منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#50533
د. سعد بن طفلة العجمي

تشهد العلاقات الكويتية العراقية منذ أسابيع تبادلاً للزيارات وحميمية في التصريحات وإشادة رسمية متبادلة بما وصلت إليه من مستوى، فقد زار رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي الكويت لانعقاد مؤتمر اتحاد البرلمان العربي فيها، وتخللت الزيارة زيارات اجتماعية ورسمية ناجحة، وتكررت زيارات المسؤولين العراقيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء المالكي الذي زار الكويت قبل أيام من انعقاد القمة العربية في بغداد، وهي القمة التي شارك فيها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، منهيّاً بذلك قطيعة على مستوى زيارات رؤساء الدولتين استمرت عشرين عاماً، ولعل زيارة الشيخ صباح لم تقل أهمية عن حدث القمة نفسها لأنها كشفت عن نية كويتية صادقة بطي الماضي والتطلع نحو المستقبل.


كما زار بغداد الأسبوع الماضي وفد وزاري كويتي برئاسة نائب رئيس الوزراء الكويتي وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، وهي زيارة رافقها التوقيع على اتفاقيات ثنائية وتصريحات إيجابية حول أفق التعاون بين البلدين.

لكن المراقب لهذه الدبلوماسية النشطة بين البلدين يلاحظ حالة من الفتور العراقي الشعبي، والتوجس الكويتي الشعبي أيضاً، فالعراق يعيش حالة داخلية محتقنة جعلت من مثل هذا التواصل الكويتي العراقي النشط على المستوى الرسمي مسألة ثانوية، فالمواطن العراقي مهموم بشأنه الداخلي وبتوفير أولوياته من الأمن والخدمات الصحية والكهربائية وتوفير مياه الشرب أكثر من انشغاله بسياسة حكومته الخارجية.

والجانب الشعبي الكويتي يعيش هو أيضاً حالة من الاحتقان الطائفي التي تغذيها أحداث المنطقة، ويشكك في استقرار الحالة السياسية العراقية بسبب ما تعيشه من اصطفافات مذهبية وإقليمية ومناطقية، كما يشكك في قدرة حكومة المالكي على البقاء في سدة الحكم بدون شركاء في العملية السياسية، صحيح أن هذا شأن عراقي بحت، ولكن الناس تتابع أخبار القطيعة الكردية مع حكومة المالكي، ونهاية الشراكة السياسية بين قائمة العراقية وقائمة ائتلاف دولة القانون التي يرأسها المالكي، كما شارك في اصطفاف الأكراد مع قائمة العراقية التيار الصدري ممثلاً بقائده مقتدى الصدر، ولم يتخلف عن هذا الاصطفاف ضد المالكي سوى تيار المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي يحاول أن يعزز مواقعه مستغلًا انشغال الفرقاء فيما بينهم، ومحاولة لعب دور الوسيط لو حمى وطيس الخلاف مستقبلاً.

تصريحات نيابية عراقية وأخرى كويتية تردد عدم وجود ثقة بين الجانبين الكويتي والعراقي، وتحاول دوماً التشكيك في قدرة الطرف الآخر على تنفيذ التزاماته، وهي تصريحات تعكس حالة نفسية أحياناً، ولكنها تعكس أيضاً مواقف سياسية متباعدة بين قوى سياسية بالبلدين.

فمواقف الكويت شعباً وحكومة مؤيدة للثورة السورية ومناهضة لدموية النظام، ومؤيدة للاستقرار في البحرين وغير متحمسة للمعارضة فيها، وهو ما نجد عكسه تماماً في حكومة بغداد، فالنظام السوري -لو قدر لو الاستمرار وهو أمر مستبعد- لن ينسى للمالكي تناسيه لكل العداء بين النظامين والمسارعة لإنقاذه من الغرق في دماء الثوار، وهو موقف يترجمه الكويتيون -شعبيّاً- على أنه موقف طائفي لحكومة المالكي متوافق ومؤيد لموقف إيران، كما يرى الكويتيون أن مناهضة حكومة المالكي لحكومة البحرين هي مناهضة طائفية بتعليمات إيرانية.

إذن، يلعب العامل الإيراني دوراً في تحديد المزاج الكويتي، وخاصة في ظل تصعيد إيراني ضد دولة الإمارات العربية المتحدة واستمرار احتلال جزرها عسكريّاً، وهو الأمر الذي لم تستنكره حكومة المالكي، مما يضيف مزيداً من التوجس الكويتي تجاه التقارب مع حكومته.

سأل صحفي كويتي مسؤولاً كويتيّاً عن مدى اقتناعه بتنفيذ عراق المالكي للاتفاقيات بين البلدين فأجاب: نسوّي اللي علينا ونستثمر بعراق المستقبل لأنه باق والمالكي وغيره زائلون