- الاثنين ديسمبر 10, 2012 6:43 pm
#56393
هل للتاريخ من بداية ونهاية؟
هل للتاريخ معنى خارج التاريخ نفسه؟
ولكن هل من معنى معين أو وجهة معينة للتاريخ؟
كل هذه الأسئلة تطرح نفسها من خارج التاريخ، دون أن تمس مجال التاريخ نفسه. وقد لا يطرحها كاتب التاريخ، ولكن ماذا عن الفاعل صانع التاريخ بوعيه أو بعفويته؟ وحتى كاتب التاريخ، هل يمكنه أن يكتب من دون مجابهة مثل هذه الأسئلة؟ أليست هذه الأسئلة من اختصاص المؤرخ؟ أم أنها تقتصر على مجال فلسفة التاريخ؟ وهل يمكن لفلسفة التاريخ أن تعالج مثل هذه الأسئلة دون الاضطلاع بمهمة البحث الجدي في مجال التاريخ نفسه؟ كما ترى فإن هذه الأسئلة، وما شاكلها، تطرح نفسها تحدياً واستفزازاً على كل من المؤرخ والفيلسوف على السواء. وإذا لم يتصد لها هذا وذاك لما كان لكتابة التاريخ من معنى، ولما كان للتفلسف في موضوع التاريخ من معنى.
يعتبر راتب الحوراني مؤلف كتاب “مفهوم الحرية في التاريخ” إن لا تاريخ خارج الإنسان ولا خارج المجتمع البشري، وبالتالي فإن علم التاريخ هو واحد من العلوم الإنسانية خلافاً لما هو معروف باسم علوم الطبيعة، حتى ولو أطلق على بعضها أحياناً أسماء مثل تاريخ الحيوان وتاريخ الأرض، إذ إن هذه التسمية لا تزيد عن كونها اصطلاحاً، ولا يتجاوز الأمر في هذه التواريخ بعض الحق في التسمية إذا ما دخل الإنسان كجزء من الحيوان والأرض. هذا حد من الحدود. أما الحدود الأخرى فتقضي بالفصل ما بين التاريخ كعلم او كموضوع علم من جهة ومجالات العلوم الإنسانية الأخرى من جهة أخرى، لأنها جميعها تتناول الإنسان، في مختلف أوجه نشاطاته، موضوعاً لها.
أبواب التاريخ
ويرى المؤلف إن التاريخ السياسي لهذا المجتمع أوذاك، أو للبشرية ككل، يشكّل حيّزاً مهماً من التاريخ الإنساني العام، وقد يكون له الأثر الحاسم في مرحلة معينة على جوانب الحياة الإنسانية الأخرى. ولكن هناك تاريخ الفنون، وتاريخ الدين بل وتاريخ الأديان، هناك تاريخ الفلسفة... وكل هذه المجالات من تاريخ الإنسان لا يقل الواحد منها أهمية عن الآخر، وقد يكون للواحد منها الدور والأثر الحاسم في مرحلة معينة على كل الجوانب الأخرى. كما أن كل هذه المجالات ذات صلة وثيقة بعضها ببعض وبالتاريخ السياسي ايضاً. إن هذا التداخل في ما بين هذه المجالات يضيف الى صعوبة علم التاريخ صعوبة جدية تستدعي الحديث لا عن علم واحد بل عن علوم التاريخ.
ويشير المؤلف إلى تعدد فروع العلم في عصرنا، وبالتالي فقد تشعبت الحاجة الى فتح النوافذ ما بين الفروع المختلفة أخذاً بعين الاعتبار تداخل المجالات المختلفة، وكذلك الحاجة الى رؤية الكل ككل ومعها إعادة الاعتبار للفلسفة بصفتها البحث العقلي الذي موضوعه الكل، بعد أن كانت أعلنت أصوات موت الفلسفة ونهايتها.
