منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By فهد ابو مهيد 81
#56040
عندما طفا الإسلاميون الجدد على السطح ودخلوا المعترك السياسي بكل ما يمتلكون من قوة أيدولوجية وغير أيدولوجية، تعلقوا بالسطح وطفو فوق إفرازات الربيع العربى بسهولة كفلها لهم الحظ" قبل "الشطارة"، ولا يمكن إنكار أن آمال العديد من الأطياف السياسية المتنافرة قبل المتقاربة تعلقت بهم بعد سنوات من اليأس والتخلف.

ورغم أن مبدأ "أصحاب الثقة" أثبت فقره وفشله مرارا وتكرارا، لم تجد الكتلة مبدئا آخر يمنحها أفقا متفائلا، ربما لعدم توفر الكفة المقابلة من "أصحاب الكفاءة" وربما لأن الكتلة لم تقتنع إلا فى الساعات الأخيرة فقط بأن الساحة تفتقر لأصحاب الثقة أكثر بمراحل من افتقارها لأصحاب الكفاءة.
سكن الإسلاميون الجدد عروش دول الربيع العربي محمولين على أكفان المخلصين الحقيقين أو ربما من حالفهم الحظ وسقطوا شهداء دون سابق إرادة منهم، إلا أن المؤكد أن الإسلاميين لم يرتفعوا على أكتافهم ولا أكفانهم، ولكن ما لبثت العروش إلا واهتزت بهم، ليدفعوا الآن ثمنا من أكفانهم ولكنه أشبه بمن يدفع ثمنا جديدا للخسارة والعروش الزائلة لا للعدل والحرية.
ورغم أن إعتلائهم عروش دول الربيع كان نتاجا لإنتخابات حرة نزيهة وبأغلبية ساحقة، جاءت نتيجة استطلاع للرأي في 12 دولة عربية أكدت أبرز نتائجه أن 83 % من "المتدينين جدا"" الذين شملهم الاستطلاع أعلنوا أن النظام الديموقراطي أفضل من غيره بالرغم من مشاكله، وتبين أن 85 % من المجتمع العربي يعرف بأنه "متدين".
مصر
ففى مصر تحولت التخوفات من حكم الإسلام السياسي بعد شهور طويلة إلى حقيقة لا تحتمل، فضلا عن تعاظمها مؤخرا نتيجة وقوع الكثير من الكوارث، خصوصا خروج سيناء عن السيطرة، وحادثة أطفال أسيوط، وأحداث قصر الإتحادية، واندثرت تماما فكرة قدرة الإسلام السياسي على ترويض المعارضين، لأنه أشرس الأنظمة تاريخيا، وحاليا لم تستطع ذلك، خصوصا في بلد شديد التنوع مثل مصر.
ومن هنا تبدو الأزمة التي بدأها الإسلام السياسي بغباء شديد دون مخرج أو يصعب للغاية إيجاد حل وسط لها، فكأنهم ذهبوا إلى منتصف الصحراء ويريدونها أن تكون واحة غناء، عمليا مسودة الدستور المطروحة لا يقبلها حر ولا عاقل, لأنها لا تضيف إلى الحريات والحقوق الإنسانية إلا إذا اعتبر "الإخوان" والسلفيون زيادة سلطات مرسي مكتسبا جديدا للثورة وكفاح أبنائها.


تونس
نفس المشهد فى تونس، حيث تستعد أحزاب المعارضة داخل المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان) للتقدم بلائحة لوم من أجل سحب الثقة من الحكومة الإسلامية المؤقتة، وذلك على خلفية الاضطرابات الأخيرة التي وقعت بولاية "سليانة"، متهمة الحكومة بالفشل في تلبية مطالب المحتجين.
وكان نواب من المعارضة قد انسحبوا الجمعة الماضي من الجلسة العامة للمجلس التأسيسي احتجاجا على غياب رئيس الحكومة "حمادي الجبالي" عن جلسة للمساءلة بشأن الأحداث الأخيرة في "سليانة".
ليبيا
مشروع الإسلاميون السياسي فى ليبيا يرمي إلى إرساء الشريعة مصدراً للحكم والتباين عن الغرب والسيطرة على مناطق الساحل، ولكن الواقع أن الجماعات الإسلامية الليبية متداخلة، والفصل بينها متهافت، وبعض الأحلاف بينها موقت وغير دائم، وخطابها يتأثر بالظروف الداخلية، وبعد انتشار الميليشيات المسلحة التي تضم عناصر إسلامية متطرفة أكد المجلس الانتقالي الليبي أنه لن يكافح المقاتلين الإسلاميين بشرط تأييدهم لبروز دولة ديموقراطية غير دينية وغير متطرفة.
السودان
شكّل فشل تجربة حكم الإسلاميين في السودان منذ انقلاب الرئيس عمر البشير في 30 يونيو 1989 على حكومة منتخبة ديموقراطياً، دليلا متكررا على فشل هذا الفكر فى الحكم الديموقراطي، وأكدت الروئا المتنوعة أن هناك مأزقاً يواجه الحركات الإسلامية التي وصلت إلى السلطة عبر الانتخابات بسبب ما وصف بـ "كارثية" التجربة السودانية "الانقلابية" وانعكاساتها، وأبرزها إنفصال الجنوب 2011 بعد سنوات من العنف والدمار.
الخلاصة أن أوجه القصور في فكر الإسلام السياسي لا تكمن في عجزه عن التعبئة بل في كونه غير قادر على سد الفجوة بين بلاغة الأقوال المتحيزة وبين قوانين الواقع الصارمة، ولذلك فإن وصول مشروع الإسلام السياسي إلى "طريق مسدود "- أمر طبيعيا لا يحتاج إلى مناورة.
ويمكن لهذه الحركات أن تقطع دون شك شوطا نحو قبول صريح بالتعددية الفلسفية وتحقيق اندماج في قضايا التسامح والعلمانية والمساواة بين الجنسين وغير ذلك كما حدث في تركيا وإندونيسيا وماليزيا، تلك البلدان الإسلامية التي استطاعت أن تصوغ من مشروعها الإسلامي برنامجا دنيويا يحتوي التعدد وينهض ويقدم نموذجا حضاريا، إلا أن الحركات الإسلامية بالدول العربية لم تنجح في صياغة مشروع واقعي للحكم وموثوق به وقابل للحياة