منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By كايد السهلي
#52437
الكتاب يقع فى خمسة فصول، يتناول فيها المؤلف ظاهرة الأمن القومى لبلدان العالم الثالث، وهى من الدراسات الشيقة حيث يحاول المؤلف خلال هذا الكتاب الاعتماد على ظاهرتى التعاون والصراع - كسلوك فيتمحور حوله الأمن القومى لبلدان العالم الثالث، كما أنه يسعى أساسا للوصول إلى مقياس للأمن القومى وذلك من خلال تركيز الدراسة على ظاهرتى التعاون والصراع فى دول العالم الثالث. ففى الفصل الأول يتناول المؤلف "معضلة الأمن القومى فى العالم الثالث، من حيث الحاجة إلى بيئة تعاونية، فيلاحظ أن معضلة الأمن القومى لدول العالم الثالث تنحصر فى إدراك الدول النامية لأمنها القومى واتخاذ السياسة المؤقتة لتحقيق ذلك، فواقع هذه الدول من ندرة الموارد، الفقر، الحاجة للتحديث، بناء المؤسسات - المطالب الجماهيرية بالمشاركة. كلها تشكل بعضا من مكونات معضلة الأمن القومى لدول العالم الثالث. هذا ومن ناحية أخرى فإن هذه الدول أولت للاستقلال السياسى والسيادة الأولوية الكبرى "أى أنها جعلت من محاولة خلق بيئة داخلية "محلية" تؤدى إلى التلاحم الوطنى- ليست بالأولوية - أو على الأقل ليست كذلك فى وقت الاستقلال القومى.
التحول من الاستقلال السياسى إلى الاعتماد المتبادل الاقتصادى:-
ففى منتصف الخمسينات والحقبة الأولى من الستينات تبلور الأمن القومى للدول النامية فى "الاستقلال السياسى والسيادة الإقليمية وكيفية الحفاظ عليهما من التهديدات الخارجية، ولذلك فالقوى الإقليمية الكبرى (مثل مصر - الهند- يوجوسلافيا) رفضت كافة أنماط التحالف مع القوى العظمى وهو الأمر الذى ترتب عليه ظهور عدم الانحياز كخط سياسى ومجموعة الـ77 لزيادة القوى الاقتصادية لهذه الدول.
المؤسسة العسكرية فى الدول النامية:-
لجأ قادة الدول النامية إلى التركيز على بناء المؤسسة العسكرية من أجل الحفاظ على الاستقلال فى مواجهة كل من التهديدات الخارجية والعصيان الداخلى ولقد أدى ذلك إلى حقيقتين:
(أ‌) الخوف لازال كبيرا من عودة الدول الاستعمارية السابقة لاستعادة هيمنتها.
(ب‌) فى معظم الدول النامية كانت المؤسسة العسكرية هى الجهاز الذى تولى السلطة خلفا للدول الاستعمارية ولذلك أصبحت النخبة العسكرية هى صانعة القرار مما ترتب عليه الاهتمام بالبناء العسكرى ويدلل المؤلف على ذلك من خلال ما ساقه من جداول إحصائية عن الإنفاق العسكرى، ففى خلال الفترة (من 69-1978م) زاد الإنفاق العسكرى فى الدول النامية من 63 بليون دولار إلى 102 بليون دولار أى نسبة 9و61% على حين إنه زاد فى خلال نفس الفترة من 4و320 بليون دولار إلى 7و344 بليون دولار بنسبة 5و7% بالنسبة للدول المتقدمة. وهو الأمر الذى ترتب عليه زيادة واردات السلاح لهذه الدول (النامية) بنسبة 1و231% خلال هذه الفترة.ويأتى الشرق الأوسط على قمة المناطق حيث احتل نسبة 6و563% خلال هذه الفترة.
عدم الانحياز "التعاون الدولى فى المجال السياسى"
فى عالم القضية الثنائية وجد قادة القوى المركزية أن أفضل وسيلة لهم فى هذا المجال هو الحياد الإيجابى وعدم الانحياز لما له من مزايا- وهو ما ظهر بوضوح فى خطب عبد الناصر ونهرو - لدولتيهما وللعالم من حيث العمل على الحفاظ على السلام العالمى والتعاون والاستقرار الدوليين.
مجموعة الـ77 "التعاون الدولى فى المجال الاقتصادى"
نظرا لأن الهيكل الاقتصادى العالمى هو العامل الرئيسى فى تحديد التفاعلات السياسية بين معظم الأمم فقد بدأت الدول النامية فى منتصف الستينات- فى الايلاء على نفسها- بالاهتمام بالعلاقات الاقتصادية مع الدول المتقدمة فقد أنشأت مجموعة الـ77 لهذا الغرض.
