- الاثنين نوفمبر 26, 2012 8:48 pm
#55419
مفاتيح القرار و الغرف المعتمة!
لا يجدي حساب المائة يوم، أو عام أو ما دونهما، لتقييم عمل حكومة في وضع انتقال سياسي ودستوري مثل الذي يعرفه المغرب، منذ تسلم الإسلاميين المعتدلين المنتسبين لـ"حزب العدالة والتنمية" مقاليد السلطة الحكومية.
عبد الإله بن كيران
إسلاميو “العدالة والتنمية” هم شركاء في الحكم إلى جانب ثلاثة أحزاب أخرى، أقدم منهم زمنيا ورسوخا في الممارسة الحزبية، يتعلق الأمر بـ “الاستقلال” القريب منهم إلى حد ما، فكريا وعقائديا، و “الحركة الشعبية” التي تتبنى مرجعية هجينة فيها شكل مبهم من الليبرالية الاقتصادية والاجتماعية، معتمدة على قاعدة انتخابية منتشرة اساسا في الأرياف، وخاصة في المناطق المتحدثة باللسان الأمازيغي.
أما المكون الثالث في التحالف، فهو النقيض الايديولوجي للإسلاميين، ممثلا في حزب التقدم والاشتراكية الذي هجر اسمه التاريخي “الحزب الشيوعي” قبل انهيار المعسكر الشرقي، وأخضع أسس التنظيم الفكرية لسلسلة متتالية من المراجعات، قربت الماركسيين المغاربة كثيرا من حدود أحزاب “الاشتراكية الديمقراطية” تلك التي تؤمن بالعدالة الاجتماعية من دون حاجة إلى تأجيج الصراع بين الطبقات بقيادة “البروليتاريا” للاستيلاء على وسائل الإنتاج وفق التحليل الماركسي الحرفي.
هذا المزيج الحزبي (ليبرالية، اشتراكية، إسلام وجرعة من التكنوقراط) ليس غريبا على المشهد السياسي في المغرب فقد جربه منذ عقود، من دون أن يتسبب في نشوب أزمات حكومية. ارتضاه على سبيل المثال، شيخ المعارضين، عبد الرحمن اليوسفي، بتشجيع ودعم واضح من الملك الراحل الحسن الثاني، ما سهل على الأول تشكيل حكومة التناوب التوافقي الأولى عام 1998، فمهدت لانتقال ديمقراطي هادئ وسلس، انسحبت بمقتضاه “الأحزاب الإدارية” التي طالما استأثرت بقسط كبير من مغانم السلطة، ثم حان الوقت لتترك مقاعدها الوثيرة لأحزاب المعارضة التي ناصبت الحكم “العداء” السياسي لعقود من الزمن، متحينة فرصتها بأساليب متراوحة بين التصعيد في الشارع تارة، وانتهاج الواقعية وتليين الخطاب تارة أخرى، تغليبا منها للمصلحة العامة العليا، وعدم تجاوز الخطوط الحمر، ضمانا لاستقرار البلاد ووحدتها.
وكما قيل في حينه، على لسان طائفة من المحللين السياسيين من المغرب وخارجه، فإن الحكومة التي قادها اليوسفي، أعطت الدليل على أن النظام الملكي في المغرب، منفتح ومرن وبراغماتي، لا يرى ضيرا، مضطرا أو عن طيب خاطر، في تقديم تنازلات سياسية معقولة، تجعله يتقاسم السلطة مع أحزاب تربت خارج معطفه حتى ولو أظهرت له نوعا من العقوق.
حدث ذلك في إطار تعاقد وتراض سياسي واجتماعي غير مكتوب، بين الطرفين، مهد لوضع سياسي أفضل من السابق. وهو ما تحقق بشكل نسبي وفي فترات ماضية، وبصورة أكبر واقوى في ظل عهد الملك محمد السادس.
بهذا الاعتبار يمكن القول إن ورش الإصلاح الدستوري والمؤسساتي، تم الشروع فيه بخطى وئيدة في المغرب، قبل حلول فصل “الربيع الديمقراطي العربي” وتحديدا منذ قيام حكومة عبد الرحمن اليوسفي، ما مكن المعارضة حينئذ من الاستئناس والتدرب على ممارسة الشأن العام وطي صفحة الخلاف مع القصر واستبدالها بمساحة للتفاهم بين الجانبين، رغم المرارة التي أحس بها اليوسفي، بعد أن أجبر على التخلي عن حقه في تشكيل حكومة ثانية بموجب انتصار حزبه في الانتخابات. لقد أول الدستور السابق لغير صالحه.
التصالح والإصلاح
دفعت عدوى “الحراك” الاجتماعي التي عمت أنحاء من العالم العربي، مسلسل التصالح والإصلاح في المغرب وأمكن التسريع بتغييرات سياسية غير مسبوقة منذ استقلال البلاد، أعادت إلى الأذهان مطالب الحركة اليسارية الممثلة في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي تمسك قادته المؤسسون الكبار، منذ بداية عقد الستينات من القرن الماضي، بمطالب جذرية من قبيل ضرورة صياغة دستور ديمقراطي، يؤسس لملكية برلمانية، يكتبه مجلس تأسيسي منتخب، يحفظ للملك صلاحيات رمزية في مجالات محددة، لكنه في المقابل يمنح للحكومة سلطة وحرية التصرف في تدبير الشأن العام، تنال ثقتها من المؤسسة التشريعية وليس من الملك. تلك المطالب هي التي سببت بمعنى من المعاني القطيعة زمنا، بين الملك الحسن الثاني وحزب المهدي بنبركة. الأول رأى فيها استهدافا للنظام الملكي، والثاني اعتبرها تطورا ديمقراطيا طبيعيا، يبعد عن الملكية التورط في الشأن العام.
ومن هنا يجوز القول إن الشعارات التي رفعت في ساحات المدن المغربية عام 2011 هي، في روحها وجوهرها، وقبل “الربيع العربي”، مشابهة لشعارات القوى الديمقراطية المغربية المعارضة، خلال ما يقرب من أربعة عقود، توجت بإشراكها في تدبير الشأن العام منذ تأليف حكومة اليوسفي.. إنها سيرورة سياسية لم تتوقف.
وفي غضون ذلك، تجاوب العاهل المغربي مع الرغبات العميقة للمغاربة، وخاصة فئات الشباب المتعلم، الذين تطور وعيهم نتيجة اجواء الحرية والتعددية الفكرية التي تشربتها أجيال منهم، وبسبب انفتاح المجتمع على الرياح الآتية من أوروبا القريبة منهم على مسافة كيلومترات لا أكثر، ونتيجة انخراطهم القوي في مجتمع المعرفة الرقمية، الذي فاجأ مداه وانتشاره كثيرا من المغاربة.
