By تركي المحارب 36 - الأربعاء يوليو 18, 2012 3:23 pm
- الأربعاء يوليو 18, 2012 3:23 pm
#52789
عندما نعلم فقط أين نقف عندئذ سنعلم أين سنتجه وبالتالي نتقدم خطوة أخرى إلى الأمام نحو المستقبل الأفضل ، وهكذا هو الأمر مع الحوار الفكري فعندما نتعلم كيف نختلف يمكن أن نصل إلى ثمار فكرية صوب الحقيقة بدون الوقوع في مستنقع الحلقات المفرغة والتي لا تؤدي إلإ إلى إهدار الوقت علاوة على إثارة مشاعر الكراهية والإحباط والضجر بين المشاركين في الحوار.
تكمن المشكلة في إرتكاب عدة أخطاء في طريقة التفكير والتي تتسم بها العقلية العربية على وجه خاص، فمن خلال إطلاعي على النقاشات الدائرةعلى صفحات المنتديات الإلكترونية العربية وما أكثرها تعلمت الكثير من أنماط التفكير السلبي، ورغم أنني وضعت قائمة من الامور التي علينا تجنبها في النقاش (قواعد النقاش) غير أنني لا أجدها كافية للنقاش الذي ننشده والذي يطمح إليه كل باحث في الحقيقة ، فهناك الكثير مما علق في من رواسب في العقلية العربية على مر الأجيال والتي تحد من التفكير الموضوعي.
في عالم الإنترنت نجد أكبر نسبة من عدد المنتديات الإلكترونية في العالم العربي بالمقارنة مع دول العالم مما يوحي بأن العرب مشغولين جدأً في النقاشات فهل يتبعون الطرق الصحيحة فيها ؟ أشك بذلك ، فما يتوقعه أي مطلع عليها أن تخرج بإبداعات فكرية أو دراسات هامة وهذا ما لا نلمسه خصوصاً مع إنتشار ثقافة النسخ واللصق وعدم التحقق والإساءة بمختلف أشكالها بين المشاركين.
أذكر في مايلي تلك الأخطاء :
1- التعميم
خطأ التعميم من الأخطاء الشائعة في العقلية العربية ، نلاحظها في نقاشاتنا سواء في وسائل الإعلام أو في الأحاديث اليومية مع معارفنا. ويتضح أكثر في كلامنا عن (الآخر)فكثيراً ما نصم شعب أو قوم بأكمله بصفة محددة ما وهو حكم مسبق ولا يراعي الإختلافات الفردية بين الأشخاص في الثقافة ونمط المعيشة فإذا أردنا استخلاص أحكام أكثر دقة علينا أن نكون محددين أكثر في الفئة ألصقنا بها صفة محددة وأن نوزن الأمور بالنسبية وليس بالإطلاق لئلا يكون الحكم ظالماً وفي غيره محله ، التعميم أعمى لأنه لا يراعي الظروف والحالات في الزمان والمكان وغالباً ما يكون لك قاعدة استثناء .
2- التوصيف
عندما لا نتفق مع فكر شخص كثيراً ما نميل إلى وضعه في خانة فكرية معينة فنطلق عليه أوصافاً كقبيل علماني وسلفي ورجعي وتقدمي ومتطرف ومحافظ..وغيرها، وليس بالضرورة أن نسمعه تلك الأوصاف بل يكفي أن تكون حاضرة في ذهننا اتجاهه ، إطلاق أوصاف كهذه يساهم في حشد تأييد من نعتقد أنهم يتفقون مع أفكارنا بهدف حشره في زاوية أو نبذ فكره، والأهم من ذلك أن تلك الأوصاف تفضي إلى نقاش عقيم ناجم عن تصورات مسبقة قد تكون بعيدة عن الصواب، مع أن الفكر الحر المستقل لا يؤمن أصلاً بقوالب فكرية محددة أو أيديولوجيات يسجن ذاته بها.
