- الأربعاء مايو 09, 2012 9:20 pm
#51327
السلام مع اليهود لم يدم طويلا بفعل السلوكيات الإسرائيلية المستفزة في الأراضي العربية المحتلة والتي كانت سببا في اندلاع الانتفاضة الفلسطينية, حيث قرر المغرب غداة ذلك إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب والمكتب المغربي في إسرائيل, وذلك تنفيذا لقرارات القمة العربية الاستثنائية المنعقدة في أكتوبر 2000.
ومنذ ذلك الحين والقضية الفلسطينية تعرف مسارات جد صعبة: فرض الحصار على مقر السلطة الفلسطينية, اغتيال زعماء المقاومة واعتقال المنتفضين وقصف المدن ومؤسسات السلطة والتمادي في بناء المستوطنات وبناء الجدار الفاصل..
غير أن تسارع الأحداث والمتغيرات الإقليمية والدولية في المدة الأخيرة, أفرز مجموعة من المعطيات والتداعيات, حاولت إسرائيل – وكعادتها - استثمارها لصالحها باتجاه جر مجموعة من الدول العربية إلى التطبيع معها.
فالعراق يعرف مشاكل عويصة بفعل الاحتلال ورحيل نظام صدام, ولبنان وسوريا تعيشان مشاكل كبيرة ترتبت عن صدور القرار 1559 وتداعيات اغتيال الحريري, أما ليبيا التي طالما رفعت شعار مواجهة الإمبريالية والصهيونية, فقد غيرت بشكل جذري من سياستها الخارجية اتجاه الولايات المتحدة, فيما وصل ملف الصحراء المغربية إلى مرحلة صعبة بعد استقالة بيكر, ومن ناحية ثانية تنامت الضغوطات الأمريكية في الآونة الأخيرة على مختلف الدول العربية باتجاه نهج إصلاحات "ديموقراطية", ثم هناك تداعيات الحملة الأمريكية لمكافحة "الإرهاب" التي كان من أهمها تمييع وتجريم حركات المقاومة والتحرر الفلسطينيين.
ومن جهة أخرى هناك رحيل الرئيس عرفات الذي طالما اعتبرته إسرائيل والولايات المتحدة شريكا غير مناسب لعقد السلام المنشود, وما أعقبه ذلك من وصول قيادة فلسطينية جديدة للحكم, نجحت في إقناع فصائل المقاومة بالانخراط في هدنة مع إسرائيل التي أطلقت بعض المعتقلين وانسحبت من بعض المناطق, لفتح المجال أمام الحلول السلمية.
أمام هذه المعطيات والتحديات, اعتبرت بعض الدول العربية أن الوقت بات مناسبا للتطبيع مع إسرائيل, ورأت أن ذلك يمكنه أن يشكل مدخلا ملائما لتلافي شرور الضغوطات الأمريكية والاستفادة من مختلف الفوائد والإيجابيات التي سيتيحها هذا الإجراء.
ومعلوم أن إسرائيل أبدت في السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بمنطقة المغرب العربي, وحاولت نسج علاقات ديبلوماسية مع مختلف أقطاره لأسباب اقتصادية وسياسية وأمنية وجيوسياسية, وقد توجت محاولاتها هاته بربط علاقات مع موريتانيا, وأعلن ومؤخرا عن وجود لقاءات سرية بين مسؤولين ليبيين وإسرائيليين ووجهت تونس دعوة رسمية لشارون من أجل حضور القمة العالمية للمجتمع والمعلومات التي ستعقد في نوفمبر القادم بالعاصمة التونسية, وقيام "شالوم" بزيارة للمغرب سنة 2003 وتحدثت بعض المصادر عن إجراء لقاء سري بين وزير الخارجية المغربي ونظيره الإسرائيلي مؤخرا بجنيف.
إن من أهم مميزات السياسة الخارجية المغربية هو الاعتدال والانفتاح, وهو الأمر يفسر تفاعلها الإيجابي مع مختلف تحديات المحيط والمتغيرات الدولية.
