- الثلاثاء يوليو 03, 2012 7:49 am
#52062
مكانة الصين الدولية بعد الحرب الباردة واستراتيجيتها الخارجية
خطاب ألقاه الباحث الصيني الخبير بالشؤون الدولية السيد Pang Zhong Ying في 16 / 04 / 2002 بجامعة تشينخوا ، ونظرا لاهميته رأى المركز العربي للمعلومات ضرورة ترجمته وتوزيعه على الاعضاء المشاركة في المركز لاطلاعهم .......
كيف ينظر إلى مكانة الصين الدولية ؟ تعتبر هذه المسألة غاية في الأهمية ، وتلقى بالتأكيد الاهتمام الكبير من قبل الجميع . خلال السنتين الماضيتين كتبت عدة مقالات في هذا السياق ، منها مقالة تحت عنوان (( انتهاء " ما بعد الحرب الباردة " وردّ الفعل الصيني )) ، واخرى (( الصين تبحث عن مكانتها في ظل عالم متغير )) ، و نشرتا في مجلة (( الاقتصاد والسياسة الدولية )) الشهرية في عدديها ، التاسع لعام 1999 ، والأول لعام 2000 ؛ بينما الثالثة (( " دول العالم الكبرى " و " الدول الطبيعية " مع دراسة تحليلية في إعادة صياغة وجهة النظر الصينية للعالم )) وهو بحث قدمته الأسبوع الماضي في مؤتمر دولي نظمه معهد دراسات التاريخ العالمي التابع لأكادمية العلوم الإجتماعية الصينية ، كان موضوعه يدور حول قضية " الصين والإستراتيجية الخارجية لكل من الولايات المتحدة وأروبا وروسيا ".
تعود بداية فترة سياسة الإصلاح والانفتاح التي تشهدها الصين إلى عشرين عاما خلت ، اي منذ انعقاد الدورة الحادية عشر للجنة المركزية التابعة لمؤتمر الحزب الشيوعي الصيني عام 1978 .. انها فترة استثنائية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الصيني ، بينما مر العالم في الفترة نفسها بثلاث مراحل اتصفت بتقلبات حادة .
المرحلة الأولى : السنوات العشر الأخيرة من عمرالحرب الباردة .. ابتداء من غزو الاتحاد السوفيتي لافغانستان ، وانتهاء بهدم جدار برلين عام 1989 ، توحيد الألمانيين ، وهذه الفترة تقابل تماما السنوات العشرالأولى من سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين .
المرحلة الثانية : ما تسمى عادة بفترة ما بعد الحرب الباردة( Post cold war ) ، حيث ترى النظرة السائدة بأنها انتهت مع وقوع حادثة الحادي عشر من ايلول .
المرحلة الثالثة : وهي الفترة التي اعقبت حادثة 11/ 9 ، حيث يسود العا لم وجهة نظر ترى أن فترة ما بعد الحرب الباردة قد انتهت مع هذه الحادثة وتم الدخول في مرحلة جديدة يطلق عليها مرحلة ما بعد بعد الحرب الباردة . ( Post Post Cold War ) . وفي هذا الاطار لم نستخدم كلمة " عصر" لأن لفظة عصر تحمل معنى خاصاً للغاية في مجموعة تراكيب التعابير الصينية ، لذلك لم نستخدم عبارة " عصر ما بعد الحرب الباردة "
إذن ، فهذه المراحل هي : الحرب الباردة ؛ وما بعد الحرب البارده ؛ وما بعد بعد الحرب الباردة ، والتي نطلق عليها عبارة الصيغ النموذجية الثلاثة (( Paradigm .
عند تناولنا لمكانة الصين الدولية ، يتحتم علينا التفكير في نوعين من العوامل : العوامل المحلية والعوامل الدولية .. إننا نعيش في عالم متغير ومتقلب ــ تغيرات نشهدها نحن على مستوى البلاد وتغيرات متسارعة تطرأ على الوضع الدولي ؛ ومن خلال ضخامة هذه المتغيرات ، المحلية والدولية خلال العشرين سنة الماضية ، نستطيع رؤية ان مكانة الصين ليست ثابتة بل متغيرة .
