منتديات الحوار الجامعية السياسية

الوقائع و الأحداث التاريخية
#50494
ليس بمقدور الأحزاب السياسية أتباع الديمقراطية داخل المجتمع مالم تكن هي ديمقراطية
الملاحظ في المجتمعات التي تمر بالمراحل البدائية لعملية البناء الديمقراطي أو الدول ما بعد الحروب و في المرحلة الأنتقالية من النظام التوتاليتاري الى الديمقراطي، أن الوكالات الدولية والمنظمات التابعة للأمم المتحدة والدول المانحة وعندما تبدأ عملية التعاون والمساندة في تلك الدول الراغبة في مواصلة التعاون أكثر لتوسيع الخطى نحو الديمقراطية.. أنها تؤمن مساندتها للأنتخابات وتطوير مؤسسات المجتمع المدني والجوانب الأخرى من دمقرطة تلك المجتمعات وتهمل بشكل أو بآخر دعمها المتواصل للأحزاب السياسية وتهمل تلك الأحزاب أيضاً في الدورات التأهلية لكوادر مفوضيات الأنتخابات ومنظمات المجتمع المدني والعاملين في الأعلام الجماهيري وغيرها من الجهات,. وأن تلك الممارسات التي تستخدمها وكالات المجتمع الدولي و منظمة الأمم المتحدة والبنك الدولي أيضاً تفرز نوعاً من التوقعات ووجهات النظر لدى المجتمعات الناشئة وكأن الأحزاب السياسية هي جزء من معضلات المجتمع وأن على غيرها من المنظمات أن تحل محل الأحزاب السياسية، إلا أن البحوث التي أجريت بعد سقوط جدار برلين(وتفكيك) الأتحاد السوفيتي السابق وكذلك تجارب البناء الديمقراطي في الدول المسماة (التجارب الديمقراطية في الدول ما بعد الشيوعية (Post Communist)، أو الدول التي باشرت عملية التنمية والبناء بعد أنتهاء الحروب والأزمات وتسمى دول ما بعد الحروب(Post War) أو (post Conflict)، قد أظهرت أن أستقرار المجتمع ونجاح عملية بناء الدولة(state Building) والعملية الديمقراطية متعلقة بمستوى ممارسات الأحزاب السياسية في المجتمع ومستوى البناء الديمقراطي داخل الأحزاب السياسية، وهذا يعني أنه في حال أحتمال أن تكون الأحزاب السياسية جزءا من بعض قضايا المجتمع ومعضلاته، فأنه تلك الأحزاب تكون في الواقع جزءاً من حل هذه المعضلات وغيرها من مشكلات المجتمع... وأن أساليب حل المشكلات والخلافات بين الأحزاب السياسية و نوع تلك الخلافات والصراعات في عملية الصراع الديمقراطي وسبل تصرف كوادر وأعضاء أي حزب في المجتمع، إنما تظهر مدى الأستقرار السياسي داخل المجتمعات ومستوى نجاح عملية التطوير والنماء ومعنى الديمقراطية ومدياتها في البلاد... و لتأكيد صدقية هذا التوجه فأن البروفيسورين (لوتي تين هافو) و(الفارو بينتو) من المعهد الهولندي للتعددية الديمقراطية للأحزاب السياسية(NIMD) يشيران في بحث بعنوان(التعاون بين الأحزاب السياسية في مجتمعات ما بعد الأزمات) :-
ولو عدنا للتأريخ وأردنا تغيير دولة خاملة غير مستقرة الى دولة أعتيادية و مستقرة و مسؤولة ذات حكم ديمقراطي و مؤسساتي راسخ، فإن التاريخ يقول لنا: أنه لا يمكن تحقيق هذا المسعى دون سياسة قوية و مؤسساتية في دولة قوية وأن بدون هذين العاملين المهمين فأن المكونات الديمقراطية الأخرى مثل إجراء الأنتخابات وعملية التنافس بين الأحزاب السياسية إنما تفرز التطرف والعنف وعدم الأستقرار.
