وأكثر تنوعا وتشعبا وتجذرا ويتخطى الاقتصاد الى أن يصل الى الوجدان والثقافة ووحدة التاريخ والمصير.
إن مناقشة قضايا الفكر القومى على خلفية برجماتية هو انتقاص من شرعية القومية وإساءة لرسوخها العلمى وبنيتها التكوينية المتكاملة حتى وان كان الغرض هو التقريب للاذهان او استقطاب قطاعات من القطريين.
ولاينبغى لمفكرى القومية العربية الوقوع فى هذا الفخ والارتضاء بالدنية فى قوميتهم.
إن سنوات عديدة من التجارب والمحن والصراعات والنضالات التى مرت بها الامة العربية تصب يوما بعد يوم فى صالح الفكر القومى ايا كانت المنطلقات سواء كانت مثالية او برجماتية او حتى شيفونية, وعلى جميع مفكرى القومية وكل المتصدين للفكر القومى رفض هذه المنطلقات سواء المثالية او البرجماتية او الشيفونية والتفرغ لتأصيل الفكر القومى على وقائع التاريخ والحاضر واستشراف المستقبل, والتركيز على ابراز صورته اللائقة به وهى الحقيقة العلمية.
هناك اطروحات متعددة اقل رسوخا من القومية ولكن الاهتمام الاعلامى وحجم الجهد التسويقى لهذه الاطروحات جعلها تطفو على السطح وتوارت معها اطروحات اكثر أصالة وتأسيسا.
وإذا كان صوت الاطروحات المشبوهة أعلى لوقوف جهات ممولة وداعمة تحارب الفكر القومى من أجل مصالحها الذاتية وتعلى من افكارها المبتورة والمشوهة وتضع الفكر القومى فى خانة الفكر القديم الذى عفا عليه الزمن وتم استهلاكه, فان على القوميين ومفكريهم الانتفاض لدحض هذا الباطل الذى علا صوته واستخدام أدوات العصر وكل ماهو متاح من امكانات لكشف الزيف المتعمد ولنصرة الاطروحة القومية وإلا فان الايمان بالاطروحة وحده دون عمل يرمى بظلال كثيفة على عمق هذا الايمان