إصلاحات كبرى
إن الإصلاحات الكبرى والجريئة التي أقدم عليها الملك محمد السادس، وضمنها في خطابه التاريخي الموجه إلى الأمة المغربية يوم 9 مارس (اذار) 2011، لم يتخذها تحت ضغط قوي من الشارع، بل استشعرها في اللحظة المناسبة، مانعا حدوث أي انزلاق ينجر إليه المتظاهرون المحتجون، انسياقا مع تداعيات الأجواء المحمومة التي سادت في عدد من الأقطار العربية، مشرقا ومغربا، وخلفت ضحايا وخسائر مادية جسيمة وتعطيل الماكينة الاقتصادية وتلاشي صورتها في الخارج، وكأن الثورات انقلبت إلى ضدها.
ومن العوامل التي سهلت الإقدام على تلك الخطوة المهمة والشجاعة، أن ملك المغرب، أظهر منذ تبوئه مقاليد الحكم، نزوعا واضحا نحو الحداثة السياسية وتنظيف دواليب الدولة من صدأ السنين. ركز على ذلك بقوة في خطبه المتكررة، وفي تحركاته الميدانية، وبالتالي فقد كان منسجما مع نفسه، وفيا لقناعات راسخة في ذهنه استقاها من التأمل في تجربة والده.
المغرب.. الإسلاميون يتصدّرون المشهد
ملك المغرب هو الذي أكد انتهاج سياسة “القرب من المواطنين”، وألح على تحديث الإدارة وتبسيط مساطرها وإصلاح القضاء والتصدي للفساد، مثلما سعى إلى تحقيق عدالة مجالية بين مناطق المغرب فحولها إلى أوراش تشتغل ليل نهار وعلى مدار السنة، لتمكين الجهات والمناطق، وخاصة المهملة والنائية، من البنيات الأساسية اللازمة لأي إقلاع اقتصادي وتقدم اجتماعي لمغرب أراد الملك أن يغير صورته بإيلاء الاهتمام والعناية لتجميل صورة الداخل، خلافا لوالده الراحل الذي سعى بكل ذكائه وخبرته وإشعاع شخصيته الفذة، من أجل وهج المغرب دبلوماسيا في المجال الدولي على حساب الداخل.
تطورت الممارسة الديمقراطية بسرعة أكثر من الماضي في عهد الملك محمد السادس. استطاب المغرب والمغاربة لذة شفافية صناديق الاقتراع والقطع شبه النهائي مع الممارسات المعيبة، التي وصمت أغلب الاستحقاقات الانتخابية خلال العقود الأربعة الأخيرة من القرن الماضي.
حفز سياق الانفراج والانفتاح الذي طبع الحياة السياسية في البلاد، الملك محمد السادس، على المضي قدما وبعيدا في تأهيل المجال السياسي وتحديث وتحيين مؤسسات الحكم. هكذا تخلى، خلاف والده، عن حق الانفراد بكتابة الدستور، وأوكل تحرير بنوده إلى لجنة ذات مصداقية فكرية، ضمت ألوان الطيف الحقوقي والأكاديمي والقانوني والحزبي، وشكل إلى جانب تلك اللجنة آلية استشارة سياسية مواكبة. كان التشاور والبحث عن التوافق هاجس الملك.
أسفرت تلك التدابير، في خاتمة المسار، عن وثيقة دستورية وافق عليها الملك، اقل وأكثر ما يقال عنها إنها شرعنت مبدأ تقاسم السلطة بينه وبين والحكومة التي ستستمد ثقتها ومشروعيتها من البرلمان المنتخب، وهو المتمتع، حسب الوثيقة الأسمى، بصلاحيات تشريعية ورقابية واسعة.
وبتعبير أوضح لم يعد الملك يسود ويحكم، بل يتقاسم أعباء الحكم مع شركاء ممثلين في الحكومة المنبثقة عن الإرادة الشعبية، إلى جانب البرلمان والسلطة القضائية التي صارت مستقلة أكثر من ذي قبل عن توجيه الملك والتبعية للحكومة.
نصر انتخابي
في ظل ذلك الخضم الإصلاحي، حقق الإسلاميون، نصرا انتخابيا مبينا، كاد يمنحهم الأغلبية المطلقة، لو جرت الاستشارة الشعبية وفق نمط الاقتراع غير النسبي باللوائح. ولذلك فقد اعتبر حصول حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية الأخيرة، رسالة سياسية دالة وقوية، أوضحت بصورة جلية أن الإصلاحات التي بادر بها وباشرها ملك المغرب كانت ضرورة ولا محيد عنها، لتجنيب البلاد وضعا مضطربا شبيها بالسكتة القلبية التي أحس بخطرها الملك الحسن الثاني في اواخر عقد التسعينات من القرن الماضي، فقرر إشراك المعارضة في السلطة قبل فوات الأوان.
وكما حدث خلال المشاورات الحزبية التي قادها اليوسفي عام 1998 لتشكيل فريقه، فإن رئيس الحكومة الحالي، عبد الإله بن كيران، أخذ ما يكفيه من الوقت، قبل الإعلان عن تشكيلة ائتلافية، قالت روايات متواترة إن الملك لم يتدخل إلا في حدود ضيقة ومقبولة، في تحديد قسماتها ومحتواها وإضفاء سمة معينة عليها، حرصا منه على أن تكون الخطوة الأولى السليمة لتنزيل بنود الدستور الجديد.
الشعارات التي رفعت في ساحات المدن المغربية عام 2011 هي، في روحها وجوهرها، وقبل “الربيع العربي”، مشابهة لشعارات القوى الديمقراطية المغربية المعارضة، خلال ما يقرب من أربعة عقود
أحدث وصول الإسلاميين إلى السلطة في المغرب، انقلابا في العادات والتقاليد السياسية. ألف الناس أن تفوز الأحزاب المعروفة من اليمين واليسار والوسط في الانتخابات، وتتقاسم مقاعد البرلمان بقسمة تكون أحيانا غير عادلة، أما أن يكتسح “حزبيون ملتحون” صناديق الاقتراع، فذلك معطى جديد زرع في النفوس مشاعر متناقضة: خوف راود كثيرين وخاصة المستفيدين من الوضع القائم سياسيا واقتصاديا وهو السائد منذ عقود. خوف أيضا من حزب ذي مرجعية دينية دعوية، ليس لأتباعه خبرة كافية بثقافة تدبير الشأن العام، سيلاقي صعوبة من جيوب المقاومة البيروقراطية على صعيد الإدارة وأيضا خوف من استقواء أتباع العدالة والتنمية، بما يحصل في دول عربية، اكتسح الإسلاميون فيها مكاتب التصويت.