أي أننا لو توقفنا أكثر أمام ما أبداه الباحثان وأثرنا سؤالا حول:
أي من مكونات العملية الديمقراطية يبني سياسات قوية و مؤسسات تكوين الدولة القوية داخل المجتمع لوجدنا أن الرد عليه هو سهل جداً وهو أن الأحزاب السياسية هي التي تتولى هذه المهمة لتصبح معاً عاملا فعالاً للأستقرار ونجاح عملية التطور داخل المجتمع
ونتساءل أيضاً كيف يمكن لتلك الأحزاب أن تؤدي هذا الدور المهم؟
عن ذلك يجيبنا البروفيسور(خاكاندرا براساي) من جامعة جنوب فلوريدا في بحثه المعنون(الديمقراطية المحلية للأحزاب(Inher part Democracy) ، إن النظام الديمقراطي التعددي الحزبي كنظام جماهيري هو آخذ بالتنامي وذلك لأن الديمقراطية القوية إنما تبدأ من التنافس السليم للأحزاب السياسية والأهم من ذلك هو أن جميع النشاطات السياسية داخل المجتمع متعلقة ،منذ تسلم السلطة والى حين مساءلتها، بالأدوار التي تؤديها الأحزاب السياسية في تلك النشاطات، هنا نجد أن البروفيسور(براساي) يضع أصبعه بصراحة على النقطة المهمة التي تعاني منها غالبية المجتمعات الناشئة ويؤكد: إننا عندما نريد ونتوخى النجاح لعملية تشكيل الحكومة وممارسه أعمالها، فأن الواقع يتطلب أن تكون ممارسات الأحزاب ديمقراطية بالكامل ويتحقق ذلك عندما تبدأ الديمقراطية في داخل الأحزاب ذاتها، وفي هذه النقطة بالذات يحذرنا البروفيسور(برساي) من حقيقة أن الممارسات الخاطئة وغير السليمة للأحزاب السياسية ستحول الثقافة الديمقراطية، الى ثقافة تسلطية وشمولية وكتب يقول: كثيراً ما رأينا و قرأنا في التاريخ عن حزب سياسي معين قد توصل للسلطة عن طريق الأنتخابات وصناديق الأقتراع غير أن ممارساته غير الديمقراطية قد تحولت ذلك الحزب وثقافة الديمقراطية الى ثقافة (توتاليتاريزمية) ما تسبب في تلاقح الثقافتين مع الأول أي عملية تطوير البلاد ونمائيا ودمقراطتها وبالتالي انهيار التطوير بالكامل وقطعاً للطريق أمام هذا التحول السلبي نشير الى جملة نقاط ومسائل منها:
1- الأحزاب السياسية هي منصة بناء أرادة المواطنين وكبح تشجيعهم في تصرفاتهم أي بمعنى آخر أن الحزب السياسي مالم يبين الديمقراطية في نفسه و داخله، فأنه يتحول الى منبر للأرادة غير الديمقراطية و كبح تشجيع المواطنين نحو ممارسات غير ديمقراطية ولا بد من الأشارة هنا الى أن العديد من الأحزاب السياسية، و تحقيقا لأهدافها قصيرة المدى، تقوم بتغيير مدياتها من منبر بناء الأرادة الديمقراطية الى غير ديمقراطية ويكون لهذا التحول وعلى أساس التصور القصير منافع ذاتية للحزب إلا أنه يضر بالعملية الديمقراطية والى درجة يجهضها في الكثير من الحالات.
2- وتتحول تلك الأحزاب عقب ذلك الى أعتاب بناء الأرادة غير الديمقراطية وبالتالي الى عامل لأنتاج ثقافة القمع والتسلط وبعيدا عن انتاج ثقافة الديمقراطية والتسامح.
3- على الأحزاب السياسية أن تدرك جيدا أن الديمقراطية هي ليست عملية آلية وتحرك نفسها بنفسها ولا عوامل أو أفكارا تتبع كوثائق في مناهج تلك الأحزاب وبرامجها وتحول نفسها الى أفعال وممارسات ديمقراطية بل أن تلك البرامج والمناهج هي في الواقع عبارة عن اتاحة الفرص وعرض برنامج أمام أعضاء الحزب بالأخص والمواطنين بشكل عام... وأن تحويل هذا البرنامج وتلك الفرص الى حيز عملي و واقعي وتنفيذي يتتوقف بالدرجة الأولى على تأهل المواطنين وأستعدادهم لهذه المهمة.
