- الاثنين ديسمبر 10, 2012 9:48 pm
#56420
محمد خليفة
العالم مقبل على طوفان قاصف مدمر، يثير زوابعه الإنسان الغربي لفرض هيمنته على سكان الأرض قاطبة من خلال تطبيق الهمجية الحديثة، ولو كان ذلك وسط النكبات . والعجيب أننا نجد هذه الصورة ماثلة في الفلسفة القديمة قبل أن تتعاظم قدرة الإنسان على الفتك والتدمير إلى هذا الحد المذهل؛ فالفيلسوف الصيني تشوانغ سو يرى أنه كلما حاز الناس مزيداً من الأسلحة بسط الشر ظله، وكلما ازدادت مواهب الناس أصبحت مخترعاتهم أشد وحشية .
إن الأخذ بهذا الاتجاه الفلسفي الذي تؤيده وقائع التاريخ، وتشهد له المخططات الغربية المريبة ضد بعض الدول العربية، يهدف إلى إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط، وتقسيم المقسّم ضماناً لمصالحهم الاقتصادية، ويسعى هذا المخطط إلى إعادة توزيع دول الشرق الأوسط، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الألمانية، نقلاً عن المفكر الألماني جورج هانز في تقريره أن بعض الدوائر الأمريكية تريد إعادة توزيع دول الشرق الأوسط على أسس إثنية ودينية وطائفية، والدول التي ستتأثر هي: تركيا، وسوريا، ولبنان، والعراق، وإيران وباكستان . وقال إن الدوائر الأمريكية وضعت الخرائط التي قام بنشرها الباحث الفرنسي في العلاقات الدولية والعلوم السياسي بيير هيلارد الذي يعمل حالياً بمؤسسة “فولتير” . ومن المقرر أن تلعب السياسة الألمانية دوراً محورياً في تنفيذ مخطط التقسيم .
وتتضمن الخطة تأسيس دولة كردية عبر اقتطاع الجزء الشرقي من تركيا وشمال العراق وأجزاء من إيران، تكون مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة سوريا الحالية تحت اسم “كردستان الحرة”، وهذه الدولة ستكون أكثر تبعية للولايات المتحدة في المسافة الواقعة بين بلغاريا واليابان، وسيتم تقسيم ما تبقى من العراق، وستخسر إيران جزءاً من ساحلها على الخليج لمنعها من التأثير في طرق البترول، وستحصل الدولة التي ستنشأ من بقايا العراق على بعض هذه المناطق، كما سيتم إنشاء دولة “بلوشستان الحرة” عبر اقتطاع أجزاء من أراضي إيران وباكستان لهذه الدولة، وضم مناطق البحر الأحمر لمصلحة الأردن واليمن، وسوف يختفي العراق الحالي من الوجود، ويبقى لإيران المناطق القريبة من العاصمة . أما المناطق الشرقية فسوف يُضم بعضها إلى أفغانستان والبعض الآخر إلى دولة بلوشستان الجديدة .
والواقع أن هذه الخريطة سوف تعني في حال تطبيقها تغييراً شاملاً في الجغرافيا السياسية في منطقة الشرق الأوسط، والكشف عنها يعني أيضاً أن الغرب لايزال يتآمر على شعوب العالم دون وجه حق، وبما يتعارض مع مفاهيم الحرية والديمقراطية التي يحاول الغرب نشرها في المنطقة والعالم . فكيف يمكن للمرء أن يصدق مزاعم هؤلاء بالحرص على نشر قيم الحرية والديمقراطية، وفي الوقت نفسه يكتشف خبثهم ومكرهم ودهاءهم، من خلال السعي إلى ضرب استقرار دول العالم وتحطيمها؛ لمجرد أن النظام في هذه الدولة أو تلك لا يعجبهم .
ولم يميز الغرب في هذه الخريطة بين حلفائه وأعدائه، فتعامل مع حلفائه - تركيا وباكستان - كما تعامل مع الفرقاء، وهذا ما يؤكد أن الغرب لا يعترف بمفهوم الصداقة والتعاون؛ بل بمفهوم الذلة والتبعية . لكن هذه الخريطة وبهذا الحجم من التغيير لا يمكن تطبيقها إلا إذا حدثت حرب عالمية ثالثة في منطقة الشرق الأوسط، وينبغي أن ينتصر الغرب في مثل هذه الحرب لكي يتمكن من تحقيق أهدافه .