3- الوراثة
غالباً ما نرث الأفكار التي نعتبرها بمثابة مسلمات من الأجيال السابقة بدون بذل أدنى جهد للتفكير بمصداقيتها أو في قابليه استمراريتها مع العصر وظروفه المستجدة في حين أننا نادراً ما نبدع أفكار جديدة تفيد مستقبلنا وتزيد من قوتنا الداخلية، الشك هو منهج الوصول إلى الحقيقة ومنها حقيقة وجود الله ، والخائفين من مزاولة هذا المنهج يخافون الخسارة ، خسارة ماذا ؟ خسارة إيمانهم بالله ؟! لماذا لا يكون الإيمان قوياً أمام التفكير ؟ الجواب لأنه إيمان موروث من العائلة والسلف وليس مكتسباً من خلال التفكير الذي يكون الشك أول الطريق لتحفيزه.
4- الميل العاطفي
غالباً ما تلتقي أحكامنا مع عواطفنا وحالتنا الشعورية من الأحداث الجارية فنؤيد وندين إعتماداً على علاقتنا بالأشخاص وقربهم من انتماءاتنا العقدية أو الفكرية فلانأخذ وقتاً ولو بسيط في التفكير بما قدموه من نتائج أفكارهم وأفعالهم سواء أكانت إيجابية أم سلبية للمجتمع والحياة. وكم من مسابقة أقيمت تأثر فيها لجنة الحكام بما يعنيه الأشخاص لهم على حساب ما قدموه من فكر وأعمال ومواهب فأتى تقييمهم عاطفي ومثير للشفقة أو لمصلحة .
وقد ورد في الحديث الشريف الصحيح قول لم نعمل به لأننا لم نفهمه على النحو الصحيح وهو : "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً "، "مظلوماً" بأن تنصره ضد من ظلمه و "ظالماً" بأن تردعه عن أولئك الذين ظلمهم وهذا الفعل الأخير (قول أو فعل ) مقصرين فيه إلى حد كبير مما يجعلنا خارجين عن دائرة الموضوعية أمام أعين ووعي العالم ، وما يعلمه المتنورون بحق هو أن أصحاب المبدأ لا يحيدون عنه حتى لو تعلق الأمر بأقرب المقربين لديهم.
5- المؤامرة ولائحة الإتهام
غالباً ما نلقي مسؤولية فشلنا على الآخرين الذين لم ندرس فكرهم حتى أننا في تجارب الحياة نلقي مسؤولية الأمور الغريبة على "الجن" ولا ندرس الأسباب الكامنة في أنفسنا ، وفي السياسة نلقي مسؤولية فشلنا على الغرب وهكذا..... فالمهم لدينا أن تكون لائحة الإتهام جاهزة بالأسماء حتى قبل إجراء التحقيق اللازم وهذا يريحنا إلى أن يحين الوقت الذي نكتشف فيه خطأنا وعندها يكون قد فات الاوان للتغيير نحو الأفضل. وللخروح من دائرة الإتهامات علينا أن نخرج من فكر نظرية المؤامرة ونناقش الأمور كما هي من الوقائع التي توفرت لدينا .
6- الإسكات
في كثير من الحالات يكون لدينا القدرة على إحتواء رأي الآخر ولكننا مع الأسف لا نستخدمها بل نجد من السهل أن نقوم بإسكات الرأي الآخر بحجة أن النقاش منتهي ولا مجال للأخذ والعطاء فيه، وهذا سيؤدي بدوره إلى تداعيات لأنه سيبقى حاضراً وقوياً في فكر المقموع إلى أن تحين لحظة الكلام بعد دهر من الصمت ، تلك اللحظة التي يكثر فيها عدد المؤيدين الصامتين وعندئذ سيكون رد الفعل كالبركان الثائر الذي يدمر بعنف وفي كثير من الأحيان أكثر مما ينبغي.
وهناك قول على غرار الآتي :
كان الأجدى أن نعرف أمراً آخر أكثر نفعاً عوضاً عن الأمر الذي تم التطرق إليه "
وهي وسيلة يستخدمها البعض للحث على عدم التفكير بأمور معينة فلا يريدون منا أن نفكر بها لمبرراتهم المختلفة، وحجب التفكير هو من طبيعة الإرهاب الذي نعيشه في مجتمعاتنا قبل أن يكون ناجماً عن السلطة التي تحكمنا.