4- من الأهمية بمكان أن تفهم الأحزاب السياسية حقيقة أن الديمقراطية ليست فقط عبارة عن أساس اختيار قادة الحزب في الأنتخابات الحزبية، أو في حملات مسؤولي الحزب فيها بل هي عبارة عن مجموعة من القيم الأجتماعية التي تنعكس بالضرورة في ممارسات قادة الحزب و كوادره داخل الحزب والمجتمع.
(كيف تبدأ العملية الديمقراطية من داخل الأحزاب السياسية؟)
لقد أشرنا سابقاً الى أهمية الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية وأكدنا أن هذه العملية هي في غاية الأهمية لعملية البناء الديمقراطي داخل المجتمع. ولكن نتساءل: كيف تبدأ عملية البناء الديمقراطي داخل الأحزاب السياسية ذاتها ؟ وللأجابة على ذلك نستأنس الى بحيث آجراه البروفيسور(إيفان دوهرتي) المدير الحالي لبرنامج الأحزاب السياسية في المعهد الوطني الديمقراطي(NDI) والسكرتير السابق لحزب (كيل Glev) الأيرلندي الشمالي وعنوانه(الحد الأدنى للمقاييس العالمية لعمل الأحزاب السياسية الديمقراطية..
(minimum Stawdard s for The democratic functioning of politicaparties).
والذي يرى ضرورة توفر الشروط الآتية في أي حزب سياسي يعمل في مجتمع ديمقراطي.
1- أحترام مبادئ حقوق الأنسان
2- أحترام عامل الشرعية في الأنتخابات.
3- الألتزام بالطرق و الوسائل التي تحدد للعملية الأنتخابية.
4- أحترام الأحزاب الأخرى وعوامل التنافس الحر.
5- الألتزام بقطع الطريق، على التطرف والعنف ونشر المبادئ والسياسات المقترحة والمكتسبات.
6- الحث على المشاركة في العمل السياسي.
7- ممارسة الحكم بمسوؤلية.. وعندما نطالع تلك الشروط التي حددها(دو هرتي)، في حدها الأدنى نجد أن وجود و توفر تلك الشروط هو ضرورات أساسية وعندما لا تتمكن الأحزاب السياسة، من الألتزام بممارسة تلك المقاييس داخل المجتمع، فأنها تخفق في أن تكون مؤسسة سياسية داخل المجتمع تتمكن من بناء الديمقراطية... إذا فأن على الأحزاب، وهي تسعى للألتزام بهذه المقاييس، أن تلتزم بذات المقاييس داخل الأحزاب وممارستها في حياتها اليومية...
وهذا ما يظهر لنا حقيقة وجوب البدء بدمقرطة الأحزاب السياسية قبل المباشرة بعملية البناء الديمقراطي داخل المجتمع...
وكذلك الحال عندما تحث أية دولة الخطى للأنتقال من مرحلة التحرر الوطني نحو أتباع العملية الديمقراطية فإن عمليه أن يواكب الشعب في هذه العملية و تبدأ في ذات الوقت عملية دمقرطة الأحزاب السياسية.. ونجد في هذا الأطار أن أكبر معضلة تواجه الأحزاب السياسية الناشطة في الديمقراطية البرلمانية، هي عبارة عن معضلة التمثيل هذا و سألنا البروفيسور(مانويل آوروزكو) وهو الآن أحد أرفع الباحثين في شؤون اللاجئين بجامعة(جورج تاون) وخبير ومختص في عمل الأحزاب السياسية وإدارة الحكم والديمقراطية في دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا الجنوبية فأتحف تقريرنا هذا في حديث خاص للمجلة برأيه قائلا:
إن الأحزاب السياسية تعمل على تحقيق أهدافها ومصالحها الخاصة، وأن أكبر نقاط ضعفها هي أنه ليس بمقدورها أيجاد نوع من التوازن بين الأحتفاظ عالياً بالقيم الديمقراطية وبين ممارستها في المؤسسات.. كما أن غالبية الأحزاب السياسية في الدول الناشئة حديثا أو النامية لا تؤمن تمثيلاً حقيقيا لقطاعات المرآة والشبيبة في حين أن هذه القطاعات هي جزء من أكبر مكونات المجتمع وتقع في النهاية تحت سيطرة وحكم حلقة صغيرة من السلطة.. ومن هنا تأتي أهمية الأصلاحات داخل الأحزاب السياسية لأجل توسيع مستوى التمثيل وتشجيعهم على التعبير عن إرادة الشعب وقد شهد العالم العديد من التجارب المهمة والمختلفة في مجال التحولات منها:
أولاً/ أن نسبة المرأة هي آخذة في الأزدياد في مجالات تحقيق الدرجات الدراسية والتعليمية و تسلم مناصب الأدارة في نواحي الأقتصاد والأنشطة الأدارية ...
