منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By محمد العلياني
#53023
إن ظاهرة الاستقرار السياسي هي ظاهرة معقدة؛ لكون العوامل التي تؤدي إليها ‏متعددة ومختلفة، إلا أنه في فترات معنية قد تظهر أهمية لواحد من العوامل على غيره. ويمكن ‏لنا إجمال العوامل المؤدية إلى ظاهرة الاستقرار السياسي كالتالي:‏
‏1- التكامل القومي ‏
إن ظاهرة التعددية المجتمعية هي ظاهرة عالمية، لكن الفارق بين الدول في هذا العدد ‏هو استراتيجيات النخب الحاكمة في التعامل مع هذه الظاهرة، فبعض الدول نجحت في تبني ‏استراتيجيات صحيحة وحولت هذه التعددية إلى عنصر إثراء وقوة، والبعض الآخر فشل في ‏ذلك وحصد مزيداً من عوامل عدم الاستقرار السياسي، كحال أغلب الدول العربية.‏
‏2- تجانس الثقافة السياسية‏
يعد مفهوم الثقافة السياسية مفهوم حديث نسبياً في علم السياسة، فقد استخدمه الأستاذ ‏الأمريكي "غابرييل ألموند" لأول مرة في عام 1956 كبعد من أبعاد تحليل النظام السياسي. ‏ومن بين التعريفات المختلفة التي أوردها دارسوا السياسات المقارنة(النظم السياسية)، ذلك ‏الذي يصفها بأنها "منظومة القيم والأفكار والمعتقدات المرتبطة بظاهرة السلطة في المجتمع".‏
وتمثل الثقافة السياسية فرعاً من الثقافة العامة للمجتمع، ولكن بدورها تتضمن عديداً ‏من الثقافات الفرعية التي تختلف باختلاف الأجيال والمهن والبيئات، وأحياناً تختلف الثقافة ‏السياسية ضمن الشريحة الواحدة، فالمدنيون أو الصفوة المدنية أكثر انفتاحاً على تنوع المجتمع ‏وتبايناته، في حين أن العسكريين أو الصفوة العسكريين تؤمن بقيم النظام والوحدة. ‏
أما تأثير التجانس الثقافي على الاستقرار السياسي، فالبعض يعتبر أن التجانس في الثقافة ‏السياسية أحد العوامل الأساسية التي تدفع إلى التكامل القومي والذي يدفع بدوره إلى الاستقرار ‏السياسي، وهناك البعض الآخر الذي لا يقيم وزناً للتجانس في الثقافة السياسية في التأثير على ‏الاستقرار السياسي، وهؤلاء يتحدثون عن أن المصلحة الاقتصادية كانت هي العامل الأساسي ‏في وحدة الدول الأوروبية، إلا أن قسماً من هذا الفريق قد أعاد النظر في المسألة وطرح ‏طرحاً شبيهاً بالاتجاه القائل بوجود علاقة تأثير، ويمكن إيجازه أن المصالح البرغمانية التي لا ‏يدعمها ارتباط إيديولوجي أو فلسفي تكون مصالح وقتية معرضة للزوال.‏
‏3- الديمقراطية‏
إن الديمقراطية تعد من أهم عوامل الاستقرار السياسي، ذلك لأن التداول السلمي ‏للسلطة، ووجود برلمان يمثل مختلف القوى والأحزاب والفئات الاجتماعية، وإقرار صيغة ‏التعددية السياسية والحزبية، وسيادة القانون، يدفع الفرد إلى المشاركة السياسية والتي تستند ‏عليها الشرعية.‏
‏4- التفاوت الاقتصادي والاجتماعي‏
إن تزايد حدة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الجماعات يؤدي إلى الحرمان ‏النسبي، والذي بدوره يؤدي إلى الشعور بالإحباط والاضطهاد على المستوى الفردي، ‏والغضب الاجتماعي والسخط العام على المستوى الجماعي، مما يدفع الجماعات إلى العنف ‏ضد النظام وقياداته الأمر الذي يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي.
واستمرار التفاوت الاقتصادي والاجتماعي يؤدي إلى تفجير التناقضات والانقسامات ‏القائمة مما يقود إلى اضطرابات عنيفة في أشكال شتى: حركات انفصالية،حروب أهلية ‏وغيرها، كما حدث في لبنان عام 1958, 1975. ‏
‏5- الفعالية السياسية‏
إن النظام السياسي الذي يتمكن في تغيير سياساته وقراراته (مخرجاته) بحسب ديفيد ‏إيستون إزاء التغييرات الاقتصادية والاجتماعية الحاصل في بيئته الداخلية هو النظام الذي ‏يستطيع تحقيق شرعيته ويضمن الاستقرار السياسي، أما إذا كانت مؤسسات النظام غير قادرة ‏على الاستجابة للتغيرات في البيئة الداخلية فإن ذلك سيكون مدعاة إلى عدم الاستقرار ‏السياسي. ‏
ملاحظة: هدف المقالة شيء وحيد، وهو تسهيل الأمرعلى دارسي السياسات المقارنة للحصول ‏على المعلومة من شبكة الانترنيت دون كثير من العناء، لذا فالأفكار الواردة هي من نتاج كبار ‏أساتذة النظم السياسية ، وليس للكاتب سوى جهد التنسيق. اقتضى التنويه للأمانة العلمية.‏