- الثلاثاء يوليو 24, 2012 7:18 pm
#53371
لا يمكن تفسير حركات الاحتجاج والثورات في العالم العربي الا بأن تلك النظم تعاني من ازمة شرعية حادة . والازمة يمكن اعتبارها نقطة تحول في متوالية من الاحداث والأفعال, وهي موقف تكون فيه الحاجة ملحة لممارسة الأطراف لفعل ما وتكون أطراف الأزمة وغاياتهم موضعاً للتهديد , كما أن العواقب الناتجة عن الأزمة تشكل مستقبل اطرافها, وتصاحب الازمة سلسلة من الاحداث التي تفرز منظومة جديدة من الظروف كما تتولد عنها حالة من عدم اليقين تفرض نفسها على كل من عمليتي تقييم الموقف, وتحديد بدائل التعامل معه.
وتقلل الازمة من القدرة على السيطرة على الاحداث وآثارها كما تؤدى إلى رفع حالة التوتر والاضطراب بين الاطراف وتكون المعلومات المتاحة لاطراف الازمة غير وافية غالبا , كما تزيد الأزمة من ضغط الوقت على الاطراف المعنية بها وتتميز الأزمة باحداث تغييرات في العلاقات بين أطرافها كما تؤدي إلى رفع حالة التوتر بين الأطراف المعنية بها, والأزمة طبقا لهذا التعريف هي لحظة احتقان تاريخي في النظام يتعين التعامل السريع معها لتجاوزها .ولكني لا اميل الى هذا التعريف على وجاهته, وقد ينصرف لخصائص الازمة في مجال العلاقات الدولية اكثر منه لأزمة نظام سياسي ولعل تحليل ديفيد ايستون للأزمة في النظام السياسي في تحليله الذي يربط فيه بين مفهوم الأزمة ومفهومين آخرين هما مفهوم الاجهاد "Stress" ومفهوم الاستمرارية أو البقاء "Persistence" .المفهوم الأول يشير الى الظروف التي تتحدى أو تهدد قدرة النظام على البقاء, وهي احداث أو انشطة تنبع من احد مصدرين : البيئة الخارجية للنظام او من داخل النظام نفسه.
وتفرض تلك الاحداث بما ينطوي عليه من خلل او اضطراب disturbance خطراً على قدرة النظام على البقاء.
المفهوم الثاني وهو البقاء, فهو يتجاوز مجرد استمرار أبنية او اشكال وعلاقات معنية قائمة وينصرف إلى استمرارية طريقة أو منهج عمل النظام وعمليته الحيوية الرئيسية.
"Fundamental life process of a political system" والتي تعني طرق واساليب التخصيص السلطوي للقيم .
وطبقا لهذا التحليل, فإن الأزمة تظهر عندما يواجه النظام في لحظة معينة ضغوطاً أو اعباء قد تهدد العملية الحيوية للنظام بحيث يصبح استمراره مهدداً حيث يواجه أزمات تعرض بقاءه للخطر رغم ما يتمتع به من شرعية في حي¯ن تعاني نظم بعينها من تدهور لشرعيتها في حين تتوافر لها عوامل البقاء والاستمرارية.
إلا ان البعض يربط بين النظام السياسي لدولة ما وطبيعة الجسد الاجتماعي فيها, حيث ان النظام السياسي يعكس في التحليل الاخير ظروف وأوضاع المجتمع بما يتضمنه من تناقضات طبيعية واختلافات عرقية وتنوعات لغوية وولاءات اقليمية, والنظام السياسي مرآة تنعكس عليها ظروف المجتمع إلا أن ذلك يجعله وكأنه مجرد متغير نابع من الظروف الاجتماعية في حين ان الوضع السائد في الدول النامية هو أن النظام السياسي يقوم بدور فعال وكمتغير مستقل بتطوير الاط¯¯¯ار الاجتماعي لصالح المثل العليا او ايديولوجية النخب الحاكمة .
فالصحيح ان اختلال العلاقة بين مدخلات النظام السياسي وقدرة مؤسسات النظام على تحويل واستيعاب هذه المدخلات والتعبير عنها في شكل قرارات وسياسات هي التي تسبب الأزمة .
