By محمد ملفي ٣٦ - الأحد يوليو 15, 2012 9:55 pm
- الأحد يوليو 15, 2012 9:55 pm
#52621
تثير التطورات الأخيرة حول مضيق هرمز الاستراتيجي قلق المراقبين من تدهور الملف الإيراني النووي إلى مواجهة عسكرية بين طهران والغرب بقيادة الولايات المتحدة. برامج دويتشه فيله الحوارية حاولت استشراف السيناريوهات المحتملة.
ذكر تقرير لصحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية السبت (7 يناير/ كانون الثاني 2012) أن بريطانيا تعتزم إرسال أقوى سفنها الحربية إلى منطقة الخليج. وأضاف التقرير أن البحرية الملكية البريطانية تعتزم إرسال المدمرة "إتش إم إس ديرينغ" في أول مهمة لها في منطقة الخليج، بالتزامن مع تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إن المدمرة، التي كلف تصنيعها مليار جنيه إسترليني، مزودة بأحدث رادار بحري في العالم، القادر على تتبع تهديدات مركّبة من الصواريخ والطائرات المقاتلة، مضيفة، نقلاً عن قادة في سلاح البحرية، أن نشر هذه المدمرة سوف يرسل رسالة هامة إلى الإيرانيين، بسبب قوة أسلحتها، والتكنولوجيا المتقدمة المزودة بها.
هذه الخطوة من قبل لندن تأتي رداً على تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين، الذين هددوا بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة الملاحة الدوليين، إذا ما استمرت العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الغرب. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد صادق السبت الماضي على قرار يقضي بوقف التعامل مع البنك المركزي الإيراني، فيما أقرّ الاتحاد الأوروبي في الرابع من يناير/ كانون الثاني بشكل مبدئي وقف استيراد النفط الإيراني، وبدأ بالبحث عن بدائل لتعويض هذا النقص.
وفيما تشتد لهجة المسؤولين في كل من طهران والعواصم الغربية، يبدو وكأن المنطقة مقبلة على مواجهة عسكرية لا يمكن منعها إلا بتقديم أحد الطرفين تنازلات صعبة – إيران بوقف برنامجها النووي، أو الغرب برفع عقوباته وقبول سعي إيران لامتلاك سلاح نووي. دويتشه فيله حاولت تسليط الضوء على هذا الملف ومناقشة الاحتمالات الممكنة لهذا الملف الحساس.
أثرت العقوبات الاقتصادية الغربية بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني (أرشيف)
تصدير الأزمة إلى الخارج
في هذا الصدد يقول الدكتور كاظم حبيب، الخبير السياسي والاقتصادي العراقي المقيم في ألمانيا، أثناء مشاركته في البرنامج الحواري "كوادريغا"، إن رد الفعل الإيراني والمناورات العسكرية في مضيق هرمز "محاولة لتصدير أزمتها الداخلية إلى الخارج"، معتبراً أن العقوبات الاقتصادية الغربية أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني، "فمعدلات البطالة ارتفعت بشكل كبير، والعملة الإيرانية فقدت 16 بالمائة تقريباً من قيمتها".
إلا أن الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، الدكتور ميشائيل لودرز، يؤكد أن تصريحات المسؤولين في طهران ما هي إلا "رد فعل على العقوبات المفروضة، التي تعتبر اعتداءً مباشراً على الاقتصاد الإيراني". إلا أنه يشير في نفس السياق إلى أن "الحكومة الإيرانية غير مستعدة لقبول مطالب الغرب والتخلي عن امتلاك السلاح النووي".
أما الكاتب والصحافي المغربي محمد مسعاد، فيعتقد أن المناورات الإيرانية وتصريحاتها التي تلمح إلى استعدادها لمواجهة عسكرية، لا تعدو كونها "مناورة سياسية تحاول من خلالها دفع المجتمع الدولي للاعتراف بها كلاعب أساسي في المنطقة ... من المستبعد (أن تلجأ) إلى الخيار العسكري، لأن المضيق منفذها التجاري والسياسي أيضاً إلى العالم". ويضيف مسعاد أن الحرب ليست في مصلحة إيران أو المنطقة بأسرها.
ويلفت الدكتور حبيب إلى العامل الداخلي في إيران، ويتابع بالقول إن "هناك حراكاً سياسياً لدى القوميات الوطنية المختلفة التي تعيش في إيران. إنهم يقومون بالتظاهر والنظام يقتلهم، ولا نسمع بذلك، لأن العالم منشغل بسلاح إيران النووي. إيران بين نارين: النار الداخلية ونار العقوبات الدولية الخارجية".