ثانيا/ كما ان عدد الحاصلين على شهادات التعليم العالي هو الآخر في تزايد مستمروهم يدعون لأتباع قيم التمثيل والنيابة.
ثالثا/ هناك عدم تناسب واسع بين اشكال(الميتود الترادشنل ذاتها)، في التواصل مع السياسة (التعبئة ، الأعتصام، التجمع، تنظيم قوائم بأسماء المؤيدين) كما أن أساليب علاقات الجيل الجديد هي عبارة عن مزيج من(الديجتال ستايلس) ليس عن طريق الأنترنيت فحسب، إنما عن طريق الهواتف الخلوية(الموبايل) أيضاً والتي تحمل بروتوكلات أو مراسيم جديدة في العلاقات الأجتماعية(علاقات قصيرة و مباشرة) ولكنها فعالة ومركزة و مواكبة للعولمة في ذات الوقت).. فنحن نعيش اليوم في عالم أو عصر سماه(سيكموند باومان) عصور السوائل وبشكل نلاحظ معه أن عمليات ترسيخ اساليب التحول الأجتماعي وتعزيزها كما يجب ليست بالسرعة التي تمكنها من التكليف مع أو ضد موجة جديدة من أساليب التحول الأجتماعي وأن هذا الوضع يوجد حياة متسارعة يتكيف فيها الشبيبة بحيث يتمكنون من التأهل معها و بأسرع مما حقيقه آباؤنا وآجدادنا...
رابعا/ كما نعلم جميعا، أن الحكم والسلطة السياسية قد تعرضت ، بصورة ملحوظة للتجدد و(الترميم) كما أن تهديدأ كبيرا قد أنبرى ضد السلطة السياسية ومن عدة جماعات أو جهات تدعو كلها لتحقيق السلطة وهي عبارة عن المؤسسات أو المنظمات الأنتقالية(تجار المخدرات، قطاع الطرق، الأرهابيون) تجار الجسد)، فضلاً عن عصابات المافيا والأجرام عدا حركات المجتمع المدني والرأي العام والتي أوجدت مواقعها في الأنتخابات والمسؤولية مشكلات ومعضلات أمام(الميتود تراد شنات) للسياسة العامة.
خامسا/ نظراً لوجود توسع علماني في الممارسات الأجتماعية والأقتصادية، فأن، الثوابت الحياتية قد توجهت بشكل ملحوظ نحو العولمة، وتزايدت تكاليف الحياة بصورة غير عادلة فمثلا يبلغ سعر دوزينة(طبقة)، من البيض بحدود(1.3) دولار في دول أمريكا اللاتينية وآسيا في حين أنها تبلغ بحدود(2.2) دولار في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، وبذات المقاييس يبلغ الإيراد الشهري بحدود(250) دولارا في الدول الناشئة أو النامية و(4000) دولار في الولايات المتحدة وأوربا وأؤكد من جديد أن ال(البلوراليزم) العادل والمسؤول و بجميع أشكاله هو تحد سياسي حقيقي و يوفر مشاركة سياسية فعالة.. و سيصبح القادة الذين يساندون البلوراليزم داخل المجتمع دون المساومة في العدالة و قيم الأخلاق، إنما يتحولون، ويكونون سبباً في أجراء تحولات أجتماعية و سياسية مهمة، وفي ذلك فأن دور المرأة في السياسة هو أحد المكونات المهمة لتحقيق تلك التحولات.).
