منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#54578
حدث الصعود الصيني تداعيات عالمية عديدة‏,‏ ولقد كان أول تأثيرات هذا الصعود الصيني سياسيا في العقد الزمني الماضي منصبا علي اليابان‏,‏ فقد تسبب ـ مع عناصر أخري ـ في فوز الحزب الديمقراطي الياباني ‏(‏المعارض‏)‏ في تولي زمام الحكم بعد نصف قرن من حكم الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي أبرمت في عهده معاهدة الأمن المتبادل بين اليابان والولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية‏.‏

أغير أن ذلك يستدعي الي الذاكرة عدة كتابات لمشاهير الكتاب والمفكرين كانت قد ظهرت في السنوات الأخيرة حول موضوع أكثر اتساعا, وهو المدي الزمني الذي سوف تظل فيه الولايات المتحدة قطبا واحدا في ظل انتشارها بحروبها في العراق وأفغانستان. وانقسم هؤلاء الكتاب الي فريقين: أحدهما يقول إن الولايات المتحدة لديها من أسباب القوة ما يمكنها من تجاوز ما حدث لامبراطوريات عتيدة مثل الامبراطورية البريطانية (نحو ثلاثة قرون), والامبراطورية العثمانية (نحو أربعة قرون). ولقد عدد هؤلاء الكتاب تلك المرتكزات علي أنها القوة الاقتصادية حيث بلغ اجمالي ناتجها القومي 14 تريليون دولار, وأنها من الناحية العسكرية, استطاعت الولايات المتحدة الإنفاق علي جيشها عام 2008 نحو 607 تريليونات دولار, وهو ما يمثل نصف اجمالي ما أنفقته دول العالم مجتمعه.
ثم يأتي بعد ذلك التقدم العلمي, فيورد هذا الفريق أنه من بين أعلي عشرين جامعة علي المستوي العالمي تكون كلها ـ باستثناء 3 منها فقط ـ بالولايات المتحدة, وأنه من بين خمسين من مجمل أعلي هذه المستويات الجامعية تقع ـ باستثناء احدي عشرة منها ـ داخل الولايات المتحدة.
لكن الأمور وعلاقات القوي في العالم قد أصابها التغيير. فيري بعض الكتاب المتخصصين أنه في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية, والصعود الاقتصادي والتكنولوجي الصيني المطرد, يصبح من المتوقع بحلول الربع الأول من القرن الحالي أن تحتل الصين المركز الدولي الثاني من إجمالي الناتج القومي, بل ويتوقعون أن يكون هذا الرقم بالنسبة للولايات المتحدة نحو 17.5 تريليون دولار ولا تقل عنه الصين في هذا المجال إلا قليلا. وأنه بحلول عام 2050 تحتل الصين المركز الأول من اجمالي هذا الناتج القومي بمبلغ 70 تريليون دولار في حين يكون هذا الرقم 40 تريليونا بالنسبة للولايات المتحدة.
غير أن من يرجحون الصعود الصيني بهذه الكيفية يرون أنه صار من الواضح أن الصين تعد نفسها اليوم لتولي دور أكثر فاعلية في النواحي المالية العالمية, في ظل أن الأمور المالية الآن تحتل قمة الاهتمامات, وأن هناك اتجاها نحو اصلاح النظام المالي العالمي, فسوف تصبح الصين ـ في تقديراتهم ـ لاعبا مركزيا في أي نظام مالي جديد انطلاقا من الأزمة المالية الراهنة
وقد أوضحت الصين من جانبها أنها ترمي الي أن تكون شريكا فاعلا في العملية الاقتصادية والمالية العالمية. علي أن أكثر المقترحات جرأة من جانب الصين هو اقتراحها بوجود عملة عالمية ترتكز علي حقوق السحب الخاصة, والتي يمكن ـ بمرور الوقت ـ أن تحل محل الدولار باعتبارها عملة الاحتياطي المنشودة. وربما تجد الولايات المتحدة أن العقوبات التي تفرضها ضد دول مثل إيران, وكوريا الشمالية لم تعد تحمل نفس التهديد, لأن محاولة التوصل الي التمويل بالدولار لم تعد بتلك الأهمية بالنسبة لها.