في مقابل الخوف أو الرعب، الذي تم ترويجه بصورة إعلامية تحريضية وعلى نطاق واسع، رفعت قطاعات واسعة من الرأي العام، شعارات التفاؤل، مؤملة الخير من الإسلاميين، ورأت أنه من الحكمة إتاحة الفرصة لهم، حتى لا يتكرر “السيناريو” الجزائري الذي عرفته جارة المغرب الشرقية بداية عقد التسعينات من القرن الماضي، مع فارق نوعي في المشهد السياسي وطبيعة النظام وحضور المؤسسة العسكرية في البلدين الشقيقين.
ملفات مستعجلة
تسرع الحكومة المغربية الحالية، نحو نهاية سنتها الأولى وليس بيدها سجل إنجازات كبير. لقد عرض رئيسها، في عز الصيف، أمام البرلمان حصيلة الأعمال المحققة التي لم تقنع بطبيعة الحال المعارضة، بل اعتبرتها هزيلة. عابت على الحكومة عدم الالتزام بالبرنامج الذي عرضته أمام غرفتي البرلمان، لنيل ثقة ممثلي الأمة، إضافة إلى أن الصحافة المعارضة وحتى المستقلة، في كثير الأحيان، لم تكن رحيمة بالإسلاميين ووجهت النقد الشديد، لمن تسميهم ساخرة “الحكومة الملتحية” مع أن أغلب الوزراء حليقو اللحى وبهندام أوروبي.
تردد المعارضة اليسارية واليمينية، وتلك في حد ذاتها مفارقة، بصوت مرتفع إن فريق “ابن كيران” الوزاري أظهر عجزا بينا وترددا، إن لم يكن تخبطا، حيال معالجة كثير من الملفات المستعجلة ضمنها قضايا الفساد المالي وملفات الريع الاقتصادي.
ورغم أن سهام النقد ضد الحكومة المغربية آتية من مصادر نيران عدة بما فيها الصديقة، فإنها لم تؤثر على تماسكها الشكلي ووحدتها، كما أن عقد الغالبية في البرلمان لم ينفرط بعد، لكن “الحدث” الأكبر غير المسبوق الذي وقع مؤخرا في مدينة طنجة بشمال البلاد، أثار كثيرا من علامات الاستفهام بخصوص مآل التجربة الحكومية الحالية، بل اعتبره محللون منذرا بأزمة تتشكل ملامحها في أفق ملبد بالغيوم.
فقد اتخذ محند العنصر وزير الداخلية، وهو بنفس الوقت أمين عام حزب الحركة الشعبية، قرارا، مهما تكن خلفياته وأسبابه، فإنه يصنف ضمن “منطق العبث السياسي” يتحمل المسؤولية فيه الوزير نفسه، ورئيس الحكومة الذي منع من الخطابة في تجمع لشبيبة حزبه العدالة والتنمية، كانت تعتزم تنظيمه في ساحة عامة بمدينة البوغاز، وكان، ابن كيران قد عاد لتوه من البقاع المقدسة حيث أدى مناسك العمرة.
هي المرة الأولى في تاريخ المغرب المستقل التي يتم فيها حرمان ومنع رئيس الجهاز التنفيذي من مخاطبة الرأي العام أو أنصار حزبه. ربما فرضت التحوطات الأمنية، بناء على تقارير استخباراتية، اتخاذ ذلك الإجراء الفريد من نوعه، في ظل دستور يمنح رئيس الحكومة صلاحيات واسعة، تصل حد طلب اقالة أي وزير لا يرضى عنه في حكومته.
اعتبر حصول حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، رسالة سياسية دالة وقوية، أوضحت بصورة جلية أن الإصلاحات التي بادر بها وباشرها ملك المغرب كانت ضرورة ولا محيد عنها
ماذا يعني حادث طنجة؟ هل يجوز اعتباره مجرد تلويح ببطاقة صفراء، صادرة عن “حكم” المباراة السياسية التي مضى جزء من أشواطها حتى الآن بسلام متوتر، ومن دون إخلال كلي بقواعد اللعبة؟ هل هي لحظة تسبق إخراج البطاقة الحمراء ضد لاعبي حزب العدالة والتنمية، ليطلب منهم بعدها مغادرة الملعب؟
لا يمكن استبعاد أي احتمال بالمرة. فالمباراة السياسية الجارية حاليا بالمغرب، تتحكم فيها وتراقبهاعدة أطراف داخلية وخارجية. يتحرك اللاعبون ويركضون، بحذر بالغ، فوق عشب شبه يابس، وعلى أرضية بها حفرغائرة ونتوءات. لكن الممسكين بخيط اللعبة يتجنبون، طبقا لرغبات وأجندة كل طرف، توقيف “الماتش” خوفا من ردود فعل المتفرجين المتطلعين الى نتيجة المباراة المتشوقين لمعرفة من يفوز بتسجيل الأهداف.
تراكمات وأخطاء
كثيرون، وسط الطبقة السياسية المغربية، يعتقدون أن الحكومة التي يقودها الإسلاميون محكومة بالفشل، ليس لعيب خلقي فيها، أو لأنها مشلولة الإرادة، وإنما لأوضاع صعبة ورثتها عن تراكمات سلبية وأخطاء سابقة. وقطعا هي لا تمتلك كل الوسائل لتحسين صورتها ولا سيما ما يتصل بالجانب الاقتصادي الضاغط، فضلا عن التحديات الدبلوماسية (نزاع الصحراء).
وبموازاة ذلك، لا يمكن لذي تفكير سليم، أن ينزع عن الحكومة الائتلافية كل الفضائل السياسية. إنها تشبه في كثيرمن خطواتها، حكومة التناوب التوافقي الأولى. يقودها شخص يشبه اليوسفي في بعض المناقب الأخلاقية من قبيل نظافة اليد والزهد في المغانم وعدم الاستسلام لإغراءات الحكم ومفاسده.
أظهر ملك المغرب محمد السادس منذ تبوئه مقاليد الحكم نزوعا واضحا نحو الحداثة السياسية وتنظيف دواليب الدولة من صدأ السنين.. هو منسجم مع نفسه، وفي لقناعات راسخة في ذهنه استقاها من التأمل في تجربة والده
لقد أحدث وصول الإسلاميين إلى السلطة، رجة في المغرب، بعدما ألف الناس وجوه وزراء حليقي اللحى يرتدون الهندام الغربي، أكثرهم يشخصون بأبصارهم نحو باريس، وليس إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة أو أنقرة، وبالتالي فقد ساهم تباين المرجعيات في خلق التباسات وتحويل مجرى النقاش السياسي في المغرب الذي صار متمحورا حول النمائم والإشاعات والمزايدات وتصفية الحسابات، عوض أن يكون نقدا فاحصا بموضوعية للبرامج والأداء الحكومي، انطلاقا من الإمكانات المتوفرة في البلاد، وليس بالتحريض والقفز على الحقائق في اتجاه المجهول.
أي سيناريو سياسي مستقبلي ينتظر المغرب؟ يصعب الجواب مهما كانت حصافة رؤية “العراف” من دون أن يمنعه ذلك من إبداء ملاحظات عامة في مقدمتها أن العودة إلى الوراء، كما يطمح إلى ذلك فاعلون سياسيون من الحرس القديم، لم تعد ممكنة بل مستحيلة.