سباق تسلح أم دفاع عن النفس؟
وبالإضافة إلى التواجد العسكري الأمريكي، والبريطاني قريباً، فإن دول الخليج، بحسب حبيب، أدركت حجم التهديد الإيراني وسعيها لامتلاك قنبلة ذرية، وبدأت بشراء كميات كبيرة من السلاح، مستدلاً على ذلك بالصفقة السعودية لشراء دبابات ألمانية، ولجوء الإمارات العربية المتحدة إلى الصين لشراء أسطول من الطائرات المقاتلة.
وإلى ذلك يعرب الدكتور لودرز من قلقه "من حرب في المنطقة على إيران. الدول الغربية تتحدث عن أسلحة إيران النووية، إلا أن هذه فقط محاولة منها لمنع إيران من لعب دور مهم في المنطقة. من وجهة نظر المسؤولين الإيرانيين، فإن امتلاك السلاح النووي وسيلة للدفاع عن النفس".
لكن الخبير السياسي والاقتصادي كاظم حبيب يشدد على أن إيران "تلعب على الوقت حتى تتمكن من إنتاج السلاح النووي ... على إيران ألا تسعى (لذلك). يمكنها تبني سياسات مسالمة في المنطقة. لكنها لا تريد ذلك كي تلعب دوراً مهماً ولتتدخل في سياسات الدول المجاورة. من الخطأ أن نقول إن من حق إيران امتلاك سلاح نووي".
يرى الدكتور كاظم حبيب أن إيران تلعب على الوقت حتى تتمكن من تصنيع سلاح نووي
ويطالب الصحفي محمد مسعاد الدول العربية باتخاذ موقف موحد فيما يتعلق بالملف الإيراني، لافتاً إلى وجود تباين واضح بين المعسكر المؤيد لإيران، المتمثل في سوريا والعراق، والمعسكر المعارض لها، الذي يتمثل في دول الخليج. ويشير مسعاد إلى أن توحيد المواقف العربية سيكون صعباً، بالنظر إلى "موقفها المخزي حيال ما يحدث في سوريا". كما يدعو الدكتور حبيب الدول العربية إلى التخلي عن سباق التسلح، خاصة وان "الكثيرين في تلك الدول يعيشون تحت خط الفقر وبحاجة إلى هذه الأموال".
ويؤكد الخبير الألماني ميشائيل لودرز أن الحوار ضروري من أجل نزع فتيل الأزمة، وأنه "بدون إرادة حقيقية للتعامل بشكل إيجابي مع إيران، فلن يكون هناك حل في المنطقة ... إيران تواجه ضغوطاً كبيرة" من الغرب.
"الأزمة تخدم مصالح الغرب"
الكثيرون من مستخدمي موقع دويتشه فيله، ومن خلال النقاش المفتوح على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اتفقوا في نظرتهم لسباق التسلح في المنطقة، واعتبروا أنه يخدم المصالح الاقتصادية للدول الغربية. المستخدم Kadirou Kadirouwest يجمل الآراء المطروحة، إذ كتب أن "سباق التسلح هذا في مصلحة الغرب وروسيا، وهي فرصة للغرب للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة ببيع كميات من الأسلحة وصفقات ضخمه. وبالطبع تتحرك الآلة الإعلامية للغرب لزيادة التوتر".
لكن المستخدم Ali Alqaisi يرى الملف النووي الإيراني من منظور مختلف تماماً، فهو يعتقد أن "لا مصداقية ولا قيمة لأي عقوبات ضد إيران في ظل وجود ثروات هائلة في العراق تحت تصرف النظام الإيراني. ثم إن نظاماً مماثلاً للنظام الإيراني يتكون من مجموعة ميليشيات، دمرت مؤسسات الدولة الإيرانية وهي معزولة عن الشعب ولا تكترث لمعاناته ... على المجتمع الدولي أن ينقذ الشعب الإيراني من حكومة الحرس الثوري غير المنتخبة".
ومع عزم طهران على البدء بمناورات عسكرية جديدة حول مضيق هرمز في فبراير/ شباط المقبل، فإن الملف النووي الإيراني، برأي عدد من المحللين، يبدو مقبلاً على مرحلة حرجة قد تصل سريعاً إلى نقطة اللاعودة، مما قد يخلف آثاراً كارثية ليس على المنطقة وحدها، بل على العالم بأسره، لاسيما وأن الغالبية العظمى من حاجات العالم النفطية مصدرها نقطة الصراع هذه.