وبألقاء نظرة سريعة على الترابط الذي تحدث عنه البروفيسور(اوروزكو) نجد أن مستوى تجديد الأحزاب إنما يحتاج الى خطوات سريعة و مشاركة واسعة من الشبيبة والمرأة وهذان المنحيان اللذان ينوه اليهما(اوروكوز) ويتوقف عندهما هما عبارة عن نوع من الأختلاف بين مستوى الحياة بين المجتمعات الأوربية والأمريكية وبين الدول النامية في آسيا و افريقيا يمكن إدراكه بسهولة، ويربط التحولات في ذات الوقت ويعيدها الى ظاهرة التعدد السياسي في المجتمع وسألنا البروفيسور(جاسون ريفلر) أستاذ العلوم السياسية في جامعة (جورجيا) والمختص في البناء الديمقراطي في دول ما بعد الأزمات والحروب عن هذا الموضوع فأجاب(كولان) قائلاً:
إن الأحزاب السياسية مهمة بالنسبة للديمقراطية فهي تخدم هدفين متلازمين الأول هو أن تلك الأحزاب تقيم بنيانا يمكن المرشحين من العمل لتحقيق وكسب المناصب والمسؤوليات الحكومية وذلك عن طريق التعاون في أفضل السبل لأجراء حملات الأنتخاب وفي ذات الوقت لتأمين التحويل اللازم لأدارة تلك الحملات والتعاون معهم أيضاً في ايصال أهدافهم وبرامجهم الى أوسع قطاعات الجماهير... والهدف الثاني هو عبارة عن تنظيم شؤون الأعضاء والتعاون فيما بينهم في السلطة التشريعية أو في البرلمان وهي مهمة صعبة وتحتاج الى نوع من السلطة أو الآلية المركزية..
كما أننا نجد أن الناس في المجتمعات التي هي في بدايات الدمقرطة بأمكانهم أن يعقدوا، بشكل أوسع، العلاقات فيما بينهم ومراعاة أصواتهم ووجهات نظرهم، ولأول مرة، من قبل الحكومة و هناك أحتمال أن يكون ذلك دافعاً لمشاركتهم بشكل أنشط في ألأحزاب السياسية، طريقا أشمل للتعبير عن آرائهم، هذا أمر طبيعي وصحيح.. أما بصدد أتاحة الفرصة أمام المرأة ليكون لها دور ملحوظ في المشاركة في الأحزاب السياسية، فأنا أتصور تزايد أحتمالات مشاركة المرأة فيها إذا ما توفرت لها مجالات جيدة للمشاركة في المسائل الأخرى داخل المجتمع. ومع ذلك هناك مسارات مؤسساتية مختلفة لعمل الأحزاب السياسية على زيادة نسب مشاركة المرأة فيها.. وهذا إنما مرتبط بالنظام الأنتخابي الذي تتبعه الدولة... ومن ناحية آخرى تكون الأحزاب السياسية أنعكاساً لوجهات نظر أعضائها وتطلعاتهم وهي بدورها انعكاس لمبادئ المجتمع وقيمه.. ولو نظرنا الى الأحزاب السياسية الأوروبية من هذا المنطلق لوجدنا أن معظمها هي في غاية المركزية وهو مسألة عجيبة، هذا في حين أن بأمكاننا القول إن الأحزاب السياسية الأمريكية هي آخذة في الضعف بشكل كبير، ومن ناحية الأنتخابات على الأقل، وبأمكاني القول بأختصار: رغم أننا غير راضين عن الأحزاب السياسية في كثير من الحالات ونشكو من ممارساتها ونعتقد أنها لا تؤدي مهماتها بشكل جيد غير أنها في الواقع تخدم جملة أهداف ضرورية لذا فأن أحسن أداء أو عمل تؤديها الأحزاب السياسية عبارة عن تطوير السياسات والبرامج التي توافق تطلعات ورغبات الرأي العام...
