- الجمعة ديسمبر 14, 2012 8:23 pm
#57063
اقامت مجلة شعوب للثقافة الديمقراطية ورشة حول الديمقراطية والتنمية المستدامة والتي حاضر فيها الاستاذ هاشم الموسوي امين عام جمعية الدفاع عن حقوق الصحفيين العراقيين . وقد حضر الورشة عدد من المثقفين والمهتمين بالشان العراقي وهذا مختصر المحاضرة:
التنمية المستدامة مصطلح حديث الاستخدام لغوياً ويقصد بها الاستمرار والتصاعد والتحسين وان يتداخل فيها بصورة كاملة كل من البيئة والاقتصاد وان تتجاوز كل الحواجز والحدود والجنسية والايديولوجيا والعرق ، فضلاً عن كونها مفهوم واسع تعني كل شيء في الحياة لتوفير حاجات الحاضر دون تهديد او مخاطرة بقدرة الاجيال القادمة على تلبية احتياجاتها ، وانها عقد والتزام اخلاقي بين افراد الجيل الواحد والاجيال القادمة للمحافظة على الموارد الطبيعية لاطول فترة ممكنة والبحث عن اساليب واقعية لتحقيق التطور وليس النمو لوحده . بدأ التطور المؤسسي لمفهوم التنمية المستدامة بعد تأسيس منظمات بيئية في انحاء متعددة من العالم لا سيما في اوربا والتي كانت رائدة فيها بعد المؤتمر الاول عام 1972 في ( ستوكهولم – السويد ) ويعد مؤتمر ( ريودي جانيرو بالبرازيل )( قمة الارض ) عام 1992 من اهم المؤتمرات والتوصيات التي اتخذت فيه ، ووضعت الامم المتحدة فترة زمنية تتراوح بين ( 25 – 50 ) سنة لتحقيق التنمية المستدامة في العالم وتم الاتفاق على عقد مؤتمر كل (10 ) عشر سنوات . وبعد هذا العرض والتعريف قد يتبادر الى الذهن ما علاقة الديمقراطية بالتنمية المستدامة ؟ وهل ان الدول ذات الانظمة الدكتاتورية او الشمولية لا تؤمن بالتنمية المستدامة او ليس في خططها التنموية او الاستراتيجية برامج واضح لتحقيقها ؟ . الصين الشعبية من البلدان الشمولية الا أنها استطاعت ان تحقق نمواً متصاعداً في اقتصادها فهل هذا يعني ان الديمقراطية ليست ضرورية في تحقيق التنمية المستدامة لشعوب الارض ؟. تعتمد التنمية المستدامة على عجلات ثلاث ،الاولى الحكم الرشيد ، والثانية التقنيات المبتكرة ( التكنولوجيا )، والثالثة المجتمع المؤمن أي الذي يؤمن بالتنمية المستدامة ، والحكم الرشيد أحد اركان الديمقراطية والذي يتصف بالشفافية والمشاركة والحرية في التعدد والحق في الوصول الى المعلومة مع تحقيق أفضل استفادة للموارد عن طريق الفعالية والكفاءة والاستجابة والمسؤولية والتوافق في الامور الثابتة ،والموازنة في المصالح المتنوعة والانصاف لاسيما الاقليات وسيادة القانون وتطبيق القوانين بدون تمييز وتحيز ، عكس الانظمة الشمولية التي ينقصها الحكم الرشيد مما يعني ان التنمية المستدامة قد فقدت احدى عجلاتها واصبحت عرجاء غير قادرة على السير بحرية وكفاءة ولا ترتقي الى صفتها العالمية لان التنمية المستدامة لا تتقيد بالجغرافية والحدود .اما التقنية المبتكرة( التكنولوجيا ) تستطيع التنمية المستدامة توظيفها لتجديد البنى التحتية للمجتمع وبالتالي يتمكن من استخدامها بكفاءة لتطوير امكاناته ، في حين الانظمة الشمولية لا تسمح لشعوبها بالحصول على بعض التكنولوجيا المتقدمة والتي تشعر انها خطراً عليها لان استخدامها ستكشف معلومات او حقائق تفضح هذه الانظمة وتزيد الهوة بينها وبين مجتمعاتها . اما المجتمع المؤمن بالتنمية المستدامة فكلما كان في ظل اجواء ديمقراطية وحكم رشيد كان اكثر تفاعلاً وابداعاً ومسؤولية للبناء والتطور والترويج بحيوية للمحافظة على البيئة وصياغة علاقات اخلاقية بناءة أقوى من تلك التي تتصف بها المجتمعات التي ترزح تحت سيطرة الانظمة الشمولية ، فضلاً عن نجاح الاستثمار في رؤوس أموال المجتمع المؤمن سواء كان في رأس المال المنمى أو رأس المال البشري والاجتماعي أو رأس المال الطبيعي في حين لا تستطيع المجتمعات الواقعة تحت هيمنة الانظمة الدكتاتورية حتى وان كانت مؤمنة بالتنمية المستدامة ان تطور قدراتها لانها تتحرك ضمن منظومة مركزية لا تحيد عن اطرها مما يسلبها حقها في الابداع والعمل اللامركزي .