- الجمعة ديسمبر 14, 2012 8:24 pm
#57064
إن فكرة الديمقراطية في وقتنا الحاضر تغزو العالم عبر مساحات واسعة من النشاطات الإعلامية والثقافية سواء على مستوى الندوات أو المحاضرات أو اللقاءات المرئية أو صفحات الجرائد وغيرها، أو عبر الحملات العسكرية لغزو البلدان العربية والإسلامية لنشر (الديمقراطية) في هذه البلاد وقمع الأنظمة (الديكتاتورية).
ولا شك أن في هذه الفكرة بريقاً قوياً خاصة بالنسبة للشعوب التي تعاني من القهر والاستبداد، وقد حول هذا البريق فكرة (الديمقراطية) من بُعد فكري ونظري لترتيب السياسة في المجتمع الى ممارسات عملية تتعلق بحريات أساسية منها حرية التعبير والتنقل والتنظيم وغيرها.
فالناس عامة لا يكترثون في البحث عن الأسس الفلسفية أو الفكرية التي تنطلق منها الديمقراطية، بقدر ما يهتمون ببعض المظاهر والممارسات السياسية التي يرتاحون إليها ويثنون عليها ويودون أن تكون جزءاً من واقعهم لعلهم ينعمون ببعض (الخيرات) التي تنعم بها الشعوب التي أقامت نظماً سياسية ديمقراطية.
وقد ساد هذا الانطباع الجماهيري العام عن الديمقراطية في العالم الإسلامي والوطن العربي حتى بات المفهوم الشعبي لها مرادفاً (للحرية). ولا ينتبه الكثيرون من الناس أن الحرية قد تكون أكثر شمولاً أو أقل اتساعاً من الديمقراطية، وأن لكل مفهوماً خاصاً ربما يتقاطع مع الآخر ولا يلتقي معه بالضرورة. وربما أن هذا الأمر هو الذي قاد بعض المفكرين والباحثين المسلمين إلى القول بأن الإسلام (ديمقراطي) وأن القيم الديمقراطية قيم إسلامية يجب الدفاع عنها، وبدلاً من أن يركزوا على البحث في مجال الحريات في الإسلام، انطلقوا يتحدثون عن الحداثة الإسلامية في ثوب ديمقراطي.
* إذن ما المقصود بالديمقراطية:
لقد عرفت الديمقراطية لغوياً أنها حكم الشعب.
وقد نشأ هذا المفهوم في أثينا في الثقافة اليونانية القديمة ثم تجسدت هذه الفكرة في العصور اللاحقة في الفكر السياسي الغربي واتخذت نشاطاً نضالياً من أجل الديمقراطية بين الحكام والمحكومين بلغ أوجه خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر عندما استطاع البريطانيون من الحد من صلاحيات الملك بعد ثورتي 1649 و 1688.
وكان ل (جون لوك) دور بارز في الدعوة للديمقراطية بالمفهوم الغربي والذي عرفها بأنها (حق الأكثرية التي اكتسبت سلطة الجماعة بالاتحاد في استخدام تلك السلطة لتشريع القوانين وتنفيذها بواسطة موظفين عينوا لذلك).
أما الولايات المتحدة فلم تعرب النظام الديمقراطي إلا بعد الاستقلال (1776) وتجسدت في إعلان حقوق الإنسان وحريته. رغم أن الديمقراطية الأمريكية بقيت مشوهة إلى اليوم حيث لا يحق مثلاً الترشيح للرئاسة إلا لفئة معينة من الشعب كالبروتستانت أو البيض أو الانكلوسكسون، كما أن الثروة المالية للمرشح مقدمة على أن نوع من الكفاءات الأخرى.
أما في فرنسا فقد انفجرت الثورة سنة 1789 معلنة حقوق الإنسان والمواطن، حيث عرف جان جاك روسو الديمقراطية بما يلي:
"يستطيع صاحب السيادة في المقام الأول أن يعهد بأمانة الحكم إلى الشعب كله أو إلى الجزء الأكثر منه بحيث يكون هناك من المواطنين الحكام أكثر من المواطنين الأفراد ويطلق على هذا الشكل من الحكومة اسم ديمقراطية".