7- سلطة المعتقد
مشكلتنا ليست مع الدين وإنما مع من يدعون أنهم موكلون (من الله) في تطبيقه ، فدائماً ما تتطابق أوامرهم مع مصلحة بقائهم في السلطة التي يستمدونها من رعاياهم الذين نجحوا في غسل أدمغتهم ليصلوا بهم إلى ما يشبه متلازمة ستوكهولم عبر القمع والترهيب بالعقوبات والترويج لأجنداتهم (الدينية ) خلال الزمن فأوامرهم غير خاضعة للنقاش لأنها مستمدة من الكتب السماوية وآثار المرسلين وما كتبه السلف والتي نجحوا في تأويلها وفق وجهة نظرهم التي تدعم سلطتهم ، وهذا يشبه إلى حد بعيد ذلك العصر الذي سيطرت فيه الكنيسة على فكر الاوربيين في العصور الوسطى مما نتج عنه فيما بعد ردود فعل عظيمة شهدناها في انتشار أفكار الفلسفة المادية وأحياناً الخارجة من كل قيد وما زالت آثاره بادية في الفكر المعاصر، فهل علينا أن نكرر التاريخ ؟ العملية باختصار هي (فعل) ماضي و (رد فعل) مستقبلي يعاكسه وكثيراً ما يكون أكثر إستدامة وأعنف لأنه ولد من رحم الإضطهاد.
8- الشخصنة
غالباً ما يكون الهدف من الحوار هو تسجيل نقاط على المتحاور معنا بدلاً من أن يكون تفاعلاً موضوعياً مع الأفكاره التي يطرحها ، وغالباً ما يكون الهجوم في غير محله فعندما نسمع نقداً يوجه إلينا بخصوص نقطة (أ) لا نرد عليها بل نلتف لنسدد هجومأً في نقطة (ب) لأن هدفنا ليس الوصول إلى الحقيقة وإنما إحراج المتحاور معنا أو لتحقيق نصر شخصي يغري شعورنا العالي بالفردية المتحكمة، وتصل درجة لاإستفزاز في بعض الأحيان إلى المشاجرة أو التلفظ بالشتائم .
9- الحقيقة ليست الهدف
ما هي حقيقة هدفنا المسبق قبل الحوار في قضية ما ؟ هل يقتصر فقط على الدفاع عن وجهة نظرنا حولها ؟ أم أنه يتخطى ذلك ليشمل معرفة المزيد من الآراء الأخرى حولها وبالتالي الحصول على معلومات أكثر حولها للإقتراب مما نعتقد أنه "الحقيقة" أو جانب منها على الأقل عندما لا يتوفر لدينا معلومات كافية عنها، للأسف نلاحظ أن معظم المناقشات تكون لفرض رأي على رأي آخر وليس لاستفادة رأي من رأي آخر، فتخذ شكل المعركة بدلاً أن تكون تعديل مسارات في التفكير للوصول إلى الحقيقة، وتعديل الرأي لن ينال من مكانتنا إن اتضحت لنا الحقيقة أو رأينا فيها أوجه لم يكن بوسعنا أن نراها من منظورنا إلا بعد إطلاعنا على رأي الآخرين.
10- السيد "أعرف"
لا يمكن لأي شخص أن يحيط بكل مناهل المعرفة على نحو كاف مع أن بعض الأشخاص قد يمتلك معارف واسعة في العديد من المجالات في العلوم والتاريخ وغيرها. وقد نغتر أحيانأً بما نملكه من معارف فنشارك في الحوار بثقة زائدة وكأننا مختصون في ذلك الحقل من العلم فنعطي تفسيرات وتحليلات لأمور لم نعشها أو حتى لم نطلع عليها فتأتي مشاركاتنا لتزيد من التشتت في مسار النقاش وسرعان ما نكتشف أننا شاركنا عن جهل ، وفي هذه الحالات يكون الصمت والإصغاء أو القراءة أفضل أو الإكتفاء بطرح الأسئلة عن الامور الجديدة التي لم يسبق لنا الإطلاع عليها شرط عدم الخروج من محور الموضوع المطروح. المشكلة أننا يصعب علينا قول :" لا أعرف" ولا أعتقد أن هذا القول سيضعف من مكانتنا العلمية.