من المعروف أن الخرائط العالمية الكبرى تم وضعها بعد الحرب العالمية الأولى والثانية؛ فبعد الحرب العالمية الأولى التي انتهت أواخر العام 1918 قام الحلفاء المنتصرون (بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة) بتقسيم الدول المهزومة (النمسا، وألمانيا، وتركيا)، ومن رحم هذه الحرب ولدت اتفاقية سايكس - بيكو بخصوص تقسيم آسيا العربية بين بريطانيا وفرنسا، كما تم إنشاء مجموعة من الدول الجديدة في أوروبا مثل يوغسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا السابقتين، وهاتان الدولتان تم تقسيمهما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي العام 1991 . وبعد الحرب العالمية الثانية العام ،1945 أكمل الحلفاء المنتصرون أنفسهم رسم خرائط العالم، فظهرت الدويلات المفتتة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية . ما يؤكد أن الخرائط التي وضعها الحلفاء فيها الكثير من الإجحاف بحق شعوب هذه الدول، فقد تم تقسيم الشعب الواحد إلى دول متعددة كما فعلوا بالوطن العربي وبكوريا والهند، وتم إنشاء كيانات مصطنعة مثل “إسرائيل” وسنغافورة، لكن هذه الشعوب تعودت - بمرور الزمن - العيش أسرى تلك الحدود التي صُنعت، واعتبرت أساساً راسخاً لتحديد مفهوم سيادة الدول المختلفة على أراضيها .
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إذا كانت الدوائر الغربية قد أعدت هذه الخرائط الجديدة للمنطقة، فهل يمكن القول إن الغرب يفكر بحرب عالمية ثالثة؟ الواقع أن الحرب جزء أساسي من تفكير الغربيين، فهم لا يكادون ينتهون من حرب إلا ويؤججون حرباً أخرى، وبالنظر إلى الماضي القريب، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، شن الغربيون حروباً متعددة بدءاً بالحرب الكورية العام ،1950 وحرب فيتنام العام ،1965 والحرب على أفغانستان العام ،2001 والحرب على العراق العام 2003 . ولا شك في أنهم يحضرون لحرب كبرى بعد أن ظهر لهم محور عالمي يتحدى سيطرتهم يتمثل في روسيا والصين، وبعد أن عجزوا عن تطويع هذا المحور من خلال الهيمنة السياسية، والتبعية الاقتصادية، وانطلاقاً من أن الغربيين لا يمكن أن يسلموا بالهزيمة؛ فإنهم سيبادرون إلى إشعال حريق كبير في العالم بدءاً من منطقة الشرق الأوسط، هذه المرة، وإذا نجحوا فسوف يعيدون رسم خريطة المنطقة والعالم من جديد، وإذا فشلوا، ونرجح هذا الأمر، فإن هذه الدول سوف تفقد نفوذها السياسي، وهيمنتها الاقتصادية والسياسية على دول هذه المنطقة وشعوبها .------------------
--------------------
العالم مقبل على طوفان قاصف مدمر، يثير زوابعه الإنسان الغربي لفرض هيمنته على سكان الأرض قاطبة من خلال تطبيق الهمجية الحديثة، ولو كان ذلك وسط النكبات . والعجيب أننا نجد هذه الصورة ماثلة في الفلسفة القديمة قبل أن تتعاظم قدرة الإنسان على الفتك والتدمير إلى هذا الحد المذهل؛ فالفيلسوف الصيني تشوانغ سو يرى أنه كلما حاز الناس مزيداً من الأسلحة بسط الشر ظله، وكلما ازدادت مواهب الناس أصبحت مخترعاتهم أشد وحشية .
إن الأخذ بهذا الاتجاه الفلسفي الذي تؤيده وقائع التاريخ، وتشهد له المخططات الغربية المريبة ضد بعض الدول العربية، يهدف إلى إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط، وتقسيم المقسّم ضماناً لمصالحهم الاقتصادية، ويسعى هذا المخطط إلى إعادة توزيع دول الشرق الأوسط، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الألمانية، نقلاً عن المفكر الألماني جورج هانز في تقريره أن بعض الدوائر الأمريكية تريد إعادة توزيع دول الشرق الأوسط على أسس إثنية ودينية وطائفية، والدول التي ستتأثر هي: تركيا، وسوريا، ولبنان، والعراق، وإيران وباكستان . وقال إن الدوائر الأمريكية وضعت الخرائط التي قام بنشرها الباحث الفرنسي في العلاقات الدولية والعلوم السياسي بيير هيلارد الذي يعمل حالياً بمؤسسة “فولتير” . ومن المقرر أن تلعب السياسة الألمانية دوراً محورياً في تنفيذ مخطط التقسيم .
وتتضمن الخطة تأسيس دولة كردية عبر اقتطاع الجزء الشرقي من تركيا وشمال العراق وأجزاء من إيران، تكون مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة سوريا الحالية تحت اسم “كردستان الحرة”، وهذه الدولة ستكون أكثر تبعية للولايات المتحدة في المسافة الواقعة بين بلغاريا واليابان، وسيتم تقسيم ما تبقى من العراق، وستخسر إيران جزءاً من ساحلها على الخليج لمنعها من التأثير في طرق البترول، وستحصل الدولة التي ستنشأ من بقايا العراق على بعض هذه المناطق، كما سيتم إنشاء دولة “بلوشستان الحرة” عبر اقتطاع أجزاء من أراضي إيران وباكستان لهذه الدولة، وضم مناطق البحر الأحمر لمصلحة الأردن واليمن، وسوف يختفي العراق الحالي من الوجود، ويبقى لإيران المناطق القريبة من العاصمة . أما المناطق الشرقية فسوف يُضم بعضها إلى أفغانستان والبعض الآخر إلى دولة بلوشستان الجديدة .