صحيح يمكن وقوع إخلال في التوازن الحكومي، وتفتيت الغالبية البرلمانية، في سياق مناورات أو “تحريك حزبي”، ولكن سقف المناورة أمام “اللاعبين” محدود بمقتضيات الدستور الواضحة التي جعلت سلطة القرار متقاسمة بين القصر الملكي ورئيس الحكومة، ما يتعذر معه انفراد الملك باتخاذ أي قرار خارج الدستور وضمن السياق الطبيعي، اللهم في حالة الضرورة القصوى. وحتى الآن فالمغرب بعيد عنها بمسافة.
انتظارات شعبية
الأمر الآخر هو أن سقف الانتظارات الشعبية من الحكومة في أي بلد، ليست له حدود ومنتهى. إنه يشبه حركة البورصة عندما تكون في حالة غليان مستمر.
واذا كان المغاربة قد تضايقوا من إجراءات لا شعبية اتخذتها الحكومة التي يقودها الإسلاميون، من قبيل الزيادة في أسعار المحروقات، تبعا لارتفاع الفاتورة النفطية، فإنها صارحتهم وتجنبت إحداث عجز كبير في الميزانية، وما يستتبع ذلك من تقليص حجم الإنفاق على القطاعات الاجتماعية، وارتفاع نسبة التضخم، ما جعل الرأي العام، في ذات الوقت، يتفهم إجراءات التقشف التي سنتها الحكومة الحالية، متجاوبا مع شجاعتها في فتح ملفات الفساد، وفضح أساليب الريع الاقتصادي، وإحالة المورطين في نهب المال العام إلى العدالة، فضلا عن الشفافية الإعلامية التي تطبقها، وجرأتها الصريحة في الإصلاح.
يحمل الرأي العام “ابن كيران وفريقه”، مسؤولية اندلاع الحرائق في الغابات متناسيا لهب الشمس، وانقلاب حافلة لنقل المسافرين، التي شكلت مأساة حقيقية، وانتشار الجريمة واللاأمن في نواحي البلاد، وحالات الولادة في الشارع العام وتسمم المواد الغذائية، إلى غير ذلك من المظاهر الشاذة، التي تتحمل الحكومة المسؤولية المعنوية فيها. ولكن السؤال هو: هل يملك الجهاز التنفيذي الوسائل والسلطة القادرة على عدم تكرار الأخطاء ومعاقبة ومحاسبة المتسببين فيها؟
قطعا لا. ولذلك فإن الحكومة المغربية، منذ تنصيبها، تتلمس الأماكن والأقبية التي علقت على جدرانها مفاتيح القرار، مفاتيح من الصعب انتزاعها بسهولة، نظرا للمقاومة التي يبديها الماسكون بها منذ مدة، كونها مبرر وجودهم واستمرار مصالحهم. وسيطول بحث اية حكومة عن المفاتيح المختبئة وراء ستار العتمة، لسنين وشهور.
كثيرون يعتقدون أن المغرب مقبل على خريف سياسي غامض. بعضهم يتوقع إقالة الحكومة برمتها، فيما آخرون يحصرون التغيير في جراحة تعويضية لاستبدال الأعضاء غير الصالحة.
والملاحظ أنه حتى الآن أبدى الملك محمد السادس ورئيس حكومته صبرا سياسيا وحكمة متبادلة، وابتعدا عن أزمة دستورية، شعورا منهما أن عواقبها ستكون وخيمة على البلاد والعباد، وبالتالي فإن المصلحة العليا تقتضي أن يتفاهم الشريكان القطبان، ويتنازلا عن أي حق كفيل بإنجاح التجربة الديمقراطية الجديدة التي صارت مثالا يحتذى.
أكيد أن جيوب المقاومة التي تسعى لإفشال التجربة، تلتقي في أهدافها مع العناصر المتشددة في “العدالة والتنمية”. في هذا السياق من المناسب استحضار تصريح زعيم المعارضة الاشتراكية الإسبانية، الفريدو روبالكابا، أمام برلمان بلاده، حين قال في معرض مناقشة برنامج حكومة اليمين: “لا نسعى إلى إسقاط حكومة محافظة ارتضاها الشعب بدل الاشتراكيين، وإنما نحرص على تقويم اعوجاجها”.
لماذا اذن لا تتشبه المعارضة المغربية، بهذا السلوك الراقي لنظيرتها في الجارة الشمالية، وتسير على خطاها من دون أن توقع على بياض للإسلاميين؟
السلطات الدستورية للملك
الملك محمد السادس
- الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.
- يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه.
ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة.
- يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، بواسطة ظهائر.
- الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة.
- الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة.
- شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام.
- يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.
- يعين الملك أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها.
- للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم.
- لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة.
- لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية.
- يرأس الملك المجلس الوزاري، الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء.
- ينعقد المجلس الوزاري بمبادرة من الملك، أو بطلب من رئيس الحكومة.
- للملك أن يفوض لرئيس الحكومة، بناء على جدول أعمال محدد، رئاسة مجلس وزاري.
لبنك المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي، والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية.
- للملك حق حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير، طبق الشروط المبينة في الفصول96 و97و 98 من الدستور.
- للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان، ويتلى خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش داخلهما.
- الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية. وله حق التعيين في الوظائف العسكرية، كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق.
- يرأس الملك المجلس الأعلى للأمن، وله أن يفوض لرئيس الحكومة صلاحية رئاسة اجتماع لهذا المجلس، على أساس جدول أعمال محدد.
يضم المجلس الأعلى للأمن في تركيبته، علاوة على رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى
- يعتمد الملك السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، ولديه يُعتمد السفراء، وممثلو المنظمات الدولية.
- يوقع الملك على المعاهدات ويصادق عليها، غير أنه لا يصادق على معاهدات السلم أو الاتحاد، أو التي تهم رسم الحدود، ومعاهدات التجارة، أو تلك التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة، أو يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية، أو بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، العامة أو الخاصة، إلا بعد الموافقة عليها بقانون.
- للملك أن يعرض على البرلمان كل معاهدة أو اتفاقية أخرى قبل المصادقة عليها.إذا صرحت المحكمة الدستورية، إثر إحالة الملك أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو سدس أعضاء المجلس الأول، أو ربع أعضاء المجلس الثاني، الأمر إليها، أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور، فإن المصادقة على هذا الالتزام لا تقع إلا بعد مراجعة الدستور.
- يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
- يوافق الملك بظهير على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
- يمارس الملك حق العفو.
- إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، يمكن للملك أن يُعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة.
ويُخول الملك بذلك صلاحية اتخاذ الإجراءات، التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية.