الأحزاب السياسية وعملية الأنتخابات
إن العمل الرئيسي للأحزاب السياسية في المجتمع الديمقراطي هو عبارة عن تهيئة الأرضية المناسبة لبناء الأرادة و تفعيل التشجيع للمشاركة السياسية للمواطنين في العملية الديمقراطية في البلاد، أي أن بأمكاننا التوقف بشكل أوضح عند هذه المسألة والتنويه الى أن الأحزاب السياسية تقوم بحلحلة التعقيدات السياسية وايجاد الطرق المناسبة لمشكلات المجتمع والربط بين الرغبات المحلية والذاتية للمواطنين وبين الطموحات الوطنية وهي في الحالتين تتطلب بناء الأرادة لدى المواطنين وحثهم من قبل الأحزاب السياسية ما يحتم على تلك الأحزاب أن تكون عند مستوى رغباتهم وبشكل يومي وتكون لديهم الأجابة المناسبة للتساؤلات وتكون في ذات الوقت قناة أو مسارا يؤمن مواكبة المواطنين للأهداف الوطنية الى جانب تطلعاتهم اليومية، ويتوقف هذا التوازن والأستعداد لضمان أداء الحزب هذا الدور الفعال في المجتمع عند صيغ رغبة تلك الأحزاب داخلياً في الحفاظ عليه.. عن هذا المنحى المهم فقد توجهنا بالسؤال الى البروفيسور(لويس ديفيد سن) أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميامي والمختص في مسائل الحكم والديمقراطية فأجاب تقريرنا هذا بحديث خاص قائلاً: تكمن أهمية الأحزاب السياسية في أنها تهئ عدة ظروف مناسبة ومفيدة وكمثال على ذلك أقول:
بالنسبة للناخبين، هم في الواقع بحاجة لأنتخاب من يحكمهم وفي ذلك فهم يحتاجون الى معرفة كل المعلومات المتعلقة بالمرشحين ليتمكنوا بذلك من أختيار الأنسب لهم إلا أن ذلك هو أمر صعب و يحتاج الى كثير من الوقت لأستكماله سيما و أن عملية الأنتخابات لا تكون لمرة واحدة بل هي عملية مستدامة وتجرى بأستمرار وسيكون أسهل بالنسبة للمواطنين أيضا إذا ما وجدت جماعات تجري الدعاية لنفسها وتقول: هذا نحن وتلك أسماؤنا وتتألف برامجنا من هذه النقاط..الخ..
وبهذه الطريقة يمكن العمل على تسهيل المهمة على المواطنين عندما يقولون على سبيل المثال(نعم نحن ندرك أن الحزب الأشتراكي يعمل على الدفاع عن حقوق العمال وأن حزب المحافظين يدافع عن بعض الفهم الدينية .. وهكذا ) وتكون النتيجة تصويت الناخبين لصالح الحزب الذي يدافع عن مصالحهم وحقوقهم والنقطة الثانية التي تخص أهمية الأحزاب السياسية هي أستفادتها ونفعها للمرشحين والذين هم على بينة بأن بأمكانهم، وعن طريق الأحزاب السياسية، ايصال رسالتهم وبكل سهولة، للمواطنين ونشر مبادئهم وأهدافهم لأن من يرشحون أنفسهم هم راغبون في الترشيح بأسم الأحزاب السياسية فهمي توفر لهم التسهيلات من حيث الدعاية والحملات الأنتخابية و المساعدة والدعم الحزبي والجماهيري والثالثة هي: في فترة أنتخاب المواطنين لأعضاء البرلمان فأن أهمية الأحزاب السياسية تكمن في أنها تختار أناسا ذوي مبادئ وأهداف مقبولة ومشتركة ليرشحوا أنفسهم بأسمها وكمثال نقول :
لو كان هناك(200) عضو في لجنة تشريع القوانين وصنع القرارات ولكن دون أن يعرف أحدهم الآخر خشية وتوجهات، فأن ذلك إنما يصعب عليهم صنع القرار بسهولة وأنسيابية وهنا بودي الأشارة الى مجال تخصصي هو(المانيا) وهناك نهج في المانيا يقول(لك كامل الحق في المشاركة في الأنتخابات ولكن شرط أن تحترم النظام الديمقراطي الدستوري) وسيكون بأمكانك المشاركة في الأنتخابات عند ما تتعهد و تقول:
أنا سألتزم بالقوانين وسأخدم في حالة فوزي ، وسأتخلى عن السلطة عندما يحين موعد أنسحابي و سأحترم القانون في حالة الخسارة وأقتنع بحقيقة خسارتي). أما إذا قلت : إن هدفي هو الفوز وأسقاط النظام وفرض نظام جديد أو أنك تحاول ضرب المنافسين وأنهاء وجودهم وتشكل تهديداً للديمقراطية فسيكون عندها من المستحيل السماح لك بالمشاركة في الأنتخابات...
عن سبل الأهتمام بالسياسة اليومية للناس والحفاظ على التوازن.
مع السياسة الوطنية فقد أوضح البروفيسور(ديفد سن) العملية وبينها لتقريرنا قائلاً: المسألة تتعلق بالنظام السياسي لتلك البلاد وهل أنها تمتلك أو تتبع نظاماً فدرالياً أم مركزيا أم أقليما.. وهكذا.