وإذا كان لا بد للفلسفة، وهي النشاط العقلي المعني بالكل، من أن تطل على التاريخ، فمن أي باب لها أن تطل؟ وإذا ما كان للتاريخ إطلالة على الفلسفة باعتبارها صاحبة الأسئلة الكبرى، بل الأكبر، فمن أي باب عليه أن يطل؟ يجيب المؤلف: أليس للتاريخ أن يطل على الفلسفة من الباب الأكبر وعبر السؤال الأكبر الذي تطرحه مشكلة معنى التاريخ ككل ومن الأساس، أي مشكلة ما قبل التاريخ، وما بعد التاريخ وما عبر التاريخ؟
قد يفهم بعضهم أن وراء هذا الطرح محاولة لإضفاء طابع الغائبة على التاريخ. والنزعة الغائبة كتيار فلسفي لها خصوم. ولكن الى هؤلاء الخصوم يوجه السؤال التالي: متى كان الإنسان من حيث هو إنسان، في حياته الفردية أو الجماعية وعبر مراحل التاريخ المختلفة، غير هذا الكائن الغائي الذي نعرفه ونعرف أنه لا يقوم بحركة واحدة الا سعياً وراء غاية ما في نفسه؟ وهذه الغاية التي في نفس الإنسان إن هي الا الغريزة الأقوى بل غريزة الحياة نفسها، غريزة البقاء. ولو توقنا لحظة عند مفهوم البقاء هذا لتبيان لنا بسهولة أن البقاء بقاءان.
فإن جاع الإنسان خرج مدفوعاً بغريزة البقاء البيولوجي الحيواني بحثاً عن أسباب بقائه المادي الجسدي. واذا توافرت له حاجاته المادية راح يبحث عن بقاء من نوع آخر، وبرزت عنده حاجات وغايات عديدة ومتنوعة لا عد لها ولا حصر، وتختلف من شخص إلى آخر، من مجتمع الى آخر ومن عصر إلى آخر إلى ما لا نهاية.
ويضيف المؤلف: لو تأملنا هذه النقطة الفاصلة ما بين البقاءين لأدركنا أنها الحد الفاصل بين ما قبل التاريخ والتاريخ. ولعلنا بإدراك هذه النقطة نضع اليد على بداية التاريخ! ويسأل: أليست بداية التاريخ في اللحظة التي ينتقل فيها الإنسان من السيطرة على جسده العضوي الى السيطرة على الأشياء الخارجة عن حدود جسده؟ إلا تتطابق بداية التاريخ مع بداية تسخير الأدوات المادية الخارجية من أجل غاية داخلية؟
الزيادة والنقصان
يتناول المؤلف في هذا الكتاب التطور بمعنى الزيادة او النقصان الذي لا نعرف له معنى إلا في هذا التطور التراكمي للوعي البشري. اما الحديث عن التطور في عالم الأحياء حيوان أو نبات، أو في عالم الجماد، فلا يتجاوز حدود الإصطلاح؛ إذ إن هذه العوالم لا تعرف أي تطور، وكل ما يحصل فيها إنما هو تغير من حالة الى حالة تختلف من كائن إلى آخر ولكنها لا تزيد، في أرقى الحالات، عن كونها تكراراً لدورة طبيعية معينة لا تعرف الزيادة ولا النقصان.
لقد كان المؤلف في هذا الكتاب بصدد البحث عن غاية أوعن معنى للتاريخ، وبالتالي عن تسمية لهذه الغاية الكامنة وراء سعي البشر، أفراداً وجماعات، دولاً وحضارات. ويشير إلى أنه لا وجود للتاريخ خارج الذاكرة الحية وضمن منظوره الخاص يفسرها ويؤولها؛ كلك يقول أن لا صناعة ولا صانع للتاريخ إلا بالوعي الحي، بالضمير الحي: أنت وأنا، نحن وهم... الخ. فلا معنى إذا للتاريخ خارج الوعي الذي هو محل المعنى بصورة عامة، وهو محل معنى التاريخ على التخصيص هنا. والوعي ليس محلاً للمعنى وحسب، إنما هو محل كل النشاط الإنساني الواعي، بما في ذلك ما يصطلح على تسميته اللاواعي أو الوعي الباطن.