لا يجدي حساب المائة يوم، أو عام أو ما دونهما، لتقييم عمل حكومة في وضع انتقال سياسي ودستوري مثل الذي يعرفه المغرب، منذ تسلم الإسلاميين المعتدلين المنتسبين لـ"حزب العدالة والتنمية" مقاليد السلطة الحكومية.
عبد الإله بن كيران
إسلاميو “العدالة والتنمية” هم شركاء في الحكم إلى جانب ثلاثة أحزاب أخرى، أقدم منهم زمنيا ورسوخا في الممارسة الحزبية، يتعلق الأمر بـ “الاستقلال” القريب منهم إلى حد ما، فكريا وعقائديا، و “الحركة الشعبية” التي تتبنى مرجعية هجينة فيها شكل مبهم من الليبرالية الاقتصادية والاجتماعية، معتمدة على قاعدة انتخابية منتشرة اساسا في الأرياف، وخاصة في المناطق المتحدثة باللسان الأمازيغي.
أما المكون الثالث في التحالف، فهو النقيض الايديولوجي للإسلاميين، ممثلا في حزب التقدم والاشتراكية الذي هجر اسمه التاريخي “الحزب الشيوعي” قبل انهيار المعسكر الشرقي، وأخضع أسس التنظيم الفكرية لسلسلة متتالية من المراجعات، قربت الماركسيين المغاربة كثيرا من حدود أحزاب “الاشتراكية الديمقراطية” تلك التي تؤمن بالعدالة الاجتماعية من دون حاجة إلى تأجيج الصراع بين الطبقات بقيادة “البروليتاريا” للاستيلاء على وسائل الإنتاج وفق التحليل الماركسي الحرفي.
هذا المزيج الحزبي (ليبرالية، اشتراكية، إسلام وجرعة من التكنوقراط) ليس غريبا على المشهد السياسي في المغرب فقد جربه منذ عقود، من دون أن يتسبب في نشوب أزمات حكومية. ارتضاه على سبيل المثال، شيخ المعارضين، عبد الرحمن اليوسفي، بتشجيع ودعم واضح من الملك الراحل الحسن الثاني، ما سهل على الأول تشكيل حكومة التناوب التوافقي الأولى عام 1998، فمهدت لانتقال ديمقراطي هادئ وسلس، انسحبت بمقتضاه “الأحزاب الإدارية” التي طالما استأثرت بقسط كبير من مغانم السلطة، ثم حان الوقت لتترك مقاعدها الوثيرة لأحزاب المعارضة التي ناصبت الحكم “العداء” السياسي لعقود من الزمن، متحينة فرصتها بأساليب متراوحة بين التصعيد في الشارع تارة، وانتهاج الواقعية وتليين الخطاب تارة أخرى، تغليبا منها للمصلحة العامة العليا، وعدم تجاوز الخطوط الحمر، ضمانا لاستقرار البلاد ووحدتها.
وكما قيل في حينه، على لسان طائفة من المحللين السياسيين من المغرب وخارجه، فإن الحكومة التي قادها اليوسفي، أعطت الدليل على أن النظام الملكي في المغرب، منفتح ومرن وبراغماتي، لا يرى ضيرا، مضطرا أو عن طيب خاطر، في تقديم تنازلات سياسية معقولة، تجعله يتقاسم السلطة مع أحزاب تربت خارج معطفه حتى ولو أظهرت له نوعا من العقوق.
حدث ذلك في إطار تعاقد وتراض سياسي واجتماعي غير مكتوب، بين الطرفين، مهد لوضع سياسي أفضل من السابق. وهو ما تحقق بشكل نسبي وفي فترات ماضية، وبصورة أكبر واقوى في ظل عهد الملك محمد السادس.
بهذا الاعتبار يمكن القول إن ورش الإصلاح الدستوري والمؤسساتي، تم الشروع فيه بخطى وئيدة في المغرب، قبل حلول فصل “الربيع الديمقراطي العربي” وتحديدا منذ قيام حكومة عبد الرحمن اليوسفي، ما مكن المعارضة حينئذ من الاستئناس والتدرب على ممارسة الشأن العام وطي صفحة الخلاف مع القصر واستبدالها بمساحة للتفاهم بين الجانبين، رغم المرارة التي أحس بها اليوسفي، بعد أن أجبر على التخلي عن حقه في تشكيل حكومة ثانية بموجب انتصار حزبه في الانتخابات. لقد أول الدستور السابق لغير صالحه.
التصالح والإصلاح
دفعت عدوى “الحراك” الاجتماعي التي عمت أنحاء من العالم العربي، مسلسل التصالح والإصلاح في المغرب وأمكن التسريع بتغييرات سياسية غير مسبوقة منذ استقلال البلاد، أعادت إلى الأذهان مطالب الحركة اليسارية الممثلة في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي تمسك قادته المؤسسون الكبار، منذ بداية عقد الستينات من القرن الماضي، بمطالب جذرية من قبيل ضرورة صياغة دستور ديمقراطي، يؤسس لملكية برلمانية، يكتبه مجلس تأسيسي منتخب، يحفظ للملك صلاحيات رمزية في مجالات محددة، لكنه في المقابل يمنح للحكومة سلطة وحرية التصرف في تدبير الشأن العام، تنال ثقتها من المؤسسة التشريعية وليس من الملك. تلك المطالب هي التي سببت بمعنى من المعاني القطيعة زمنا، بين الملك الحسن الثاني وحزب المهدي بنبركة. الأول رأى فيها استهدافا للنظام الملكي، والثاني اعتبرها تطورا ديمقراطيا طبيعيا، يبعد عن الملكية التورط في الشأن العام.
ومن هنا يجوز القول إن الشعارات التي رفعت في ساحات المدن المغربية عام 2011 هي، في روحها وجوهرها، وقبل “الربيع العربي”، مشابهة لشعارات القوى الديمقراطية المغربية المعارضة، خلال ما يقرب من أربعة عقود، توجت بإشراكها في تدبير الشأن العام منذ تأليف حكومة اليوسفي.. إنها سيرورة سياسية لم تتوقف.
وفي غضون ذلك، تجاوب العاهل المغربي مع الرغبات العميقة للمغاربة، وخاصة فئات الشباب المتعلم، الذين تطور وعيهم نتيجة اجواء الحرية والتعددية الفكرية التي تشربتها أجيال منهم، وبسبب انفتاح المجتمع على الرياح الآتية من أوروبا القريبة منهم على مسافة كيلومترات لا أكثر، ونتيجة انخراطهم القوي في مجتمع المعرفة الرقمية، الذي فاجأ مداه وانتشاره كثيرا من المغاربة.