أما (مونتسكيو) ففي معرض تقسيمه للحكومات اعتبر الحكم الديمقراطي شكلاً من أشكال الحكم الجمهوري.
فالديمقراطية في راية تحكم على أساس الفضيلة السياسية وتعني حب الدولة وحب المساواة، وفي ظل النظام الديمقراطي فإن المواطنين يختارون وفقاً لبمدأ المساواة وإمكانياتهم وقدراتهم، والسلطة التشريعية يجب أن تكون بين الأفراد كما أن التصويت يجب أن يكون عاماً.
إذن، فالديمقراطية بالمعنى اللغوي (حكم الشعب): هي قاعدة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع في حال من الأحوال، وهو الأمر الذي يؤكده (روسو) حيث يقول (وإذا أخذنا عبارة الديمقراطية بكل معناها الدقيق نجد أن الديمقراطية الحقيقية لم توجد أبداً ولن توجد أبداً فيما يخالف النظام الطبيعية أن يحكم العدد الأكبر وأن يكون العدد الأصغر هو المحكوم ولا يمكن أن نتصور بقاء الشعب مجتمعاً على الدوام للنظر في الشؤون العامة ونستطيع أن نرى بسهولة أنه لا يمكن إقامة لجان من أجل ذلك دون تغيير في شكل الإدارة.
أما المفهوم الاصطلاحي للديمقراطية فقد أصبح يشمل معان أخرى أضيفت إليه كإعطاء الحرية للناس في تشريع القانون واختيار من ينفذه من خلال الانتخابات العامة التي تكفل المساواة للأفراد في المشاركة في الحياة السياسية حيث يكون الرأي للأغلبية.
ولا شك أن الحرية والمساواة مفاهيم تتوق إليها النفس الإنسانية التي بطبيعتها ترفض العبودية والظلم، ولذا نجد التغني بالديمقراطية واعتبارها الحكم المنشود لكل شعب مضطهد مظلوم تنطلق من هذين الشعارين اللذين ترفعهما.
إذن فالديمقراطية تعتبر منهجاً في الحكم يرمي إلى وضع حد لثنائية الحاكم والمحكوم التي سادت تاريخ أوروبا القديم والوسيط، واقترنت بانتشار الحكم الفردي وسيطرة الكنيسة وغياب القانون.
ويهدف هذا المنهج إلى استبدال هذا الوضع القديم بآخر جديد هو وضع الدولة الحديثة التي يحكمها القانون باعتبارها معبرّاً عن إرادة الشعب وملزماً للرئيس والمرؤوس معا.
ولبلوغ هذا الهدف يعتمد المنهج الديمقراطي على جملة من المبادئ الأساسية التي تتولد عنها آليات وأجهزة دستورية تختلف صيغتها التفصيلية من نظام إلى آخر، ويمكن إجمالها فيما يلي:
1. الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات والشرعية.
2. انبثاق السلطات بواسطة الانتخابات
3. الإقرار للأغلبية بأن تحكم وللأقلية بأن تعارض
4. التعددية الحزبية
5. التداول السلمي على السلطة
6. مراقبة الحكام وممارسة التأثير عليهم
7. فصل السلطات
8. ضمان حريات المعتقد والتعبير والعمل النقابي
9. حفظ مصالح الضعفاء والأقليات
10.احترام حقوق الإنسان
مقارنة عامة لبعض المفاهيم بين الديمقراطية والإسلام
مصدر التشريع
يمتاز نظام الحكم في الإسلام بخصائص أهمها:
1- الحاكمية لله
2- السيادة للأمة
3- الدولة الإسلامية واحدة في المبادئ، متعددة في الأشكال حسب الزمان والمكان.
Ø الحاكمية لله؛ تعني أن مصدر التشريع هو الله سبحانه وتعالى وحده وأن الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله تعالى بالوحي.
Ø الحاكم منفذ لأحكام الله تعالى في الأمة مجتهد في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها الأساسية.