وهكذا يرى المؤلف ان حركة التاريخ هي حركة وعي وتفاعل مع ذاته في آخره ومع آخره في ذاته من أجل تحقيق المزيد من ذاته، أي المزيد من الوعي. هذه المسيرة للوعي عبر التاريخ إن هي الا مسيرة تحقيق المزيد من الوعي وتحقيق المزيد من حرية الوعي في علاقته مع ذاته ومع آخره. مفهوم الحرية هذا، لعله هو ضالتنا المنشودة في بحث المؤلف عن غاية للتاريخ. ولكن لننظر الى حقيقة هذا المفهوم والى مدى تحققه في مسيرة التاريخ البشري. وهكذا يأتي كل منا الى هذه الدنيا بإرادة ما، بمصادفة ما أو بضرورة ما، غير إرادته. ثم تأخذ هذه الإرادة بيده وتجره، أو تدفعه طفلاً على طرقات الحياة الى أن يأتي يوم تكون له فيه إرادة خاصة به فيقف وسط الطريق ويخبط رجله في الأرض قائلاً: إلى أين؟ ولماذا؟، وتختلف هذه الأسئلة كما تختلف الأجوبة عليها من فرد الى آخر. وقد تأخذ شكل سلسلة مترابطة من الأسئلة حتى تصل إلى السؤال الأكبر حول مغزى الحياة والوجود ككل. وما ينطبق على الفرد في هذا المجال يصح ايضاً على الجماعة البشرية.
انه كتاب مترامي الصفحات، غني التحليلات، والاستنتاجات. ويخلص إلى تبيان العبر في الملاحظات والتجارب، ليؤكد المصير الحتمي المشترك للبشرية ككل، ومن منظار أوسع بإمكاننا أن نقول إن الحلقات الوسيطة ما بين الفرد وعالميته قد تقف عائقاً أمام تطور وتعمق إنسانية الفرد باسم هذه هذه القيمة الوسيطة او تلك، ولكن عاجلاً أم آجلاً يعيد الإنسان صياغة هذه الأطر الوسيطة بالشكل الأكثر تناسباً مع درجة الحرية التي وصل اليها وعيه من أجل تحقيق المزيد من إنسانيته وعالميته في مسيرة لا نهاية لها.
هل للتاريخ معنى خارج التاريخ نفسه؟
ولكن هل من معنى معين أو وجهة معينة للتاريخ؟
كل هذه الأسئلة تطرح نفسها من خارج التاريخ، دون أن تمس مجال التاريخ نفسه. وقد لا يطرحها كاتب التاريخ، ولكن ماذا عن الفاعل صانع التاريخ بوعيه أو بعفويته؟ وحتى كاتب التاريخ، هل يمكنه أن يكتب من دون مجابهة مثل هذه الأسئلة؟ أليست هذه الأسئلة من اختصاص المؤرخ؟ أم أنها تقتصر على مجال فلسفة التاريخ؟ وهل يمكن لفلسفة التاريخ أن تعالج مثل هذه الأسئلة دون الاضطلاع بمهمة البحث الجدي في مجال التاريخ نفسه؟ كما ترى فإن هذه الأسئلة، وما شاكلها، تطرح نفسها تحدياً واستفزازاً على كل من المؤرخ والفيلسوف على السواء. وإذا لم يتصد لها هذا وذاك لما كان لكتابة التاريخ من معنى، ولما كان للتفلسف في موضوع التاريخ من معنى.
يعتبر راتب الحوراني مؤلف كتاب “مفهوم الحرية في التاريخ” إن لا تاريخ خارج الإنسان ولا خارج المجتمع البشري، وبالتالي فإن علم التاريخ هو واحد من العلوم الإنسانية خلافاً لما هو معروف باسم علوم الطبيعة، حتى ولو أطلق على بعضها أحياناً أسماء مثل تاريخ الحيوان وتاريخ الأرض، إذ إن هذه التسمية لا تزيد عن كونها اصطلاحاً، ولا يتجاوز الأمر في هذه التواريخ بعض الحق في التسمية إذا ما دخل الإنسان كجزء من الحيوان والأرض. هذا حد من الحدود. أما الحدود الأخرى فتقضي بالفصل ما بين التاريخ كعلم او كموضوع علم من جهة ومجالات العلوم الإنسانية الأخرى من جهة أخرى، لأنها جميعها تتناول الإنسان، في مختلف أوجه نشاطاته، موضوعاً لها.