إصلاحات كبرى
إن الإصلاحات الكبرى والجريئة التي أقدم عليها الملك محمد السادس، وضمنها في خطابه التاريخي الموجه إلى الأمة المغربية يوم 9 مارس (اذار) 2011، لم يتخذها تحت ضغط قوي من الشارع، بل استشعرها في اللحظة المناسبة، مانعا حدوث أي انزلاق ينجر إليه المتظاهرون المحتجون، انسياقا مع تداعيات الأجواء المحمومة التي سادت في عدد من الأقطار العربية، مشرقا ومغربا، وخلفت ضحايا وخسائر مادية جسيمة وتعطيل الماكينة الاقتصادية وتلاشي صورتها في الخارج، وكأن الثورات انقلبت إلى ضدها.
ومن العوامل التي سهلت الإقدام على تلك الخطوة المهمة والشجاعة، أن ملك المغرب، أظهر منذ تبوئه مقاليد الحكم، نزوعا واضحا نحو الحداثة السياسية وتنظيف دواليب الدولة من صدأ السنين. ركز على ذلك بقوة في خطبه المتكررة، وفي تحركاته الميدانية، وبالتالي فقد كان منسجما مع نفسه، وفيا لقناعات راسخة في ذهنه استقاها من التأمل في تجربة والده.
المغرب.. الإسلاميون يتصدّرون المشهد
ملك المغرب هو الذي أكد انتهاج سياسة “القرب من المواطنين”، وألح على تحديث الإدارة وتبسيط مساطرها وإصلاح القضاء والتصدي للفساد، مثلما سعى إلى تحقيق عدالة مجالية بين مناطق المغرب فحولها إلى أوراش تشتغل ليل نهار وعلى مدار السنة، لتمكين الجهات والمناطق، وخاصة المهملة والنائية، من البنيات الأساسية اللازمة لأي إقلاع اقتصادي وتقدم اجتماعي لمغرب أراد الملك أن يغير صورته بإيلاء الاهتمام والعناية لتجميل صورة الداخل، خلافا لوالده الراحل الذي سعى بكل ذكائه وخبرته وإشعاع شخصيته الفذة، من أجل وهج المغرب دبلوماسيا في المجال الدولي على حساب الداخل.
تطورت الممارسة الديمقراطية بسرعة أكثر من الماضي في عهد الملك محمد السادس. استطاب المغرب والمغاربة لذة شفافية صناديق الاقتراع والقطع شبه النهائي مع الممارسات المعيبة، التي وصمت أغلب الاستحقاقات الانتخابية خلال العقود الأربعة الأخيرة من القرن الماضي.
حفز سياق الانفراج والانفتاح الذي طبع الحياة السياسية في البلاد، الملك محمد السادس، على المضي قدما وبعيدا في تأهيل المجال السياسي وتحديث وتحيين مؤسسات الحكم. هكذا تخلى، خلاف والده، عن حق الانفراد بكتابة الدستور، وأوكل تحرير بنوده إلى لجنة ذات مصداقية فكرية، ضمت ألوان الطيف الحقوقي والأكاديمي والقانوني والحزبي، وشكل إلى جانب تلك اللجنة آلية استشارة سياسية مواكبة. كان التشاور والبحث عن التوافق هاجس الملك.
أسفرت تلك التدابير، في خاتمة المسار، عن وثيقة دستورية وافق عليها الملك، اقل وأكثر ما يقال عنها إنها شرعنت مبدأ تقاسم السلطة بينه وبين والحكومة التي ستستمد ثقتها ومشروعيتها من البرلمان المنتخب، وهو المتمتع، حسب الوثيقة الأسمى، بصلاحيات تشريعية ورقابية واسعة.
وبتعبير أوضح لم يعد الملك يسود ويحكم، بل يتقاسم أعباء الحكم مع شركاء ممثلين في الحكومة المنبثقة عن الإرادة الشعبية، إلى جانب البرلمان والسلطة القضائية التي صارت مستقلة أكثر من ذي قبل عن توجيه الملك والتبعية للحكومة.
نصر انتخابي
في ظل ذلك الخضم الإصلاحي، حقق الإسلاميون، نصرا انتخابيا مبينا، كاد يمنحهم الأغلبية المطلقة، لو جرت الاستشارة الشعبية وفق نمط الاقتراع غير النسبي باللوائح. ولذلك فقد اعتبر حصول حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية الأخيرة، رسالة سياسية دالة وقوية، أوضحت بصورة جلية أن الإصلاحات التي بادر بها وباشرها ملك المغرب كانت ضرورة ولا محيد عنها، لتجنيب البلاد وضعا مضطربا شبيها بالسكتة القلبية التي أحس بخطرها الملك الحسن الثاني في اواخر عقد التسعينات من القرن الماضي، فقرر إشراك المعارضة في السلطة قبل فوات الأوان.
وكما حدث خلال المشاورات الحزبية التي قادها اليوسفي عام 1998 لتشكيل فريقه، فإن رئيس الحكومة الحالي، عبد الإله بن كيران، أخذ ما يكفيه من الوقت، قبل الإعلان عن تشكيلة ائتلافية، قالت روايات متواترة إن الملك لم يتدخل إلا في حدود ضيقة ومقبولة، في تحديد قسماتها ومحتواها وإضفاء سمة معينة عليها، حرصا منه على أن تكون الخطوة الأولى السليمة لتنزيل بنود الدستور الجديد.
الشعارات التي رفعت في ساحات المدن المغربية عام 2011 هي، في روحها وجوهرها، وقبل “الربيع العربي”، مشابهة لشعارات القوى الديمقراطية المغربية المعارضة، خلال ما يقرب من أربعة عقود
أحدث وصول الإسلاميين إلى السلطة في المغرب، انقلابا في العادات والتقاليد السياسية. ألف الناس أن تفوز الأحزاب المعروفة من اليمين واليسار والوسط في الانتخابات، وتتقاسم مقاعد البرلمان بقسمة تكون أحيانا غير عادلة، أما أن يكتسح “حزبيون ملتحون” صناديق الاقتراع، فذلك معطى جديد زرع في النفوس مشاعر متناقضة: خوف راود كثيرين وخاصة المستفيدين من الوضع القائم سياسيا واقتصاديا وهو السائد منذ عقود. خوف أيضا من حزب ذي مرجعية دينية دعوية، ليس لأتباعه خبرة كافية بثقافة تدبير الشأن العام، سيلاقي صعوبة من جيوب المقاومة البيروقراطية على صعيد الإدارة وأيضا خوف من استقواء أتباع العدالة والتنمية، بما يحصل في دول عربية، اكتسح الإسلاميون فيها مكاتب التصويت.
في مقابل الخوف أو الرعب، الذي تم ترويجه بصورة إعلامية تحريضية وعلى نطاق واسع، رفعت قطاعات واسعة من الرأي العام، شعارات التفاؤل، مؤملة الخير من الإسلاميين، ورأت أنه من الحكمة إتاحة الفرصة لهم، حتى لا يتكرر “السيناريو” الجزائري الذي عرفته جارة المغرب الشرقية بداية عقد التسعينات من القرن الماضي، مع فارق نوعي في المشهد السياسي وطبيعة النظام وحضور المؤسسة العسكرية في البلدين الشقيقين.