Ø طاعة الحاكم واجبة ما لم يخالف نصاً صريحاً.
Ø قال تعالى: ( أيا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً)
وقال تعالى: ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
وقال تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله اليك).
قال تعالى( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)
أما النظام الديمقراطي، فإن حق التشريع للشعب، فالدستور وسائر القوانين هي من صنع البشر ويمثل على أفضل تقدير وفي لحظات مثالية تحكم الأكثرية بالأقلية.
وشتان بين نظام وضعه خالق الإنسان والعالم بخفايا نفسه والقادر على وضع ما يصلها من القوانين التي توصل الإنسان إلى سعادته الحقيقية وبين نظام يستمد من الإنسان الذي هو في أفضل حالات نزاهته وتجرده عن اللذات عرضة للخطأ الذي يذهب ضحيته البشر.
اختيار الحاكم
- حق اختيار الحاكم هو للأمة بواسطة أهل الحل والعقد، فالحكم بالإسلام هو عقد عن تراض بين الأمة والحاكم.
- البيعة تعني الطاعة والقبول
- الحاكم مقيد بتبني الأحكام الشرعية المستنبطة استنباطاً صحيحاً من الأدلة الشرعية ومقيد بالحلال والحرام.
- لا يخرج على الحاكم أو يعزل إلا إذا أظهر كفراً بواحاً.
عن عبادة بن الصامت قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المكره والمنشط، فبايعناه، فقال: فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان).
الشورى
Ø الشورى ضرورة إنسانية في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلاقات الفردية.
قال عليه الصلاة والسلام (إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه)
وهي في النظام السياسي في الإسلام من لوازم الإيمان بالله تعالى.
قال تعالى ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون).
Ø النظام السياسي في الإسلام نظام شوري يرفض جميع أشكال الحكم الاستبدادي وكل الأنظمة السياسية الغوغائية والفوضوية.
Ø قال تعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين).
Ø الحاكم يمارس تنفيذ هذا النظام من خلال الوقوف على رأي فئة من الأمة تتصف بالذكاء والحنكة والتجربة والإخلاص للنظام والأمة، وهذه الفئة تمثل الأمة تمثيلاً حقيقياً بجميع قطاعاتها وتحاسب الحاكم محاسبة من شأنها تسديد مسيرته ودعمه في اتجاهاته الخيرة وتعينه على اتخاذ القرارات المهمة والحسم في المواقف التي تواجهه.
لما سار رسول الله r إلى بدر خرج فاستشار الناس فأشار عليه أبو بكر رضي الله عنه ثم استشارهم فأشار عليه عمر y عنه فسكت فقال رجل من الأنصار إنما يريدكم، فقالوا يا رسول الله، "والله لا نكون كما قالت بنوا إسرائيل لموسى عليه السلام (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون)، ولكن والله لو ضربت أكباد الإبل، حتى تبلغ برك الغماد لكنا معك".
المرأة
Ø لقد وزع الإسلام الاختصاصات العملية توزيعاً يوافق طبائع الذكورة والأنوثة.
Ø كفل الإسلام للمرأة حقوقاً عديدة في المجالات السياسية، فقد أقر لها حق المشاركة السياسية من حيث إبداء الرأي، وأن الآية الكريمة (وأمرهم شورى بينهم) لم تخص الرجال دون النساء.
وقد شاركت أم سلمة في صلح الحديبة وهي التي أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحلق رأسه.
كما عارضت أسماء بنت أبي بكر بيعة بأنها عبد الله بن الزبير للأمويين.
Ø منح الإسلام للمرأة حق التعبير عن الرأي أسوة بالرجال.
فقد خطب عمر رضي الله فقال: (ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية، فقالت إليه امرأة فقالت: يا عمر يعطينا الله وتحرمنا، أليس الله سبحانه وتعالى يقول (وآتيتم إحداهم قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً)، فقال عمر، أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفي رواية فاطرق عمر ثم قال كل الناس افقه منك يا عمر، وفي رواية أخرى امرأة أصابت ورجل أخطأ وترك الإنكار.