أبواب التاريخ
ويرى المؤلف إن التاريخ السياسي لهذا المجتمع أوذاك، أو للبشرية ككل، يشكّل حيّزاً مهماً من التاريخ الإنساني العام، وقد يكون له الأثر الحاسم في مرحلة معينة على جوانب الحياة الإنسانية الأخرى. ولكن هناك تاريخ الفنون، وتاريخ الدين بل وتاريخ الأديان، هناك تاريخ الفلسفة... وكل هذه المجالات من تاريخ الإنسان لا يقل الواحد منها أهمية عن الآخر، وقد يكون للواحد منها الدور والأثر الحاسم في مرحلة معينة على كل الجوانب الأخرى. كما أن كل هذه المجالات ذات صلة وثيقة بعضها ببعض وبالتاريخ السياسي ايضاً. إن هذا التداخل في ما بين هذه المجالات يضيف الى صعوبة علم التاريخ صعوبة جدية تستدعي الحديث لا عن علم واحد بل عن علوم التاريخ.
ويشير المؤلف إلى تعدد فروع العلم في عصرنا، وبالتالي فقد تشعبت الحاجة الى فتح النوافذ ما بين الفروع المختلفة أخذاً بعين الاعتبار تداخل المجالات المختلفة، وكذلك الحاجة الى رؤية الكل ككل ومعها إعادة الاعتبار للفلسفة بصفتها البحث العقلي الذي موضوعه الكل، بعد أن كانت أعلنت أصوات موت الفلسفة ونهايتها.
وإذا كان لا بد للفلسفة، وهي النشاط العقلي المعني بالكل، من أن تطل على التاريخ، فمن أي باب لها أن تطل؟ وإذا ما كان للتاريخ إطلالة على الفلسفة باعتبارها صاحبة الأسئلة الكبرى، بل الأكبر، فمن أي باب عليه أن يطل؟ يجيب المؤلف: أليس للتاريخ أن يطل على الفلسفة من الباب الأكبر وعبر السؤال الأكبر الذي تطرحه مشكلة معنى التاريخ ككل ومن الأساس، أي مشكلة ما قبل التاريخ، وما بعد التاريخ وما عبر التاريخ؟
قد يفهم بعضهم أن وراء هذا الطرح محاولة لإضفاء طابع الغائبة على التاريخ. والنزعة الغائبة كتيار فلسفي لها خصوم. ولكن الى هؤلاء الخصوم يوجه السؤال التالي: متى كان الإنسان من حيث هو إنسان، في حياته الفردية أو الجماعية وعبر مراحل التاريخ المختلفة، غير هذا الكائن الغائي الذي نعرفه ونعرف أنه لا يقوم بحركة واحدة الا سعياً وراء غاية ما في نفسه؟ وهذه الغاية التي في نفس الإنسان إن هي الا الغريزة الأقوى بل غريزة الحياة نفسها، غريزة البقاء. ولو توقنا لحظة عند مفهوم البقاء هذا لتبيان لنا بسهولة أن البقاء بقاءان.
فإن جاع الإنسان خرج مدفوعاً بغريزة البقاء البيولوجي الحيواني بحثاً عن أسباب بقائه المادي الجسدي. واذا توافرت له حاجاته المادية راح يبحث عن بقاء من نوع آخر، وبرزت عنده حاجات وغايات عديدة ومتنوعة لا عد لها ولا حصر، وتختلف من شخص إلى آخر، من مجتمع الى آخر ومن عصر إلى آخر إلى ما لا نهاية.