ويرى المؤلف أن الأمور السابقة أفرزت:
(أ‌) معضلة الأمن القومى فى الدول النامية:-
برزت المعضلة نتيجة لاهتمام الدول النامية بزيادة قوتها العسكرية من أجل الحفاظ على استقلالها وأمنها ضد أى تهديد خارجى- وهى تسعى فى هذا السبيل أيضا للتخلص من تأثير قوة الدول الأخرى- وهو الأمر الذى يدفع هذه الدول الأخرى إلى إضافة المزيد لقواتها العسكرية لتدعيم أمنها فى مواجهة الدول الأولى وهكذا تستمر الدورة من زيادة قوة دول نامية من الناحية العسكرية فترد الأخرى بزيادة قوتها العسكرية لأبطال تأثير الدول الأخرى. وهى عملية تتعلق أساسا بسوء الإدراك "الفهم" لنوايا الآخرين "الأمر الذى يترتب عليه عدم الثقة والخوف من الدخول فى اتفاق وتعاون خوفا من التغرير. جانب أخر للمعضلة ألا وهو التنازع بين الإنفاق على الدفاع والإنفاق على التنمية.
(ب‌) الدول البوليسية:
هى منتج التنافس بين الأمن القومى والحرية الفردية وهى أحد جوانب معضلة الأمن القومى ونتيجة لظروف الدول النامية فإن إفراز ظاهرة الدول البوليسية أمر وارد فى دول العالم النامى. وفى الفصل الثانى: يتناول انتقال الأمن القومى من المفهوم الاستراتيجى إلى غير الاستراتيجى:-
يقول المؤلف إنه لا يوجد اتفاق على تعريف محدد للأمن القومى ويسوق تعريفين للأمن القومى الأول هو التعريف "الاستراتيجى" الذى يتعلق أساسا بالحفاظ على الاستقلال السياسى والسيادة القومية للدولة. أما الثانى "الاقتصادى" الذى يتعلق أساسا بالحفاظ على تدفق المصادر الاقتصادية الحيوية وكذلك الجوانب غير العسكرية للدولة.
الأمن القومى والمفاهيم المرتبطة به:
(1) الأمن القومى والمصلحة القومية:
يخلص إلى أن على الرغم من العديد من الاختلافات بين مفهوم الأمن القومى والمصلحة القومية إلا إنه يلاحظ أن المصلحة القومية (ربما) تتحدد بواسطة صناع القرار فهى تتلون بالاعتبارات السياسية والأيديولوجية.
(2) الأمن القومى والقوة:
فالجدل حول مكونات قوة الدولة جدل قديم فى تاريخ الفكر السياسى من أرسطو مرورا بمكيافيللى إلى أن نصل "وليفيزر" فهم يرون أن السياسة الدولية هى صراع من أجل القوة، فالأمن القومى نظر إليه فى البداية على إنه ذا طابع عسكرى واستراتيجى ويتساءل المؤلف هل القوة تحقق الأمن؟ يرى إنه بالنظر إلى النظام الدولى القائم فالإجابة هى بالنفى.
(3) الأمن القومى والاستقرار:
واحدة من مكونات النظرية التقليدية للأمن القومى هى الحفاظ على الاستقرار والنظام، ويتساءل المؤلف هلى الاستقرار يعنى الأمن؟ لكى نرى ذلك- فالمقصود هنا وصول النظام إلى حالة من الثبات فإن الحفاظ على الحالة القائمة STATUS QUO هو أمر حيوى لتحقيق الاستقرار.
ويفرق بين الاستقرار الداخلى: الذى يعنى إدارة الصراعات الداخلية من قبل مؤسسات الدولة والحفاظ على توازن القوى الداخلية والمؤسسية كما رآها صمويل هنتنجقون هى الضمان لهذا الاستقرار فى الدول النامية. ورأى (ابتر) هذا الضمان فى اتساع المشاركة السياسية. والاستقرار الدولى:
يعتمد على مدى فعالية المنظمات فى مواجهة أى إخلال يمكن أن يطرأ على النظام الدولى. أى أن النظام المستقر هو النظام الذى يستطيع أن يجعل حجم الإخلال عند الحد الأدنى. ويرى المؤلف أن جوهر الاستقرار بالنسبة لنظرية التحديث ونظرية النظم هو التعادل بين القوى المختلفة عن طريق سلمى وهذا المفهوم هو من سمات (النظرية الحديثة فى الصراع) لأن الاستقرار هو أحد منجزات غياب الإحلال الصريح، على حين أن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا إذ خططنا للتعامل مع جذور المشاكل.
قصور النظرية التقليدية للأمن القومى:
يرى أن دراسة متأنية لأدب الأمن القومى يوضح:
(أ‌) حجم أدب الأمن القومى متذبذب نظرا لاعتماده على الأحداث الصراعية المتخذة من قبل صناع القرار.