الأزمة تحدث إما نتيجة لازدياد حجم المدخلات عما تعودت المؤسسات على مجابهته ومواجهته وبشكل يفوق قدرتها وإما نتيجة لظهور مدخلات ( مشكلات وقضايا ومطالب) من نوع جديد لم يعتد عليها النظام من قبل وفي كلتا الحالتين , فان الازمة تتضمن ظهور موقف لا يستطيع النظام مواجهته في اطار توازناته القائمة ومن ثم يتعرض النظام السياسي للتغيير او عدم الاستقرار.
النظم السياسية العربية تتعرض لازمات حادة في الشرعية لاسباب كثيرة, منها شيوع الفساد وافتقاد الحكم الديمقراطية وما يترتب عليهما, علاوة على عدد من الاسباب الجوهرية الاخري واهمها: انخفاض مستوى المؤسسية السياسية, فالمؤسسات التي قامت لتكون واسطة بين المواطن والنظام السياسي بقصد تحقيق الحماية للمواطن, والحفاظ على حقوقه, وتحقيق مصالحه, قد انقلبت لتكون اداة في ايدي فئة من المجتمع لتبرير المشاريع غير الشعبية ولا تعبر عن الحكم الصالح الذي تنشده غالبية المواطنين, واحزاب ضعيفة افقدها مفهوم الحزب معنى المنظمة غير الرسمية الوسيطة التي تجمع المصالح, وتعبر عنها وتسعى إلى تحقيقها المؤسسات التي كانت وسيلة النظم السياسية العربية لكسب الشرعية وتعاطف الجماهير معها برفع شعارات براقة مثل الديمقراطية, ودولة المؤسسات, والحرية والاحزاب, وسيادة الشعب, مما جعل تلك المؤسسات تمثل اطاراً شكليا لا يتفاعل معه الشعب ولا تلتزم به النظم الحاكمة, وما دورها الا كسب نوع من الواجهة الشرعية للنظم السياسية على اعتبار انها نظم دستورية تلتزم بمؤسسات معينة تمارس من خلالها السلطة, وتضفي على حكم الفرد أو الأقلية واجهة شعبية تقوم على اصطناع الرضا وخلق المشاركة الزائفة . فتلك المؤسسات لم تحقق اهداف المجتمع ورضا مواطنيه .
مع ارتفاع مستوى عدم الاستقرار السياسي, فالنظام السياسي المستقر هو النظام الذي ينظر اليه الأفراد بوصفه شرعياً وفعالاً يمتلك القوة والمقدرة على اشباع مطالب وحاجات المجتمع كما تتوافر لديه المرونة الكافية للتكيف مع الظروف المتغيرة ومنها ظروف التحولات من النظام الدولي وعندما تتحقق الشرعية فإنها تكون اكثر العناصر فاعلية في تبرير اسلوب وطريقة ممارسة السلطة, وهي من العوامل المهمة التي تحول دون قيام محاولات عنيفة لتغيير النظام, تترتب على تدهور الشرعية مجموعة من الآثار تمثل في مجملها ظاهرة عدم الاستقرار السياسي وازاء ذلك لا يجد النظام الذي يعاني من تدهور شعبيته س¯¯¯¯¯وى طريقين: السعي الى استيعاب الموقف الجديد عن طريق اتباع سياسات اصلاحية جزئية, وتغيير بعض عناصر النخبة الحاكمة, ونجاح هذه السياسات يتوقف على حدة التدهور في هذه الشرعية, او اللجوء إلى العنف حيث يعمل النظام على ضرب القوى المعارضة, واعتقال قادتها, وقد يلجأ الى قوى أجنبية لتدعيم امكانياته القهرية والأمنية .
ويمكن تحديد بعض مؤشرات الاستقرار السياسي على النحو التالي :
(1) قدرة النظام على المواءمة بنجاح بين ظروف البيئة المتغيرة داخليا وخارجياً ( القدرة على التكيف).
(2) الاتفاق في الرأي بين القيادات السياسية والاجتماعية وبين افراد المجتمع (التكامل السياسي).
(3) عدم اللجوء إلى العنف.
(4) شرعية النظام السياسي.
(5) الاستقرار الحكومي.
وكل هذه المؤشرات منخفضة في النظم السياسية العربية .