ياسر أبو معيلق
مراجعة: منصف السليمي
ذكر تقرير لصحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية السبت (7 يناير/ كانون الثاني 2012) أن بريطانيا تعتزم إرسال أقوى سفنها الحربية إلى منطقة الخليج. وأضاف التقرير أن البحرية الملكية البريطانية تعتزم إرسال المدمرة "إتش إم إس ديرينغ" في أول مهمة لها في منطقة الخليج، بالتزامن مع تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إن المدمرة، التي كلف تصنيعها مليار جنيه إسترليني، مزودة بأحدث رادار بحري في العالم، القادر على تتبع تهديدات مركّبة من الصواريخ والطائرات المقاتلة، مضيفة، نقلاً عن قادة في سلاح البحرية، أن نشر هذه المدمرة سوف يرسل رسالة هامة إلى الإيرانيين، بسبب قوة أسلحتها، والتكنولوجيا المتقدمة المزودة بها.
هذه الخطوة من قبل لندن تأتي رداً على تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين، الذين هددوا بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة الملاحة الدوليين، إذا ما استمرت العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الغرب. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد صادق السبت الماضي على قرار يقضي بوقف التعامل مع البنك المركزي الإيراني، فيما أقرّ الاتحاد الأوروبي في الرابع من يناير/ كانون الثاني بشكل مبدئي وقف استيراد النفط الإيراني، وبدأ بالبحث عن بدائل لتعويض هذا النقص.
وفيما تشتد لهجة المسؤولين في كل من طهران والعواصم الغربية، يبدو وكأن المنطقة مقبلة على مواجهة عسكرية لا يمكن منعها إلا بتقديم أحد الطرفين تنازلات صعبة – إيران بوقف برنامجها النووي، أو الغرب برفع عقوباته وقبول سعي إيران لامتلاك سلاح نووي. دويتشه فيله حاولت تسليط الضوء على هذا الملف ومناقشة الاحتمالات الممكنة لهذا الملف الحساس.
أثرت العقوبات الاقتصادية الغربية بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني (أرشيف)
تصدير الأزمة إلى الخارج
في هذا الصدد يقول الدكتور كاظم حبيب، الخبير السياسي والاقتصادي العراقي المقيم في ألمانيا، أثناء مشاركته في البرنامج الحواري "كوادريغا"، إن رد الفعل الإيراني والمناورات العسكرية في مضيق هرمز "محاولة لتصدير أزمتها الداخلية إلى الخارج"، معتبراً أن العقوبات الاقتصادية الغربية أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني، "فمعدلات البطالة ارتفعت بشكل كبير، والعملة الإيرانية فقدت 16 بالمائة تقريباً من قيمتها".
إلا أن الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، الدكتور ميشائيل لودرز، يؤكد أن تصريحات المسؤولين في طهران ما هي إلا "رد فعل على العقوبات المفروضة، التي تعتبر اعتداءً مباشراً على الاقتصاد الإيراني". إلا أنه يشير في نفس السياق إلى أن "الحكومة الإيرانية غير مستعدة لقبول مطالب الغرب والتخلي عن امتلاك السلاح النووي".
أما الكاتب والصحافي المغربي محمد مسعاد، فيعتقد أن المناورات الإيرانية وتصريحاتها التي تلمح إلى استعدادها لمواجهة عسكرية، لا تعدو كونها "مناورة سياسية تحاول من خلالها دفع المجتمع الدولي للاعتراف بها كلاعب أساسي في المنطقة ... من المستبعد (أن تلجأ) إلى الخيار العسكري، لأن المضيق منفذها التجاري والسياسي أيضاً إلى العالم". ويضيف مسعاد أن الحرب ليست في مصلحة إيران أو المنطقة بأسرها.
ويلفت الدكتور حبيب إلى العامل الداخلي في إيران، ويتابع بالقول إن "هناك حراكاً سياسياً لدى القوميات الوطنية المختلفة التي تعيش في إيران. إنهم يقومون بالتظاهر والنظام يقتلهم، ولا نسمع بذلك، لأن العالم منشغل بسلاح إيران النووي. إيران بين نارين: النار الداخلية ونار العقوبات الدولية الخارجية".