11- الإلتفاف
الإلتفاف هو الهروب المتعمد من مناقشة فكرة من الحوار ويحدث عادة بعد أن يطرح السائل سؤالاً فتأتي الإجابة في غير محلها لتناقش أمراً قريباً من محور الموضوع مع أنه بعيد عن الإجابة المطلوبة أو المفترضة عن السؤال. وغالباً ما يتخذ الجواب الملتف شكلاً هجومياً بدلاً من الدفاع لدرء تهمة موجهة في السؤال ونشاهد ذلك بكثرة في حديث السياسيين أمام وسائل الإعلام.
أسباب الإلتفاف عديدة ومنها تحاشي إجابة ذات حجة ضعيفة أو محرجة للشخص للشخص المجيب أو لمكانته أو أنها تتجاوز حدود معرفته لكن يصعب عليه قول :" لا أعرف". وقد يكون الهدف من الإلتفاف هو أن ينسى الذي طرح السؤال موضوع السؤال فيخوض في أمر آخر، والإعلامي الناجح قادر على إختيار تلك الأسئلة المحرجة. الإلتفاف ليست صفة خاصة بالعقل العربي ولكننا نجدها في كل زمان ومكان.
وأخيراً .... لا بد من الإختلاف بين أفكار الناس لكن علينا أن نتعلم أولاً كيف نختلف ونغرس آداب الحوار في أبنائنا وبناتنا لكي نحجز مكاناً لنا تحت الشمس ولنكسب إحترام العالم بفكرنا وثقافتنا التي تنعكس في تصرفاتنا وأفعالنا مع بعضنا البعض ، وهي القوة الداخلية التي نستمد منها تطورنا ومواكبتنا لفكر العالم ومتغيراته، بينما "الإتفاق الظاهري" الغير مبني على قوة الإقناع بل على العاطفة والإنتماءات الموروثة لا يخلق قوة بل يكون كالطبل كبير في حجمه وأجوف في قلبه وسرعان ما يتهاوى عند أول امتحان مع متغير جديد ..
تكمن المشكلة في إرتكاب عدة أخطاء في طريقة التفكير والتي تتسم بها العقلية العربية على وجه خاص، فمن خلال إطلاعي على النقاشات الدائرةعلى صفحات المنتديات الإلكترونية العربية وما أكثرها تعلمت الكثير من أنماط التفكير السلبي، ورغم أنني وضعت قائمة من الامور التي علينا تجنبها في النقاش (قواعد النقاش) غير أنني لا أجدها كافية للنقاش الذي ننشده والذي يطمح إليه كل باحث في الحقيقة ، فهناك الكثير مما علق في من رواسب في العقلية العربية على مر الأجيال والتي تحد من التفكير الموضوعي.
في عالم الإنترنت نجد أكبر نسبة من عدد المنتديات الإلكترونية في العالم العربي بالمقارنة مع دول العالم مما يوحي بأن العرب مشغولين جدأً في النقاشات فهل يتبعون الطرق الصحيحة فيها ؟ أشك بذلك ، فما يتوقعه أي مطلع عليها أن تخرج بإبداعات فكرية أو دراسات هامة وهذا ما لا نلمسه خصوصاً مع إنتشار ثقافة النسخ واللصق وعدم التحقق والإساءة بمختلف أشكالها بين المشاركين.