Ø ساوى الإسلام بين الذكور والإناث في حق التعليم والثقافة
Ø فسح الإسلام أمام المرأة مجال العمل وراعى تركيبة المرأة البيولوجية وأنوثتها.
ولا شك أن في هذه الفكرة بريقاً قوياً خاصة بالنسبة للشعوب التي تعاني من القهر والاستبداد، وقد حول هذا البريق فكرة (الديمقراطية) من بُعد فكري ونظري لترتيب السياسة في المجتمع الى ممارسات عملية تتعلق بحريات أساسية منها حرية التعبير والتنقل والتنظيم وغيرها.
فالناس عامة لا يكترثون في البحث عن الأسس الفلسفية أو الفكرية التي تنطلق منها الديمقراطية، بقدر ما يهتمون ببعض المظاهر والممارسات السياسية التي يرتاحون إليها ويثنون عليها ويودون أن تكون جزءاً من واقعهم لعلهم ينعمون ببعض (الخيرات) التي تنعم بها الشعوب التي أقامت نظماً سياسية ديمقراطية.
وقد ساد هذا الانطباع الجماهيري العام عن الديمقراطية في العالم الإسلامي والوطن العربي حتى بات المفهوم الشعبي لها مرادفاً (للحرية). ولا ينتبه الكثيرون من الناس أن الحرية قد تكون أكثر شمولاً أو أقل اتساعاً من الديمقراطية، وأن لكل مفهوماً خاصاً ربما يتقاطع مع الآخر ولا يلتقي معه بالضرورة. وربما أن هذا الأمر هو الذي قاد بعض المفكرين والباحثين المسلمين إلى القول بأن الإسلام (ديمقراطي) وأن القيم الديمقراطية قيم إسلامية يجب الدفاع عنها، وبدلاً من أن يركزوا على البحث في مجال الحريات في الإسلام، انطلقوا يتحدثون عن الحداثة الإسلامية في ثوب ديمقراطي.
* إذن ما المقصود بالديمقراطية:
لقد عرفت الديمقراطية لغوياً أنها حكم الشعب.
وقد نشأ هذا المفهوم في أثينا في الثقافة اليونانية القديمة ثم تجسدت هذه الفكرة في العصور اللاحقة في الفكر السياسي الغربي واتخذت نشاطاً نضالياً من أجل الديمقراطية بين الحكام والمحكومين بلغ أوجه خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر عندما استطاع البريطانيون من الحد من صلاحيات الملك بعد ثورتي 1649 و 1688.
وكان ل (جون لوك) دور بارز في الدعوة للديمقراطية بالمفهوم الغربي والذي عرفها بأنها (حق الأكثرية التي اكتسبت سلطة الجماعة بالاتحاد في استخدام تلك السلطة لتشريع القوانين وتنفيذها بواسطة موظفين عينوا لذلك).
أما الولايات المتحدة فلم تعرب النظام الديمقراطي إلا بعد الاستقلال (1776) وتجسدت في إعلان حقوق الإنسان وحريته. رغم أن الديمقراطية الأمريكية بقيت مشوهة إلى اليوم حيث لا يحق مثلاً الترشيح للرئاسة إلا لفئة معينة من الشعب كالبروتستانت أو البيض أو الانكلوسكسون، كما أن الثروة المالية للمرشح مقدمة على أن نوع من الكفاءات الأخرى.
أما في فرنسا فقد انفجرت الثورة سنة 1789 معلنة حقوق الإنسان والمواطن، حيث عرف جان جاك روسو الديمقراطية بما يلي:
"يستطيع صاحب السيادة في المقام الأول أن يعهد بأمانة الحكم إلى الشعب كله أو إلى الجزء الأكثر منه بحيث يكون هناك من المواطنين الحكام أكثر من المواطنين الأفراد ويطلق على هذا الشكل من الحكومة اسم ديمقراطية".
أما (مونتسكيو) ففي معرض تقسيمه للحكومات اعتبر الحكم الديمقراطي شكلاً من أشكال الحكم الجمهوري.