سباق تسلح أم دفاع عن النفس؟
وبالإضافة إلى التواجد العسكري الأمريكي، والبريطاني قريباً، فإن دول الخليج، بحسب حبيب، أدركت حجم التهديد الإيراني وسعيها لامتلاك قنبلة ذرية، وبدأت بشراء كميات كبيرة من السلاح، مستدلاً على ذلك بالصفقة السعودية لشراء دبابات ألمانية، ولجوء الإمارات العربية المتحدة إلى الصين لشراء أسطول من الطائرات المقاتلة.
وإلى ذلك يعرب الدكتور لودرز من قلقه "من حرب في المنطقة على إيران. الدول الغربية تتحدث عن أسلحة إيران النووية، إلا أن هذه فقط محاولة منها لمنع إيران من لعب دور مهم في المنطقة. من وجهة نظر المسؤولين الإيرانيين، فإن امتلاك السلاح النووي وسيلة للدفاع عن النفس".
لكن الخبير السياسي والاقتصادي كاظم حبيب يشدد على أن إيران "تلعب على الوقت حتى تتمكن من إنتاج السلاح النووي ... على إيران ألا تسعى (لذلك). يمكنها تبني سياسات مسالمة في المنطقة. لكنها لا تريد ذلك كي تلعب دوراً مهماً ولتتدخل في سياسات الدول المجاورة. من الخطأ أن نقول إن من حق إيران امتلاك سلاح نووي".
يرى الدكتور كاظم حبيب أن إيران تلعب على الوقت حتى تتمكن من تصنيع سلاح نووي
ويطالب الصحفي محمد مسعاد الدول العربية باتخاذ موقف موحد فيما يتعلق بالملف الإيراني، لافتاً إلى وجود تباين واضح بين المعسكر المؤيد لإيران، المتمثل في سوريا والعراق، والمعسكر المعارض لها، الذي يتمثل في دول الخليج. ويشير مسعاد إلى أن توحيد المواقف العربية سيكون صعباً، بالنظر إلى "موقفها المخزي حيال ما يحدث في سوريا". كما يدعو الدكتور حبيب الدول العربية إلى التخلي عن سباق التسلح، خاصة وان "الكثيرين في تلك الدول يعيشون تحت خط الفقر وبحاجة إلى هذه الأموال".
ويؤكد الخبير الألماني ميشائيل لودرز أن الحوار ضروري من أجل نزع فتيل الأزمة، وأنه "بدون إرادة حقيقية للتعامل بشكل إيجابي مع إيران، فلن يكون هناك حل في المنطقة ... إيران تواجه ضغوطاً كبيرة" من الغرب.
"الأزمة تخدم مصالح الغرب"
الكثيرون من مستخدمي موقع دويتشه فيله، ومن خلال النقاش المفتوح على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اتفقوا في نظرتهم لسباق التسلح في المنطقة، واعتبروا أنه يخدم المصالح الاقتصادية للدول الغربية. المستخدم Kadirou Kadirouwest يجمل الآراء المطروحة، إذ كتب أن "سباق التسلح هذا في مصلحة الغرب وروسيا، وهي فرصة للغرب للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة ببيع كميات من الأسلحة وصفقات ضخمه. وبالطبع تتحرك الآلة الإعلامية للغرب لزيادة التوتر".
لكن المستخدم Ali Alqaisi يرى الملف النووي الإيراني من منظور مختلف تماماً، فهو يعتقد أن "لا مصداقية ولا قيمة لأي عقوبات ضد إيران في ظل وجود ثروات هائلة في العراق تحت تصرف النظام الإيراني. ثم إن نظاماً مماثلاً للنظام الإيراني يتكون من مجموعة ميليشيات، دمرت مؤسسات الدولة الإيرانية وهي معزولة عن الشعب ولا تكترث لمعاناته ... على المجتمع الدولي أن ينقذ الشعب الإيراني من حكومة الحرس الثوري غير المنتخبة".
ومع عزم طهران على البدء بمناورات عسكرية جديدة حول مضيق هرمز في فبراير/ شباط المقبل، فإن الملف النووي الإيراني، برأي عدد من المحللين، يبدو مقبلاً على مرحلة حرجة قد تصل سريعاً إلى نقطة اللاعودة، مما قد يخلف آثاراً كارثية ليس على المنطقة وحدها، بل على العالم بأسره، لاسيما وأن الغالبية العظمى من حاجات العالم النفطية مصدرها نقطة الصراع هذه.
ياسر أبو معيلق
مراجعة: منصف السليمي