والواقع أن هذه الخريطة سوف تعني في حال تطبيقها تغييراً شاملاً في الجغرافيا السياسية في منطقة الشرق الأوسط، والكشف عنها يعني أيضاً أن الغرب لايزال يتآمر على شعوب العالم دون وجه حق، وبما يتعارض مع مفاهيم الحرية والديمقراطية التي يحاول الغرب نشرها في المنطقة والعالم . فكيف يمكن للمرء أن يصدق مزاعم هؤلاء بالحرص على نشر قيم الحرية والديمقراطية، وفي الوقت نفسه يكتشف خبثهم ومكرهم ودهاءهم، من خلال السعي إلى ضرب استقرار دول العالم وتحطيمها؛ لمجرد أن النظام في هذه الدولة أو تلك لا يعجبهم .
ولم يميز الغرب في هذه الخريطة بين حلفائه وأعدائه، فتعامل مع حلفائه - تركيا وباكستان - كما تعامل مع الفرقاء، وهذا ما يؤكد أن الغرب لا يعترف بمفهوم الصداقة والتعاون؛ بل بمفهوم الذلة والتبعية . لكن هذه الخريطة وبهذا الحجم من التغيير لا يمكن تطبيقها إلا إذا حدثت حرب عالمية ثالثة في منطقة الشرق الأوسط، وينبغي أن ينتصر الغرب في مثل هذه الحرب لكي يتمكن من تحقيق أهدافه .
من المعروف أن الخرائط العالمية الكبرى تم وضعها بعد الحرب العالمية الأولى والثانية؛ فبعد الحرب العالمية الأولى التي انتهت أواخر العام 1918 قام الحلفاء المنتصرون (بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة) بتقسيم الدول المهزومة (النمسا، وألمانيا، وتركيا)، ومن رحم هذه الحرب ولدت اتفاقية سايكس - بيكو بخصوص تقسيم آسيا العربية بين بريطانيا وفرنسا، كما تم إنشاء مجموعة من الدول الجديدة في أوروبا مثل يوغسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا السابقتين، وهاتان الدولتان تم تقسيمهما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي العام 1991 . وبعد الحرب العالمية الثانية العام ،1945 أكمل الحلفاء المنتصرون أنفسهم رسم خرائط العالم، فظهرت الدويلات المفتتة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية . ما يؤكد أن الخرائط التي وضعها الحلفاء فيها الكثير من الإجحاف بحق شعوب هذه الدول، فقد تم تقسيم الشعب الواحد إلى دول متعددة كما فعلوا بالوطن العربي وبكوريا والهند، وتم إنشاء كيانات مصطنعة مثل “إسرائيل” وسنغافورة، لكن هذه الشعوب تعودت - بمرور الزمن - العيش أسرى تلك الحدود التي صُنعت، واعتبرت أساساً راسخاً لتحديد مفهوم سيادة الدول المختلفة على أراضيها .
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إذا كانت الدوائر الغربية قد أعدت هذه الخرائط الجديدة للمنطقة، فهل يمكن القول إن الغرب يفكر بحرب عالمية ثالثة؟ الواقع أن الحرب جزء أساسي من تفكير الغربيين، فهم لا يكادون ينتهون من حرب إلا ويؤججون حرباً أخرى، وبالنظر إلى الماضي القريب، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، شن الغربيون حروباً متعددة بدءاً بالحرب الكورية العام ،1950 وحرب فيتنام العام ،1965 والحرب على أفغانستان العام ،2001 والحرب على العراق العام 2003 . ولا شك في أنهم يحضرون لحرب كبرى بعد أن ظهر لهم محور عالمي يتحدى سيطرتهم يتمثل في روسيا والصين، وبعد أن عجزوا عن تطويع هذا المحور من خلال الهيمنة السياسية، والتبعية الاقتصادية، وانطلاقاً من أن الغربيين لا يمكن أن يسلموا بالهزيمة؛ فإنهم سيبادرون إلى إشعال حريق كبير في العالم بدءاً من منطقة الشرق الأوسط، هذه المرة، وإذا نجحوا فسوف يعيدون رسم خريطة المنطقة والعالم من جديد، وإذا فشلوا، ونرجح هذا الأمر، فإن هذه الدول سوف تفقد نفوذها السياسي، وهيمنتها الاقتصادية والسياسية على دول هذه المنطقة وشعوبها .------------------
--------------------