- الأربعاء نوفمبر 07, 2012 6:56 pm
#54803
في زمن تكاثرت فيه الفتن، وازداد فيه المتعالون، وغلب فيه اتباع الهوى، وظهرت فيه التغريدات، وفار تنور الفضائيات، يجد المرء العاقل نفسه في حاجة ما لأن يسمع أو يقرأ لعقلاء الرجال ثم يعرض ذلك على ما هو عليه، فإما أن يزداد ثباتا على أمر هو قائم به، أو يتحول عن خطأ كان يظنه صوابا.
وأيوب بن القرِّية أعرابي أمي فصيح مفوه، يضرب ببلاغته المثل، واسم أبيه يزيد بن قيس، والقرية أمه، وغلبت نسبته إليها.
قال أهل التاريخ: كان ابن القرية من أكابر أهل زمانه فطنة وعلما، دخل على الحجاج بن يوسف فسأله الحجاج وقال له: «ما الكفر؟ قال: البطر بالنعمة، واليأس من الرحمة، فقال ما الرضا؟ قال: الثقة بقضاء الله والصبر على المكاره، فقال: ما الحلم؟ قال: إظهار الرحمة عند القدرة والرضا عند الغضب، فقال: ما الصبر؟ قال: كظم الغيظ والاحتمال لما يراد، فقال ما الكرم؟ قال: حفظ الصديق وقضاء الحقوق، فقال: ما القناعة؟ قال: الصبر على الجوع والعري عن اللباس، فقال ما الغنى؟ قال: استعظام الصغير واستكثار القليل، فقال: ما الرفق؟ قال: إصابة الأشياء الكبيرة بالآلة الصغيرة الحقيرة، فقال ما الحمية؟ قال: الوقوف على رأس من هو دونك، فقال: ما الشجاعة؟ قال: الحملة في وجوه الأعداء والكفار، والثبات في موضع الفرار، فقال: ما العقل؟ قال: صدق المقال وإرضاء الرجال، فقال: ما العدل؟ قال: ترك المراد وصحة السيرة والاعتقاد، فقال: ما الإنصاف؟ قال: المساواة عند الدعاوى بين الناس، فقال: ما الذل؟ قال: المرض من خلو اليد والانكسار من قلة الرزق، فقال: ما الحرص؟ قال: حدة الشهوة عند الرجال، فقال: ما الأمانة؟ قال: قضاء الواجب، فقال: ما الخيانة؟ قال: التراخي مع القدرة، فقال: فما الفهم؟ قال: التفكر وإدراك الأشياء على حقائقها».
ومما يروى من كلامه وحكمته، ما ذكره ابن عبد البر في كتابه «جامع بيان العلم وفضله»، إذ قال: «وقال أيوب ابن القرية: أحق الناس بالإجلال ثلاثة: العلماء والإخوان والسلاطين، فمن استخف بالعلماء أفسد دينه، ومن استخف بالإخوان أفسد مروءته، ومن استخف بالسلطان أفسد دنياه، والعاقل لا يستخف بأحد».
قال: «والعاقل: الدين شريعته، والحلم طبيعته، والرأي الحسن سجيته» ا.هـ.
ينبغي أن ندرك أن ثمة فرقا بين من يتحدث بقدر وقد جرب الأيام وخاض معترك الحياة، وألجمته التقوى ورزق الإنصاف، وغيره ممن لم يرزق من ذلك شيئا.
وإن كان عند البعض مزيد فضل وجمال لغة وحسن سبك، وأهم الأشياء أن ندرك أنه ليس كل شيء يحسن مخاطبة العامة به.
وأيوب بن القرِّية أعرابي أمي فصيح مفوه، يضرب ببلاغته المثل، واسم أبيه يزيد بن قيس، والقرية أمه، وغلبت نسبته إليها.
قال أهل التاريخ: كان ابن القرية من أكابر أهل زمانه فطنة وعلما، دخل على الحجاج بن يوسف فسأله الحجاج وقال له: «ما الكفر؟ قال: البطر بالنعمة، واليأس من الرحمة، فقال ما الرضا؟ قال: الثقة بقضاء الله والصبر على المكاره، فقال: ما الحلم؟ قال: إظهار الرحمة عند القدرة والرضا عند الغضب، فقال: ما الصبر؟ قال: كظم الغيظ والاحتمال لما يراد، فقال ما الكرم؟ قال: حفظ الصديق وقضاء الحقوق، فقال: ما القناعة؟ قال: الصبر على الجوع والعري عن اللباس، فقال ما الغنى؟ قال: استعظام الصغير واستكثار القليل، فقال: ما الرفق؟ قال: إصابة الأشياء الكبيرة بالآلة الصغيرة الحقيرة، فقال ما الحمية؟ قال: الوقوف على رأس من هو دونك، فقال: ما الشجاعة؟ قال: الحملة في وجوه الأعداء والكفار، والثبات في موضع الفرار، فقال: ما العقل؟ قال: صدق المقال وإرضاء الرجال، فقال: ما العدل؟ قال: ترك المراد وصحة السيرة والاعتقاد، فقال: ما الإنصاف؟ قال: المساواة عند الدعاوى بين الناس، فقال: ما الذل؟ قال: المرض من خلو اليد والانكسار من قلة الرزق، فقال: ما الحرص؟ قال: حدة الشهوة عند الرجال، فقال: ما الأمانة؟ قال: قضاء الواجب، فقال: ما الخيانة؟ قال: التراخي مع القدرة، فقال: فما الفهم؟ قال: التفكر وإدراك الأشياء على حقائقها».
ومما يروى من كلامه وحكمته، ما ذكره ابن عبد البر في كتابه «جامع بيان العلم وفضله»، إذ قال: «وقال أيوب ابن القرية: أحق الناس بالإجلال ثلاثة: العلماء والإخوان والسلاطين، فمن استخف بالعلماء أفسد دينه، ومن استخف بالإخوان أفسد مروءته، ومن استخف بالسلطان أفسد دنياه، والعاقل لا يستخف بأحد».
قال: «والعاقل: الدين شريعته، والحلم طبيعته، والرأي الحسن سجيته» ا.هـ.
ينبغي أن ندرك أن ثمة فرقا بين من يتحدث بقدر وقد جرب الأيام وخاض معترك الحياة، وألجمته التقوى ورزق الإنصاف، وغيره ممن لم يرزق من ذلك شيئا.
وإن كان عند البعض مزيد فضل وجمال لغة وحسن سبك، وأهم الأشياء أن ندرك أنه ليس كل شيء يحسن مخاطبة العامة به.