أذكر في مايلي تلك الأخطاء :
1- التعميم
خطأ التعميم من الأخطاء الشائعة في العقلية العربية ، نلاحظها في نقاشاتنا سواء في وسائل الإعلام أو في الأحاديث اليومية مع معارفنا. ويتضح أكثر في كلامنا عن (الآخر)فكثيراً ما نصم شعب أو قوم بأكمله بصفة محددة ما وهو حكم مسبق ولا يراعي الإختلافات الفردية بين الأشخاص في الثقافة ونمط المعيشة فإذا أردنا استخلاص أحكام أكثر دقة علينا أن نكون محددين أكثر في الفئة ألصقنا بها صفة محددة وأن نوزن الأمور بالنسبية وليس بالإطلاق لئلا يكون الحكم ظالماً وفي غيره محله ، التعميم أعمى لأنه لا يراعي الظروف والحالات في الزمان والمكان وغالباً ما يكون لك قاعدة استثناء .
2- التوصيف
عندما لا نتفق مع فكر شخص كثيراً ما نميل إلى وضعه في خانة فكرية معينة فنطلق عليه أوصافاً كقبيل علماني وسلفي ورجعي وتقدمي ومتطرف ومحافظ..وغيرها، وليس بالضرورة أن نسمعه تلك الأوصاف بل يكفي أن تكون حاضرة في ذهننا اتجاهه ، إطلاق أوصاف كهذه يساهم في حشد تأييد من نعتقد أنهم يتفقون مع أفكارنا بهدف حشره في زاوية أو نبذ فكره، والأهم من ذلك أن تلك الأوصاف تفضي إلى نقاش عقيم ناجم عن تصورات مسبقة قد تكون بعيدة عن الصواب، مع أن الفكر الحر المستقل لا يؤمن أصلاً بقوالب فكرية محددة أو أيديولوجيات يسجن ذاته بها.
3- الوراثة
غالباً ما نرث الأفكار التي نعتبرها بمثابة مسلمات من الأجيال السابقة بدون بذل أدنى جهد للتفكير بمصداقيتها أو في قابليه استمراريتها مع العصر وظروفه المستجدة في حين أننا نادراً ما نبدع أفكار جديدة تفيد مستقبلنا وتزيد من قوتنا الداخلية، الشك هو منهج الوصول إلى الحقيقة ومنها حقيقة وجود الله ، والخائفين من مزاولة هذا المنهج يخافون الخسارة ، خسارة ماذا ؟ خسارة إيمانهم بالله ؟! لماذا لا يكون الإيمان قوياً أمام التفكير ؟ الجواب لأنه إيمان موروث من العائلة والسلف وليس مكتسباً من خلال التفكير الذي يكون الشك أول الطريق لتحفيزه.
4- الميل العاطفي
غالباً ما تلتقي أحكامنا مع عواطفنا وحالتنا الشعورية من الأحداث الجارية فنؤيد وندين إعتماداً على علاقتنا بالأشخاص وقربهم من انتماءاتنا العقدية أو الفكرية فلانأخذ وقتاً ولو بسيط في التفكير بما قدموه من نتائج أفكارهم وأفعالهم سواء أكانت إيجابية أم سلبية للمجتمع والحياة. وكم من مسابقة أقيمت تأثر فيها لجنة الحكام بما يعنيه الأشخاص لهم على حساب ما قدموه من فكر وأعمال ومواهب فأتى تقييمهم عاطفي ومثير للشفقة أو لمصلحة .
وقد ورد في الحديث الشريف الصحيح قول لم نعمل به لأننا لم نفهمه على النحو الصحيح وهو : "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً "، "مظلوماً" بأن تنصره ضد من ظلمه و "ظالماً" بأن تردعه عن أولئك الذين ظلمهم وهذا الفعل الأخير (قول أو فعل ) مقصرين فيه إلى حد كبير مما يجعلنا خارجين عن دائرة الموضوعية أمام أعين ووعي العالم ، وما يعلمه المتنورون بحق هو أن أصحاب المبدأ لا يحيدون عنه حتى لو تعلق الأمر بأقرب المقربين لديهم.