فالديمقراطية في راية تحكم على أساس الفضيلة السياسية وتعني حب الدولة وحب المساواة، وفي ظل النظام الديمقراطي فإن المواطنين يختارون وفقاً لبمدأ المساواة وإمكانياتهم وقدراتهم، والسلطة التشريعية يجب أن تكون بين الأفراد كما أن التصويت يجب أن يكون عاماً.
إذن، فالديمقراطية بالمعنى اللغوي (حكم الشعب): هي قاعدة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع في حال من الأحوال، وهو الأمر الذي يؤكده (روسو) حيث يقول (وإذا أخذنا عبارة الديمقراطية بكل معناها الدقيق نجد أن الديمقراطية الحقيقية لم توجد أبداً ولن توجد أبداً فيما يخالف النظام الطبيعية أن يحكم العدد الأكبر وأن يكون العدد الأصغر هو المحكوم ولا يمكن أن نتصور بقاء الشعب مجتمعاً على الدوام للنظر في الشؤون العامة ونستطيع أن نرى بسهولة أنه لا يمكن إقامة لجان من أجل ذلك دون تغيير في شكل الإدارة.
أما المفهوم الاصطلاحي للديمقراطية فقد أصبح يشمل معان أخرى أضيفت إليه كإعطاء الحرية للناس في تشريع القانون واختيار من ينفذه من خلال الانتخابات العامة التي تكفل المساواة للأفراد في المشاركة في الحياة السياسية حيث يكون الرأي للأغلبية.
ولا شك أن الحرية والمساواة مفاهيم تتوق إليها النفس الإنسانية التي بطبيعتها ترفض العبودية والظلم، ولذا نجد التغني بالديمقراطية واعتبارها الحكم المنشود لكل شعب مضطهد مظلوم تنطلق من هذين الشعارين اللذين ترفعهما.
إذن فالديمقراطية تعتبر منهجاً في الحكم يرمي إلى وضع حد لثنائية الحاكم والمحكوم التي سادت تاريخ أوروبا القديم والوسيط، واقترنت بانتشار الحكم الفردي وسيطرة الكنيسة وغياب القانون.
ويهدف هذا المنهج إلى استبدال هذا الوضع القديم بآخر جديد هو وضع الدولة الحديثة التي يحكمها القانون باعتبارها معبرّاً عن إرادة الشعب وملزماً للرئيس والمرؤوس معا.
ولبلوغ هذا الهدف يعتمد المنهج الديمقراطي على جملة من المبادئ الأساسية التي تتولد عنها آليات وأجهزة دستورية تختلف صيغتها التفصيلية من نظام إلى آخر، ويمكن إجمالها فيما يلي:
1. الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات والشرعية.
2. انبثاق السلطات بواسطة الانتخابات
3. الإقرار للأغلبية بأن تحكم وللأقلية بأن تعارض
4. التعددية الحزبية
5. التداول السلمي على السلطة
6. مراقبة الحكام وممارسة التأثير عليهم
7. فصل السلطات
8. ضمان حريات المعتقد والتعبير والعمل النقابي
9. حفظ مصالح الضعفاء والأقليات
10.احترام حقوق الإنسان
مقارنة عامة لبعض المفاهيم بين الديمقراطية والإسلام
مصدر التشريع
يمتاز نظام الحكم في الإسلام بخصائص أهمها:
1- الحاكمية لله
2- السيادة للأمة
3- الدولة الإسلامية واحدة في المبادئ، متعددة في الأشكال حسب الزمان والمكان.
Ø الحاكمية لله؛ تعني أن مصدر التشريع هو الله سبحانه وتعالى وحده وأن الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله تعالى بالوحي.
Ø الحاكم منفذ لأحكام الله تعالى في الأمة مجتهد في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها الأساسية.
Ø طاعة الحاكم واجبة ما لم يخالف نصاً صريحاً.
Ø قال تعالى: ( أيا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً)
وقال تعالى: ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
وقال تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله اليك).