إن كل دولة لها محيط محدد تعيش فيه ، والمحيط الدولي مفهوم أكاديمي في العلاقات الدولية ، وليس مفهوما مجردا ، يشمل التركيبة الدولية والأنظمة الدولية والقواعد الدولية . على سبيل المثال ، لقد انضمت الصين إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عام 1996 ؛ وفي العام الماضي انضمت إلى منظمة التجارة العالمية . ويمكن القول إن الصين بعد انتهاجها لسياسة الإصلاح والانفتاح قد بدأت بالانضمام إلى المنظمات الاقتصادية الدولية بشكل تدريجي . إذن ، ما هي هذه المنظمات الدولية ؟ انها عبارة عن مجموعة من المبادئ لادارة والتحكم وضبط التصرفات الاقتصادية والتجارية ليس إلا . إن الصين تعيش في هيكل دولي ، يطلق عليه ومنذ عام 1945 بهيكل هيئة الامم المتحدة ، ويعيش في اطاره ايضا اكثر من 190 دولة ، غالبية دول العالم . اي ان هذا الهيكل مشكل من الدول ويطلق عليه المجتمع الدولي . لقد سبق لبطرس غالي الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة ان طرح " مفهوم المجموعة الدولية " أي International Community . أما المجتمع الدولي الذي نعنيه نحن هو International Society . أرى ضرورة التمييز بين مفهومي " المجموعة " و " المجتمع " ، علما أن " المجموعة " تؤكد على وجود مفاهيم مشتركة ؛ وعقائد مشتركة ؛ و قواعد ومباديء مشتركة ؛ ومصالح مشتركة ؛ ومصير واحد بين اعضائها .. فأوربا حاليا مجموعة ، يربط اعضاؤها مصالح مشتركة . أما المجتمع الدولي ، فهو مجتمع كالمجتمعات المحلية ، يجمع مختلف الاشخاص ومختلف التنظيمات ومختلف مصالح المجموعات لجانب الكثير من الفوارق والتنوعات . وأنا شخصيا اميل الى استخدام مفهوم المجتمع الدولي ، ولا أحبذ استخدام مفهوم " المجموعة الدولية " بشكل مثالي كما يفعل السيد بطرس عالي .
وبالطبع ، فإن المحيط الدولي ليس عبارة عن مفاهيم تجريدية للهياكل والأنظمة والقواعد والأحكام الدولية فحسب ، بل عبارة عن بيئة محددة لحياة وبقاء الدول . على سبيل المثال الدول المحيطة بالصين ، اي القارة الاسيوية ، التي تشكل وبشكل مباشر المحيط الدولي الذي نستطيع أن نحس به وندركه ؛ غير أن الجميع يولي حاليا اهتماما كبيرا للعلاقات الصينية الاميركية ، التي تتضمن التعاون من جهة والصراع من جهة اخرى ، فعادت الولايات المتحدة تشكل بالفعل أهم عامل في محيط الصين الدولي .
يشمل المحيط الدولي : البيئة السياسة الدولية ؛ البيئة الاقتصادية ؛ البيئة الثقافية ؛ البيئة الامنية ؛ والبيئة العسكرية .
خطاب ألقاه الباحث الصيني الخبير بالشؤون الدولية السيد Pang Zhong Ying في 16 / 04 / 2002 بجامعة تشينخوا ، ونظرا لاهميته رأى المركز العربي للمعلومات ضرورة ترجمته وتوزيعه على الاعضاء المشاركة في المركز لاطلاعهم .......
كيف ينظر إلى مكانة الصين الدولية ؟ تعتبر هذه المسألة غاية في الأهمية ، وتلقى بالتأكيد الاهتمام الكبير من قبل الجميع . خلال السنتين الماضيتين كتبت عدة مقالات في هذا السياق ، منها مقالة تحت عنوان (( انتهاء " ما بعد الحرب الباردة " وردّ الفعل الصيني )) ، واخرى (( الصين تبحث عن مكانتها في ظل عالم متغير )) ، و نشرتا في مجلة (( الاقتصاد والسياسة الدولية )) الشهرية في عدديها ، التاسع لعام 1999 ، والأول لعام 2000 ؛ بينما الثالثة (( " دول العالم الكبرى " و " الدول الطبيعية " مع دراسة تحليلية في إعادة صياغة وجهة النظر الصينية للعالم )) وهو بحث قدمته الأسبوع الماضي في مؤتمر دولي نظمه معهد دراسات التاريخ العالمي التابع لأكادمية العلوم الإجتماعية الصينية ، كان موضوعه يدور حول قضية " الصين والإستراتيجية الخارجية لكل من الولايات المتحدة وأروبا وروسيا ".
تعود بداية فترة سياسة الإصلاح والانفتاح التي تشهدها الصين إلى عشرين عاما خلت ، اي منذ انعقاد الدورة الحادية عشر للجنة المركزية التابعة لمؤتمر الحزب الشيوعي الصيني عام 1978 .. انها فترة استثنائية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الصيني ، بينما مر العالم في الفترة نفسها بثلاث مراحل اتصفت بتقلبات حادة .
المرحلة الأولى : السنوات العشر الأخيرة من عمرالحرب الباردة .. ابتداء من غزو الاتحاد السوفيتي لافغانستان ، وانتهاء بهدم جدار برلين عام 1989 ، توحيد الألمانيين ، وهذه الفترة تقابل تماما السنوات العشرالأولى من سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين .
المرحلة الثانية : ما تسمى عادة بفترة ما بعد الحرب الباردة( Post cold war ) ، حيث ترى النظرة السائدة بأنها انتهت مع وقوع حادثة الحادي عشر من ايلول .
المرحلة الثالثة : وهي الفترة التي اعقبت حادثة 11/ 9 ، حيث يسود العا لم وجهة نظر ترى أن فترة ما بعد الحرب الباردة قد انتهت مع هذه الحادثة وتم الدخول في مرحلة جديدة يطلق عليها مرحلة ما بعد بعد الحرب الباردة . ( Post Post Cold War ) . وفي هذا الاطار لم نستخدم كلمة " عصر" لأن لفظة عصر تحمل معنى خاصاً للغاية في مجموعة تراكيب التعابير الصينية ، لذلك لم نستخدم عبارة " عصر ما بعد الحرب الباردة "
إذن ، فهذه المراحل هي : الحرب الباردة ؛ وما بعد الحرب البارده ؛ وما بعد بعد الحرب الباردة ، والتي نطلق عليها عبارة الصيغ النموذجية الثلاثة (( Paradigm .
عند تناولنا لمكانة الصين الدولية ، يتحتم علينا التفكير في نوعين من العوامل : العوامل المحلية والعوامل الدولية .. إننا نعيش في عالم متغير ومتقلب ــ تغيرات نشهدها نحن على مستوى البلاد وتغيرات متسارعة تطرأ على الوضع الدولي ؛ ومن خلال ضخامة هذه المتغيرات ، المحلية والدولية خلال العشرين سنة الماضية ، نستطيع رؤية ان مكانة الصين ليست ثابتة بل متغيرة .
إن كل دولة لها محيط محدد تعيش فيه ، والمحيط الدولي مفهوم أكاديمي في العلاقات الدولية ، وليس مفهوما مجردا ، يشمل التركيبة الدولية والأنظمة الدولية والقواعد الدولية . على سبيل المثال ، لقد انضمت الصين إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عام 1996 ؛ وفي العام الماضي انضمت إلى منظمة التجارة العالمية . ويمكن القول إن الصين بعد انتهاجها لسياسة الإصلاح والانفتاح قد بدأت بالانضمام إلى المنظمات الاقتصادية الدولية بشكل تدريجي . إذن ، ما هي هذه المنظمات الدولية ؟ انها عبارة عن مجموعة من المبادئ لادارة والتحكم وضبط التصرفات الاقتصادية والتجارية ليس إلا . إن الصين تعيش في هيكل دولي ، يطلق عليه ومنذ عام 1945 بهيكل هيئة الامم المتحدة ، ويعيش في اطاره ايضا اكثر من 190 دولة ، غالبية دول العالم . اي ان هذا الهيكل مشكل من الدول ويطلق عليه المجتمع الدولي . لقد سبق لبطرس غالي الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة ان طرح " مفهوم المجموعة الدولية " أي International Community . أما المجتمع الدولي الذي نعنيه نحن هو International Society . أرى ضرورة التمييز بين مفهومي " المجموعة " و " المجتمع " ، علما أن " المجموعة " تؤكد على وجود مفاهيم مشتركة ؛ وعقائد مشتركة ؛ و قواعد ومباديء مشتركة ؛ ومصالح مشتركة ؛ ومصير واحد بين اعضائها .. فأوربا حاليا مجموعة ، يربط اعضاؤها مصالح مشتركة . أما المجتمع الدولي ، فهو مجتمع كالمجتمعات المحلية ، يجمع مختلف الاشخاص ومختلف التنظيمات ومختلف مصالح المجموعات لجانب الكثير من الفوارق والتنوعات . وأنا شخصيا اميل الى استخدام مفهوم المجتمع الدولي ، ولا أحبذ استخدام مفهوم " المجموعة الدولية " بشكل مثالي كما يفعل السيد بطرس عالي .
وبالطبع ، فإن المحيط الدولي ليس عبارة عن مفاهيم تجريدية للهياكل والأنظمة والقواعد والأحكام الدولية فحسب ، بل عبارة عن بيئة محددة لحياة وبقاء الدول . على سبيل المثال الدول المحيطة بالصين ، اي القارة الاسيوية ، التي تشكل وبشكل مباشر المحيط الدولي الذي نستطيع أن نحس به وندركه ؛ غير أن الجميع يولي حاليا اهتماما كبيرا للعلاقات الصينية الاميركية ، التي تتضمن التعاون من جهة والصراع من جهة اخرى ، فعادت الولايات المتحدة تشكل بالفعل أهم عامل في محيط الصين الدولي .
يشمل المحيط الدولي : البيئة السياسة الدولية ؛ البيئة الاقتصادية ؛ البيئة الثقافية ؛ البيئة الامنية ؛ والبيئة العسكرية .