ملفات مستعجلة
تسرع الحكومة المغربية الحالية، نحو نهاية سنتها الأولى وليس بيدها سجل إنجازات كبير. لقد عرض رئيسها، في عز الصيف، أمام البرلمان حصيلة الأعمال المحققة التي لم تقنع بطبيعة الحال المعارضة، بل اعتبرتها هزيلة. عابت على الحكومة عدم الالتزام بالبرنامج الذي عرضته أمام غرفتي البرلمان، لنيل ثقة ممثلي الأمة، إضافة إلى أن الصحافة المعارضة وحتى المستقلة، في كثير الأحيان، لم تكن رحيمة بالإسلاميين ووجهت النقد الشديد، لمن تسميهم ساخرة “الحكومة الملتحية” مع أن أغلب الوزراء حليقو اللحى وبهندام أوروبي.
تردد المعارضة اليسارية واليمينية، وتلك في حد ذاتها مفارقة، بصوت مرتفع إن فريق “ابن كيران” الوزاري أظهر عجزا بينا وترددا، إن لم يكن تخبطا، حيال معالجة كثير من الملفات المستعجلة ضمنها قضايا الفساد المالي وملفات الريع الاقتصادي.
ورغم أن سهام النقد ضد الحكومة المغربية آتية من مصادر نيران عدة بما فيها الصديقة، فإنها لم تؤثر على تماسكها الشكلي ووحدتها، كما أن عقد الغالبية في البرلمان لم ينفرط بعد، لكن “الحدث” الأكبر غير المسبوق الذي وقع مؤخرا في مدينة طنجة بشمال البلاد، أثار كثيرا من علامات الاستفهام بخصوص مآل التجربة الحكومية الحالية، بل اعتبره محللون منذرا بأزمة تتشكل ملامحها في أفق ملبد بالغيوم.
فقد اتخذ محند العنصر وزير الداخلية، وهو بنفس الوقت أمين عام حزب الحركة الشعبية، قرارا، مهما تكن خلفياته وأسبابه، فإنه يصنف ضمن “منطق العبث السياسي” يتحمل المسؤولية فيه الوزير نفسه، ورئيس الحكومة الذي منع من الخطابة في تجمع لشبيبة حزبه العدالة والتنمية، كانت تعتزم تنظيمه في ساحة عامة بمدينة البوغاز، وكان، ابن كيران قد عاد لتوه من البقاع المقدسة حيث أدى مناسك العمرة.
هي المرة الأولى في تاريخ المغرب المستقل التي يتم فيها حرمان ومنع رئيس الجهاز التنفيذي من مخاطبة الرأي العام أو أنصار حزبه. ربما فرضت التحوطات الأمنية، بناء على تقارير استخباراتية، اتخاذ ذلك الإجراء الفريد من نوعه، في ظل دستور يمنح رئيس الحكومة صلاحيات واسعة، تصل حد طلب اقالة أي وزير لا يرضى عنه في حكومته.
اعتبر حصول حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، رسالة سياسية دالة وقوية، أوضحت بصورة جلية أن الإصلاحات التي بادر بها وباشرها ملك المغرب كانت ضرورة ولا محيد عنها
ماذا يعني حادث طنجة؟ هل يجوز اعتباره مجرد تلويح ببطاقة صفراء، صادرة عن “حكم” المباراة السياسية التي مضى جزء من أشواطها حتى الآن بسلام متوتر، ومن دون إخلال كلي بقواعد اللعبة؟ هل هي لحظة تسبق إخراج البطاقة الحمراء ضد لاعبي حزب العدالة والتنمية، ليطلب منهم بعدها مغادرة الملعب؟
لا يمكن استبعاد أي احتمال بالمرة. فالمباراة السياسية الجارية حاليا بالمغرب، تتحكم فيها وتراقبهاعدة أطراف داخلية وخارجية. يتحرك اللاعبون ويركضون، بحذر بالغ، فوق عشب شبه يابس، وعلى أرضية بها حفرغائرة ونتوءات. لكن الممسكين بخيط اللعبة يتجنبون، طبقا لرغبات وأجندة كل طرف، توقيف “الماتش” خوفا من ردود فعل المتفرجين المتطلعين الى نتيجة المباراة المتشوقين لمعرفة من يفوز بتسجيل الأهداف.
تراكمات وأخطاء
كثيرون، وسط الطبقة السياسية المغربية، يعتقدون أن الحكومة التي يقودها الإسلاميون محكومة بالفشل، ليس لعيب خلقي فيها، أو لأنها مشلولة الإرادة، وإنما لأوضاع صعبة ورثتها عن تراكمات سلبية وأخطاء سابقة. وقطعا هي لا تمتلك كل الوسائل لتحسين صورتها ولا سيما ما يتصل بالجانب الاقتصادي الضاغط، فضلا عن التحديات الدبلوماسية (نزاع الصحراء).
وبموازاة ذلك، لا يمكن لذي تفكير سليم، أن ينزع عن الحكومة الائتلافية كل الفضائل السياسية. إنها تشبه في كثيرمن خطواتها، حكومة التناوب التوافقي الأولى. يقودها شخص يشبه اليوسفي في بعض المناقب الأخلاقية من قبيل نظافة اليد والزهد في المغانم وعدم الاستسلام لإغراءات الحكم ومفاسده.
أظهر ملك المغرب محمد السادس منذ تبوئه مقاليد الحكم نزوعا واضحا نحو الحداثة السياسية وتنظيف دواليب الدولة من صدأ السنين.. هو منسجم مع نفسه، وفي لقناعات راسخة في ذهنه استقاها من التأمل في تجربة والده
لقد أحدث وصول الإسلاميين إلى السلطة، رجة في المغرب، بعدما ألف الناس وجوه وزراء حليقي اللحى يرتدون الهندام الغربي، أكثرهم يشخصون بأبصارهم نحو باريس، وليس إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة أو أنقرة، وبالتالي فقد ساهم تباين المرجعيات في خلق التباسات وتحويل مجرى النقاش السياسي في المغرب الذي صار متمحورا حول النمائم والإشاعات والمزايدات وتصفية الحسابات، عوض أن يكون نقدا فاحصا بموضوعية للبرامج والأداء الحكومي، انطلاقا من الإمكانات المتوفرة في البلاد، وليس بالتحريض والقفز على الحقائق في اتجاه المجهول.
أي سيناريو سياسي مستقبلي ينتظر المغرب؟ يصعب الجواب مهما كانت حصافة رؤية “العراف” من دون أن يمنعه ذلك من إبداء ملاحظات عامة في مقدمتها أن العودة إلى الوراء، كما يطمح إلى ذلك فاعلون سياسيون من الحرس القديم، لم تعد ممكنة بل مستحيلة.