حقيقة أن قضية الصحراء المغربية والدور المنتظر للولايات المتحدة فيها باعتبارها فاعلا واقعيا رئيسيا في الساحة الدولية, يفرض التعامل بحذر مع هذه الدولة, لكن ليس بالشكل الذي يجعل هذه السياسة تتنكر للمصالح القومية والعربية وللرأي العام الداخلي عند اتخاذ قرارات حيوية واستراتيجية.
فالمغرب لم يتنكر قط للقضية الفلسطينية التي شكلت تاريخيا قضية وطنية رسميا وشعبيا, والملك محمد السادس هو رئيس لجنة القدس, وطالما شكل المغرب فضاء لإعداد الأجواء نحو تفعيل هذه القضية, كما أن الشارع المغربي يتفاعل بشكل تلقائي ومستمر مع هذه القضية. وفي نفس الوقت تجمع المغرب بالولايات المتحدة علاقات طيبة, حيث وقع معها على اتفاقية التبادل الحر واعتبرته حليفا استراتيجيا خارج حلف الناتو. وكل هذه المعطيات تبرز مدى نسبية ومحدودية إغراءات وحسابات التطبيع التي قد يراهن عليها البعض, وتفرض عدم الانخراط المتسرع في هذا الإجراء, ولقد جاء تصريح الوزير الأول المغربي في الأيام القليلة الماضية ليؤكد بوضوح أن التطبيع مع إسرائيل في هذه المرحلة "أمر غير وارد".
ومما يفرض التأني والحيطة في التعامل مع هذا الأمر هو أن إسرائيل لازالت مستمرة في بناء الجدار العازل والمستوطنات.
فرغم كون الصراع والقطيعة ليستا في صالح كل الأطراف, غير أن الإقدام على نسج تطبيع مجاني أو بمقابل هزيل, سيضعف حتما من موقع السلطة الفلسطينية ومن القضية بشكل عام, وهو ما يفرض عدم التسرع, وبالتالي نهج دخول تدريجي في إقامة علاقات مع هذا الكيان تبعا وموازاة لتطور مسلسل السلام على الواقع ومدى الالتزام بالاتفاقيات المبرمة, أما التطبيع بشكل غير محسوب وفي غياب بوادر ميدانية ملموسة ومقنعة من الجانب الإسرائيلي, فمن شأنه أن يحرم الفلسطينيين من آخر ورقة عربية متاحة في مواجهة العنجهية الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين والقضية الفلسطينية تعرف مسارات جد صعبة: فرض الحصار على مقر السلطة الفلسطينية, اغتيال زعماء المقاومة واعتقال المنتفضين وقصف المدن ومؤسسات السلطة والتمادي في بناء المستوطنات وبناء الجدار الفاصل..
غير أن تسارع الأحداث والمتغيرات الإقليمية والدولية في المدة الأخيرة, أفرز مجموعة من المعطيات والتداعيات, حاولت إسرائيل – وكعادتها - استثمارها لصالحها باتجاه جر مجموعة من الدول العربية إلى التطبيع معها.
فالعراق يعرف مشاكل عويصة بفعل الاحتلال ورحيل نظام صدام, ولبنان وسوريا تعيشان مشاكل كبيرة ترتبت عن صدور القرار 1559 وتداعيات اغتيال الحريري, أما ليبيا التي طالما رفعت شعار مواجهة الإمبريالية والصهيونية, فقد غيرت بشكل جذري من سياستها الخارجية اتجاه الولايات المتحدة, فيما وصل ملف الصحراء المغربية إلى مرحلة صعبة بعد استقالة بيكر, ومن ناحية ثانية تنامت الضغوطات الأمريكية في الآونة الأخيرة على مختلف الدول العربية باتجاه نهج إصلاحات "ديموقراطية", ثم هناك تداعيات الحملة الأمريكية لمكافحة "الإرهاب" التي كان من أهمها تمييع وتجريم حركات المقاومة والتحرر الفلسطينيين.
ومن جهة أخرى هناك رحيل الرئيس عرفات الذي طالما اعتبرته إسرائيل والولايات المتحدة شريكا غير مناسب لعقد السلام المنشود, وما أعقبه ذلك من وصول قيادة فلسطينية جديدة للحكم, نجحت في إقناع فصائل المقاومة بالانخراط في هدنة مع إسرائيل التي أطلقت بعض المعتقلين وانسحبت من بعض المناطق, لفتح المجال أمام الحلول السلمية.
أمام هذه المعطيات والتحديات, اعتبرت بعض الدول العربية أن الوقت بات مناسبا للتطبيع مع إسرائيل, ورأت أن ذلك يمكنه أن يشكل مدخلا ملائما لتلافي شرور الضغوطات الأمريكية والاستفادة من مختلف الفوائد والإيجابيات التي سيتيحها هذا الإجراء.
ومعلوم أن إسرائيل أبدت في السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بمنطقة المغرب العربي, وحاولت نسج علاقات ديبلوماسية مع مختلف أقطاره لأسباب اقتصادية وسياسية وأمنية وجيوسياسية, وقد توجت محاولاتها هاته بربط علاقات مع موريتانيا, وأعلن ومؤخرا عن وجود لقاءات سرية بين مسؤولين ليبيين وإسرائيليين ووجهت تونس دعوة رسمية لشارون من أجل حضور القمة العالمية للمجتمع والمعلومات التي ستعقد في نوفمبر القادم بالعاصمة التونسية, وقيام "شالوم" بزيارة للمغرب سنة 2003 وتحدثت بعض المصادر عن إجراء لقاء سري بين وزير الخارجية المغربي ونظيره الإسرائيلي مؤخرا بجنيف.
إن من أهم مميزات السياسة الخارجية المغربية هو الاعتدال والانفتاح, وهو الأمر يفسر تفاعلها الإيجابي مع مختلف تحديات المحيط والمتغيرات الدولية.
حقيقة أن قضية الصحراء المغربية والدور المنتظر للولايات المتحدة فيها باعتبارها فاعلا واقعيا رئيسيا في الساحة الدولية, يفرض التعامل بحذر مع هذه الدولة, لكن ليس بالشكل الذي يجعل هذه السياسة تتنكر للمصالح القومية والعربية وللرأي العام الداخلي عند اتخاذ قرارات حيوية واستراتيجية.
فالمغرب لم يتنكر قط للقضية الفلسطينية التي شكلت تاريخيا قضية وطنية رسميا وشعبيا, والملك محمد السادس هو رئيس لجنة القدس, وطالما شكل المغرب فضاء لإعداد الأجواء نحو تفعيل هذه القضية, كما أن الشارع المغربي يتفاعل بشكل تلقائي ومستمر مع هذه القضية. وفي نفس الوقت تجمع المغرب بالولايات المتحدة علاقات طيبة, حيث وقع معها على اتفاقية التبادل الحر واعتبرته حليفا استراتيجيا خارج حلف الناتو. وكل هذه المعطيات تبرز مدى نسبية ومحدودية إغراءات وحسابات التطبيع التي قد يراهن عليها البعض, وتفرض عدم الانخراط المتسرع في هذا الإجراء, ولقد جاء تصريح الوزير الأول المغربي في الأيام القليلة الماضية ليؤكد بوضوح أن التطبيع مع إسرائيل في هذه المرحلة "أمر غير وارد".
ومما يفرض التأني والحيطة في التعامل مع هذا الأمر هو أن إسرائيل لازالت مستمرة في بناء الجدار العازل والمستوطنات.
فرغم كون الصراع والقطيعة ليستا في صالح كل الأطراف, غير أن الإقدام على نسج تطبيع مجاني أو بمقابل هزيل, سيضعف حتما من موقع السلطة الفلسطينية ومن القضية بشكل عام, وهو ما يفرض عدم التسرع, وبالتالي نهج دخول تدريجي في إقامة علاقات مع هذا الكيان تبعا وموازاة لتطور مسلسل السلام على الواقع ومدى الالتزام بالاتفاقيات المبرمة, أما التطبيع بشكل غير محسوب وفي غياب بوادر ميدانية ملموسة ومقنعة من الجانب الإسرائيلي, فمن شأنه أن يحرم الفلسطينيين من آخر ورقة عربية متاحة في مواجهة العنجهية الإسرائيلية.