والمجتمع المؤمن يستطيع افراده الحصول على نفس الحقوق والفرص من خلال مبدأ الانصاف والمتعلق بتوزيع الثروات والموارد بشكل عادل بين الجيل الحالي والاجيال القادمة ، اما اذا وضع المجتمع تحت التخطيط الشمولي فان الحرص سينصب على تلبية الاحتياجات العاجلة لذا سيفوق أي اعتبار للاحتياجات على المدى الطويل ( البعيد ) مما سيقوض مبدأ التخطيط للمستقبل والذي يهم الاجيال القادمة وعليه سوف تفقد حلقة التواصل بين الحاضر والمستقبل أي بين الجيل الحالي والاجيال القادمة . ولم تكن التنمية المستدامة في مأمن من الاخطار فالفساد المالي والاداري يشكل خطراً عليها لاسيما في البلدان التي خرجت لتوها من النزاعات والحروب مما يبدد انجازاتها ويفرغ محتوى مشاريعها فضلاً عن تكاليفه الباهضه فهو يمتص الموارد الشحيحة ويقلل من توجهات البلد من اجل التنمية ويرتبط الفساد بالجريمة المنظمة وله صلة مباشرة بتأجيج الصراعات ويقوض الثقة بين الشعب والحكومة ، وما يواجهه العراق اليوم من استشراء الفساد في اجهزة الدولة وقصر الاجراءات الرادعة بالرغم من تعدد الاجهزة الرقابية وكثرة البرامج المعدة للسيطرة عليه الا انه ينتشر كل يوم في مفاصل الدولة العراقية ، ووصف تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2010 ان العراق يأتي قبل ثلاث دول في اخر قائمة الدول الضالعة في الفساد المالي والاداري وهي افغانستان – ماينمار – الصومال مما يتطلب وضع هدف السيطرة على الفساد الاولوية في اجهزة الدولة والعمل مع المجتمع المؤمن كي يتخلص من تلك العقبة التي تعترض نهوضه وتقدمه في تحقيق التنمية المستدامة . كانت المراهنة سابقاً ان التنمية المستدامة غير ممكنة بدون ديمقراطية وحكم رشيد ، فهل تستطيع الدكتاتوريات الرشيدة تحقيق التنمية المستدامة في عصر العولمة الجديد؟.
أعلى
التنمية المستدامة مصطلح حديث الاستخدام لغوياً ويقصد بها الاستمرار والتصاعد والتحسين وان يتداخل فيها بصورة كاملة كل من البيئة والاقتصاد وان تتجاوز كل الحواجز والحدود والجنسية والايديولوجيا والعرق ، فضلاً عن كونها مفهوم واسع تعني كل شيء في الحياة لتوفير حاجات الحاضر دون تهديد او مخاطرة بقدرة الاجيال القادمة على تلبية احتياجاتها ، وانها عقد والتزام اخلاقي بين افراد الجيل الواحد والاجيال القادمة للمحافظة على الموارد الطبيعية لاطول فترة ممكنة والبحث عن اساليب واقعية لتحقيق التطور وليس النمو لوحده . بدأ التطور المؤسسي لمفهوم التنمية المستدامة بعد تأسيس منظمات بيئية في انحاء متعددة من العالم لا سيما في اوربا والتي كانت رائدة فيها بعد المؤتمر الاول عام 1972 في ( ستوكهولم – السويد ) ويعد مؤتمر ( ريودي جانيرو بالبرازيل )( قمة الارض ) عام 1992 من اهم المؤتمرات والتوصيات التي اتخذت فيه ، ووضعت الامم المتحدة فترة زمنية تتراوح بين ( 25 – 50 ) سنة لتحقيق التنمية المستدامة في العالم وتم الاتفاق على عقد مؤتمر كل (10 ) عشر سنوات . وبعد هذا العرض والتعريف قد يتبادر الى الذهن ما علاقة الديمقراطية بالتنمية المستدامة ؟ وهل ان الدول ذات الانظمة الدكتاتورية او الشمولية لا تؤمن بالتنمية المستدامة او ليس في خططها التنموية او الاستراتيجية برامج واضح لتحقيقها ؟ . الصين الشعبية من البلدان الشمولية الا أنها استطاعت ان تحقق نمواً متصاعداً في اقتصادها فهل هذا يعني ان الديمقراطية ليست ضرورية في تحقيق التنمية المستدامة لشعوب الارض ؟. تعتمد التنمية المستدامة على عجلات ثلاث ،الاولى الحكم الرشيد ، والثانية التقنيات المبتكرة ( التكنولوجيا )، والثالثة المجتمع المؤمن أي الذي يؤمن بالتنمية المستدامة ، والحكم الرشيد أحد اركان الديمقراطية والذي يتصف بالشفافية والمشاركة والحرية في التعدد والحق في الوصول الى المعلومة مع تحقيق أفضل استفادة للموارد عن طريق الفعالية والكفاءة والاستجابة والمسؤولية والتوافق في الامور الثابتة ،والموازنة في المصالح المتنوعة والانصاف لاسيما الاقليات وسيادة القانون وتطبيق القوانين بدون تمييز وتحيز ، عكس الانظمة الشمولية التي ينقصها الحكم الرشيد مما يعني ان التنمية المستدامة قد فقدت احدى عجلاتها واصبحت عرجاء غير قادرة على السير بحرية وكفاءة ولا ترتقي الى صفتها العالمية لان التنمية المستدامة لا تتقيد بالجغرافية والحدود .اما التقنية المبتكرة( التكنولوجيا ) تستطيع التنمية المستدامة توظيفها لتجديد البنى التحتية للمجتمع وبالتالي يتمكن من استخدامها بكفاءة لتطوير امكاناته ، في حين الانظمة الشمولية لا تسمح لشعوبها بالحصول على بعض التكنولوجيا المتقدمة والتي تشعر انها خطراً عليها لان استخدامها ستكشف معلومات او حقائق تفضح هذه الانظمة وتزيد الهوة بينها وبين مجتمعاتها . اما المجتمع المؤمن بالتنمية المستدامة فكلما كان في ظل اجواء ديمقراطية وحكم رشيد كان اكثر تفاعلاً وابداعاً ومسؤولية للبناء والتطور والترويج بحيوية للمحافظة على البيئة وصياغة علاقات اخلاقية بناءة أقوى من تلك التي تتصف بها المجتمعات التي ترزح تحت سيطرة الانظمة الشمولية ، فضلاً عن نجاح الاستثمار في رؤوس أموال المجتمع المؤمن سواء كان في رأس المال المنمى أو رأس المال البشري والاجتماعي أو رأس المال الطبيعي في حين لا تستطيع المجتمعات الواقعة تحت هيمنة الانظمة الدكتاتورية حتى وان كانت مؤمنة بالتنمية المستدامة ان تطور قدراتها لانها تتحرك ضمن منظومة مركزية لا تحيد عن اطرها مما يسلبها حقها في الابداع والعمل اللامركزي .والمجتمع المؤمن يستطيع افراده الحصول على نفس الحقوق والفرص من خلال مبدأ الانصاف والمتعلق بتوزيع الثروات والموارد بشكل عادل بين الجيل الحالي والاجيال القادمة ، اما اذا وضع المجتمع تحت التخطيط الشمولي فان الحرص سينصب على تلبية الاحتياجات العاجلة لذا سيفوق أي اعتبار للاحتياجات على المدى الطويل ( البعيد ) مما سيقوض مبدأ التخطيط للمستقبل والذي يهم الاجيال القادمة وعليه سوف تفقد حلقة التواصل بين الحاضر والمستقبل أي بين الجيل الحالي والاجيال القادمة . ولم تكن التنمية المستدامة في مأمن من الاخطار فالفساد المالي والاداري يشكل خطراً عليها لاسيما في البلدان التي خرجت لتوها من النزاعات والحروب مما يبدد انجازاتها ويفرغ محتوى مشاريعها فضلاً عن تكاليفه الباهضه فهو يمتص الموارد الشحيحة ويقلل من توجهات البلد من اجل التنمية ويرتبط الفساد بالجريمة المنظمة وله صلة مباشرة بتأجيج الصراعات ويقوض الثقة بين الشعب والحكومة ، وما يواجهه العراق اليوم من استشراء الفساد في اجهزة الدولة وقصر الاجراءات الرادعة بالرغم من تعدد الاجهزة الرقابية وكثرة البرامج المعدة للسيطرة عليه الا انه ينتشر كل يوم في مفاصل الدولة العراقية ، ووصف تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2010 ان العراق يأتي قبل ثلاث دول في اخر قائمة الدول الضالعة في الفساد المالي والاداري وهي افغانستان – ماينمار – الصومال مما يتطلب وضع هدف السيطرة على الفساد الاولوية في اجهزة الدولة والعمل مع المجتمع المؤمن كي يتخلص من تلك العقبة التي تعترض نهوضه وتقدمه في تحقيق التنمية المستدامة . كانت المراهنة سابقاً ان التنمية المستدامة غير ممكنة بدون ديمقراطية وحكم رشيد ، فهل تستطيع الدكتاتوريات الرشيدة تحقيق التنمية المستدامة في عصر العولمة الجديد؟.
أعلى