5- المؤامرة ولائحة الإتهام
غالباً ما نلقي مسؤولية فشلنا على الآخرين الذين لم ندرس فكرهم حتى أننا في تجارب الحياة نلقي مسؤولية الأمور الغريبة على "الجن" ولا ندرس الأسباب الكامنة في أنفسنا ، وفي السياسة نلقي مسؤولية فشلنا على الغرب وهكذا..... فالمهم لدينا أن تكون لائحة الإتهام جاهزة بالأسماء حتى قبل إجراء التحقيق اللازم وهذا يريحنا إلى أن يحين الوقت الذي نكتشف فيه خطأنا وعندها يكون قد فات الاوان للتغيير نحو الأفضل. وللخروح من دائرة الإتهامات علينا أن نخرج من فكر نظرية المؤامرة ونناقش الأمور كما هي من الوقائع التي توفرت لدينا .
6- الإسكات
في كثير من الحالات يكون لدينا القدرة على إحتواء رأي الآخر ولكننا مع الأسف لا نستخدمها بل نجد من السهل أن نقوم بإسكات الرأي الآخر بحجة أن النقاش منتهي ولا مجال للأخذ والعطاء فيه، وهذا سيؤدي بدوره إلى تداعيات لأنه سيبقى حاضراً وقوياً في فكر المقموع إلى أن تحين لحظة الكلام بعد دهر من الصمت ، تلك اللحظة التي يكثر فيها عدد المؤيدين الصامتين وعندئذ سيكون رد الفعل كالبركان الثائر الذي يدمر بعنف وفي كثير من الأحيان أكثر مما ينبغي.
وهناك قول على غرار الآتي :
كان الأجدى أن نعرف أمراً آخر أكثر نفعاً عوضاً عن الأمر الذي تم التطرق إليه "
وهي وسيلة يستخدمها البعض للحث على عدم التفكير بأمور معينة فلا يريدون منا أن نفكر بها لمبرراتهم المختلفة، وحجب التفكير هو من طبيعة الإرهاب الذي نعيشه في مجتمعاتنا قبل أن يكون ناجماً عن السلطة التي تحكمنا.
7- سلطة المعتقد
مشكلتنا ليست مع الدين وإنما مع من يدعون أنهم موكلون (من الله) في تطبيقه ، فدائماً ما تتطابق أوامرهم مع مصلحة بقائهم في السلطة التي يستمدونها من رعاياهم الذين نجحوا في غسل أدمغتهم ليصلوا بهم إلى ما يشبه متلازمة ستوكهولم عبر القمع والترهيب بالعقوبات والترويج لأجنداتهم (الدينية ) خلال الزمن فأوامرهم غير خاضعة للنقاش لأنها مستمدة من الكتب السماوية وآثار المرسلين وما كتبه السلف والتي نجحوا في تأويلها وفق وجهة نظرهم التي تدعم سلطتهم ، وهذا يشبه إلى حد بعيد ذلك العصر الذي سيطرت فيه الكنيسة على فكر الاوربيين في العصور الوسطى مما نتج عنه فيما بعد ردود فعل عظيمة شهدناها في انتشار أفكار الفلسفة المادية وأحياناً الخارجة من كل قيد وما زالت آثاره بادية في الفكر المعاصر، فهل علينا أن نكرر التاريخ ؟ العملية باختصار هي (فعل) ماضي و (رد فعل) مستقبلي يعاكسه وكثيراً ما يكون أكثر إستدامة وأعنف لأنه ولد من رحم الإضطهاد.
8- الشخصنة
غالباً ما يكون الهدف من الحوار هو تسجيل نقاط على المتحاور معنا بدلاً من أن يكون تفاعلاً موضوعياً مع الأفكاره التي يطرحها ، وغالباً ما يكون الهجوم في غير محله فعندما نسمع نقداً يوجه إلينا بخصوص نقطة (أ) لا نرد عليها بل نلتف لنسدد هجومأً في نقطة (ب) لأن هدفنا ليس الوصول إلى الحقيقة وإنما إحراج المتحاور معنا أو لتحقيق نصر شخصي يغري شعورنا العالي بالفردية المتحكمة، وتصل درجة لاإستفزاز في بعض الأحيان إلى المشاجرة أو التلفظ بالشتائم .