علاوة على الاطار العام لعلاقاتها الاقتصادية الدولية وما يتسم به من اعتماد شبه مطلق على العالم الخارجي في كل شيء بدءاً بالمواد الغذائية وانتهاء بالتسليح.
ونتيجة لكل هذا, نشهد ما نشهده من ثورات شعبية تقيم اسس شرعيات جديدة تقوم على المؤسسات الديمقراطية.
وتقلل الازمة من القدرة على السيطرة على الاحداث وآثارها كما تؤدى إلى رفع حالة التوتر والاضطراب بين الاطراف وتكون المعلومات المتاحة لاطراف الازمة غير وافية غالبا , كما تزيد الأزمة من ضغط الوقت على الاطراف المعنية بها وتتميز الأزمة باحداث تغييرات في العلاقات بين أطرافها كما تؤدي إلى رفع حالة التوتر بين الأطراف المعنية بها, والأزمة طبقا لهذا التعريف هي لحظة احتقان تاريخي في النظام يتعين التعامل السريع معها لتجاوزها .ولكني لا اميل الى هذا التعريف على وجاهته, وقد ينصرف لخصائص الازمة في مجال العلاقات الدولية اكثر منه لأزمة نظام سياسي ولعل تحليل ديفيد ايستون للأزمة في النظام السياسي في تحليله الذي يربط فيه بين مفهوم الأزمة ومفهومين آخرين هما مفهوم الاجهاد "Stress" ومفهوم الاستمرارية أو البقاء "Persistence" .المفهوم الأول يشير الى الظروف التي تتحدى أو تهدد قدرة النظام على البقاء, وهي احداث أو انشطة تنبع من احد مصدرين : البيئة الخارجية للنظام او من داخل النظام نفسه.
وتفرض تلك الاحداث بما ينطوي عليه من خلل او اضطراب disturbance خطراً على قدرة النظام على البقاء.
المفهوم الثاني وهو البقاء, فهو يتجاوز مجرد استمرار أبنية او اشكال وعلاقات معنية قائمة وينصرف إلى استمرارية طريقة أو منهج عمل النظام وعمليته الحيوية الرئيسية.
"Fundamental life process of a political system" والتي تعني طرق واساليب التخصيص السلطوي للقيم .
وطبقا لهذا التحليل, فإن الأزمة تظهر عندما يواجه النظام في لحظة معينة ضغوطاً أو اعباء قد تهدد العملية الحيوية للنظام بحيث يصبح استمراره مهدداً حيث يواجه أزمات تعرض بقاءه للخطر رغم ما يتمتع به من شرعية في حي¯ن تعاني نظم بعينها من تدهور لشرعيتها في حين تتوافر لها عوامل البقاء والاستمرارية.
إلا ان البعض يربط بين النظام السياسي لدولة ما وطبيعة الجسد الاجتماعي فيها, حيث ان النظام السياسي يعكس في التحليل الاخير ظروف وأوضاع المجتمع بما يتضمنه من تناقضات طبيعية واختلافات عرقية وتنوعات لغوية وولاءات اقليمية, والنظام السياسي مرآة تنعكس عليها ظروف المجتمع إلا أن ذلك يجعله وكأنه مجرد متغير نابع من الظروف الاجتماعية في حين ان الوضع السائد في الدول النامية هو أن النظام السياسي يقوم بدور فعال وكمتغير مستقل بتطوير الاط¯¯¯ار الاجتماعي لصالح المثل العليا او ايديولوجية النخب الحاكمة .
فالصحيح ان اختلال العلاقة بين مدخلات النظام السياسي وقدرة مؤسسات النظام على تحويل واستيعاب هذه المدخلات والتعبير عنها في شكل قرارات وسياسات هي التي تسبب الأزمة .
الأزمة تحدث إما نتيجة لازدياد حجم المدخلات عما تعودت المؤسسات على مجابهته ومواجهته وبشكل يفوق قدرتها وإما نتيجة لظهور مدخلات ( مشكلات وقضايا ومطالب) من نوع جديد لم يعتد عليها النظام من قبل وفي كلتا الحالتين , فان الازمة تتضمن ظهور موقف لا يستطيع النظام مواجهته في اطار توازناته القائمة ومن ثم يتعرض النظام السياسي للتغيير او عدم الاستقرار.