قال تعالى( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)
أما النظام الديمقراطي، فإن حق التشريع للشعب، فالدستور وسائر القوانين هي من صنع البشر ويمثل على أفضل تقدير وفي لحظات مثالية تحكم الأكثرية بالأقلية.
وشتان بين نظام وضعه خالق الإنسان والعالم بخفايا نفسه والقادر على وضع ما يصلها من القوانين التي توصل الإنسان إلى سعادته الحقيقية وبين نظام يستمد من الإنسان الذي هو في أفضل حالات نزاهته وتجرده عن اللذات عرضة للخطأ الذي يذهب ضحيته البشر.
اختيار الحاكم
- حق اختيار الحاكم هو للأمة بواسطة أهل الحل والعقد، فالحكم بالإسلام هو عقد عن تراض بين الأمة والحاكم.
- البيعة تعني الطاعة والقبول
- الحاكم مقيد بتبني الأحكام الشرعية المستنبطة استنباطاً صحيحاً من الأدلة الشرعية ومقيد بالحلال والحرام.
- لا يخرج على الحاكم أو يعزل إلا إذا أظهر كفراً بواحاً.
عن عبادة بن الصامت قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المكره والمنشط، فبايعناه، فقال: فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان).
الشورى
Ø الشورى ضرورة إنسانية في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلاقات الفردية.
قال عليه الصلاة والسلام (إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه)
وهي في النظام السياسي في الإسلام من لوازم الإيمان بالله تعالى.
قال تعالى ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون).
Ø النظام السياسي في الإسلام نظام شوري يرفض جميع أشكال الحكم الاستبدادي وكل الأنظمة السياسية الغوغائية والفوضوية.
Ø قال تعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين).
Ø الحاكم يمارس تنفيذ هذا النظام من خلال الوقوف على رأي فئة من الأمة تتصف بالذكاء والحنكة والتجربة والإخلاص للنظام والأمة، وهذه الفئة تمثل الأمة تمثيلاً حقيقياً بجميع قطاعاتها وتحاسب الحاكم محاسبة من شأنها تسديد مسيرته ودعمه في اتجاهاته الخيرة وتعينه على اتخاذ القرارات المهمة والحسم في المواقف التي تواجهه.
لما سار رسول الله r إلى بدر خرج فاستشار الناس فأشار عليه أبو بكر رضي الله عنه ثم استشارهم فأشار عليه عمر y عنه فسكت فقال رجل من الأنصار إنما يريدكم، فقالوا يا رسول الله، "والله لا نكون كما قالت بنوا إسرائيل لموسى عليه السلام (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون)، ولكن والله لو ضربت أكباد الإبل، حتى تبلغ برك الغماد لكنا معك".
المرأة
Ø لقد وزع الإسلام الاختصاصات العملية توزيعاً يوافق طبائع الذكورة والأنوثة.
Ø كفل الإسلام للمرأة حقوقاً عديدة في المجالات السياسية، فقد أقر لها حق المشاركة السياسية من حيث إبداء الرأي، وأن الآية الكريمة (وأمرهم شورى بينهم) لم تخص الرجال دون النساء.
وقد شاركت أم سلمة في صلح الحديبة وهي التي أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحلق رأسه.
كما عارضت أسماء بنت أبي بكر بيعة بأنها عبد الله بن الزبير للأمويين.
Ø منح الإسلام للمرأة حق التعبير عن الرأي أسوة بالرجال.
فقد خطب عمر رضي الله فقال: (ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية، فقالت إليه امرأة فقالت: يا عمر يعطينا الله وتحرمنا، أليس الله سبحانه وتعالى يقول (وآتيتم إحداهم قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً)، فقال عمر، أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفي رواية فاطرق عمر ثم قال كل الناس افقه منك يا عمر، وفي رواية أخرى امرأة أصابت ورجل أخطأ وترك الإنكار.
Ø ساوى الإسلام بين الذكور والإناث في حق التعليم والثقافة
Ø فسح الإسلام أمام المرأة مجال العمل وراعى تركيبة المرأة البيولوجية وأنوثتها.