(ب‌) هذا الأدب ذا طبيعة إحصائية لا توجه اجتماعى.
(ج) هذا أدى إلى انتشار سياسة القوة
(د) ترتبط نظرية الأمن القومى بشدة بنظرية الردع.
ويرى د/ المشاط فى نهاية الفصل أن صلاحية أية نظرية للأمن القومى من الناحية النظرية والامبريقية تنبع أساسا من مقدرتها على احتواء العناصر الجوهرية مثل الديناميكية الداخلية، والظروف البيئية الباعثة على التعاون والاستقرار، كذلك يجب أن تساهم النظرية فى قياس ظروف الأمن ومقدرة الدولة على إزالة طبيعة التطاحن الداخلى وليس فقط التغلب على حوادث العنف الفردية.
الفصل الثالث:
يتناول فى هذا الفصل كل من التلاحم الداخلى والتعاون الدولى كمتطلبات أساسية للأمن القومى للدول النامية. فبالنسبة للتلاحم الداخلى والتعاون الدولى كانا نادرا ما تتعرض لهما الدراسات فى مجال العلاقات الدولية حيث التركيز كان على دراسة الصراع ويرى المؤلف أن التعاون ليس مضادا لكلمة صراع - وعليه فالتعاون هو سلوك مشترك يتجه نحو بعض الأهداف التى تعد بمثابة مصلحة مشتركة فالتعاون هو وسيلة لتحقيق أهداف أو أغراض عامة، والمحرك للتعاون أصبح الحفاظ على الذات من خلال بيئة تعاونية. ويتطرق إلى الحديث عن عدة ملاحظات حول هذه العلاقة بين التلاحم الداخلى والتعاون الدولى:
- فى مجتمع هيراركى:
يرى أن الفرصة لتحقيق التلاحم الداخلى عن طريق الوسائل الديمقراطية هى فرصة محدودة- هنا تلجأ النخبة المحاكمة إلى استخدام جهاز قمع من أجل القضاء على أى تهديد للنظام السياسى والاجتماعى.
- التفاهم الداخلى مرتبط بمفهومين آخرين وهما الشرعية والولاء فالحكومة الشرعية هى تلك التى يمكن أن تولد القبول والتأييد من خلال إشباع الحاجات والمطالب الشعبية المختلفة مما يحد من الأعمال العدوانية فى المجتمع، أما الولاء فهو الوجه الأخر للعملة - حيث يشير إلى مقدار ما يعطيه المحكومين للحكومة من تأييد وكلما حصلت الحكومة على المزيد من الشرعية كلما نالت المزيد من الولاء والتأييد ويلاحظ أن الالتحام الداخلى ينبنى على أساس شرعية الحكومة، أما التعاون فلا يتطلب أى ظروف معينة إنما هى عملية أساسا تستخدم لتعقيد الفعالية السياسية فى المجتمع. ويخلص المؤلف إلى أن الالتحام الداخلى مفهوم مركب مثله مثل التعاون الدولى. ويرى المؤلف أن هناك روابط بين الالتحام الداخلى والتعاون الدولى حيث أن كلاهما يبدو كأحد أنماط أداء الدولة كما أن الصراع الداخلى والدولى يمكن النظر إليه بشكل أخر من أشكاله أداء الدولة ومن المهم أن نحلل سلوك الدولة فالسلوك التام يتراوح ما بين الصراع والتعاون. أما عن علاقة القمع بالصراع والتعاون: القمع يسلب الحكومة ادعاءها بالشرعية التى هى تكون سمة الحكومة إذا كانت قادرة على كسب الولاء والتأييد الشعبى لبرامجها وسياساتها، فهى الحكومة التى تجعل كمية الخوف عند حدها الأدنى - أى هى الحكومة التى تخلق البيئة ومن ثم فهى لا تلجأ للقمع، فالحكومة التى لا تتمتع بالقبول التام تلجأ للقمع لتحصل على نوع من التأييد العام. ويرى د/ المشاط إنه عند دراسة أداء الدولى ينظر إلى القمع كأحد أشكال الصراع الداخلى الذى يشمل الأعمال القمعية من الحقوق ضد الشعب.
الهدوء والرفاهية عناصر رئيسية للأمن القومى لدول العالم الثالث:
يرى المؤلف أن معضلة الأمن القومى- وهى ظاهرة مركبة - أكثر حدة فى دول العالم الثالث نظرا لظروفها الخاصة من ندرة الموارد والصراع عليها. ويركز على مفهومى الهدوء والرفاهية:
فالهدوء يعنى تناسقا داخليا ودوليا فهو يعنى مقدرة المجتمع على احتواء ليس فقط أحداث العنف الفردية بل ضد طبيعة العنف وعليه فالمؤسسة العسكرية ليست المحددة لهذا الأمر فى الدولة والرفاهية:
تعنى قدرة الدولة على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تؤدى إلى السعادة والحياة المتيسرة وتصل إليه عن طريق إعادة توزيع العوائد الاقتصادية والسياسية أى تحسين درجة الإشباع للحاجات والتوقعات العامة- وهو أمر هام للدول النامية وأمنها القومى.