9- الحقيقة ليست الهدف
ما هي حقيقة هدفنا المسبق قبل الحوار في قضية ما ؟ هل يقتصر فقط على الدفاع عن وجهة نظرنا حولها ؟ أم أنه يتخطى ذلك ليشمل معرفة المزيد من الآراء الأخرى حولها وبالتالي الحصول على معلومات أكثر حولها للإقتراب مما نعتقد أنه "الحقيقة" أو جانب منها على الأقل عندما لا يتوفر لدينا معلومات كافية عنها، للأسف نلاحظ أن معظم المناقشات تكون لفرض رأي على رأي آخر وليس لاستفادة رأي من رأي آخر، فتخذ شكل المعركة بدلاً أن تكون تعديل مسارات في التفكير للوصول إلى الحقيقة، وتعديل الرأي لن ينال من مكانتنا إن اتضحت لنا الحقيقة أو رأينا فيها أوجه لم يكن بوسعنا أن نراها من منظورنا إلا بعد إطلاعنا على رأي الآخرين.
10- السيد "أعرف"
لا يمكن لأي شخص أن يحيط بكل مناهل المعرفة على نحو كاف مع أن بعض الأشخاص قد يمتلك معارف واسعة في العديد من المجالات في العلوم والتاريخ وغيرها. وقد نغتر أحيانأً بما نملكه من معارف فنشارك في الحوار بثقة زائدة وكأننا مختصون في ذلك الحقل من العلم فنعطي تفسيرات وتحليلات لأمور لم نعشها أو حتى لم نطلع عليها فتأتي مشاركاتنا لتزيد من التشتت في مسار النقاش وسرعان ما نكتشف أننا شاركنا عن جهل ، وفي هذه الحالات يكون الصمت والإصغاء أو القراءة أفضل أو الإكتفاء بطرح الأسئلة عن الامور الجديدة التي لم يسبق لنا الإطلاع عليها شرط عدم الخروج من محور الموضوع المطروح. المشكلة أننا يصعب علينا قول :" لا أعرف" ولا أعتقد أن هذا القول سيضعف من مكانتنا العلمية.
11- الإلتفاف
الإلتفاف هو الهروب المتعمد من مناقشة فكرة من الحوار ويحدث عادة بعد أن يطرح السائل سؤالاً فتأتي الإجابة في غير محلها لتناقش أمراً قريباً من محور الموضوع مع أنه بعيد عن الإجابة المطلوبة أو المفترضة عن السؤال. وغالباً ما يتخذ الجواب الملتف شكلاً هجومياً بدلاً من الدفاع لدرء تهمة موجهة في السؤال ونشاهد ذلك بكثرة في حديث السياسيين أمام وسائل الإعلام.
أسباب الإلتفاف عديدة ومنها تحاشي إجابة ذات حجة ضعيفة أو محرجة للشخص للشخص المجيب أو لمكانته أو أنها تتجاوز حدود معرفته لكن يصعب عليه قول :" لا أعرف". وقد يكون الهدف من الإلتفاف هو أن ينسى الذي طرح السؤال موضوع السؤال فيخوض في أمر آخر، والإعلامي الناجح قادر على إختيار تلك الأسئلة المحرجة. الإلتفاف ليست صفة خاصة بالعقل العربي ولكننا نجدها في كل زمان ومكان.
وأخيراً .... لا بد من الإختلاف بين أفكار الناس لكن علينا أن نتعلم أولاً كيف نختلف ونغرس آداب الحوار في أبنائنا وبناتنا لكي نحجز مكاناً لنا تحت الشمس ولنكسب إحترام العالم بفكرنا وثقافتنا التي تنعكس في تصرفاتنا وأفعالنا مع بعضنا البعض ، وهي القوة الداخلية التي نستمد منها تطورنا ومواكبتنا لفكر العالم ومتغيراته، بينما "الإتفاق الظاهري" الغير مبني على قوة الإقناع بل على العاطفة والإنتماءات الموروثة لا يخلق قوة بل يكون كالطبل كبير في حجمه وأجوف في قلبه وسرعان ما يتهاوى عند أول امتحان مع متغير جديد ..