وعلى الأحزاب السياسية العمل من أجل حماية مصالح مكونات المجتمع على المستوى المحلي وأنهاء المسائل التي تخالف المصالح الوطنية. غير أنني، وفي مجال تخصصي لا أرى أي تعارض بين المصالح المحلية والوطنية فهما مرتبطتان معاً ولا خلافات بينهما فنرى أن الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة مثلاً تهتم بكلتا المصلحتين ومنها أنها تهتم بالسياسات الأقتصادية التي تقع في أطار المحلية وتهتم في ذات الوقت بالسياسة الخارجية وهي ضمن السياسات الوطنية لذا فأنا أعتقد أن كل واحد من الأحزاب السياسية وبدون أختلاف له برامج عمله الخاصة به على المستويات المحلية والوطنية أيضاً وقد يهتم في بعض الحالات ويؤكد على جانب معين أكثر من غيره ومرد ذلك كله العمل على ضمان أصوات المرشحين وأقول مثلاً أن الأحزاب السياسية في أوربا تؤكد على جميع الجوانب والمشكلات والمسائل سيما وأنت تلاحظ أيام الأنتخابات أنها تؤكد بالذات على الجوانب التي يترقبها المواطنون بتفاصيلها.. غير أنني بشكل عام لا أجد أي تعارض بين السياستين... وعن أهمية الأنتخابات كأهداف للأحزاب السياسية للوصول الى السلطة فقد أتحف البروفيسور(ديفيد نيكرسون) أستاذ العلوم السياسية في جامعة يل(Yale) والباحث في معهد بحوث السياسة الأجتماعية فيها تقريرنا بالقول : إذا كنتم تسألون عن الخطوات الأولى التي يجب على الحزب السياسي أتخاذها ليتمكن من أداء مهماته وواجباته فأنا أقول يجب أن تكون له مساندة جماهيرية تؤمن له منحه الثقة والصوت اللازم مع وجود أناس متطوعين يقومون بتنظيم الناس وجمع الأصوات وكمثال أقول:
إن أكبر أحراج هو عندما تقرر تنظيم تجمع جماهيري كبير والنتيجة لا يحضره أحد، ومن الضروري في ذات الوقت أن يكون للحزب السياسي مصدر مالي مناسب ليتمكن من أجراء حملات الدعاية والأنتخاب، وفي تنظيم تجمعات جماهيرية أيضا.. وهذا ما يبرر مساعي الأحزاب السياسية لتأمين أكبر عدد ممكن من الأعضاء..
أي لربط أكبر عدد من المواطنين بالحزر ومن ذوى أعمق أرتباط نفسي ومعنوي به أي أنني أوافقكم الرأي في ضرورة أن يكون للأحزاب السياسية سياساتها المفتوحة التي تسمح بعضوية من يرغب الأنتماء اليها وبالعكس فأن حصر العضوية بجماعة معينة لن تتمخص عن نتائج جيدة لذلك الحزب.. وبرأيي يجب ترك حق الأنتماء للأحزاب للمواطنين أنفسهم، لأن هناك أناساً هم بطبعهم راغبون في الأنتماء و مستعدون للعمل في صفوف الأحزاب السياسية وهناك آخرون وعلى العكس من ذلك لا يهتمون بالمسائل السياسية أصلا . وقد يكون لهؤلاء ميل لأحد الأحزاب السياسية غير أنهم في ذات الوقت غير راغبين في العمل في صفوفه كما أن مشاركة المرأة في السياسة والأنشطة السياسية هي أمر حتمي وقد تختلف أولوياتهن عن اولويات الرجال إلا أن ذلك الأختلاف ليس جذريا أو جوهرياً ولا يتسبب في أجراء تغيرات كبيرة في سياسية البلاد أي بمعنى آخر لو أفترضنا أن النسبة الأكبر للشخصيات السياسية كانت في صفوف المرأة فقد تكون لديهن مقترحات مختلفة، غير جوهرية لطرح السياسات التي يجب أتباعها- وفي ذلك وبقناعتي، أن عمل المرأة يحتاج الى مجالين الأول هو تهيئة ظروف ملائمة ليتمكن من أداء دورهن بشكل طبيعي وهو ليس بالأمر الهين عادة والثاني ضرورة وجود نماذج نسوية سامية و رفيعة لتكون مصدر تشجيع وشحذ الهمم لدى النساء الأخريات.