النظم السياسية العربية تتعرض لازمات حادة في الشرعية لاسباب كثيرة, منها شيوع الفساد وافتقاد الحكم الديمقراطية وما يترتب عليهما, علاوة على عدد من الاسباب الجوهرية الاخري واهمها: انخفاض مستوى المؤسسية السياسية, فالمؤسسات التي قامت لتكون واسطة بين المواطن والنظام السياسي بقصد تحقيق الحماية للمواطن, والحفاظ على حقوقه, وتحقيق مصالحه, قد انقلبت لتكون اداة في ايدي فئة من المجتمع لتبرير المشاريع غير الشعبية ولا تعبر عن الحكم الصالح الذي تنشده غالبية المواطنين, واحزاب ضعيفة افقدها مفهوم الحزب معنى المنظمة غير الرسمية الوسيطة التي تجمع المصالح, وتعبر عنها وتسعى إلى تحقيقها المؤسسات التي كانت وسيلة النظم السياسية العربية لكسب الشرعية وتعاطف الجماهير معها برفع شعارات براقة مثل الديمقراطية, ودولة المؤسسات, والحرية والاحزاب, وسيادة الشعب, مما جعل تلك المؤسسات تمثل اطاراً شكليا لا يتفاعل معه الشعب ولا تلتزم به النظم الحاكمة, وما دورها الا كسب نوع من الواجهة الشرعية للنظم السياسية على اعتبار انها نظم دستورية تلتزم بمؤسسات معينة تمارس من خلالها السلطة, وتضفي على حكم الفرد أو الأقلية واجهة شعبية تقوم على اصطناع الرضا وخلق المشاركة الزائفة . فتلك المؤسسات لم تحقق اهداف المجتمع ورضا مواطنيه .
مع ارتفاع مستوى عدم الاستقرار السياسي, فالنظام السياسي المستقر هو النظام الذي ينظر اليه الأفراد بوصفه شرعياً وفعالاً يمتلك القوة والمقدرة على اشباع مطالب وحاجات المجتمع كما تتوافر لديه المرونة الكافية للتكيف مع الظروف المتغيرة ومنها ظروف التحولات من النظام الدولي وعندما تتحقق الشرعية فإنها تكون اكثر العناصر فاعلية في تبرير اسلوب وطريقة ممارسة السلطة, وهي من العوامل المهمة التي تحول دون قيام محاولات عنيفة لتغيير النظام, تترتب على تدهور الشرعية مجموعة من الآثار تمثل في مجملها ظاهرة عدم الاستقرار السياسي وازاء ذلك لا يجد النظام الذي يعاني من تدهور شعبيته س¯¯¯¯¯وى طريقين: السعي الى استيعاب الموقف الجديد عن طريق اتباع سياسات اصلاحية جزئية, وتغيير بعض عناصر النخبة الحاكمة, ونجاح هذه السياسات يتوقف على حدة التدهور في هذه الشرعية, او اللجوء إلى العنف حيث يعمل النظام على ضرب القوى المعارضة, واعتقال قادتها, وقد يلجأ الى قوى أجنبية لتدعيم امكانياته القهرية والأمنية .
ويمكن تحديد بعض مؤشرات الاستقرار السياسي على النحو التالي :
(1) قدرة النظام على المواءمة بنجاح بين ظروف البيئة المتغيرة داخليا وخارجياً ( القدرة على التكيف).
(2) الاتفاق في الرأي بين القيادات السياسية والاجتماعية وبين افراد المجتمع (التكامل السياسي).
(3) عدم اللجوء إلى العنف.
(4) شرعية النظام السياسي.
(5) الاستقرار الحكومي.
وكل هذه المؤشرات منخفضة في النظم السياسية العربية .
علاوة على الاطار العام لعلاقاتها الاقتصادية الدولية وما يتسم به من اعتماد شبه مطلق على العالم الخارجي في كل شيء بدءاً بالمواد الغذائية وانتهاء بالتسليح.
ونتيجة لكل هذا, نشهد ما نشهده من ثورات شعبية تقيم اسس شرعيات جديدة تقوم على المؤسسات الديمقراطية.