ويضيف المؤلف: لو تأملنا هذه النقطة الفاصلة ما بين البقاءين لأدركنا أنها الحد الفاصل بين ما قبل التاريخ والتاريخ. ولعلنا بإدراك هذه النقطة نضع اليد على بداية التاريخ! ويسأل: أليست بداية التاريخ في اللحظة التي ينتقل فيها الإنسان من السيطرة على جسده العضوي الى السيطرة على الأشياء الخارجة عن حدود جسده؟ إلا تتطابق بداية التاريخ مع بداية تسخير الأدوات المادية الخارجية من أجل غاية داخلية؟
الزيادة والنقصان
يتناول المؤلف في هذا الكتاب التطور بمعنى الزيادة او النقصان الذي لا نعرف له معنى إلا في هذا التطور التراكمي للوعي البشري. اما الحديث عن التطور في عالم الأحياء حيوان أو نبات، أو في عالم الجماد، فلا يتجاوز حدود الإصطلاح؛ إذ إن هذه العوالم لا تعرف أي تطور، وكل ما يحصل فيها إنما هو تغير من حالة الى حالة تختلف من كائن إلى آخر ولكنها لا تزيد، في أرقى الحالات، عن كونها تكراراً لدورة طبيعية معينة لا تعرف الزيادة ولا النقصان.
لقد كان المؤلف في هذا الكتاب بصدد البحث عن غاية أوعن معنى للتاريخ، وبالتالي عن تسمية لهذه الغاية الكامنة وراء سعي البشر، أفراداً وجماعات، دولاً وحضارات. ويشير إلى أنه لا وجود للتاريخ خارج الذاكرة الحية وضمن منظوره الخاص يفسرها ويؤولها؛ كلك يقول أن لا صناعة ولا صانع للتاريخ إلا بالوعي الحي، بالضمير الحي: أنت وأنا، نحن وهم... الخ. فلا معنى إذا للتاريخ خارج الوعي الذي هو محل المعنى بصورة عامة، وهو محل معنى التاريخ على التخصيص هنا. والوعي ليس محلاً للمعنى وحسب، إنما هو محل كل النشاط الإنساني الواعي، بما في ذلك ما يصطلح على تسميته اللاواعي أو الوعي الباطن.
وهكذا يرى المؤلف ان حركة التاريخ هي حركة وعي وتفاعل مع ذاته في آخره ومع آخره في ذاته من أجل تحقيق المزيد من ذاته، أي المزيد من الوعي. هذه المسيرة للوعي عبر التاريخ إن هي الا مسيرة تحقيق المزيد من الوعي وتحقيق المزيد من حرية الوعي في علاقته مع ذاته ومع آخره. مفهوم الحرية هذا، لعله هو ضالتنا المنشودة في بحث المؤلف عن غاية للتاريخ. ولكن لننظر الى حقيقة هذا المفهوم والى مدى تحققه في مسيرة التاريخ البشري. وهكذا يأتي كل منا الى هذه الدنيا بإرادة ما، بمصادفة ما أو بضرورة ما، غير إرادته. ثم تأخذ هذه الإرادة بيده وتجره، أو تدفعه طفلاً على طرقات الحياة الى أن يأتي يوم تكون له فيه إرادة خاصة به فيقف وسط الطريق ويخبط رجله في الأرض قائلاً: إلى أين؟ ولماذا؟، وتختلف هذه الأسئلة كما تختلف الأجوبة عليها من فرد الى آخر. وقد تأخذ شكل سلسلة مترابطة من الأسئلة حتى تصل إلى السؤال الأكبر حول مغزى الحياة والوجود ككل. وما ينطبق على الفرد في هذا المجال يصح ايضاً على الجماعة البشرية.
انه كتاب مترامي الصفحات، غني التحليلات، والاستنتاجات. ويخلص إلى تبيان العبر في الملاحظات والتجارب، ليؤكد المصير الحتمي المشترك للبشرية ككل، ومن منظار أوسع بإمكاننا أن نقول إن الحلقات الوسيطة ما بين الفرد وعالميته قد تقف عائقاً أمام تطور وتعمق إنسانية الفرد باسم هذه هذه القيمة الوسيطة او تلك، ولكن عاجلاً أم آجلاً يعيد الإنسان صياغة هذه الأطر الوسيطة بالشكل الأكثر تناسباً مع درجة الحرية التي وصل اليها وعيه من أجل تحقيق المزيد من إنسانيته وعالميته في مسيرة لا نهاية لها.