الفصل الرابع:-
مقياس الهدوء كمقياس للأمن القومى لدول العالم الثالث:-
فى هذا الفصل يحاول المؤلف وضع مقياس للأمن القومى لدول العالم الثالث ويصل إلى القول بأن الاختبار الامبريقى أكد افتراضه بأن درجة الهدوء يمكن أن تستخدم كمقياس للأمن القومى للدول النامية، كما أكد الافتراض الثانى الخاص بالنظر إلى العلاقة السلبية بين P.Q.L.I. طبيعة الحياة المادية مقاسه على درجة الرفاهية والهدوء.
ووصل إلى توزيع الدول النامية فى ثلاثة أقاليم أمنية بالاعتماد على هذا المقياس حيث أصبح هذا المقياس وسيلة هامة (فى تصنيف هذه الدول فى أقاليم أمنية مختلفة) أكثر من العامل الجغرافى أو الإقليمى. ويرى فى نهاية هذا الفصل أن هذا المقياس لم يحل كل المسائل المرتبطة بدراسة الأمن القومى للدول النامية بل خلق عدة مشاكل أخرى ولكنه يذكر أن هذه الدراسة أسهمت فى مشكلة قياس الأمن القومى للدول النامية. ويستعرض فى الخاتمة: أن كل من أدب العلاقات الدولية وقادة العالم الثالث أهملوا البيئة المحلية التى تؤدى إلى التعاون وهو أحد أهداف هذا الكتاب الذى يؤكد على الأبعاد المحلية لبيئة كل دولة ولذا عند البحث عن قياس للأمن القومى قام بإدراج كل من البعدين المحلى والدولى فى سلوك الدولة ضمن مفهوم موحد "فى الصراع والتعاون"
ومقياس الهدوء بنى على كل من الصراع والتعاون (حيث الهدوء= التعاون- الصراع) جانب أخر إلا وهو العلاقة بين الرفاهية (طبيعة الحياة المادية) ومقياس الهدوء حيث أخذت الافتراضات بوجود علاقة ارتباطيه بينهما ولكنها سلبية فى أحد جوانبها"حيث تحسن الحياة المادية دون أن تكون مصحوبة بتحسن فى الحياة غير المادية - فهى لا تسهم فى تعظيم الأمن القومى. وقد قسم المؤلف الدول النامية ثلاث مجموعات أو أقاليم أمنية ويرى أن احتمال انتقال دولة من منظمة أمنية لأخرى أقل من احتمال تمسكها بمكانها كما يذكر المؤلف أم مقياس الهدوء أكثر ملائمة ليس فقط فى تحديد أقاليم الأمن المختلفة وإنما فى إمكانية التنبؤ بتغير المراكز بين هذه المناطق وعليه:
- لا يمكن الاعتماد على أى من الصراع أو التعاون بمفرده كمقياس دقيق لأمن الدولة.
- يلاحظ أن سلوك الدول النامية أكثر تكرارية من كونه غير محصور داخل إقليم أمنى معين، وهذا الوضع متوقع له أن يستمر لفترة قادمة ما لم يحدث تغيرات جوهرية فى بيئة هذه الدول. فمن المهم عند تقرير سياسيات الأمن القومى أن يحدد صناع القرار - ما المقصود بالأمن القومى لدولهم - تحديد الخصوم والمؤيدين لهم (من قبل الدولة والشعب" فهو أمر حيوى فى تقرير سياسات الأمن القومى ولا بد من أن نص نظام القيم وخريطة المعرفة وإدراك الناس وهى خطوة هامة لتحديد اتجاهات الشعب تجاه كل من العالم الخارجى والمحلى، فضلا عن تحديد مدى موافقة السياسة الخاصة بالأمن القومى مع الإدراك وذلك للوصول إلى أمن قومى فعالة. وأخيرا:
فإن سياسات الأمن القومى يجب أن تهدف لخدمة حاجات ومطالب وأغراض وأولويات الشعب ويلاحظ أن هذه العملية ليست بالعملية السهلة ويجب أن تقابلها الحكومة بتوسيع الممارسة الديمقراطية وقنوات المشاركة ويذكر المؤلف أخيرا أن الدراسات المقبلة سوف تؤكد هذا العامل الداخلى ودوره فى سياسات الأمن القومى.