صحيح يمكن وقوع إخلال في التوازن الحكومي، وتفتيت الغالبية البرلمانية، في سياق مناورات أو “تحريك حزبي”، ولكن سقف المناورة أمام “اللاعبين” محدود بمقتضيات الدستور الواضحة التي جعلت سلطة القرار متقاسمة بين القصر الملكي ورئيس الحكومة، ما يتعذر معه انفراد الملك باتخاذ أي قرار خارج الدستور وضمن السياق الطبيعي، اللهم في حالة الضرورة القصوى. وحتى الآن فالمغرب بعيد عنها بمسافة.
انتظارات شعبية
الأمر الآخر هو أن سقف الانتظارات الشعبية من الحكومة في أي بلد، ليست له حدود ومنتهى. إنه يشبه حركة البورصة عندما تكون في حالة غليان مستمر.
واذا كان المغاربة قد تضايقوا من إجراءات لا شعبية اتخذتها الحكومة التي يقودها الإسلاميون، من قبيل الزيادة في أسعار المحروقات، تبعا لارتفاع الفاتورة النفطية، فإنها صارحتهم وتجنبت إحداث عجز كبير في الميزانية، وما يستتبع ذلك من تقليص حجم الإنفاق على القطاعات الاجتماعية، وارتفاع نسبة التضخم، ما جعل الرأي العام، في ذات الوقت، يتفهم إجراءات التقشف التي سنتها الحكومة الحالية، متجاوبا مع شجاعتها في فتح ملفات الفساد، وفضح أساليب الريع الاقتصادي، وإحالة المورطين في نهب المال العام إلى العدالة، فضلا عن الشفافية الإعلامية التي تطبقها، وجرأتها الصريحة في الإصلاح.
يحمل الرأي العام “ابن كيران وفريقه”، مسؤولية اندلاع الحرائق في الغابات متناسيا لهب الشمس، وانقلاب حافلة لنقل المسافرين، التي شكلت مأساة حقيقية، وانتشار الجريمة واللاأمن في نواحي البلاد، وحالات الولادة في الشارع العام وتسمم المواد الغذائية، إلى غير ذلك من المظاهر الشاذة، التي تتحمل الحكومة المسؤولية المعنوية فيها. ولكن السؤال هو: هل يملك الجهاز التنفيذي الوسائل والسلطة القادرة على عدم تكرار الأخطاء ومعاقبة ومحاسبة المتسببين فيها؟
قطعا لا. ولذلك فإن الحكومة المغربية، منذ تنصيبها، تتلمس الأماكن والأقبية التي علقت على جدرانها مفاتيح القرار، مفاتيح من الصعب انتزاعها بسهولة، نظرا للمقاومة التي يبديها الماسكون بها منذ مدة، كونها مبرر وجودهم واستمرار مصالحهم. وسيطول بحث اية حكومة عن المفاتيح المختبئة وراء ستار العتمة، لسنين وشهور.
كثيرون يعتقدون أن المغرب مقبل على خريف سياسي غامض. بعضهم يتوقع إقالة الحكومة برمتها، فيما آخرون يحصرون التغيير في جراحة تعويضية لاستبدال الأعضاء غير الصالحة.
والملاحظ أنه حتى الآن أبدى الملك محمد السادس ورئيس حكومته صبرا سياسيا وحكمة متبادلة، وابتعدا عن أزمة دستورية، شعورا منهما أن عواقبها ستكون وخيمة على البلاد والعباد، وبالتالي فإن المصلحة العليا تقتضي أن يتفاهم الشريكان القطبان، ويتنازلا عن أي حق كفيل بإنجاح التجربة الديمقراطية الجديدة التي صارت مثالا يحتذى.
أكيد أن جيوب المقاومة التي تسعى لإفشال التجربة، تلتقي في أهدافها مع العناصر المتشددة في “العدالة والتنمية”. في هذا السياق من المناسب استحضار تصريح زعيم المعارضة الاشتراكية الإسبانية، الفريدو روبالكابا، أمام برلمان بلاده، حين قال في معرض مناقشة برنامج حكومة اليمين: “لا نسعى إلى إسقاط حكومة محافظة ارتضاها الشعب بدل الاشتراكيين، وإنما نحرص على تقويم اعوجاجها”.
لماذا اذن لا تتشبه المعارضة المغربية، بهذا السلوك الراقي لنظيرتها في الجارة الشمالية، وتسير على خطاها من دون أن توقع على بياض للإسلاميين؟
السلطات الدستورية للملك
الملك محمد السادس
- الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.
- يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه.
ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة.
- يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، بواسطة ظهائر.
- الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة.
- الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة.
- شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام.
- يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.
- يعين الملك أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها.
- للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم.
- لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة.
- لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية.
- يرأس الملك المجلس الوزاري، الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء.
- ينعقد المجلس الوزاري بمبادرة من الملك، أو بطلب من رئيس الحكومة.
- للملك أن يفوض لرئيس الحكومة، بناء على جدول أعمال محدد، رئاسة مجلس وزاري.
لبنك المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي، والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية.
- للملك حق حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير، طبق الشروط المبينة في الفصول96 و97و 98 من الدستور.
- للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان، ويتلى خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش داخلهما.
- الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية. وله حق التعيين في الوظائف العسكرية، كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق.
- يرأس الملك المجلس الأعلى للأمن، وله أن يفوض لرئيس الحكومة صلاحية رئاسة اجتماع لهذا المجلس، على أساس جدول أعمال محدد.
يضم المجلس الأعلى للأمن في تركيبته، علاوة على رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى
- يعتمد الملك السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، ولديه يُعتمد السفراء، وممثلو المنظمات الدولية.
- يوقع الملك على المعاهدات ويصادق عليها، غير أنه لا يصادق على معاهدات السلم أو الاتحاد، أو التي تهم رسم الحدود، ومعاهدات التجارة، أو تلك التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة، أو يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية، أو بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، العامة أو الخاصة، إلا بعد الموافقة عليها بقانون.
- للملك أن يعرض على البرلمان كل معاهدة أو اتفاقية أخرى قبل المصادقة عليها.إذا صرحت المحكمة الدستورية، إثر إحالة الملك أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو سدس أعضاء المجلس الأول، أو ربع أعضاء المجلس الثاني، الأمر إليها، أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور، فإن المصادقة على هذا الالتزام لا تقع إلا بعد مراجعة الدستور.
- يرأس الملك المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
- يوافق الملك بظهير على تعيين القضاة من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
- يمارس الملك حق العفو.
- إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، يمكن للملك أن يُعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة.
ويُخول الملك بذلك صلاحية اتخاذ الإجراءات، التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية.